أصبح استخدام منصات الوسائط الاجتماعية لتسويق الأعمال ممارسة شائعة للغاية في العصر الحديث، وسواء كنت مسوِّقًا متمرِّسًا على وسائل التواصل الاجتماعي، أو مسوِّقًا يتطلع إلى المغامرة في التسويق عبر تلك المنصات، أو صاحب عمل يتطلع إلى الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي، فمن الأهمية بمكان معرفة أكثر تلك المواقع شهرة، حيث يتيح ذلك زيادة وصول علامتك التجارية إلى أفضل هذه الوسائل، والتفاعل مع الأشخاص المناسبين، وتحقيق أهداف الحسابات الخاصة بمؤسستك على المنصات الاجتماعية.
وبالطبع فإن هذا الأمر لا يتعلق فقط بحجم مواقع التواصل الاجتماعي، بل يتعلق أيضًا بسلسلة من المحددات التي تعبِّر عنها التساؤلات التالية:
هل الموقع مناسب لك ولعملك؟، هل يناسب صورة علامتك التجارية؟، هل جمهورك المستهدف يستخدم هذه المنصة؟، كم عدد مواقع التواصل الاجتماعي التي يمكنك إدارتها في وقت واحد؟
محددات استخدام منصات التواصل الاجتماعي في التسويق
تؤكد إحصاءات ومسوحات السوق أهمية استخدام الشركات للتسويق عبر الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي، لتوفير آفاق أكبر لنمو الأعمال وتسهيل الوصول إلى العملاء.
ويشير استطلاع لشركة “BrightLocal” للتسويق إلى أن 69% من الأشخاص يبحثون عن نشاط تجاري محلي عبر الإنترنت مرة واحدة على الأقل شهريًّا، ممَّا يعني أن هناك إمكانية للعثور على النشاط التجاري عندما يتم البحث عنه على الإنترنت.
كما أن الأعمال التجارية التي تحظى بوجود على الإنترنت يكون أمامها آفاق للنمو، وهو ما يؤكده استطلاع أجرته شركة “Insureon“ شمل أكثر من 2400 شخص من أصحاب الأعمال قالوا إن أنشطتهم تحقق نموًّا كبيرًا عبر الإنترنت.
ووفقًا لتقرير أصدرته شركة “Constant Contact” للتسويق الرقمي، فإنه بمجرد تفكير الشركة أو صاحب النشاط التجاري في البدء باستخدام أساليب التسويق عبر الإنترنت، يجد الكثير من الأدوات، ونصائح الخبراء التي لا تنتهي، بل والعديد من الأساطير التسويقية التي تقدم باعتبارها حقائقَ مسلَّمًا بها، أمَّا إذا كان صاحب النشاط التجاري يقوم بالفعل بجهود للتسويق عبر الإنترنت، فقد يشعر بالإحباط ويجد أن الأمر ليس بالسهولة التي يدَّعيها الكثيرون.
ويتطلب المُضيُّ قُدمًا في وضع استراتيجية للتسويق في الفضاء الرقمي ضرورةَ فهم لكيفية ظهور العلامة التجارية أو النشاط التجاري للجمهور على الإنترنت، إذ يلجا ملايين الأشخاص إلى محركات البحث، مثل جوجل، للحصول على مزيد من المعلومات حول الأنشطة التجارية التي يبحثون عنها، فعندما يبحث شخص ما عن نشاط تجاري بالاسم يظهر له ما يلي: الإعلانات المدفوعة، ونتائج البحث المجانية (غير المدفوعة)، وحسابات وسائل التواصل الاجتماعي، والمراجعات حول المنتج أو الخدمة المقدمة، فضلًا عن معلومات من مواقع أخرى.
وتعد مواقع التواصل الاجتماعي أداة فاعلة للغاية في عملية التسويق الرقمي، إلا أن استخدامها يتصل بمجموعة من الضوابط والمحددات، من أهمها ما يلي:
– اختيار صاحب النشاط أو الشركة للمنصة التي تلائم طبيعة النشاط والجمهور المستهدف، لذلك ليس من الضروري أن يكون لدى الشركة حسابات على كل منصات التواصل الاجتماعي.
– كما تعتبر الموارد المخصصة لإدارة الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي محدِّدًا مهمًّا لاستخدام هذه المنصات في التسويق عبر الإنترنت، فصحيح أن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي مجانيٌّ، لكن على العكس ممَّا يظن البعض فإن التسويق من خلالها ليس مجانيًّا، فاستراتيجية التسويق الرقمي القوية تتطلب توفير موارد مالية لاجتذاب أشخاص تمتلك طاقة ذهنية وإبداعية لإدارة الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي.
وكلما قامت الشركة أو المؤسسة بالاستثمار في تلك الطاقات والأدوات، زادت الفوائد التي تجنيها، إذ يؤدي النشر بواسطة الأشخاص وليس البرامج الآلية، فضلًا عن الاستثمار بشكل أكبر في الإعلانات عبر وسائل التواصل الاجتماعي إلى توسيع نطاق الجمهور الذي يتعرض للعلامة التجارية، وبالتالي تتمكن الشركة من الوصول إلى الجمهور المستهدف بشكل أسرع.
– وتعد ملاءمة المحتوى المنشور مع طبيعة المنصة أيضًا متطلَّبًا أساسيًّا لنجاح الاستراتيجية التسويقية.
“فيسبوك” و”تويتر” أسهل المنصات استخدامًا للأغراض التجارية
وفي هذا الإطار، قدمت شركة “Constant Contact” للتسويق الرقمي، قائمة تضم أفضل خمس منصات تواصل اجتماعي يمكنك استخدامها لأغراض تجارية في عام 2021، وأبرز مفاجأة في تلك القائمة كانت وجود موقع “بنترست Pinterest”، بينما خلت من مواقع أخرى مثل “يوتيوب-YouTube” و”تيك توك-TikTok”، ممَّا يعني أن موقع “بنترست” قد تمكن بالفعل من تحقيق قدر كبير من التقدم في مجال التسويق، لا سيما أن استخدامه كان ينطوي على تعقيدات، إذ يتطلب قدرًا كبيرًا من المهارة والكفاءة.
وشملت القائمة أيضًا موقعي “إنستغرام- Instagram” و”لينكد إن-LinkedIn”، حيث يتطلب “إنستغرام” مستوى يتراوح ما بين عال ومتوسط من المهارة، أمَّا “لينكد إن” فيتطلب مستوى متوسطًا من المهارة، بينما تمكن موقع فيسبوك يليه موقع تويتر من تصدُّر القائمة، إذ لا يتطلب الموقعان مستوى عاليًا من الخبرة لكي يتم استخدامهما في أغراض التسويق.
وعرض تقرير شركة “Constant Contact” للتسويق الرقمي، تفاصيل حول إمكانيات ومزايا استخدام كل منصة في استراتيجيات التسويق على النحو التالي:
فيسبوك:
يبلغ عدد مستخدمي فيسبوك ما يقرب من 2.5 مليار مستخدم نشط شهريًّا، ممَّا يجعله أفضل مكان للشركات التي تتمثل أهدافها في تعزيز الوعي بالعلامة التجارية أو الوصول لمزيد من العملاء أو إعادة استهداف الجماهير التي تفاعلت بالفعل مع علامتها التجارية.
وعلى تلك المنصة تخوض المؤسسة منافسة مع الأصدقاء والعائلة والعناوين الرئيسية للأخبار المحلية والعالمية، من أجل الظهور للمستخدمين في “خلاصة الأخبار News Feed”.
كما تقوم خدمة العملاء بالرد على الأسئلة التي تَرِدُ على صفحة الشركة من جانب العملاء المحتملين. ويقع على عاتق الشركة أيضًا نشر المحتوى الذي قد يرغب الجمهور في التفاعل معه عن طريق الإعجاب والتعليق والمشاركة. كما يجب عليها أيضًا التنويه بالعروض الآتية من أجل زيادة المبيعات.
تويتر:
يتيح الموقع لخدمة العملاء في الشركة صاحبة الحساب التفاعل مباشرة مع الجمهور والعملاء المحتملين، ويتسم استخدامه بالسهولة، إذ يتطلب مهارة قليلة جدًّا.
لينكد إن:
تعتبر تلك المنصة المهنية التي تضم 303 مليون مستخدم نشط شهريًّا، ضرورية في الاستراتيجية التسويقية، إذا كانت الشركة تزاول الأعمال من نموذج B2B (أي تتواصل مع شركات أخرى ومستهلكين) وهي منصة مفيدة للسلع والخدمات الكمالية والشركات التقنية مثل مزوِّدي البرمجيات.
إنستغرام:
يتمتع إنستغرام بفوائد مماثلة لـ”فيسبوك” مع استثناءين، هما: أن جمهوره أقل من فيسبوك، كما أنه يسمح بكَسْب المزيد من المتابعين دون تكلفة مالية، فمن السهل على الشركات الحصول على متابعين على إنستغرام، ممَّا هو عليه في فيسبوك.
وينتشر التسويق عبر المؤثرين على إنستغرام، ومن أبرز القطاعات التي تعمل بشكل جيد على هذه المنصة السفر والسياحة.
بنترست:
تعتبر منصة كبيرة جدًّا ورائعة لاستثمار الوقت والمال فيها، إذا كان نشاط المؤسسة يتصل بالصناعة الإبداعية أو إذا كان الجمهور المستهدف من الإناث، فهي تضم 291 مليون مستخدم نشط شهريًّا 81% منهم من النساء، ويلجأ 93% من المستخدمين النشطين إلى بنترست للتخطيط لعمليات الشراء، بينما يشتري 87% من المستخدمين أشياء عبر المنصة. ويعد أفضل استخدام لهذه المنصة هو الحصول على نقرات على موقع الإنترنت الخاص بالشركة.
وتأسيسًا على ما سبق، يمكن القول بأن التسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي بدأ بعملية نشر المحتوى، حيث كانت الشركات تشارك محتواها على تلك المنصات لتوليد حركة مرور إلى مواقعها على الإنترنت لتنشيط مبيعاتها، لكن منصات التواصل لم تعد مجرد مكان لبث المحتوى، ففي الوقت الحالي تستخدم الشركات وسائل التواصل الاجتماعي بعدد لا يحصى من الطرق.
فعلى سبيل المثال، إن الشركة التي تهتم بما يقوله الأشخاص عن علامتها التجارية ستراقب نقاشات المستخدمين عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتستجيب لما يطرحونه من اقتراحات.
وأيضًا قد تلجأ الشركة إلى تحليل أدائها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تحلل مدى وصولها والتفاعل مع المستخدمين وحجم المبيعات، وكذلك الشركة التي ترغب في الوصول إلى مجموعة معينة من الجمهور على نطاقٍ واسعٍ، من شأنها استخدامُ إعلانات وسائل التواصل الاجتماعية.
ويبقى القول إن اختيار الشركة أو المؤسسة لاستخدام وسيلة تواصل اجتماعي في استراتيجيتها التسويقية يعتمد على طبيعة المنتج والموارد المالية المرصودة لتلك الاستراتيجية ونوعية الجمهور الذي تستهدفه.
ومن الواجب الأخْذُ في الاعتبار أن انشغال الشركة بإدارة العديد من الحسابات على المنصات الاجتماعية يؤدي إلى إهدار جهودها التسويقية ومواردها المالية والبشرية، وبدلًا من ذلك فمن الأحرى أن يكون جُلُّ تركيزها منصبًّا على المنصة التي توفر لها تواصلًا، ومن ثَمَّ تفاعلًا مع العملاء المستهدفين.