يعد الاستماع الاجتماعي واحدًا من أبرز المفاهيم والأدوات المرتبطة بالتسويق عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهو وثيق الصلة أيضًا بأنشطة مستخدمي تلك المنصات، لذلك تحرص كافة المؤسسات والشركات والعلامات التجارية على وضع استراتيجية للاستماع الاجتماعي، لما يوفره من بيانات ذات قيمة كبيرة تساعد في نمو نشاطها التجاري وتوسيع قاعدة عملائها.
ووفقًا لموقع مؤسسة “Hootsuite” للأبحاث التسويقية، يتفق ما يقرب من ثلثي المسوقين على أن الاستماع الاجتماعي قد ازداد في القيمة في العام الماضي.
ما هو الاستماع الاجتماعي؟
تسمح أدوات الاستماع عبر وسائل التواصل الاجتماعي ببناء فهم قوي لكيفية تفكير العملاء الحاليين والمحتملين من خلال تحليل ما يقولونه عبر منصات التواصل الاجتماعي، وتمكن أيضًا من معرفة رأي الجمهور في المنافسين، كما توفر نمطًا هامًا من أبحاث السوق في الوقت الفعلي.
وقد يبدو الاستماع الاجتماعي للوهلة الأولى مثل مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي، لكنّ المفهومين يختلفان في نواحٍ مهمة. فمراقبة وسائل التواصل الاجتماعي تتمحور حول جمع البيانات، إذ تسمح بإلقاء نظرة على ما حدث بالفعل باستخدام مقاييس مثل: الإشارة إلى العلامة التجارية، والهاشتاقات ذات الصلة، والإشارة إلى المنافس، واتجاهات الصناعة.
كما تعد مراقبة العلامة التجارية على وسائل التواصل الاجتماعي أمرًا مهمًا لجوانب مثل مراقبة عائد الاستثمار أو حملات “اختبار A/B” (اختبار لتحديد الاستراتيجية التي تحقق الأداء الأفضل وتحسين الحملات الإعلانية المستقبلية) وهي معلومات قيمة تساعد في إبراز أهمية التسويق الاجتماعي عندما يحين وقت تحديد الميزانية السنوية للشركة.
ونظرًا لكون الأرقام والبيانات لا تستطيع وحدها أن تروي القصة كاملة، تبرز أهمية الاستماع الاجتماعي الذي ينظر إلى ما وراء الأرقام أي الحالة المزاجية وراء تلك البيانات، ويسمى هذا “المزاج عبر الإنترنت” أيضًا بـ”مشاعر وسائل التواصل الاجتماعي – social media sentiment “.
ويعتبر تحليل المشاعر على المنصات الاجتماعية جزءًا أساسيًا من الاستماع إلى وسائل التواصل الاجتماعي لأنه يساعد على فهم شعور مستخدمي تلك المنصات تجاه الشركة ومنافسيها بدلاً من مجرد حساب عدد المرات التي يتم فيها ذكر اسم العلامة التجارية، هذا ويساعد إدراك التحولات في المشاعر الاجتماعية في الاستجابة فورًا للتغييرات غير المتوقعة.
وبعبارة أخرى، تعتبر المراقبة الاجتماعية في الأساس سجلًّا لما حدث بالفعل، في حين أن السمة المميزة للاستماع الاجتماعي أنه يتطلع إلى الأمام والخلف، حيث يتعلق الأمر بتحليل المعلومات التي يتم جمعها واستخدامها لتوجيه استراتيجية الشركة أو العلامة التجارية وإجراءاتها اليومية.
كيف يمكن لاستراتيجية الاستماع الاجتماعي أن تساعد المؤسسة في عملها؟
يوفر الاستماع الاجتماعي العديد من المزايا التي تسهم في تحسين ممارسة الشركة أو العلامة التجارية لمهمتها التسويقية، ومن أبرز تلك المزايا ما يلي:
فهم الجمهور والتفاعل معه: يساعد الاستماع عبر وسائل التواصل الاجتماعي على فهم أفضل لما يريده الجمهور من العلامة التجارية، فعلى سبيل المثال، قد تكتشف محادثة يبحث فيها الأشخاص عن حلول يمكن أن يوفرها منتجك أو خدمتك.
جمع معلومات عن الصناعة والمنافسين: الاستماع الاجتماعي هو أكثر من مجرد فهم ما يقوله الجمهور عن الشركة أو العلامة التجارية بل يمتد إلى معرفة ما يقولونه عن المنافسين وعن مجال عملك بشكل عام، فربما تكشف المحادثات التي تجدها عن فجوة في السوق يمكن أن تملأها. ويتيح اكتشاف الفرص والتهديدات الجديدة فور حدوثها التخطيط والاستجابة في الوقت الفعلي.
معلومات عن المنتجات: تكشف عملية الاستماع الاجتماعي للمحادثات حول الصناعة أيضًا عن الكثير من الأفكار بشأن ما ينجح وما لا ينجح مع العملاء الحاليين والمحتملين. وهذه المعلومات منجم ذهب لخدمة العملاء وتطوير المنتجات وفرق التسويق.
كما يتيح الاستماع الاجتماعي أيضًا التعرف على حالات الإحباط من منتجاتك الحالية ومنتجات منافسيك، وبحث ما إذا كان يمكنك إجراء تعديل للمساعدة في معالجة هذه المشاعر السلبية؟ وإذا قمت بذلك لا بد من إخبار الجمهور عبر حملة تسويقية مستهدفة.
تجنب الأزمات قبل حدوثها: يسمح الاستماع الاجتماعي بتتبع المشاعر في الوقت الفعلي، بحيث يمكن معرفة ما إذا كان هناك تغيير كبير في عدد الأشخاص الذين يتحدثون عن العلامة التجارية أو الحالة المزاجية وراء ما يقولونه على الفور. فالاستماع الاجتماعي بمثابة نظام إنذار مبكر ينبه إلى التغييرات الإيجابية والسلبية في كيفية فهم العلامة التجارية عبر الإنترنت.
ويساعد كذلك على معالجة كوارث العلاقات العامة قبل أن تخرج عن نطاق السيطرة. فإذا كانت المشاعر سلبية، فينبغي مراجعة التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي لمحاولة تحديد مصدر التغيير، وأثناء القيام بذلك يجب البحث عن الأساليب التي يمكن أن تمنع حدوث مشكلات مماثلة في المستقبل.
تحديد فرص التعاون: رصد المحادثات الاجتماعية حول مجال عملك يمنحك فكرة عن المبدعين وقادة الفكر المهمين في مجال نشاطك، وهؤلاء أشخاص من المهم التواصل معهم، لما قد يكون لهم من تأثير كبير على شعور الجمهور تجاه العلامة التجارية.
وسيساعدك الاستماع الاجتماعي في العثور على طرق لتصبح جزءًا من المجتمعات ذات الصلة عبر الإنترنت بشكل عضوي.
ما هي أبرز أدوات الاستماع الاجتماعي؟
تُسهل برامج وأدوات الاستماع الاجتماعي تنفيذ استراتيجية استماع اجتماعي فعالة، ومن أبرز تلك البرامج والأدوات:
برنامج Hootsuite
يعد واحدًا من أفضل أدوات الاستماع الاجتماعي المجانية المتوفرة، ويمكن استخدامه لمراقبة المحادثات والكلمات الرئيسية والإشارات والهاشتاقات ويتيح أيضًا الحفاظ على مراقبة المنافسين وبناء علاقات مع منشئي المحتوى على وسائل التواصل الاجتماعي (أي المؤثرين) والمدافعين المحتملين عن العلامة التجارية.
وتوفر أداة “Hootsuite Insights” بيانات من 16 مليار منشور اجتماعي جديد كل شهر، حيث يتم إضافة تلك البيانات في الوقت الفعلي، مما يساعد في العثور على اتجاهات وأنماط ذات مغزى من خلال مراقبة الكلمات الرئيسية والهاشتاقات، وفي مرحلة تالية يمكنك تصفية عمليات البحث حسب التاريخ والتركيبة السكانية والموقع للعثور على المحادثات الأكثر صلة بعلامتك التجارية.
أداة Adview
على عكس معظم منصات الاستماع الاجتماعية، يتم استخدام أداة Adview خصيصًا للاستماع الاجتماعي على إعلانات فيسبوك وإنستجرام. ويمكنك استخدامه لمراقبة ما يصل إلى ثلاثة حسابات على إعلانات فيسبوك عبر صفحات غير محدودة. وعند إضافة Adview إلى لوحة معلومات Hootsuite، يمكنك الرد على التعليقات الموجودة على جميع إعلانات فيسبوك وإنستجرام في مكان واحد.
أداة Talkwalker
يوفر Talkwalker ميزات استماع اجتماعية قوية تعمل على تحليل المدونات والمنتديات ومقاطع الفيديو والمواقع الإخبارية ومواقع المراجعة والشبكات الاجتماعية، كل ذلك في لوحة تحكم واحدة. ويستمد البيانات من أكثر من 150 مليون مصدر، ولذلك من خلاله ستكون قادرًا على مراقبة المحادثات حول علامتك التجارية والتعرف على المشاعر الكامنة وما وراءها.
أداة Synthesio
تتتبع Synthesio المحادثات حول مواضيع محددة للغاية بين جماهير مقسمة بعناية، إذ تسمح لك بتقسيم بيانات الاستماع الاجتماعي الخاصة بك حسب اللغة والموقع والتركيبة السكانية والمشاعر وغيرها.
أداة Mentionlytics
أداة لمراقبة الوسائط الاجتماعية تقوم بتمشيط المنصات الاجتماعية، جنبًا إلى جنب مع المدونات والمواقع الإخبارية، وهي تتتبع الإشارات والكلمات الرئيسية والمشاعر عبر لغات متعددة.
نصائح حول الاستماع الاجتماعي
توجد ثمة مجموعة من النصائح الواجب مراعاتها عند وضع استراتيجية للاستماع الاجتماعي واستخدام أدوات الاستماع، تتمثل فيما يلي:
استمع للكلمات والمواضيع الصحيحة
يتمحور الاستماع الاجتماعي الجيد حول اختيار الكلمات الرئيسية الأكثر صلة بعلامتك التجارية، ومن المحتمل أن تتطور الكلمات الرئيسية والموضوعات التي تراقبها بمرور الوقت، لذلك من خلال أدوات الاستماع الاجتماعي، ستتعلم أنواع الكلمات التي يميل الجمهور إلى استخدامها عندما يتحدثون عن عملك ومجال عملك وستبدأ أيضًا في التعرف على الإحصاءات الأكثر إفادة بالنسبة لك.
وتجدر الإشارة هنا إلى قائمة بالكلمات الرئيسية والموضوعات المهمة التي يجب مراقبتها منذ البداية:
- اسم علامتك التجارية
- اسم المنتج الخاص بك
- أسماء منتجات منافسيك
- الكلمات الرنانة في الصناعة
- شعارك وشعار منافسيك
- أسماء الأشخاص الرئيسيين في شركتك والشركات المنافسة (الرئيس التنفيذي، المتحدث الرسمي، إلخ).
- أسماء الحملات.
- الهاشتاقات ذات الصلة بعلامتك التجارية وتلك الخاصة بمنافسيك.
ويجب عليك أيضًا مراقبة الأخطاء الإملائية والاختصارات الشائعة لكل ما سبق.
الاستماع في الأماكن الصحيحة
جزء من معرفة ما يقوله الجمهور عن العلامة التجارية هو التعرف على مكان إجراء محادثاتهم، وهذا يعني إنشاء شبكة واسعة لاستراتيجية الاستماع الاجتماعي الخاصة بالعلامة التجارية.
ومن المحتمل أن تكون المحادثات حول علامتك التجارية أو صناعتك على “لينكدإن” مختلفة كثيرًا عما هي عليه على تويتر أو إنستجرام أو فيسبوك، وقد تجد أن الناس يتحدثون عنها طوال الوقت على تويتر، ولا يتحدثون عنها عبر فيسبوك على الإطلاق، لذلك يجب أن تعرف أين يتحدث الجمهور عنك وعن مجال عملك وكيف تختلف هذه المحادثات عبر الشبكات، إذ سيوجه هذا استراتيجيتك للانضمام إلى المحادثة من خلال المشاركة العضوية والإعلانات المدفوعة.
تضييق نطاق البحث
بمجرد القيام بتحديد المصطلحات والشبكات المهمة بالنسبة لعلامتك التجارية لمراقبتها، استخدم تقنيات بحث أكثر تقدمًا لتصفية نتائجك. فعلى سبيل المثال، اعتمادًا على السوق الخاصة بك، قد ترغب في الحد من جهود الاستماع الاجتماعي حسب المنطقة الجغرافية.
التعلم من المنافسة
لا تنسخ استراتيجية شخص آخر، ولكن يمكنك دائمًا تعلم شيء ما من خلال الاستماع عن كثب إلى منافسيك وما يقوله الآخرون عنهم عبر الإنترنت، إذ يمكن أن يمنحك الاستماع الاجتماعي إحساسًا بما يفعلونه بشكل صحيح وما يحبه الناس منهم. ولكن الأهم من ذلك أن ترى أين أخطؤوا وكيف يواجهون الانتقادات في الصحافة أو على وسائل التواصل الاجتماعي.
تشارك ما تعلمته
يوفر الاستماع الاجتماعي مجموعة كبيرة من المعلومات المفيدة لشركتك بأكملها. فربما تكون هذه المعلومات مفيدة لمنتج جديد أو لتوفير ميزة جديدة لمنتجك الحالي. كما يمكن أن تستفيد فرق خدمة العملاء وتسويق المحتوى وتطوير المنتجات مما تتعلمه من الاستماع الاجتماعي، لذلك احرص على توصيل تلك الدروس، واطلب مداخلات من تلك الفرق أيضًا، فقد تكون لديهم أسئلة محددة يمكنك الإجابة عنها عن طريق تعديل إعدادات الاستماع الاجتماعي أيضًا.
التأهب للتغييرات
عندما تبدأ في جمع المعلومات الاجتماعية، ستنمي إحساسًا بالمحادثات المنتظمة والمشاعر حول علامتك التجارية. فبمجرد أن تعرف عدد الأشخاص الذين يتحدثون عنك بشكل منتظم، ومستوى المشاعر العام بشكل عام، ستتمكن من تلمس التغيير حال حدوثه.
ويمكن أن تُؤشر التغييرات الرئيسية في المشاركة أو المشاعر إلى أن التصور العام لعلامتك التجارية قد تغير، وفي تلك الحالة تصبح بحاجة إلى فهم السبب حتى تتمكن من تكييف استراتيجيتك بشكل مناسب، فقد يعني ذلك ركوب موجة إيجابية أو تصحيح خطأ ما للعودة إلى المسار الصحيح.
وتأسيسًا على ما سبق، يمكن القول إن الاستماع الاجتماعي بات تقنية لا غنى عنها في أي استراتيجية تسويقية، فهو يمنحك فرصًا للتفاعل مع العملاء بشأن علامتك التجارية، ويتيح تصحيح الأمور قبل أن تسوء في حال حدوث أي إشكالية.