أطلق موقع تويتر يوم الثلاثاء 15 يونيو إعدادًا جديدًا “باللغة العربية بالصيغة المؤنثة” يُتيح التحدث إلى المغردات ومخاطبتهن بصيغة التأنيث.
وقد أثارت هذه الإضافة تفاعلاً كبيرًا من جانب المستخدمين السعوديين الذين انقسموا ما بين مرحب ومعارض لهذا التحديث، ولكن سرعان ما خرج الموضوع عن سياقه، ليتحول في غالبية التفاعلات إلى حالة جدلية تُشبه الصراع بين ما يُطلق عليه “النسوية” و”الذكورية”.
من هذا المنطلق، سعى مركز القرار للدراسات الإعلامية إلى استكشاف آراء المستخدمين حول التحديث الجديد، وذلك عبر رصد عينة عشوائية قوامها (100) تغريدة من تفاعلاتهم على هاشتاق #أتحدث_بالمؤنث؛ وبإخضاعها لعملية التحليل بشقيها الكمي والكيفي انتهت النتائج إلى ما يلي:
جنس المغرد
حصلت فئة الإناث على المرتبة الأولى في التفاعل على الهاشتاق بنسبة 56%، مقابل 44% للذكور.
ورحبت الغالبية العظمى من الإناث على تويتر بهذا التحديث الجديد، فيما اختلف المستخدمون الذكور في اتجاههم نحو التحديث ما بين مؤيد ومعارض؛ فرأى بعضهم أن التحديث ضروري لمكافحة العنصرية والتمييز بين الجنسين، بينما رأى البعض الآخر أن هذا التحديث غير مهم، ومنهم من تبنى نظرية مؤامرة قائمة على أن إضافة تويتر متعمدة وموجهة من الغرب لإحداث الفرقة في المجتمعات العربية المتماسكة، وذلك عبر دعم وتعزيز خطاب النسويات.
الاتجاه
تباينت اتجاهات المستخدمين ما بين مرحب ومعارض لإضافة تويتر، فاحتلت تفاعلات المرحبين المرتبة الأولى بنسبة 60%، واعتمدوا على مجموعة من الحُجج التي تُدعم اتجاههم، منها:
التحديث هو اعتراف من تويتر بصوت وقيمة المرأة العربية.
هذا التحديث يُعزز المحادثات الأكثر تخصيصًا.
مخاطبة النساء دون التأنيث هو انتقاص من قدرهن وعدم قناعة بوجودهن ككيان في المجتمع.
أما فئة المعارضين فاحتلت المرتبة الثانية بنسبة 40%، وساقت هي الأخرى مجموعة من الحُجج الداعمة لاتجاهها، مثل:
التحديث يؤدي إلى الفرقة والتمييز في المجتمع.
يُمثل التحديث تشويهًا للغة العربية عند إضافة حرف الياء في مخاطبة المرأة، لأن الأصل هو وضع “كسرة” فقط لتمييز الأنثى عن الذكر.
التحديث هو دعم واستجابة لمطالب النسويات التي من شأنها هدم المجتمع وعاداته.
اللغة العربية ليست عنصرية.
أسلوب التناول
اختلف أسلوب تعاطي المستخدمين مع تحديث تويتر، حيث تناولت غالبية تفاعلاتهم موضوع الهاشتاق بشكل جاد وذلك بنسبة 85%، مقابل 15% فقط من التفاعلات كانت بشكل ساخر من منطلق أن هذا الموضوع لا يستحق النقاش.
مدى أهمية التحديث
نظر 58% من المتفاعلين على الهاشتاق إلى إضافة تويتر الجديدة على أنه تحديث مهم، واعتبروه ضرورة ملحة تعكس أهمية المرأة كشريك فاعل في المجتمع يجب مخاطبتها بصفتها الأنثوية وليس كتابع للرجل.
في المقابل، وجد 42% من المتفاعلين على الهاشتاق أن هذا الموضوع غير مهم ولا يستحق كل هذه الضجة، معتبرين أن التحديث غير مبرر ولن يعود بأي فائدة على المجتمع.
تأسيسًا على ما سبق، أظهرت تفاعلات المستخدمين على هاشتاق #أتحدث_بالمؤنث، أن الأطر المرجعية التي اعتمد عليها خطاب تغريداتهم سواء المرحبة أو المعترضة جاءت على النحو التالي:
1- إطار اجتماعي: حيث تناولت بعض التفاعلات إضافة صيغة المؤنث على تويتر على أنها إنصاف واعتراف بدور المرأة في المجتمع وشريك مستقل في الحياة، بينما تناولت تفاعلات أخرى هذا التحديث من منظور أنه يُسهم في إحداث الفرقة داخل المجتمع، وخلق حالة من البلبلة غير المبررة.
2- إطار ديني: جاء تناول فئة من التفاعلات وعلى وجه الخصوص الرافضة لهذا التحديث بمرجعية دينية، مستشهدين بأن الله سبحانه وتعالى عندما قال في كتابه الحكيم: {يا أيها الإنسان…} فإنما خاطب مطلق جنس الإنسان (ذكورا كانوا أو إناثا) بصيغة المذكر، وعندما قال تعالى: {يا أيتها النفس المطمئنة…} خاطب مطلق هذه النفس (للذكور والإناث) بصيغة المؤنث.
كما اعتبرت هذه الفئة أن هذا التحديث هو مخالف لقواعد اللغة العربية التي هي لغة القرآن الكريم.
3- إطار حقوقي: فقد تناولت بعض التفاعلات هذا الموضوع من منظور حقوقي، معتبرين أن مخاطبة المرأة بصيغة المذكر هو إهانة لها وتقليلًا من شأنها، وقد جاء هذا التحديث كنوع من التكريم لها ولإعطائها بعض حقوقها.
ختامًا.. يمكن القول إن التحديث الذي أتاحه تويتر على منصته بإضافة لغة المؤنث خلق حالة جدلية بين المستخدمين تراوحت ما بين اعتباره تحديثًا بسيطًا لا يستحق عناء المناقشة، مرورًا باعتباره مكسبًا نسويًّا للمرأة، ووصولًا إلى تبني خطاب مؤامرة يستهدف النيل من تماسك المجتمع ووحدته.
في المقابل، جاءت بعض التفاعلات أكثر منطقية، حيث تناولت الموضوع في سياقه اللغوي، وذلك من خلال إبراز أن هذا التحديث معيب كونه يُخالف قواعد اللغة العربية.