تقارير

كيفية التصدي لخطر الحسابات الوهمية على منصات التواصل الاجتماعي

شهد العالم خلال العقدين الأخيرين طفرة غير مسبوقة في مجال الاتصال والإعلام مع ظهور منصات التواصل الاجتماعي، والتى تعاظم دورها على نحو سريع في الحياة اليومية ، بوصفها جسرًا للتواصل بين أفراد المجتمع ومنبرًا للحوار والتعبير عن الرأي ومتنفسًا ترفيهيًا.

ورغم ما وفرته تلك المنصات من فرص ومزايا، إلا أن هذه البيئة الرقمية التي تفتقر للضوابط والمساءلة على نحو كبير، حفزت بعض الأفراد والجهات على استغلالها لممارسة العديد من الأنشطة الخبيثة وارتكاب جرائم يعاقب عليها القانون تحت ستار “حسابات وهمية-  Fake Accounts”.

وفي هذا الإطار، جاء التحذير الذي أطلقه رئيس الهيئة العامة للترفيه، معالي المستشار تركي آل الشيخ، من حسابات وهمية في مواقع التواصل الاجتماعي تزرع الفتنة بين السعوديين وأشقائهم من الدول الخليجية الأخرى.

وانطلاقًا من أهمية تلك القضية الحيوية، نستعرض عبر هذا التقرير ماهية تلك الحسابات الوهمية أو المزيفة، وأنواعها وكيفية اكتشافها ونصائح وإرشادات لتجنب خطرها والإبلاغ عنها.

  • ما هي الحسابات الوهمية على وسائل التواصل الاجتماعي؟

الحسابات الوهمية أو المزيفة على وسائل التواصل الاجتماعي هي ملفات غير مرتبطة بشخص حقيقي أو يتم إنشاؤها باستخدام بيانات شخص دون موافقته. وتُسمى هذه الحسابات عادةً بـ”حسابات الاحتيال- imposter accounts ” أو “حسابات دمى الجوارب- sock puppet accounts”.

ويقصد بحسابات الاحتيال تلك التي ينشأها شخص ما لينتحل شخصية فرد أخر، أما حسابات دمى الجوارب فهى الحسابات التي يديرها الأشخاص بغرض مدح أنفسهم وانتقاد الآخرين.

وبحسب تقرير نشرته مجموعة “Bosco Legal Services” للخدمات القانونية في الولايات المتحدة، يقدم المحتالون على إنشاء الحسابات الوهمية لأسباب مختلفة منها:

  • انتحال الشخصية لابتزاز الأموال من المتابعين عبر عمليات الاحتيال (عادةً عن طريق التظاهر بأن المالك الأصلي للحساب في مشكلة ويحتاج إلى تبرعات).
  • مضايقة الأشخاص عبر الإنترنت.
  • تدمير سمعة شخص معين.
  • نشر معلومات “كاذبة” – سياسية عادة – والترويج لخطاب الكراهية.
  • ترك تعليقات أو شكاوى كاذبة للإضرار بالعلامات التجارية.

وتعاني معظم منصات التواصل الاجتماعي الرئيسية- إن لم يكن جميعها- مثل فيسبوك وإكس وإنستغرام و”لينكدإن” وبنتريست ويوتيوب وسناب شات من وجود حسابات وهمية مجهولة الهوية، وتحتوي على القليل من المعلومات.

ويعتبر تتبع تلك الحسابات معركة شاقة، حيث يستخدم الأشخاص الذين يقفون ورائها العديد من الأدوات والتقنيات المتاحة بسهولة، ومع ذلك فإن كل إجراء عبر الإنترنت يترك بصمة رقمية، وعندما لا يتم إخفاء هذه البصمة أو يكون مرتكب الجريمة غير ماهر في تغطية آثاره، يمكن لمحققي وسائل التواصل الاجتماعي تتبع هذه البصمة الرقمية.

  • كيفية التعرف على الحساب الوهمي بمنصات التواصل الاجتماعي؟

أصبح منتحلو الشخصية أكثر ذكاءً وبات تتبع الحسابات الوهمية أكثر صعوبة، ومع ذلك، هناك مؤشرات يمكن التحقق منها  للتعرف على الحساب الوهمي أو الزائف، وهي كالتالي:

  • صورة الملف الشخصي

غالبًا ما تستخدم الحسابات المزيفة الصور الرمزية والرموز كصور لملفاتها الشخصية، بدلًا من الصور، وعندما تستخدم صورًا بشرية فعلية، تكون عادةً ذات دقة منخفضة. وللتأكد ما إذا كان الحساب مزيفًا أم لا، قم بالبحث عن صورة الملف الشخصي من خلال محركات البحث مثل “Google Image Search” لمعرفة ما إذا كانت الصورة مرتبطة بحساب آخر أو ظهرت في مكان آخر على الإنترنت.

  • اسم الحساب

غالبًا ما يقوم المحتالون بتغيير الأسم على فيسبوك أو إكس بعد الانضمام لتلك المنصات.

  • الاتصالات (المتابعين والأصدقاء والمشتركين)

وجود عدد قليل من المتابعين لحساب شخص مشهور على منصة للتواصل الاجتماعي مؤشر على كون الحساب غير حقيقي، ويمكن التأكد أيضا من أن الحساب حقيقي أم لا، عبر التحقق من حسابات أخرى للمشاهير تتابعه أو تتفاعل معه، فإذا كانت الإجابة بنعم، من المرجح أن يكون حقيقيًا، وإذا لم يكن الأمر كذلك، فإنه حسابًا زائفًا.

  • المحتوى

انتبه إلى أنواع المنشورات على الحساب، عبر التحقق مما إذا كانت تتطابق مع الشخص أو تبدو بعيدة عن شخصيته. فغالبًا ما تنشر الحسابات المُزيفة معلومات كاذبة ووجهات نظر مُتطرفة، وعادة ما تمتلئ خلاصاتها بـ”الميمات -Memes ” والصور المُعاد تدويرها.

  • عدم وجود منشورات

يعتبر عدم وجود منشورات للحساب مؤشر على أنه مُزيف،  كما ينبغي التحقق أيضًا من أنواع التعليقات التي يتركها الحساب على منشورات الآخرين، فإذا ترك نفس التعليق (كأن يطلب من الأشخاص استثمار أموال أو الاشتراك في قناة غير واضحة)، فمن المحتمل أن يكون حسابًا مزيفًا، ويمكن أن يشير هذا أيضًا إلى أن الحساب في الواقع روبوت.

بالإضافة إلى ذلك فإن استخدام الإهانات أو الكلمات البذيئة أو العامية الغريبة يمكن أن يكشف أيضًا أن الحساب مُزيف.

  • توثيق الحساب

إذا وجدت حسابًا على وسائل التواصل الاجتماعي يبدو كما لو أنه مملوك لشخص مشهور أو مؤثر أو علامة تجارية ذات سمعة طيبة، تحقق مما إذا كان موثقًا (لديه علامة زرقاء بجوار اسم الحساب).

ومع ذلك، فإن بعض الشخصيات العامة قد لايكون لديها تلك العلامة على حسابتها، وفي هذه الحالة، ابحث في الشبكات الاجتماعية الأخرى عن الحسابات التي تحمل الاسم نفسه، وإذا كانت صور الملف الشخصي واسم الحساب والموقع والتفاصيل الأخرى متطابقة، فمن المحتمل أن يكون الحساب حقيقيًا. وإذا لم يكن الوضع كذلك فمن المحتمل أن يكون مزيفًا.

  • اكتشاف حسابات الروبوتات

كما هو الحال مع حسابات التواصل الاجتماعي الوهمية، يمكن اكتشاف الروبوتات من خلال الاهتمام بما يلي:

  • أسماء الحسابات: تتكون من مزيج غريب من الكلمات والحروف والأرقام.
  • صور الملف الشخصي: عادةً لا تحتوي حسابات الروبوت على صورة للملف الشخصي.

وعندما تستعين بصورة عادةً ما تكون صورة رمزية أو صورة لشخصية كرتونية/حيوان/كائن. وفي حال استخدام صورة لشخص ما، تكون عادةً منخفضة الدقة.

  • تفاصيل الملف الشخصي: عادةً ما تحتوي حسابات الروبوت على القليل من معلومات الملف الشخصي أو لا تحتوي على أي معلومات على الإطلاق، كما يكون الموقع غير واضح أو لا يبدو مطابقًا للشخص الذي من المفترض أنه يملك الحساب.
  • سلوك غريب عبر الإنترنت: إذا لاحظت أن حسابًا واحدًا على وسائل التواصل الاجتماعي ينشر محتوى مشابهًا عبر عدة منصات أو أسفل عدة منشورات، فمن المحتمل أن يكون هذا حسابًا آليًا.
  • قلة أو انعدام المتابعين: عادةً ما تتبع الروبوتات عددًا كبيرًا من الحسابات، ولكن لديها عدد قليل جدًا من المتابعين على حساباتها الخاصة لتحليل أعداد المتابعين، استخدم أدوات مثل “Botometer” أو “Followerwonk”.
  • اكتشاف “الكتائب الإلكترونيةTrolls-

“الكتائب الإلكترونيةTrolls-” هم بشر حقيقيون يقومون بإنشاء حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي من أجل كتابة تعليقات مهينة على المنشورات، وإرسال رسائل مباشرة بذيئة. وغالبًا ما يتم دفع أموال لهم لمضايقة المشاهير أو الشخصيات العامة أو المؤسسات الإعلامية.

ويعد اكتشاف تلك الحسابات أكثر صعوبة من الحسابات المزيفة أو الروبوتات، نظرًا للتحكم فيها من قبل أشخاص حقيقيين. كما يصبح تحديد تلك الحسابات أكثر صعوبة إذا تم تسجيلها واستخدامها لسنوات كجزء من شبكات أكبر.

ويتجاوز اكتشاف حسابات الكتائب الإلكترونية التحقق من صور الملفات الشخصية أو أسماء الحسابات أو أعداد المتابعين، لذلك فإن أفضل طريقة لتحديدها هي فحص المحتوى الذي يشاركه الحساب، عبر البحث عن إجابة للتساؤلات التالية:

  • هل يرتبط بمواقع إنترنت تنشر معلومات مضللة؟، فإحدى العلامات الرئيسية لهذه الحسابات هي نشر معلومات مضللة.
  • هل يقوم المستخدم بنشر أي مشاركات شخصية على الإطلاق؟، إذا قام بنشر أو إعادة نشر محتوى تابع لجهة خارجية فقط، فقد يكون من الكتائب الإلكترونية.
  • هل ينشر المستخدم نفس التعليق بالضبط على منشورات اجتماعية مختلفة؟، إذا فعل ذلك، فمن المحتمل أن يكون منخرط في كتائب إلكترونية.
  • ما هي عواقب إنشاء حساب وهمي على وسائل التواصل الاجتماعي؟

عند إبلاغ  منصة التواصل الاجتماعي عن حساب وهمي، ويتأكد فريق الدعم بالمنصة من صحة ذلك، عادةً ما تقوم المنصة بحظر الحساب أو إلغاء تنشيطه على الفور. وفي الغالب تنتهي الأمور عند هذا الحد، إلا إذا أراد المُبلغ التحرك على الصعيد القانوني عبر التقدم بشكوى للجهات المختصة على الصعيد الوطني استنادًا لما تنص عليه القوانين والأنظمة في البلد المقيم فيه، وذلك بالنظر إلى ارتكاب الحساب لجرائم يعاقب عليها القانون، قد تكون من بينها:

  • الانتقام الإباحي عبر توزيع صور إباحية للضحية.
  • التحرش عبر الإنترنت.
  • التشهير من خلال نشر معلومات كاذبة للإضرار بسمعة شخص أو شركة.
  • انتحال الشخصية.

وتأسيسًا على ما سبق، يمكن القول بأن ظاهرة الحسابات الوهمية أو المزيفة هي إحدى أكثر الإشكاليات المعقدة المرتبطة بمنصات التواصل الاجتماعي في ظل ما توفره التكنولوجيا من أدوات تساعد من يقف وراء تلك الحسابات على التخفي وممارسة أنشطته الخبيثة، ومن ثم فإن مكافحة تلك الظاهرة تستلزم بالدرجة الأولى تثقيف وتوعية المستخدمين بشأن الحفاظ على بيانتهم الشخصية منعًا لاستغلالها، وكذلك تدريب المستخدمين على كيفية اكتشاف الحسابات الوهمية، وتوجيههم نحو الإجراءات الواجب اتباعها فور اكتشاف مثل تلك الحسابات؛ وتشمل إلغاء المتابعة للحساب أو الإزالة من قائمة الأصدقاء على الفور، وإبلاغ المنصة لكي تتخذ الخطوات اللازمة بحظر الحساب.

زر الذهاب إلى الأعلى