تلعب مواقع التواصل الاجتماعي دورًا محوريًا في تثقيف الأفراد والمجتمعات، وجعلهم أكثر وعيًا بخطط التنمية المستدامة، وتشجيع كافة أفراد المجتمع لا سيما المرأة على العمل نحو التغيير، وتحقيق مستقبل أكثر استدامة، لأنه بمجرد التعرف على طبيعة الخطط المرتبطة بالتنمية المستدامة يتم اكتساب الثقة والوعي نحو العمل على تحقيق أهدافها.
ويعد موقع تويتر من مواقع التواصل الاجتماعي التي شكلت قفزة هائلة في البيئة الاتصالية وأنماط التأثير الاجتماعي في المجتمعات الإنسانية، فأصبح من أهم مواقع تحقيق التواصل الإنساني والنقاش المجتمعي، الأمر الذي مهد لنشأة واقع جديد تتغير فيه صورة المجتمع وتفاعلاته.
وعلى مستوى المشهد المحلي في المملكة، انطلق السعوديون إلى عالم تويتر باندفاع ملحوظ من مختلف الأطياف والفئات العمرية خاصة المرأة السعودية التي تتواصل وتناقش مختلف القضايا لا سيما المتعلقة بالتنمية المستدامة، لذا يمكن لموقع تويتر عبر الحملات الإعلامية والصور والأخبار والرسوم والأدوات التفاعلية الخاصة به أن يدعم وينشر المفاهيم والآليات المرتبطة برؤية المملكة 2030.
وفي هذا الإطار، نشرت مجلة الفنون والأدب وعلوم الإنسانيات والاجتماع دراسة للدكتورة دعاء فتحي سالم الأستاذ المشارك بكلية الاتصال والإعلام في جامعة الملك عبد العزيز، تحت عنوان “دور موقع التواصل الاجتماعي تويتر في تشكيل اتجاهات المرأة السعودية نحو إدراك خطط التنمية المستدامة”، نستعرضها على النحو التالي:
مشكلة الدراسة
تشكل قدرات المرأة الاستثنائية وطموحها الدائم للتغير الإيجابي القوة الأساسية لإنجاح الرؤى الاستراتيجية التقدمية التي تمثلت في رؤية المملكة 2030، والبيئة الحاضنة لبرامج الإصلاحات النوعية، ومنها الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية والمجتمعية المؤطرة برؤية 2030.
وعلى هذا النحو تتحدد مشكلة الدراسة في التعرف على دور موقع تويتر في تشكيل اتجاهات المرأة السعودية نحو إدراك خطط التنمية المستدامة، بحيث يتم قياس أثر الموقع على التعريف بهذه الخطط وإبراز أهميتها للمجتمع السعودي، بالإضافة إلى قياس تأثير المتغيرات الديموغرافية على اتجاهات المرأة السعودية نحو إدراك تلك الخطط، وكذلك القياس العلمي والموضوعي لتقييم المرأة السعودية للثراء الإعلامي لموقع تويتر في ضوء المحددات الرئيسة لنظرية ثراء الوسيلة الإعلامية التي تشتمل بدورها على الأبعاد والمتغيرات التالية:
إمكانية إنتاج المحتوى الإعلامي وتطويره وتحميله على موقع تويتر وتحديثه عبر الزمن.
حدود توظيف موقع تويتر للوسائط المتعددة في إشباع الاحتياجات الاتصالية المتنوعة للمرأة السعودية حول إدراك خطط التنمية المستدامة.
حدود قدرة موقع تويتر على تكريس التفاعلية بين الشباب المشتركين في تلك الموقع.
حدود قدرة تويتر على توفير رجع صدى فوري أو تغذية مرتدة سريعة خلال العملية الاتصالية بين الأفراد المشتركين في تويتر.
مستويات التبادلية والتشارك في المعلومات والملفات الصوتية والمرئية التي يتيحها موقع تويتر للمرأة السعودية حول إدراك خطط التنمية المستدامة.
دور موقع تويتر في بناء إطار دلالي مشترك حول خطط التنمية المستدامة بين الأعضاء في الموقع لا سيما المرأة السعودية.
وقد تم تطبيق الدراسة على عينة من النساء السعوديات من مستخدمات موقع تويتر خلال الفترة الزمنية الممتدة بين شهري يوليو وأغسطس 2021، حيث بلغت العينة 400 مفردة من الإناث من المستويات العمرية والتعليمية والاجتماعية المختلفة. فكان أغلب أفراد العينة من الحاصلات على دراسات عليا بنسبة (58.5%)، ثم الجامعيات(39.5%)، وأخيرًا الحاصلات على تعليم ثانوي (1.8%). أما من حيث السن كان أغلب أفراد العينة ممن تتراوح أعمارهن بين (29 و35 عاما) بنسبة ( 60.3%) ثم من تتراوح أعمارهن بين “23 و28 عاما” بنسبة ( 27.3%) وأخيرًا من تتراوح أعمارهن بين “18 و22 عامًا” بنسبة (12.5%). وفيما يتعلق بالعمل بلغت نسبة النساء غير العاملات (53.7%) بينما بلغت نسبة النساء العاملات (46.2%).
نتائج الدراسة
أشارت نتائج الدراسة إلى أن موقع تويتر جاء في مقدمة مواقع التواصل الاجتماعي التي تتابعها عينة الدراسة، ويمكن إرجاع ذلك إلى تعدد أدوات التفاعلية الخاصة بالموقع التي ينفرد بها، وتتمثل في Round team، الرسائل الفورية للموقع Tweet Reach, News feeds, Trendsmap, TweetDeck, Buffer, Tweriod، والتي لكل منها خصائصها واستخداماتها التي تميزها.
ونوهت الدراسة أن المملكة العربية السعودية تعد من أنشط الشعوب العربية استخدامًا لوسائل التواصل الاجتماعي، مشيرة إلى أن النقاش حول خطط التنمية المستدامة الخاصة بالمملكة على الإنترنت بدأ عبر موقع تويتر، حيث يتم إدارة هذا النقاش بكل عناية من خلال مميزات الموقع من الأدوات التزامنية واللاتزامنية، مما يكشف عن تأقلم المملكة مع العصر الرقمي الحديث سعيًا للوصول إلى الشباب الذي يرجح أنه يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي (وسائل التقنية الحديثة) أكثر من غيره.
وبحسب الدراسة، تمثلت أهم دوافع إقبال المرأة السعودية على موقع تويتر في أنه “يعزز من سهولة التواصل، وسرعته فيما يخص خطط التنمية المستدامة” بوزن نسبي (76%)، ثم “مساهمة الموقع في الترويج لرؤية 2030 إعلاميًا وعبر كافة مؤسسات الدولة بشكل كبير” بوزن نسبي ( 75.3%)، يلي ذلك أنه “يتيح المناقشة الموضوعية حول خطط التنمية المستدامة” بوزن نسبي (71%)، ثم “الثقة فيما يتم تقديمه عبر الموقع بوزن نسبي (69%)، ثم “المشاركة في المناقشات مع الآخرين والاطلاع على آرائهم حول خطط التنمية المستدامة” بوزن نسبي (68%)، وأخيرًا “الخصائص الفردية التي تميز موقع تويتر” بوزن نسبي (58.7%).
وأظهرت نتائج الدراسة أن متابعة المرأة السعودية لأهداف التنمية المستدامة بالمملكة جاء في مرحلة متقدمة، وذلك من أجل معرفة آخر التطورات والمبادرات في كافة القطاعات بالمملكة، حيث حققت السعودية نقلة نوعية في مجال الخطط الخاصة بالتنمية المستدامة، وكان للدعم اللامحدود من الحكومة الرشيدة أثر واضح وملموس.
وعن مدى اعتماد المرأة السعودية على موقع تويتر في متابعة قضايا وخطط التنمية المستدامة، فكان “بدرجة كبيرة” بنسبة (63.2%) ثم لا يعتمدن عليه بنسبة (22%)، وأخيرا “إلى حد ما” بنسبة (14.8%).
ونوهت الدراسة إلى أن هناك عدة عوامل يمكن من خلالها تقييم مدى نجاح وتأثير تويتر ووسائله على الأفراد، سواء من حيث نوع الفيديو أو الإعلان المصور أو الصورة، وقد سهل تويتر الحصول على بيانات وإحصاءات وتقارير كاملة حول الفيديو على سبيل المثال، وذلك عبر معدل المشاهدات، وكم الإعجابات المصاحبة للفيديو، وتعليقات الجمهور وانتقاداتهم حول ما يتم عرضه، ومن ثم يتم الاعتماد عليه في كشف المعلومات عن خطط التنمية المستدامة.
أما من حيث مدى ثقة عينة الدراسة بالمضمون الذي يقدمه تويتر عن خطط التنمية المستدامة، فنجد أن هذا المضمون ينبع من باب المسؤولية الاجتماعية التي تقع على عاتق تويتر حول خطط التنمية المستدامة، مع حرصه على مشاركة الأفراد في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ومن ثم يهتم بدقة المعلومات والبيانات التي يقدمها من خلال إثراءاته، مع التزامه بالضوابط التي تحول دون أي تجاوزات تفقد الاستراتيجيات الخاصة بخطط التنمية المستدامة أو تفقد ثقة الأفراد به.
وأشارت نتائج الدراسة إلى أن من أهم التأثيرات المترتبة على متابعة مضامين خطط التنمية المستدامة عبر موقع تويتر من وجهة نظر عينة الدراسة “إبراز دور المملكة إقليميًا وعالميًا” بوزن نسبي (83.3%)، ثم تغذية الشعور بالولاء والانتماء وحب الوطن بوزن نسبي ( 78.3%)، يليه “المساعدة في اتخاذ القرارات الصائبة فيما يخص مضامين التنمية المستدامة (78%)، ثم “دعم نمو القطاع الخاص” (77%).
كما أوضحت الدراسة دور موقع تويتر في تشكيل اتجاهات المرأة السعودية نحو إدراكها لخطط التنمية المستدامة، فجاء في المقدمة “قدم موقع تويتر رؤية واقعية لأبعاد التنمية المستدامة للمملكة” بوزن نسبي (80%)، يليه “ساهم موقع تويتر في اقتناعي بجدوى خطط واستراتيجيات التنمية المستدامة” (77%)، ثم “قام موقع تويتر بخلق الوعي لدى الأفراد للحكم على مدى الاستفادة من خطط التنمية المستدامة مستقبلا”، “لعب موقع تويتر دورًا في توفير كافة المعلومات الخاصة بخطط التنمية المستدامة بوزن نسبي (75.7%) لكل منهما، ثم “ساعد موقع تويتر على إدراج خطط التنمية المستدامة في اهتمامات الجمهور السعودي” بوزن نسبي (74%).
توصيات الدراسة
قدمت الدراسة مجموعة من التوصيات تمثلت فيما يلي:
العمل على تصميم خارطة طريق لاستراتيجية اتصالية تبين كافة الرسائل الرئيسة الخاصة بخطط التنمية المستدامة على تويتر، والعمل على الترويج لهذه الرسائل بين أفراد المجتمع من خلال مخطط اتصال خارجي وبمختلف وسائل الاتصال.
إعداد خارطة طريق للفئات المستهدفة من الجمهور، تشمل تحديد الرسائل المفضلة لكل فئة (إعلانات- فيديوهات- بيانات وإحصاءات) وتصنيفها طبقًا للمرحلة العمرية، مع تحديد أفضل وسائل للتواصل مع كل فئة.
من الأفضل وجود متحدثين رسميين عبر مواقع التواصل خاصة موقع تويتر للإجابة عن كافة الاستفسارات فيما يخص الرؤية ومستجداتها بطريقة محكمة.
إعداد ومراجعة السياسات والاستراتيجيات الخاصة بالحملات التسويقية الرقمية، من خلال توافقها مع رؤية ورسالة الأجهزة الحكومية، ووجود مبادرات أو برامج أو مشاريع تدعم مخرجات الاستراتيجية العامة للاتصال الحكومي، علاوة على تضمن السياسة والاستراتيجية بدائل وسيناريوهات وخططًا بديلة لمواجهة المتغيرات والمستجدات، وتراعي التوازن بين متطلبات وتوقعات جميع المعنيين من أفراد المجتمع.
وتأسيسًا على ما سبق، يمكن القول إن موقع التدوينات القصيرة “تويتر” شكّل نافذة حيوية للتوعية بخطط التنمية المستدامة في المملكة، أمدت المرأة السعودية بمعلومات عن الفرص المتاحة لها للإسهام في المسيرة التنموية التي تشهدها البلاد، وعزز من وعيها وإدراكها لأهمية تلك الخطط.