ترجمات

استراتيجية “الغربلة” لاكتشاف المعلومات المُضللة

تعد استراتيجية الغربلة “Sift”، التي ابتكرها خبراء في مجال محو الأمية الرقمية، تقنية لاكتشاف الأخبار الزائفة والمنشورات المُضللة في وسائل التواصل الاجتماعي، وليس سرًا أن المعلومات المُضللة منتشرة عبر هذه المنصات، ويكون ذلك في بعض المواد أكثر من غيرها. وقد وجدت الدراسات، على سبيل المثال، أن حوالي ثلثي مقاطع الفيديو الأكثر شعبية على موقع يوتيوب حول اللقاحات مبني على معلومات مُضللة، بحسب تقرير نشره موقع هيئة الإذاعة البريطانية “بي.بي.سي”.

وقد تكون التداعيات وخيمة، إذ يرتبط انتشار المحتوى غير الدقيق المضاد للتطعيم على الإنترنت بانخفاض تغطية التطعيم، وخاصة بين الأطفال. وقد أدى ذلك إلى تفشي أمراض قد تكون مميتة، مثل الحصبة، بشكل أكبر مما شهدناه في السنوات الأخيرة.

وكانت مارسيا ماكنوت، رئيسة الأكاديمية الوطنية الأمريكية للعلوم قد وصفت في عام 2021 المعلومات المُضللة أسوأ من الوباء، في إشارة إلى جائحة فيروس كورونا  “كوفيد-19″، مشيرة إلى أن تلك المعلومات تنتشر بسرعة الضوء في جميع أنحاء العالم، وتعزز التحيز الشخصي ضد جميع الأدلة الجديرة بالثقة.

  • أسباب انتشار المعلومات المُضللة بسرعة كبيرة

وهناك كثير من الأسباب التي تجعل المعلومات المضللة تنتقل بسرعة كبيرة – وفقًا لبعض الأبحاث- فهي أسرع من المعلومات الدقيقة. ومن بين تلك الأسباب أن الأشخاص يكونون أكثر عُرضة لمشاركة ادعاء ما عندما يؤكد معتقداتهم الموجودة مسبقًا، بغض النظر عن دقته. وقد يساعد هذا التحيز المعرفي في تفسير سبب مشاركة الأفراد للمعلومات الخاطئة أكثر من الروبوتات. فعلى سبيل المثال، وجدت إحدى الدراسات أن 15% فقط من مستخدمي منصات التواصل الذين ينشرون الأخبار مسؤولون عما يصل إلى 40% من الأخبار الزائفة.

ولكن هناك جانب إيجابي، ما دام أن الأفراد هم المسؤولون عن مشاركة الكثير من المعلومات المُضللة، فنحن أيضًا الأشخاص الذين – من خلال كوننا أكثر وعيًا بما نحبه، ونشاركه، ونضخمه – يمكنهم المساعدة في إحداث أكبر تغيير.

عندما يتعلق الأمر بعدم الوقوع في فخ المعلومات الخاطئة، فإن إدراك أخطائنا البشرية، مثل سرعتنا في تصديق ما نريد تصديقه، يعد خطوة أولى جيدة. وتظهر الأبحاث أنه عندما يكون الأشخاص أكثر تفكيرًا بشكل عام يمكن أن “يحصنهم” ذلك ضد تصديق الأخبار الزائفة. لكن هذا ليس الشيء الوحيد الذي يمكننا القيام به.

  • خطوات تفعيل استراتيجية الغربلة

وقد وجد الباحثون أن هناك الكثير من الاستراتيجيات البسيطة والملموسة التي يمكننا جميعًا بل يجب علينا استخدامها للتحقق من دقة أي ادعاء قبل مشاركته، ومنها استراتيجية الغربلة التي ابتكرها خبير الثقافة الرقمية مايك كولفيلد، والتي تنقسم إلى 4 خطوات:

  • التوقف عن المشاركة أو التفاعل:

دورات الأخبار والمحتوى سريع الوتيرة التي غالبًا ما تكون لها تأثير عاطفي، يمكن أن تضعنا في حالة عقلية “متعجلة”، وعندما يتعلق الأمر بتحديد المعلومات المُضللة، فإن السرعة ليست عاملًا جيدًا. إذ وجدت الأبحاث أن الاعتماد على ردود أفعالنا “الغريزية” المباشرة من المرجح أن يقودنا إلى التضليل أكثر مما لو توقفنا للحظة للتفكير، لذلك الخطوة الأولى من طريقة الغربلة تتمثل في التوقف، وعدم مشاركة المنشور أو التعليق عليه.

  • التحقق من المصدر:

تظهر المنشورات في خلاصات وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بنا طوال الوقت دون أن يكون لدينا إحساس واضح بمن أنشأها. ربما تمت مشاركتها من قبل صديق. ربما تم دفعها إلينا بواسطة الخوارزمية أو تابعنا منشئ المحتوى عمدًا، لكننا لم ننظر أبدًا إلى خلفيته، لذا حان الوقت لمعرفة من أنشأ هذا المنشور، وهنا لا بد أن تغادر المنصة وتقوم بإجراء بحث على الإنترنت، ونظرًا لأن نتائج البحث قد تكون مضللة، تأكد من أنك تبحث في موقع حسن السمعة، وأثناء قيامك بالتحقيق، اسأل:

  • إذا كان منشئ المحتوى وسيلة إعلامية، فهل تتمتع بالسمعة والاحترام، مع التزام معترف به بالصحافة المستقلة والموثقة؟
  • إذا كان فردًا، ما هي الخبرة التي يمتلكها في الموضوع المطروح (إن وجدت)؟ ما الروابط المالية أو الميول السياسية أو التحيزات الشخصية التي قد تكون مؤثرة؟
  • إذا كانت منظمة أو شركة، ما الغرض منها؟ ما الذي يدعون إليه أو يبيعونه؟ ومن أين يأتي تمويلهم؟ ما الميول السياسية التي أظهروها؟

وأخيرًا، بمجرد الانتهاء من التحليل (الذي قد يستغرق بضع دقائق فقط)، فإن السؤال الأكثر دلالة على الإطلاق: هل ستظل تثق في خبرة منشئ المحتوى هذا في هذا الموضوع إذا كان يقول شيئًا لا توافق عليه؟

  • العثور على تغطية أفضل:

إذا وجدت، من الخطوة السابقة، أنه لا يزال لديك أسئلة حول مصداقية المصدر، فقد حان الوقت للتعمق أكثر، ما تبحث عنه هو ما إذا كان مصدر أكثر موثوقية، مثل منفذ إخباري حسن السمعة أو خدمة التحقق من الحقائق، قد أبلغ عن نفس الادعاء وتحقق منه.

ومن الأفضل استخدام محرك بحث “Google Fact Check”، الذي يبحث فقط في مواقع التحقق من الحقائق، على وجه التحديد. وإذا كنت تبحث عن الصورة استخدم أداة البحث العكسي عن الصور لمعرفة الأماكن الأخرى التي تظهر فيها الصورة عبر الإنترنت مثل أداة “TinEye” و أداة “Yandex “.

  • تتبع الادعاء في سياقه الأصلي

في هذه المرحلة أنت لا تريد فقط معرفة ما إذا كان الأمر صحيحًا حقًا، ولكن ما إذا كان أي شيء قد تم إخراجه من سياقه، فإذا كنت تنظر إلى صورة ما، فهل تتوافق الطريقة التي تم وصفها بها في منشور الوسائط الاجتماعية الذي شاهدته مع التسمية التوضيحية الأصلية وسياقها وموقعها؟ إذا كان اقتباسًا من أحد المتحدثين، فهل تم حذف أي شيء أو إخراجه من سياقه، أو عندما ترى مقابلتهم الكاملة أو خطابهم، هل يبدو أنهم ربما أخطؤوا في التعبير في تلك اللحظة؟ قد يبدو اتخاذ هذه الخطوات قبل اتخاذ قرار بشأن مشاركة المحتوى أمرًا مرهقًا، لكن استثمار الوقت لبضع دقائق فقط قد لا يوفر عليك الإحراج فحسب، بل يساعد أيضًا على ضمان عدم نشر معلومات مضللة يمكن أن تؤدي، في أكثر حالاتها دراماتيكية، إلى المرض والموت.

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى