في مؤشر واضح على سوء إدارة الملف الاقتصادي في تركيا، كشفت القائمة التي أعلنها صندوق النقد الدولي لأكبر 20 اقتصادًا في العالم عن خروج تركيا من القائمة.
وكعادته، قابل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هذه الانتكاسة الجديدة بسلسلة إقالات لمسؤولين في البنك المركزي التركي، في محاولة متكررة منه للتنصل من المسؤولية الناتجة عن سياساته الفردية والعشوائية وتدخلاته في السياسة المصرفية، والتي أدت إلى التدهور الاقتصادي، وهبوط الليرة التركية لأدنى مستوى لها في التاريخ مقابل الدولار، وارتفاع معدلات التضخم، وهروب الاستثمارات الأجنبية من البلاد.
وبهذه المناسبة، تفاعل المستخدمون السعوديون بكثافة على هاشتاق (#تركيا_تخرج_من_G20)، حيث وصل حجم النشاط على الهاشتاق خلال ست ساعات إلى ما يلي:
• قام المستخدمون بالتغريد على الهاشتاق بـ (2153) تغريدة.
• بلغ عدد مرات الوصول إلى الهاشتاق (4.185.199) مرة.
• بلغ عدد مرات الظهور (6.304.384) مرة.
تحليل التفاعلات
ومن أجل التعرف على طبيعة تفاعلات المستخدمين السعوديين على الهاشتاق، قام مركز القرار للدراسات الإعلامية برصد عينة عشوائية منها بلغ قوامها (100) تغريدة؛ وبإخضاعها للتحليل بشقيه الكمي والكيفي توصلت النتائج إلى ما يلي:
أولاً: الاتجاه
اتسمت الغالبية العظمى من التغريدات المتفاعلة على الهاشتاق بأنها حملت لغة نكاية في سياسات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظامه الحاكم الذي اتبع نهجًا عدائيًا ضد بعض الدول العربية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، وسعى بكل السبل للنيل منها وتشويه صورتها والتحريض ضدها والمزايدة على مواقفها العربية والإسلامية، مع تقديم نفسه بصورة مزعومة على أنه البديل المثالي لقيادة العالم الإسلامي.
وفي الوقت ذاته، حرصت هذه الفئة من التفاعلات على التأكيد على مشاعر الصداقة والمودة التي تكنها للشعب التركي.
بينما جاءت نسبة ضئيلة لا تتجاوز 5% فقط من التغريدات مدافعة عن الرئيس التركي، مرددة المزاعم والادعاءات التي يتبناها الخطاب الإخواني بأن أردوغان هو المدافع الأول عن المستضعفين في العالم الإسلامي، وأنه قائد الأمة الإسلامية، على حد زعمهم.
ثانياً: شخصية المغرد
تضمنت التفاعلات مختلف فئات الشعب السعودي، حيث حصل المواطنون على نسبة 82%، مقابل 18% للشخصيات العامة والتي تنوعت ما بين إعلاميين وكُتّاب وصحفيين وسياسيين، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر:
منذر آل الشيخ مبارك
عبد اللطيف بن عبد الله آل الشيخ
سلمان الشريدة
عناد العتيبي
زايد محمد العمري
ثامر الفرشوطي
عبد الله آل الذيب
فهد ديباجي
عمر عبد الوهاب العيسى
صلاح الغيدان
خلف الدوسري
وتُوضح هذه النتيجة أن الاتجاه الرافض لسياسات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يعكس الرأي العام الشعبي والنخبوي.
طبيعة التناول
جاء في المرتبة الأولى التفاعلات التي استعرضت أسباب التدهور الاقتصادي الحاصل في تركيا والذي أدى إلى خروجها من قائمة أكبر 20 اقتصادًا في العالم، وقد تمحورت هذه الأسباب حول ما يلي:
تدخلات أردوغان في السياسات المصرفية والمالية.
اتخاذ الرئيس التركي للقرارات بشكل منفرد.
اتباع الرئيس أردوغان سياسات عدائية ضد العديد من الدول مما أفقد تركيا حلفاءها.
احتضان تركيا لجماعة الإخوان المسلمين والذي أدى إلى تدهور علاقاتها مع العديد من الدول العربية.
التوجهات التوسعية لأردوغان وتدخله في الشؤون الداخلية لبعض الدول وقيامه بعمليات عسكرية ضد عدد منها، الأمر الذي أدى إلى إهدار ثروات البلاد لتحقيق أحلام شخصية.
الحملة الشعبية السعودية لمقاطعة المنتجات التركية كانت لها أكبر الأثر في الاقتصاد التركي.
وفي المرتبة الثانية جاءت التفاعلات التي تناولت وصف الحدث، وفيها ركز المستخدمون السعوديون على تداول خبر خروج تركيا من قائمة دول العشرين وتدهور وضعها الاقتصادي وتراجع قيمة الليرة، كما حرصوا على تفنيد بعض الادعاءات التي يُروج لها الحزب الحاكم في تركيا بقيادة أردوغان ويرددها أنصار جماعة الإخوان من أجل تحسين وتجميل صورة تيار الإسلام السياسي وإظهار تركيا بشكل زائف كدولة متفوقة على العرب.
وفي هذا الصدد، أكد المغردون على أن دخول تركيا إلى مجموعة العشرين كان قبل وصول حزب أردوغان للحكم، أما الخروج فكان على يد حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان.
كما قارن المغردون بين الوضع الاقتصادي السعودي والتركي، وذلك كرد فعل عملي – سواء من خلال الواقع على الأرض في البلدين أو المؤشرات الاقتصادية الصادرة عن المنظمات الدولية – على ادعاءات أردوغان وهجومه الدائم على سياسات المملكة.
الأطروحات المركزية
ظهرت العديد من الأطروحات المركزية في تفاعلات المستخدمين السعوديين على هاشتاق (#تركيا_تخرج_من_G20) والتي تعكس نظرتهم لخروج تركيا من قائمة دول العشرين، وتمحورت أهم الأطروحات حول ما يلي:
1- الخروج من قائمة العشرين يُعد انتكاسة جديدة لأردوغان وحزبه: حيث أكد المستخدمون أن هذا الخروج هو ضربة موجعة للرئيس التركي وحزبه العدالة والتنمية الحالم باستعادة الخلافة العثمانية والسيطرة على المنطقة، مؤكدين أن التدهور الاقتصادي الذي تُعاني منه أنقرة والشعب التركي يأتي نتيجة تخبط السياسات الأردوغانية وأحلامه الشخصية ومغامراته الاستعمارية الخارجية، والتي ولّدت حالة من التوتر والصدام مع العديد من الدول الرئيسة في المنطقة وعلى رأسها المملكة العربية السعودية.
2- قسوة الرد الشعبي السعودي على سياسات أردوغان: وفي هذا الطرح ركز المغردون على الأثر البالغ الذي أحدثه القرار الشعبي السعودي بمقاطعة المنتجات التركية كرد فعل على تطاول أردوغان على المملكة وقياداتها، معتبرين أنه أفقد الاقتصاد التركي الكثير من مصادر قوته، وكان من آثاره خروج أنقرة من قائمة أكبر 20 اقتصادًا في العالم.
وقد حمل خطاب هذه الفئة من التفاعلات رسالة شديدة اللهجة بأن المملكة قيادةً وشعبًا خط أحمر لا يمكن تجاوزه أو التهاون معه.
3- انهيار المشروع الإخواني: ركزت تفاعلات هذه الفئة على أن هذا الخروج يُعد حلقة جديدة من سلسلة الإخفاقات لتيار الإسلام السياسي ومشروع الإخوان المسلمين في المنطقة.
4- ازدواجية التناول: وفي هذا الطرح قام المستخدمون السعوديون بكشف وإبراز تجاهل وسائل الإعلام الناطقة بلسان جماعة الإخوان المسلمين لهذا الموضوع، خاصة وأنها كانت الداعم الأكبر لأردوغان والمروج الأساسي لقيادته وإظهار تركيا الأردوغانية على أنها النموذج الأنجح في المنطقة اقتصادياً وسياسياً.
5- التبرير الإخواني للفشل التركي: كالعادة سعى أنصار جماعة الإخوان المسلمين إلى التقليل أو تجاهل الفشل التركي، فبعضهم حاول الالتفاف على الموضوع الأصلي لتشتيت الانتباه، والبعض الآخر لجأ إلى التضليل واعتبار أن ما يحدث لأردوغان هو بمثابة مؤامرة دولية نتيجة سياساته الداعمة للإسلام والمسلمين، ومواقفه القوية لنصرة المضطهدين والمظلومين، على حد تلك الرؤية المزعومة.
ختاماً.. ركزت تفاعلات المستخدمين السعوديين على هاشتاق (#تركيا_تخرج_من_G20) على تفنيد الادعاءات الإخوانية التي لطالما روّجت لتركيا الأردوغانية على أنها النموذج الأنجح في المنطقة والذي يستحق قيادة العالم الإسلامي، فحمل خطابها لغة عقابية ضد الرئيس التركي الذي سبق له وتطاول على المملكة والدول المتحالفة معها، واتخذ سياسات عدائية ضدها بهدف تحقيق حلمه الشخصي في السيطرة واستعادة الخلافة العثمانية.
وكان من اللافت في التفاعلات تفرقتها بين النظام التركي الحاكم والشعب التركي الذي اعتبرته صديقًا تُكن له كل التقدير والاحترام.
وإجمالاً، فقد اعتبرت غالبية التفاعلات أن خروج تركيا من قائمة دول العشرين يُعد بمثابة حلقة جديدة من سلسلة الفشل والإخفاقات للمشروع الإخواني في المنطقة، الذي ما زال يكابر رغم حالة الرفض الشعبي والنخبوي والرسمي له.