مقدمة:
يبدو أن الانتشار المتزايد لوسائل التواصل الاجتماعي، أدّى إلى تداخلها بشكل كبير في كل تفاصيل حياتنا، لدرجة أنها صارت من الضرورات اليومية للكثيرين الذين يعتمدون عليها، سواء في أعمالهم أو تواصلهم أو حتى قضاء وقت فراغهم. ممَّا جعل المنصات الاجتماعية وسيلة مهمة وفعّالة لتسويق السلع، كونها تُتيح الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الجماهير.
وبطبيعة الحال فإن السلع لا تقتصر على المنتجات المادية فحسب، بل تمتد لتشمل الأفكار والمعتقدات والأيديولوجيات المختلفة، والتي أصبحت أحد أسلحة الحروب الناعمة الموجهة ضد الدول في الوقت الراهن، ولا يقل تأثيرها عن الحروب العسكرية، بل قد يزيد.
ويُعد الهاشتاق من الأدوات الرقمية الأساسية التي تُستخدم لتحقيق الانتشار على وسائل التواصل الاجتماعي وبخاصة “تويتر” الذي يُعد من أهم المنصات الاجتماعية في المملكة العربية السعودية، ولذلك فمن المفيد والضروري الانتباه إلى الهاشتاقات التي تحتل “ترند” الأكثر تداولًا في المملكة، وتحديدًا تلك التي قد تحمل مضامين “ملغومة” سواء كانت مُتعمدة، أم تم استغلالها من جانب بعض الأطراف التي لا تريد الخير للمملكة.
موضوع الهاشتاق:
تفاعَلَ المستخدمون السعوديون خلال الساعات القليلة الماضية بكثافة على هاشتاق يحمل اسم (#الفرق_بين_البدو_والحضر)، وعلى الرغم من أن تدشين الهاشتاق يعود إلى عام 2013م، فإنه دخل ضمن قائمة الترند للأعلى تداولًا في السعودية، أمس.
تحليل الهاشتاق:
تُظهر نتيجة تحليل هاشتاق (#الفرق_بين_البدو_والحضر) خلال ساعة واحدة فقط، أن تفاعلات المستخدمين السعوديين عليه كانت ضخمة، وذلك على النحو التالي:
⦁ قام المستخدمون بالتغريد على الهاشتاق بـ(1421) تغريدة.
⦁ بلغ عدد مرات الوصول إلى الهاشتاق (11,680,752) مرة.
⦁ بلغ عدد مرات الظهور (37,877,265) مرة.
وقد قام مركز القرار برصد وتحليل عينة عشوائية قوامها (100) تغريدة من ضمن تفاعلات المستخدمين على هاشتاق (#الفرق_بين_البدو_والحضر)، تم اختيارها، بحيث تكون متعلقة بموضوع الهاشتاق.
وانتهت نتيجة تحليل العينة المرصودة إلى ما يلي:
يمكن تقسيم العينة إلى ثلاث فئات رئيسية بناءً على مدى استجابتها لمضمون الهاشتاق:
الأولى لم تَنْسَقْ وراء مضمون الهاشتاق:
احتلت هذه الفئة المرتبة الأولى بنسبة 61% من إجمالي عينة الدراسة، وتمثل طرحها المركزي في التأكيد على وحدة وتماسك المجتمع السعودي. معتمدة على عدة مرجعيات، هي:
⦁ مرجعية دينية قائمة على أن مقياس التمييز بين البشر هو التقوى فقط، كما قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
⦁ مرجعية وطنية، أساسها أن أبناء الوطن السعودي كلهم إخوة.
⦁ مرجعية إنسانية، فكلنا بشر ولا يوجد اختلافات بيننا.
الثانية انساقت وراء مضمون الهاشتاق:
جاءت هذه الفئة في المرتبة الثانية بنسبة 31%، ويمكن تقسيم هذه الفئة إلى قسمين:
⦁ بعض المستخدمين انساق وراء مضمون الهاشتاق بحسن نية، حيث سعى إلى إظهار الفوارق بين أهل البادية وأهل الحضر من حيث العادات والتقاليد وأنماط الحياة المختلفة، وذلك في إطار من الحب والتقدير للجميع.
⦁ أمَّا البعض الآخر من المستخدمين فقد انساق وراء مضمون الهاشتاق بسوء نية، حيث قدم محتوًى تمييزيًّا واضحًا، من شأنه بث الفرقة بين مكونات المجتمع السعودي.
واتسم محتوى هذه الفئة بالتطاول والسخرية والتنمر المتبادل، سواء ضد أهل البادية أو ضد أهل الحضر.
الفئة الثالثة من العينة المرصودة جاء محتوى تغريداتها رافضًا ومُحذرًا من الانسياق وراء هذه النوعية من الهاشتاقات:
ورغم أن هذه الفئة احتلت المرتبة الثالثة بنسبة 8% من إجمالي العينة، فإن محتواها كان في غاية الأهمية، كونه تطرق إلى خطورة الهاشتاقات الإقصائية أو التي تُسهم في تمييز المجتمع على أي أساس كان، لأنها تُساعد على تفكيك وتفتيت مكونات المجتمع وزعزعة وحدته وتماسكه، وهي أهداف خبيثة تسعى إليها بعض الأطراف من أجل النيل من الدولة السعودية.
رسالة المركز:
يقول المفكر الفرنسي “ريجيس دوبريه” إن “الكلمات تفعل فعلها وتقتل”، فمن الممكن أن تكون الكلمات سلاحًا فتّاكًا وأكثر ضراوة من الرصاص.
لذلك يجب الانتباه إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي كما لها من فوائد، فإنها كذلك تحمل مخاطر جمّة تستوجب التدقيق في تعاملنا معها، لأنها أصبحت بيئة خصبة لاستهداف العقول.
ومن هذا المنطلق، وسواء كان التفاعل على هاشتاق (#الفرق_بين_البدو_والحضر) بحسن نية أو سوء قصد، إلا أن هذه النوعية من الهاشتاقات تضر بالمجتمع، لأنها قائمة على مبدأ التفرقة والتمييز بين نسيج المجتمع الواحد، في الوقت الذي ينبغي علينا فيه التأكيد دومًا على سعودية المواطن أيًّا كان أصله وبيئته وامتداده الثقافي والحضاري… إلخ.