تواجه الأسر العديد من التحديات إثر التطور الكبير في وسائل الاتصال وتزايد استخدام مواقع التواصل الاجتماعي على اختلاف أنماطها، حيث باتت تلك المواقع جزءا من روتين الحياة اليومية للأفراد.
وتعد تلك المنصات سلاحًا ذا حدين، فبقدر الفوائد التي توفرها هذه المواقع، إلا أنها تسببت في العديد من المشكلات والأضرار على مستوى الفرد والأسرة إذا لم يتم استخدامها بحكمة، فقد ينغمس الزوجان بحياتهما الافتراضية ويغيبان عن بعضهما البعض فينشأ الإهمال ويقل التواصل بينهما.
وفي هذا الإطار، نشرت مجلة البحوث الإعلامية في عددها الصادر في أبريل 2023 دراسة بعنوان “استخدامات الأسرة السعودية لمواقع التواصل الاجتماعي وعلاقتها بالترابط الأسري” من إعداد لينا الجلسي، باحثة الماجستير بقسم الإعلام في كلية الآداب جامعة الملك فيصل، حيث هدفت للتعرف على تأثير دوافع استخدام مواقع التواصل الاجتماعي على طبيعة العلاقة الزوجية لدى المتزوجين في المملكة العربية السعودية، ومعرفة تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على التوافق بين الأزواج بالإضافة إلى التعرف على اتجاهات عينة الدراسة نحو الانحرافات الأخلاقية على مواقع التواصل الاجتماعي.
- عينة الدراسة
تتألف عينة الدراسة من 150 مفردة حيث تم تطبيقها عن طريق الاستبانة الإلكترونية، وبلغت نسبة الإناث 70% مقابل الذكور 30%.
وغالبية العينة تتراوح أعمارهم ما بين 20 إلى 30 سنة بنسبة 47.3%، بينما بلغت نسبة الذين تتراوح أعمارهم ما بين 31 إلى 40 سنة (22.7%)، وبلغت نسبة الذين تتراوح أعمارهم ما بين 41 إلى 50 سنة (19.3%)، أما الذين أعمارهم من 51 سنة فأكثر بلغت نسبتهم (10.7%).
وفيما يتعلق بالمستوى التعليمي، شكل الحاصلون على بكالوريوس 54.7%، يليهم الحاصلون على دراسات عليا 17.3%، ثم الحاصلون على تعليم ثانوي فأقل 16.7%، وأخيرًا الدبلوم 11.3%. وشكل المتزوجون 85.3% من العينة، ثم العزاب 12%، ثم المطلقون 2.7%.
- نتائج الدراسة
أظهرت نتائج الدراسة أن غالبية أفراد الدراسة يرون أن أكثر مواقع التواصل الاجتماعي استخدامًا لدى أفراد الأسر السعودية “سناب شات” بنسبة 78.7%، يليه يوتيوب بنسبة 48%، ثم إنستجرام وتويتر بنسبة 47.3% لكل منهما، ثم واتس آب بنسبة 12.7%، يليه فيسبوك بنسبة 6%، وأخيرًا تيك توك بنسبة 4.7%.
أما عن عدد ساعات استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، وجدت الدراسة أن 26% من العينة يستخدمون مواقع التواصل من 3 ساعات إلى أقل من 5 ساعات يوميًا، وفي المركز الثاني الفئة التي تستخدم المواقع من ساعتين إلى أقل من 3 ساعات بنسبة 20.7%، ثم الفئة التي تستخدم من أربع ساعات إلى أقل من 5 ساعات بنسبة 19.3%، يليها الفئة التي تستخدم مواقع التواصل من خمس ساعات فأكثر بنسبة 18.7%.
أظهرت نتائج الدراسة أن 81.3% من العينة يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي “دائمًا”، مقابل 17.3% يستخدمونها “أحيانًا”، و1.3% يستخدمونها “نادرًا”.
كما أثبتت الدراسة أن 44% يفضلون استخدام مواقع التواصل الاجتماعي عندما يكونون بمفردهم، و29.3% يفضلون استخدامها في أي وقت، و24% يفضلون تصفحها في المنزل، و2.7% يفضلون استخدامها مع الأهل والأصدقاء.
كما أوضحت الدراسة أن غالبية أفراد الدراسة يدفعهم لاستخدام مواقع التواصل الاجتماعي الحصول على الأخبار بنسبة 74.7%، ثم للتسلية والترفيه (72%)، يليها للتواصل مع الأهل والأصدقاء (70.7%)، وفي المركز الرابع للحصول على المعلومات (66%)، يليها لشغل وقت الفراغ (46%).
أما عن تأثير استخدام مواقع التواصل الاجتماعي على التوافق الزوجي بين المتزوجين في المملكة، جاء في المرتبة الأولى “قلل من قضاء الوقت مع شريكي” بمتوسط حسابي 2.01، يليه أثر إيجابيا في علاقتي مع شريكي بمتوسط 1.93، ثم زاد تفاعلي مع شريكي بمتوسط 1.91، يليه أثر سلبيًا في علاقتي مع شريكي بمتوسط 1.74، وأخيرًا ساعد في حل خلافاتي مع شريكي بمتوسط 1.73.
أما عن إسهام مواقع التواصل الاجتماعي في ظهور انحرافات أخلاقية عند بعض الأشخاص، أظهرت الدراسة أن المتوسط العام لمحور إسهام مواقع التواصل الاجتماعي في ظهور انحرافات أخلاقية عند بعض الأشخاص بلغ (1.86) وهو متوسط يقع في الفئة الثانية من فئات المقياس الثلاثي من فئات المقياس الثلاثي من (1.67 إلى 2.33) وهي الفئة التي تشير إلى خيار “محايد”.
وبالنسبة للإشباعات المتحققة لعينة الدراسة من استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، جاءت كالتالي :”معرفة ما يدور في العالم بنسبة 77.3%، ثم تنمية الثقافة العامة 66%، يليها شغل وقت الفراغ 51.3%، ثم التحدث مع الآخرين 46%، وتنظيم الأمور داخل المنزل 31.3%، ثم مواكبة الموضة 26%، وإيجاد حلول للمشاكل الزوجية 18%، وأخيرًا التعرف على أشخاص جدد 9.3%.
- توصيات الدراسة
قدمت الدراسة سلسلة من التوصيات تمثلت في دعوة الوالدين إلى إعادة ترتيب أوقات استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، حتى لا تؤدي للتفكك الأسري بعيدًا عن المواقع الافتراضية.
وكذلك قيام الجمعيات الأهلية والجهات العاملة والمؤسسات التعليمية بنشر الوعي بأهمية الترابط الأسري وأهمية وفوائد الحوار الأسري. وأيضًا الرقابة على الهواتف في منشأة العمل بحيث يتم حجب مواقع التواصل الاجتماعي من أجل إنهاء الأعمال في الوقت المحدد.
وأوصت الدراسة كذلك بإعداد برامج هادفة وتوعوية من قبل المؤسسات التعليمية تقوم على نشر القيم والأخلاف الحميدة، وتوجيه الشباب للاهتمام بالعلم وتطوير أنفسهم ومجتمعاتهم.
بالإضافة إلى قيام الجمعيات الأهلية والجهات العاملة المتخصصة في قضايا الأسرة بعمل المزيد من المنشورات الإلكترونية ومقاطع الفيديو التوعوية بأهمية الترابط الأسري وأثره النفسي على أفراد العائلة.
وتأسيسًا على ما سبق، يمكن القول بأن التوعية بالاستخدام السليم والمعتدل لمواقع التواصل الاجتماعي مهمة أساسية يجب أن تتشارك فيها المؤسسات الإعلامية والأسر من أجل تجنب أضرار مواقع التواصل وانعكساتها السلبية على المجتمع وتماسك الأسر.