ترجمات

الجانب المُظلم لوسائل التواصل الاجتماعي

 

 شهدت مواقع التواصل الاجتماعي تطورات متسارعة في ظل التقدم التكنولوجي جعلتها ركنًا أساسيًا في تفاصيل الحياة اليومية، وهو ما مثل سلاحًا ذا حدين، ففي حين أتاحت مزايا عديدة بتقريب الأفراد من بعضهم البعض مهما تباعدوا مكانيًا وعززت من الحوار بين الأشخاص في القضايا التي تخص الشأن العام، لكن ارتبط بها أيضًا العديد من الإشكاليات المتعلقة بالجرائم الإلكترونية واختراق الخصوصية وتأثير محتوى المنصات على الصحة النفسية للمستخدمين.

  • فوائد وسائل التواصل الاجتماعي

كان أول ظهور لشبكات التواصل في أواخر تسعينيات القرن الماضي مثل “Classmates.com” عام 1995 للربط بين زملاء الدراسة وموقع “SixDegrees.com” عام 1997 للروابط المباشرة بين الأشخاص، وقد استقبلها الجمهور بشكل جيد ومع  مرور الوقت بدأ مستخدمو المنصات في استكشاف المزيد من الفوائد مثل تعزيز التواصل الاجتماعي وتحقيق المشاركة الاجتماعية، والترفيه، كما يعد أحد الجوانب الأكثر تأثيرًا لمواقع التواصل الاجتماعي هو أنها زادت من وصول الأفراد إلى المعلومات، إذ وجد مركز بيو الأمريكي للأبحاث أن أكثر من 40% من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عامًا يحصلون على أخبارهم من مواقع التواصل الاجتماعي.

كما برزت أهمية تلك المنصات خلال جائحة فيروس كورونا المستجد “كوفيد-19″، فبفضل الوصول إلى الوسائط الرقمية، تمكن الطلاب من مواصلة تعليمهم على الرغم من القيود المفروضة بسبب الجائحة.

  • الجانب المظلم لمواقع التواصل

وبحسب موقع “LibreTexts” للعلوم الاجتماعية، فإنه على الرغم من الفوائد الناجمة عن استخدام منصات التواصل الاجتماعي، فإن هناك جانبا مظلما لتلك المنصات يتعلق بممارسات تضر بالصحة النفسية، والتنمر عبر الإنترنت، والتواصل الشخصي المفرط، وكذلك انتشار المعلومات المضللة.

  • مخاطر إضاعة الوقت

توفر وسائل التواصل الاجتماعي مجموعة متنوعة من الأنشطة الترفيهية، والتي ربما قد تسبب الإدمان حيث تمتص وقت المستخدمين، فعلى سبيل المثال، يُظهر بحث أجرته مؤسسة Common Sense Media أن الشخص العادي يتحقق من هاتفه الخلوي أكثر من 100 مرة في اليوم (سواء تلقى إشعارًا أم لا) وأن ما يقرب من ثلثي المراهقين يبلغون عن الوصول إلى الوسائط لمدة 4 ساعات يوميا. كما تشير الأبحاث الحديثة إلى أن الشخص العادي يقضي 145 دقيقة يوميًا في مراقبة حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما يمثل تحولًا كبيرًا في كيفية استخدام الوقت على مدار اليوم.

  • مخاوف تتعلق بالصحة النفسية

في خريف عام 2021، كشف موظف سابق في شركة فيسبوك (مجموعة ميتا حاليًا) عن مخالفات تظهر أن عملاق وسائل التواصل الاجتماعي كان على علم بأن إنستغرام (المنصة التابعة للشركة) يمكن أن تضر بالصحة النفسية للأطفال والمراهقين.

وعلى الرغم من أن هذا الاكتشاف صدم الكثيرين، فقد حددت الأبحاث وجود صلة بين صحتنا النفسية واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، إذ وجد الباحثون أنه على مدى العقد ونصف الماضيين، انخفضت التفاعلات وجهاً لوجه مع زيادة وسائل التواصل الاجتماعي والاتصالات الإلكترونية، كما وجد الباحثون خلال الفترة نفسها،  أن معدلات الإبلاغ الذاتي عن الاكتئاب والقلق والعزلة والأفكار الانتحارية قد زادت، مما دفع العديد من العلماء إلى اقتراح أنه قد تكون هناك علاقة لذلك باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي.

  • التنمر عبر الإنترنت

لقد أتاح عالم وسائل التواصل الاجتماعي فرصًا جديدة للتنمر تتمثل في “التنمر عبر الإنترنت” وهو شكل من أشكال التنمر يحدث من خلال الهواتف المحمولة والأجهزة اللوحية وأجهزة الكمبيوتر، ويتم على وسائل التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وإنستغرام وإكس وسناب شات وتيك توك، أو من خلال الرسائل النصية ومجتمعات الألعاب عبر الإنترنت ولوحات الرسائل مثل ريديت.

ويتضمن هذا النوع من التنمر إرسال أو نشر أو مشاركة محتوى سلبي أو ضار أو كاذب عن شخص آخر.

وتشمل الأشكال النموذجية للتنمر عبر الإنترنت الشتائم المسيئة، ونشر شائعات كاذبة، وتلقي تهديدات جسدية، وسلوكيات المطاردة (مثل المراقبة المستمرة من قبل شخص آخر)، والعداء العنصري ورسائل الكراهية والتحيز.

  • الرسائل الجنسية والمطاردة عبر الإنترنت

قدمت منصات التواصل الاجتماعي طرقًا جديدة لارتكاب أفعال غير لائقة، مثل إرسال الرسائل الجنسية (الصور أو مقاطع الفيديو أو الرسائل ذات الطابع الجنسي) ما يعد شكلًا من أشكال التحرش الجنسي، كما هي الحال عندما يرسل المعتدي صورًا غير مرغوب فيها إلى شخص ما، أو عندما يتمكن شخص ما من الوصول إلى صور خاصة لشخص ما ثم يهدد بنشرها للعامة.

كما ساهمت مواقع التواصل أيضًا في نمو المطاردة عبر الإنترنت، نظرًا لأن هذه المواقع تتيح المراقبة والتلصص على الضحايا الذين يقدمون كنزًا من المعلومات الشخصية عبر الإنترنت.

  • العلاقات الشخصية والإفصاح عن الذات

يعد الكشف عن الذات جانبًا مهمًا لتطوير علاقاتنا الشخصية والحفاظ عليها، وهنا يمكن أن يؤثر استخدام وسائل التواصل على مسار الكشف عن الذات، فكون الفرد جالسا خلف لوحة المفاتيح، يجعله أكثر أريحية في الكشف عن معلومات قد لا يتحدث عنها في الواقع.

بعبارة أخرى، يمكن القول إنه من خلال التواصل عبر الإنترنت، قد ينتقل الكشف عن الذات من المستوى السطحي إلى المستوى الحميمي المتعمق بسرعة كبيرة دون المرور بعملية بناء الثقة عبر تبادل المعلومات.

  • كيفية مكافحة الجانب المظلم لوسائل التواصل الاجتماعي

يتضح من العرض السابق أن وسائل التواصل الاجتماعي لها جانب مضيء مفيد وجانب مظلم مقلق، ونظرًا لأن الجانب المظلم منتشر جدًا في حياتنا، فمن المهم وضع حدود آمنة لاستخدام المنصات وخطة تعتمد على التواصل الكفء، من خلال  اتباع ما يلي:

  • وضع حدود زمنية لمقدار الوقت الذي ترغب في قضائه يوميًا على وسائل التواصل الاجتماعي.
  • اتباع معايير لاختيار من تضيفه إلى حساباتك على منصات التواصل الاجتماعي.
  • التحلي بالأخلاق والرصانة والسلوك الإيجابي في الحوار والتعامل مع الآخرين عبر منصات التواصل.
  • التحقق من الرسائل الصادرة عن حسابك من خلال التساؤل حول ما إذا كنت ترغب في أن يرى المحيطون بك هذه الرسائل، إذا لم يكن الأمر كذلك، فلا تنشر أو تشارك تلك الرسائل.
  • الالتزام بالامتناع عن نشر أو مشاركة أو الإعجاب بالرسائل العنصرية أو الجنسية أو التحريضية أو غيرها من الرسائل التمييزية.
  • التواصل مع شخص تثق به للحصول على المساعدة إذا واجهت التنمر أو أي مشاكل أخرى على المنصات.
  • حظر المحتوى المسيء والأشخاص الذين يرسلون رسائل مسيئة، وإبلاغ المنصة عن حالات إساءة الاستخدام.
زر الذهاب إلى الأعلى