تقارير

موسم الرياض يتصدى لمخططات حروب الجيل الرابع

يشكل تعظيم القوة وترسيخ مكانة المملكة العربية السعودية على الساحتين الإقليمية والدولية، هدفًا رئيسيًا تسعى إليه كافة الاستراتيجيات والخطط والخطوات التحديثية التي تطبقها الجهات المختصة كل واحدة في نطاق عملها، بدعم وتوجيه من القيادة الرشيدة للمملكة، ووفقًا لمستهدفات رؤية طموحة للمستقبل صاغها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حفظه الله، هي رؤية المملكة 2030 التي مثلت أيقونة للتنمية المستدامة ونموذجًا يحتذى به على مستوى المنطقة، وباتت ثمارها محط أنظار العالم بأسره.

واعتمدت تلك الرؤية الملهمة لسمو ولي العهد على تعزيز عناصر القوة الناعمة القائمة لدى المملكة، وإضافة عناصر جديدة تتوافر مقومات وجودها وتطويرها، ومن بين تلك العناصر الجديدة للقوة الناعمة قطاع السياحة والترفيه وهما من القطاعات المستحدثة في إطار الرؤية، واستطاعتا خلال فترة زمنية وجيزة تحقيق نجاحات كبرى تعكسها أرقام وإحصاءات وفعاليات غير مسبوقة استضافتها المملكة خلال الأعوام الأربعة الماضية، وفي مقدمة تلك الفعاليات يأتي موسم الرياض.
استراتيجية القوة الذكية السعودية
تعتبر قوة الدولة في المجال الدولي المحصلة النهائية للمصادر والقدرات والإمكانات القومية التي يمكن تعبئتها لمتابعة أهداف سياستها الخارجية. وهذه المحصلة تعتمد على مدى تفاعل العديد من العوامل، والمكونات التي تتداخل فيما بينها لتبرز الحجم النهائي لقوة الدولة القومية، وقدرتها على التأثير والنفوذ.
وتنقسم القوة التي تمتلكها الدولة إلى نمطين القوة الصلبة والقوة الناعمة، وفي حين أن القوة الصلبة تعني المفهوم التقليدي للقوة والذي يعرفها على أنها ”القدرة على فرض السيطرة على الآخرين عن طريق الإكراه أو الحوافز المادية، إذ تتألف عناصر تلك القوة من الأدوات العسكرية والاقتصادية.
أما القوة الناعمة فيعرفها أستاذ العلاقات الدولية الأمريكي جوزيف ناي بأنها “القدرة على التأثير في الأهداف المطلوبة، وتغيير سلوك الآخرين عند الضرورة بما يخدم مصالح الدولة، من خلال الإقناع والجذب وليس الإكراه.
وفي هذا الإطار، يتضح أن استراتيجيات وخطط المملكة تعكس تبنيها لمفهوم القوة الذكية التي تقوم على فكرة المزج بين القوة الصلبة والقوة الناعمة، أي تطوير استراتيجية متكاملة تستند إلى قاعدة من الموارد ومجموعة من الأدوات للوصول إلى الأهداف من خلال القوتين الصلبة والناعمة في آن واحد.
أرقام قياسية في موسم الرياض 2021
يعتبر موسم الرياض من المظاهر الأكثر بروزًا للقوة الناعمة السعودية، فاستطاع أن يجعل من العاصمة وجهة سياحية عالمية تدعم الاقتصاد الوطني تحت مظلة برنامج “جودة الحياة”، أحد برامج رؤية السعودية 2030، وتمكن الموسم في نسخته الحالية التي انطلقت في 20 أكتوبر الماضي من تحقيق أرقام قياسية فخلال 100 يوم من انطلاقه تخطى عدد الحضور حاجز الـ 10 ملايين زائر ومليون سائح في مناطق وفعاليات الموسم الذي يشتمل على أكثر من 7500 يوم فعالية، ونحو 10 معارض عالمية، وأكثر من 350 عرضًا مسرحيًا، إضافة إلى معرض ومزاد سيارات عالمية، وأكثر من 70 مقهى، و200 مطعم، وبطولة ألعاب إلكترونية، وأكثر من 100 تجربة تفاعلية.
كما صنع “موسم الرياض2021” الذي حمل شعار “تخيل أكثر” معدلات مميزة لساعات الترفيه التي تراوحت بين 64 و70 ساعة في 7 مناطق فقط، إذ تستقبل مناطق “بوليفارد رياض سيتي، و”الرياض ونتروندرلاند” و”قرية زمان” و”المربع” و”واجهة الرياض” زوارها لمدة 9 ساعات في كل منطقة وتزيد على ذلك في نهاية الأسبوع، فيما ترحب منطقة “رياض سفاري” بعشاق المغامرات البرية لمدة 11 ساعة في اليوم ، ويعيش زوار منطقة “كومبات فيلد” 8 ساعات من التحديات يوميًا.
كما دخل موسم الرياض لعام 2021 موسوعة غينيس للأرقام القياسية من خلال لعبة بوليفارد الرياض Avalanche، والتي استطاعت أن تحطم الرقم القياسي في الموسوعة، بطول وصل إلى 22.136 م.
التصدي لمحاولات التشويه
وكان من الطبيعي أمام تلك النجاحات أن تسعى بعض قوى الشر المتربصة بإنجازات السعودية إلى محاولة تشويه هذا الكرنفال العالمي الذي يقام على أرض المملكة عبر استغلال أدوات حروب الجيل الرابع الخبيثة من أجل نشر الشائعات، لكن السلطات المختصة وعلى رأسها النيابة العامة عين القانون الساهرة على الحفاظ على سلامة المجتمع وصون مقدرات الوطن كانت لتلك المحاولات بالمرصاد، إذ ضربت بيد من حديد على مروجي تلك الشائعات والحملات التي تقاد من جهات معادية تهدف لتشويه السمعة، واستندت إلى سيف القانون ممثلًا في نظام مكافحة جرائم المعلوماتية ونظام الإجراءات الجزائية.
وقد بذلت هيئة الترفيه جهودًا جبارة في إعداد جدول الفعاليات وتنظيمها وتوفير خدمة رائعة وميسرة للزوار، فضلًا عن مراعاة الجوانب التأمينية بالتنسيق مع الجهات المختصة، إذ تم وضع مئات الكاميرات لرصد أي مخالفة في جميع جوانب المكان. ورصد الأمن العام بدوره بعض المخالفات للائحة الذوق العام وجرى على الفور التوصل لمرتكبيها، الأمر الذي يبرز تضافر الجهود بين كافة المؤسسات وتكامل الخطوات في إطار من الحرص على خروج الحدث في أبهى حلة بشكل يليق بمكانة المملكة.
وتأسيسًا على ما سبق، يمكن القول بأن موسم الرياض يعد انطلاقة كبرى في مسيرة واعدة لقطاع الترفيه والسياحة في المملكة العربية السعودية، تُضيف إلى رصيد القوة الناعمة التي تتمتع بها المملكة، بشكل يحقق مكاسب مادية واقتصادية للدولة ومعنوية في نفوس الجمهور، ويضع المملكة على الخارطة العالمية كإحدى وجهات الترفيه الرائدة، ويعكس قدرة أبناء المملكة على الإنجاز والإبهار وتنفيذ مستهدفات الرؤية الطموحة بعزيمتهم التي لا تلين، ويعد مؤشراً واضحًا على أن المملكة ستكون خلال الأعوام القليلة القادمة منافسًا قويًّا على ساحة صناعة الترفيه، التي أضحت رافدًا مهمًا للاقتصاد ومصدرًا للدخل، بجانب أنه يلبي حاجة إنسانية ومتطلبًا اجتماعيًّا لمختلف الشرائح والأجيال، الأمر الذي يحسن من جودة الحياة.

زر الذهاب إلى الأعلى