تقارير

أجندة غربية خبيثة لشرعنة الشذوذ

أضحت قضية الشذوذ الجنسي من الملفات الأساسية التي تطرحها بعض الأصوات الغربية على طاولة المجتمع الدولي بغية تطبيعه وتقنينه والاعتراف به، حيث يروج له ضمن استراتيجية ممنهجة لتلطيف القبيح، وتبرير هذا السلوك الشاذ المخالف للفطرة الإنسانية بذرائع مختلفة؛ من أهمها الادعاء بأنها تندرج تحت بند حقوق الإنسان، واستخدام الأخيرة فزاعة للضغط على الحكومات الرافضة لذلك السلوك الذي تحرمه كل الشرائع السماوية، ولذلك تفتح تلك المجتمعات الغربية الداعمة لما يسمى بـ”حقوق الشواذ” أبوابها لهؤلاء الأشخاص عبر منحهم الأولوية بين طالبي الهجرة واللجوء من منطلق توصيفها لوضعهم بأنهم “فئة مضطهدة”.

ويسعى الخطاب الغربي إلى تطبيع الشذوذ الجنسي عبر تحسين صورة هؤلاء الأشخاص من خلال استخدام مصطلحات أقل حدة عن وصفهم بالشواذ جنسيا، ومن أبرز تلك المسميات “مزدوجو الميل الجنسي- Bisexuals” و”المتحولون جنسيًّا- Transgender”، بالإضافة إلى استغلال الإعلام والفن في الترويج لتقبل الشذوذ، وهو ما نستعرضه في التقرير التالي:

التمكين السياسي للشواذ وصناعة أيقونات في عالم السياسة

ظهر خلال السنوات القليلة الماضية اتجاه متنام في الغرب والولايات المتحدة يستغل ورقة الشواذ كإحدى الأدوات في المعارك الانتخابية عبر مغازلة ما يسمى بـ”مجتمع الميم” (يضم الشواذ ومزدوجي التوجه الجنسي والمتحولين جنسيًا)، في إطار الصراعات بين التيار الليبرالي والتيار المحافظ، حيث يتم الهجوم على التيار المحافظ (من الجمهوريين في الولايات المتحدة على سبيل المثال)، واتهامهم بالرجعية وعدم احترام حقوق الإنسان.

كما جاهر العديد من المسؤولين الغربيين بشذوذهم الجنسي، ومن أبرز هؤلاء وزير النقل الأمريكي بيت بوتجيج ورئيس وزراء لوكسمبورغ كزافييه بيتل، ورئيس آيرلندا السابق ليو فرادكار، ورئيس وزراء بلجيكا السابق، إليو دي روبو، ولم يقتصر ذلك على الرجال فقط، بل إن هناك نماذج على الصعيد النسائي مثل رئيسة وزراء آيسلندا السابقة، زيوهانا سيغورذاردوتير، ورئيسة وزراء صربيا السابقة آنا برنابيتش.

استخدام الفن والرياضة في الترويج للشذوذ

يمثل الفن إحدى الأدوات الرئيسة التي يعتمد عليها الغرب في الترويج للشذوذ الجنسي، وأبرز مثال على ذلك منصة “نتفليكس” لبث الفيديو عبر الإنترنت التي تعرض أعمالًا درامية متنوعة، لكن القاسم المشترك بين أغلبها هو وجود الشذوذ ضمن البناء الدرامي، حيث تسعى شركات الإنتاج العالمية، لجعل هذه الفكرة مكونًا أساسيًّا في كل عمل من أجل تعريض الجمهور لتلك الفكرة الشيطانية بشكل مكثف، ومن ثم زرعها في اللاوعي الجمعيّ للمشاهدين، بحيث يعتادونها مرةً بعد مرة،  وتتحول من كونها أمرًا مرفوضًا ومستهجنًا إلى مسألة عادية مستساغة، بل الأدهى من ذلك إظهار الشخصيات الشاذة جنسيًّا في صورة جيدة، فيكونون وفقًا للخط الدرامي للأحداث مدافعين عن الخير في مواجهة قوى الشر.

كما يظهر الممثلون والمطربون الغربيون في مقابلات مدفوعة مع وسائل الإعلام، وهم يتحدثون بشكل إيجابي عن الشواذ وعن أصدقائهم من الشواذ، وتقبلهم لتلك الفئة أو عن تجارب شذوذ سابقة لهم، كما أن البعض من الفنانين يجاهر بشذوذه الجنسي، مثل الممثلة جودي فوستر، والممثل وينتورث ميلر، والمطرب ومؤلف الأغاني الشهير سام سميث. ويُشكّل ذلك الأمر  خطورة كبيرة على المجتمعات لأن المشاهير لديهم معجبون يتأثرون بمواقفهم وآرائهم وسلوكهم، وبالتالي يكونون أكثر ميلا إلى محاكاة هذا السلوك.

بالإضافة إلى الفن، يجري استخدام الرياضة -كرة القدم تحديدًا لما لها من جماهيرية كبيرة لدى مئات الملايين من الأشخاص حول العالم كبارًا كانوا أو وصغارًا-، في دعم الشواذ، وذلك عبر مبادرات تطلقها منظمات غير حكومية تُعنى بالدفاع عن الشواذ جنسيًا، ومن أمثلة ذلك مبادرة منظمة “Stonewall” التي تسعى للترويج لعلم الشواذ في الدوري الإنجليزي “البريميرليغ” بذريعة الترحيب بالمشجعين والرياضيين بجميع أجناسهم وميولهم الجنسية، على حد تعبيرها.

سن التشريعات والقوانين الداعمة للشواذ جنسيًّا

تمثل التشريعات والقوانين وسيلة يسعى من خلالها الغرب لترسيخ وتقنين وضع الشواذ جنسيًّا، وإضفاء الشرعية على ذلك السلوك المستهجن، سواء من خلال تقنين زواج الشواذ أو تمكينهم من بعض الوظائف كالخدمة العسكرية، وهو ما حدث في الولايات المتحدة، حيث طرأت تحولات كبرى فيما يتعلق بالشواذ خلال العقدين الماضيين، ففي عام 2010 تم إلغاء قانون كان يحرم الشواذ جنسيًّا من الخدمة في الجيش الأمريكي، حيث وقع الرئيس الأمريكي الديمقراطي باراك أوباما القانون معربًا عن فخره بتلك الخطوة! كما أصدرت المحكمة العليا في الولايات المتحدة حكمًا في عام 2015 يقضي بمنح الحق للشواذ جنسيًّا بالزواج في كافة الولايات الأمريكية، وهو الحكم الذي وصفه أوباما، بأنه “انتصار لأمريكا”. ولم تمض أيام حتى قام أوباما بتعيين راندي بيري كأول مبعوث أمريكي خاص لتعزيز حقوق الشواذ، وهو المنصب الذي ظل شاغرًا في ظل إدارة الرئيس الأمريكي الجمهوري دونالد ترامب، لكن مع وصول الديمقراطي بايدن للرئاسة قام بتعيين جيسيكا ستيرن في هذا المنصب.

هذا وتستغل واشنطن ورقة ما يسمى بـ”حقوق الشواذ جنسيًّا” في مناكفات سياسية مع القوى العالمية الأخرى، مدعية أن تلك القضية من مؤشرات الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، وهو ما جعلها تدخل مرارًا وتكرارًا في صدام وتراشق كلامي مع روسيا، التي أعلن رئيسها فلاديمير بوتين بعبارات واضحة لا تحتمل الشك أن موسكو لن تشرع زواج الشواذ جنسيا ما دام أنه يوجد في الكرملين، بل إنه تصدى للشذوذ بأدوات تشريعية، حيث وقع بوتين قانوناً في عام 2013 يحظر الدعاية للشذوذ بين الأطفال.

ولم تقتصر محاولات الغرب لتقنين وضع الشواذ جنسيًّا على تشريعات داخلية في بعض الدول الغربية، بل سعى إلى فرض هذا المفهوم على المجتمع الدولي بطرحه في إطار قرارات تصدر عن الأمم المتحدة، وهو ما حدث عند مناقشة مشروع القرار “تعزيز دور الأمم المتحدة في تشجيع إرساء الديمقراطية، وزيادة إجراء انتخابات دورية ونزيهة”،  الأمر الذي أثار ردود فعل قوية من جانب المملكة العربية السعودية تجسد في كلمة ألقاها المندوب الدائم للمملكة لدى الأمم المتحدة معالي السفير عبد الله المعلمي، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة والتي أعلن خلالها الرفض والتحفظ على البنود التي تستهدف فرض قيم ومفاهيم مختلف عليها دوليًا وإقرار التزامات فيما يتعلق “بالميول الجنسية والهوية الجنسية”، مشددًا على أنها فقرة دخيلة على سياق القرار وليس لها مكان منطقي فيه،  مؤكدًا على ثبات موقف السعودية تجاه مصطلحات الهوية والميول الجنسية غير المتفق عليها والتي تتعارض مع هويتها العربية الإسلامية التاريخية.

دور الإعلام الموجه للمنطقة العربية في دعم الشواذ

تلعب بعض وسائل الإعلام الغربية الموجه للمنطقة العربية دورًا واضحًا لا تخطئه العين في الترويج للشذوذ من خلال المحتوى الإعلامي القائم على تصوير الشواذ بأنهم ضحايا مضطهدون في المجتمع، وإفساح المجال لهم من أجل طرح وجهات نظرهم الفاسدة وأفكارهم المسمومة التي تبرر هذا السلوك بدوافع فسيولوجية، والادعاء بأنه لا تعارض بين شذوذهم وتدينهم. ويكشف المحتوى سواء المكتوب أو المرئي الخاص بقضايا الشذوذ تخلي تلك المؤسسات الإعلامية عن قواعد المهنية وانحيازها لجانب الشواذ جنسيًّا بشكل خاص، وتحريضها على الانحلال الأخلاقي، والتمرد على القيم والأخلاق السائدة في المجتمع بوجه عام.

وتأسيسًا على ما سبق، يمكن القول إن الترويج للشذوذ الجنسي أضحى ملفًا يحتل مرتبة متقدمة في أولويات الأجندة السياسية لعدد من الحكومات الغربية والمنظمات الدولية، والشيء نفسه بالنسبة لصناعة الأجندة الإعلامية الغربية، هذا فضلًا عن محاولات ترسيخ وجود الشواذ عبر الفن والدراما والرياضة، في مسعى خبيث لتطبيع الشذوذ ضمن مخطط يستهدف هدم الثوابت الدينية والقيم الأخلاقية كمدخل لهدم المجتمع، ولذلك يقع على عاتق الإعلام دور كبير في فضح تلك المخططات وكشف الاستراتيجيات التي يستخدمها داعمو الشواذ جنسيًّا والرد على ادعاءاتهم بالأدلة والبراهين الدينية والعلمية والمنطقية، حمايةً للمجتمع وحفاظًا على الأجيال الجديدة من تلك الهجمات الشرسة التي تسعى لتطبيع تلك السلوكيات الشاذة.

زر الذهاب إلى الأعلى