يسعى مديرو وسائل التواصل الاجتماعي على مستوى العالم حاليًا إلى استكشاف اتجاهات وسائل التواصل الاجتماعي التي ستغير اللعبة في العام المقبل 2022، إذ تلوح في الأفق أسئلة عديدة من أبرزها هل سيتفوق تطبيق تيك توك على إنستغرام؟ هل تكون “المشاركة العضوية-organic engagement” أفضل؟ هل من الضروري استضافة محادثة صوتية حية مرة واحدة في الأسبوع؟
وفي حين تحتاج الإجابة عن تلك الأسئلة إلى عمل شاق في ظل صناعة تتحول بشكل سريع للغاية، سعت مؤسسة “Hootsuite”لأبحاث التسويق إلى تقديم إجابات من خلال التقرير العالمي للاتجاهات الاجتماعية لعام 2022، إلى جانب بيانات من استطلاع أجرته على أكثر من 18 ألف مسوق، تمكنت من خلاله إلى التوصل لاتجاهات وسائل التواصل الاجتماعي التي ستكون سائدة خلال العام المقبل، وهو ما نستعرضه على النحو التالي:
“تيك توك” سيصبح أهم شبكة اجتماعية للتسويق
خلال السنوات القليلة الماضية، احتل تطبيق إنستغرام المرتبة الأولى لدى معظم المسوقين الاجتماعيين، فكان ينمو بشكل أسرع ويوفر أعلى عوائد استثمار، لكن هذا الوضع يتغير الآن بعدما كسر تطبيق “تيك توك” حاجز المليار مستخدم في سبتمبر 2021 بعدما كان في يناير لديه 689 مليون مستخدم فقط، أي أنه سجل زيادة بنسبة 45% في أقل من عام.
وعلى مدار العام الماضي، سجلت معدلات البحث عن “تيك توك” زيادة بنسبة 173% في حين نما البحث عن “Instagram Reels” بنسبة 22% فقط وانخفض بنسبة 33% لـ ” Instagram Stories”. ولكن على الرغم من النمو السريع لـ”تيك توك”، فإن معظم الشركات مترددة في الاستثمار في الشبكة، إذ يرى 35% فقط من المسوقين المشاركين في استطلاع “Hootsuite” أنهم يخططون لزيادة استثماراتهم في تيك توك في العام المقبل، فيما تستمر معظم الشركات في وضع رهانات كبيرة على شبكات موثوقة مثل إنستغرام وفيسبوك.
ولكن عندما سئلوا عن المنصات الاجتماعية التي اعتبروها أكثر فاعلية للوصول إلى أهداف أعمالهم قال 24% إنها “تيك توك” بزيادة بلغت 700% عن عام 2020 حيث كانت النسبة 3% فقط، وبالفعل قدمت “تيك توك” العديد من أدوات العمل المفيدة خلال عامي 2020 و2021، مثل ملفات تعريف الأعمال والإعلانات وسوق المبدعين، وقد يكون هذا هو السبب الذي يجعل الشركات أكثر تفاؤلاً حيال التطبيق، لذلك من الضروري أن تبادر العلامات التجارية إلى إنشاء حسابات على “تيك توك” واستكشاف إمكانيات ومزايا المنصة، ورسم خطوط أساسية لاستراتيجية التسويق الخاصة بها على “تيك توك”.
إنفاق مبالغ كبيرة على الإعلانات على الشبكات الاجتماعية الأصغر
تُظهر دراسات جديدة أن المستهلكين قد يكونون أكثر تقبلًا للإعلان على المنصات الاجتماعية الأصغر مثل “تيك توك” وسناب شات وبنترست عن المنصات الأكبر مثل فيسبوك وتويتر وإنستغرام، إذ وجدت دراسة أجرتها شركة “Kantar” لبحوث الرأي العام بتكليف من “تيك توك” أن المستهلكين صنفوا إعلانات “تيك توك” على أنها أكثر إلهامًا وإمتاعًا من الإعلانات على المنصات الأخرى.
كما وجدت دراسة لمؤسسة “نيلسون– Nielson” بتكليف من “سناب شات” أن الإعلانات على “سناب شات” لها مدى وصول أكبر من الإعلانات التلفزيونية، كما أنها أدت إلى زيادة الوعي ونية الشراء. وأظهرت دراسة لـ”Pinterest Business” أن الإعلانات على منصة بنترست لها عائد استثمار أعلى ومعدلات تحويل أرخص من الإعلانات على الشبكات الاجتماعية الأخرى.
ومن اللافت أن الشبكات الاجتماعية الأصغر ليست مشبعة بالإعلانات مثل فيسبوك وإنستغرام، لذلك قد يعاني المستخدمون بدرجة أقل من إجهاد الإعلانات. والأهم من ذلك أن “تيك توك” و”سناب شات” وبنترست يشجعون جميعًا المعلنين على جعل إعلاناتهم تتلاءم مع المحتوى الذي ينشره المستخدمون العاديون بالفعل، والنتيجة تكون إعلانات أكثر إمتاعًا وأقل إزعاجًا، بجانب زيادة المشاعر الإيجابية تجاه الشركات.
رغبة المتسوقين في شراء المنتجات مباشرة على وسائل التواصل الاجتماعي
أدت ظروف انتشار وباء كورونا إلى زيادة استهلاك وسائل التواصل الاجتماعي جنبًا إلى جنب مع البقاء في المنزل مما خلق ظروفًا مثالية لانطلاق “التسوق الاجتماعي- Social Shopping ” (منهجية للتجارة الإلكترونية يتم فيها مشاركة تجربة التسوق مع شبكة اجتماعية من الأصدقاء وجهات الاتصال).
ويتوقع موقع “eMarketer” المهتمّ بالتسوّق الإلكتروني، أن تصل قيمة التجارة الاجتماعية إلى 80 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2025، لتتماشى مع نمو التجارة الإلكترونية الهائل، حيث سجلت نسبة زيادة 18%، علما بأن 81% من المتسوقين كانوا يستخدمون بالفعل وسائل التواصل الاجتماعي لاكتشاف العلامات التجارية الجديدة والبحث عن المنتجات قبل انتشار الوباء.
وتمتلك معظم الشبكات الاجتماعية الآن حلول تسوق داخل تطبيقاتها بما في ذلك الفيديو المباشر، وتعمل على توفير ميزات جديدة لتلبية الطلب المتزايد، فعلى سبيل المثال أضاف إنستغرام علامة تبويب “المتجر-“Shop إلى صفحة الاستكشاف في عام 2020.
وعلى الرغم من أنه من المستبعد أن تحل التجارة الاجتماعية محل التجارة الإلكترونية قريبًا، ولكن لا يجب أن تصمم أي شركة تجربة بيع بالتجزئة دون التفكير في ذلك، فإذا كانت تبيع منتجات لأشخاص فلا بد من إعداد خاصية “متجر فيسبوك- Facebook Shop” أو “متجر إنستغرام- Instagram Shop”، حيث يتسم تصميم هذه المتاجر بمرونة، لذا من المهم أن تكون تجربة العملاء مع العلامة التجارية سلسة بصريًا قدر الإمكان.
غياب الرغبة في التواصل مع العلامة التجارية عبر الهاتف
في ظل عمليات الإغلاق وتوقف سلاسل التوريد العالمية ونقص العمالة، كان لدى المستهلكين أسئلة أكثر إلحاحًا للشركات عن أي وقت مضى. وقد اكتشفوا أن بإمكانهم الحصول على إجابات لهذه الأسئلة بسهولة أكبر باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
وحسب استطلاع أجرته شركة “Nielsen” بتكليف من فيسبوك، قال 64% من المشاركين في الاستطلاع إنهم يفضلون إرسال الرسائل بدلًا من الاتصال بشركة ما. ووفقًا لشركة “Gartner” للأبحاث والاستشارات التكنولوجية، ستتم إدارة 60% من جميع طلبات خدمة العملاء عبر القنوات الرقمية بحلول عام 2023.
وعلى الرغم من ارتفاع الطلب، فإن العديد من المؤسسات ليست مستعدة لتقديم دعم فعال للعملاء عبر وسائل التواصل الاجتماعي حتى الآن. ويُظهر استطلاع رعاية العملاء لعام 2022 الذي أجرته “Hootsuite” أن 71% من المؤسسات إما أنها لم تبدأ الاستثمار في خدمة العملاء الاجتماعية حتى الآن، أو أنها لا تخطط للاستثمار فيها على الإطلاق، لكن بيانات أحدث استطلاع لاتجاهات وسائل التواصل الاجتماعي تشير إلى تغير هذا الموقف حيث اعتبر 59% من المشاركين في الاستطلاع أن “خدمة العملاء الاجتماعية- social customer care ” قد زادت من حيث القيمة لمؤسستهم.
ولذلك لا بد من البدء في التفكير في استراتيجية لخدمة العملاء عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وإنشاء قوالب استجابة خاصة بالشبكة للتفاعل مع الأسئلة المتداولة، بجانب محاولة استخدام “chatbot” لتحسين وقت الاستجابة، فضلًا عن تدريب فريق التسويق الاجتماعي الخاص بالشركة أو العلامة التجارية على أفضل ممارسات دعم العملاء، بل إن من الأفضل تعيين مسؤولي خدمة عملاء مخصصين لحسابات الشركة على منصات التواصل الاجتماعي.
الفيديو الطويل مضيعة للوقت
حسب موقع “Vidyard” المتطور لاستضافة الفيديو للشركات الكبيرة والمهنيين، فإن 60% من جميع مقاطع الفيديو المنشورة على الإنترنت في عام 2020 كانت مدتها أقل من دقيقتين وهو ما يضع مدة الفيديوهات في وضعها الصحيح، فقبل عامين وتحديدًا مع ظهور IGTV (منصة إنستغرام الجديدة التي تركز حصريًا على مقاطع الفيديو) وخاصية “Facebook Watch”، كانت هناك لحظة ساد فيها الاعتقاد بأن الفيديو الطويل هو المستقبل.
ويرى ما يقرب من 40% من المسوقين المشاركين في استطلاع “Hootsuite” أنهم يستخدمون الفيديو القصير لبيع المنتجات وتسويق الخدمات.
وتوجد ثمة توصيات فيما يتعلق بتوظيف مقاطع الفيديو، تتمثل فيما يلي:
- إذا كان الهدف هو الوصول إلى متابعين جدد، فيتم تجربة مقاطع فيديو على “تيك توك”.
- إذا كان الهدف هو إعادة إشراك جمهور إنستغرام الحالي لدى الشركة أو العلامة التجارية، فيتم تجربة ميزة Reels التي تتيح للمستخدمين إنشاء مقاطع فيديو قصيرة على التطبيق.
- إذا نجحت في استخدام مقاطع الفيديو القصيرة على منصة واحدة، فلا بد من تجربتها على منصات أخرى مع ملاحظة النتائج.
الاستعانة بمنشئ المحتوى
أصبح من الشائع الآن بالنسبة للأشخاص العاديين استثمار هواياتهم أو إيجاد مصدر دخل ثانٍ أو العثور على عمل مستقل من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، ومن المرجح أن يبلغ عدد منشئي المحتوى على شبكات التواصل الاجتماعي 50 مليون شخص في عام 2021، وتشير التقديرات إلى أن الشركات حول العالم ستنفق 15 مليار دولار على التسويق المؤثر بحلول عام 2022 وفي الولايات المتحدة وحدها من المتوقع أن تلجأ 72.5% من الجهات التسويقية إلى التسويق عبر المؤثرين.
وتعمل شبكات التواصل الاجتماعي على دفع هذه الطفرة والاستجابة لها من خلال إضافة العديد من أدوات تحقيق الدخل الأصلية الجديدة، مثل: سوق منشئي المحتوى في “تيك توك”، إعلانات المحتوى المرتبط بعلامة تجارية على إنستجرام، والمتابعات الفائقة المدفوعة على تويتر، فكل هذه الأدوات مصممة لكي تدر عوائد مالية لمنشئي المحتوى.
ويمكن القول إنه مهما كان نشاط الشركة أو العلامة التجارية فهناك منشئو محتوى لديهم قاعدة معجبين في انتظار الشراكة معها، وسيقومون بعمل أفضل في إنشاء علاقات أصيلة وطويلة الأمد مع العملاء، لذلك لا بد من تحديد الجمهور الذي تريد الشركة أو العلامة التجارية الوصول إليه والمنصة التي يستخدمها، ومن ثم تصفح أسواق منشئي المحتوى لإنشاء قائمة مختصرة بالأشخاص الذين لديهم نفوذ مع هذا الجمهور، مع وضع ميزانية للاستعانة بخدماتهم.
تطوير استراتيجية صوتية اجتماعية
أدت الشعبية الكبيرة التي حظي بها تطبيق “كلوب هاوس” منذ إطلاقه في أبريل 2020، وتناميها في أوائل عام 2021، إلى قيام تويتر بإطلاق خدمة صوتية اجتماعية وهي “Spaces”، لذلك بحثت العديد من فرق التسويق الاجتماعي في ما إذا كان هذا التطور يستحق الاستثمار في استراتيجية صوتية اجتماعية. وكما يُظهر استطلاع اتجاهات وسائل التواصل الاجتماعي لعام 2022 يبدو أن غالبية الشركات تعتقد أن الأمر يستحق ذلك، فالشركات المتوسطة وكبيرة الحجم تخطط للاستثمار في “الصوت الاجتماعي- social audio”، بالإضافة إلى الشركات التي كانت بالفعل واثقة جدًا من وجود عائد من هذا الاستثمار، فهو يوفر فرصة كبيرة لبناء الثقة في العلامة التجارية والتواصل مباشرة مع العملاء المحتملين. ولكن يبقى القول إن الصوت الاجتماعي ليس نمطًا لتسويق المحتوى بتكلفة زهيدة، لذلك ستكون الشركات الصغيرة أبطأ في تبنيه.
وتأسيسًا على ما سبق، يمكن القول إن معرفة اتجاهات وسائل التواصل الاجتماعي محدد رئيسي لصياغة الاستراتيجيات التسويقية للشركات والعلامات التجارية، والتي ستشهد خلال العام المقبل مزيدًا من التوجه نحو العملاء عبر تلك المنصات التي وفرت أدوات ومتاجر تسهل من عملية البيع للمنتجات وتسويق الخدمات.