تقارير

تطبيقات الهواتف الذكية وجمع البيانات

تتراوح التطبيقات الإلكترونية التي يستخدمها ملايين الأشخاص حول العالم حاليًّا، وفقًا للوظيفة التي تؤديها، ما بين تطبيقات للتواصل الاجتماعي وأخرى خدمية وثالثة للترفيه.

وتقوم تلك التطبيقات المخصصة للهواتف الذكية بجمع بيانات من المستخدمين من خلال وسيلتين أساسيتين، الأولى عند تنزيل التطبيق من المتاجر الإلكترونية، حيث يطلب التطبيق أذونات للوصول إلى بعض البيانات داخل الهاتف.

أمَّا عن الوسيلة الثانية فتتمثل في البيانات التي يطلبها التطبيق عند قيام المستخدم بإنشاء حساب شخصي عليه. وبمجرد تقديم تلك المعلومات الشخصية، لا يمكن للمستخدم أن يعرف على وجه اليقين، كيف سيتم استخدام تلك البيانات؟.. وإلى أي مدى يمكن إساءة استخدامها، ممَّا قد يفضي إلى عواقب غير محمودة. وإن كانت تلك البيانات تستخدم في الغالب الأعم لأغراض تسويقية بحتة.

تحليلات بيانات الهواتف المحمولة والكشف عن الحياة الخفية للمستخدمين

تُولي الشركات، في ظل التطور التكنولوجي، اهتمامًا كبيرًا لفهم تأثير بيانات الهاتف المحمول، أي  كيفية استخدام بيانات تطبيقات الهاتف المحمول لنمو الأعمال وتوليد الإيرادات، حيث توفر هذه البيانات رؤى حول قرارات الشراء لدى مستخدمي تلك التطبيقات، كما أن هذه البيانات ضرورية للتسويق والمبيعات في المؤسسات لفهم ومعرفة ما يجب تشاركه مع المستخدمين، أو بالأحرى الجمهور.

ووفقًا لموقع “Fingent” المعنيِّ بالتكنولوجيا، توفِّر تحليلات بيانات الأجهزة المحمولة للشركات رؤى لا مثيل لها حول الحياة الخفية لمستخدمي التطبيقات، وعادةً ما تأتي التحليلات في شكل برنامج يتم دمجه في مواقع الإنترنت والتطبيقات الإلكترونية التي تطرحها الشركات من أجل التقاط البيانات وتخزينها وتحليلها، بما يساعد الشركات على اتخاذ قرارات أكثر استنارة بعد قراءة جيدة للمستهلك.

فبدون تلك التحليلات تكون الشركات عمياء، غير قادرة على تحديد المستخدمين، ومعرفة ما يتفاعل معه المستخدمون، وما الذي يدفعهم إلى استخدام التطبيق أو زيارة الموقع وسبب مغادرتهم، وفقًا لشركة “Gartner” الرائدة في أبحاث واستشارات تكنولوجيا المعلومات.

ومع وجود أكثر من 6.5 مليون تطبيق في متاجر التطبيقات الرئيسية، يقضي المستهلكون 70% من استخدام الوسائط ووقت الشاشة الأخرى على هواتفهم المحمولة، لذا تحاول الشركات الاستفادة من بيانات تطبيقات الأجهزة المحمولة للتنافس على العملاء.

وترصد بيانات تطبيقات الهاتف المحمول مشاهدات الصفحة، وعدد الزيارات، ووقت كل زيارة، ومعلومات الزائر، ومصدر البيانات، ومسار الأنشطة في الوقت الحقيقي وسلوك المستخدم عبر الإنترنت وموقعه الجغرافي ومعلومات الجهاز وأنشطة تسجيل الدخول والخروج.

وتمنح هذه البيانات الشركات رؤى للاستعداد لتقديم تجربة محسنة للعملاء، ويعني ذلك أن تطبيقات الهاتف المحمول باتت تشكل العمود الفقري لاقتصاد البيانات في العصر الرقمي.

تطبيقا “فيسبوك” و”إنستغرام” الأكثر جمعًا لبيانات المستخدمين

وفي هذا الإطار قامت شركة “clario.co” للأمن السيبراني، بإجراء دراسة تحليلية تشمل 48 تطبيقًا عبر مختلف القطاعات لمعرفة الأذونات التي طلبوها من المستخدمين في الشروط والأحكام واتفاقيات الخصوصية الخاصة بهم، مما سمح بتصنيف الشركات التي لديها أكبر قدر من البيانات عن عملائها.

وانطلقت الدراسة من تساؤل رئيسي مفاده: ما البيانات التي يمكن للشركات جمعها بالفعل؟ وهل تقتصر البيانات التي تجمعها الشركات على بيانات تقليدية مثل الاسم وتاريخ الميلاد وعنوان البريد الإلكتروني أو تمتد إلى بيانات أكثر تفصيلًا مثل الطول والوزن، والهوايات بل وحتى الحيوان المفضل، والمعلومات المصرفية، بالإضافة إلى روابط حسابات المستخدم على وسائل التواصل الاجتماعي والبيانات التي يشاركها عليها؟

ورصدت الدراسة البيانات التي يجمعها 48 تطبيقًا، ومن أبرزها الاسم والعمر والنوع والطول والوزن، والحالة الاجتماعية والمعتقدات الدينية والموقع الجغرافي والعنوان والحالة الوظيفية والمسمى الوظيفي، والبريد الإلكتروني الشخصي، ورقم الهاتف الأرضي ورقم الهاتف المحمول ونوع الهاتف والهوايات والاهتمامات.

وخلصت الدراسة إلى أن تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي تجمع بيانات أكثر من أي تطبيق آخر، وربما ليس من المستغرب أن يكون “فيسبوك” على رأس قائمة جامعي البيانات، فهو كشبكة اجتماعية تعتمد على منحها إمكانية الوصول إلى جميع التفاصيل الخاصة بالمستخدم حتى تتمكن من ترشيح أصدقاء له، وإخطار الأصدقاء بموعد عيد ميلاده، واقتراح مجموعات للانضمام إليها، والأهم من ذلك كله الإعلانات الموجهة.

وقد جنى موقع فيسبوك أرباحًا من الإعلانات في العام الماضي تبلغ 69.65 مليار دولار، لذلك كلما عرف المزيد عن المستخدمين، زادت قدرته على التسويق للمعلنين.

ويشكل نصيب فيسبوك من البيانات التي يمكن لأي شركة تجارية جمعها دون مخالفة القانون، 70,5%، يليه تطبيق “إنستغرام- Instagram” بنسبة 58,8% ويركز على بيانات مثل الطول والوزن والهوايات، ويستخدم تلك البيانات في الإعلان وتوصية بالحساب الذي يجب على مستخدم التطبيق متابعته.

أمَّا تطبيق أمازون لتجارة التجزئة فيستخدم بيانات بنسبة 23,5%، وهي كمية قليلة مقارنة بما يحتاج إليه لإدارة أعماله، إذ يستخدم أمازون بيانات مثل الاسم وعنوان البريد الإلكتروني وعنوان المنزل وتفاصيل مصرفية، ويركز التطبيق على تتبع كيفية استخدام الشخص للموقع الإلكتروني للشركة، حيث يراقب المنتجات التي يتم تصفحها، والأشياء التي تم شراؤها والمراجعات التي يتركها المستخدمون، ممَّا يساعد الشركة في الترويج لمنتجات جديدة تتناسب مع اهتمامات المستخدمين.

كما تقوم تطبيقات كل من “نايكي-Nike” و”ديبوب-Depop” بجمع بيانات بنسبة 26,4% وبجانب البيانات الأساسية يقومان بتخزين معلومات تشمل الطول والوزن حتى يستهدفان مستخدم التطبيق بملابس أكثر ملاءمة.

أمَّا عن موقع بث الموسيقى “سبوتيفاي-Spotify” فيجمع تطبيقه بيانات المستخدم بنسبة 35,2%، ويستفيد من ملفات تعريف الوسائط الاجتماعية الخاصة به للتعرف على اهتماماته وهواياته، فعلى سبيل المثال إذا قام شخص ما بحضور حفلة موسيقية وشارك صورة من الحفلة على إنستغرام، سيجد توصية في حسابه بتطبيق “سبوتيفاي” لسماع الفرقة الموسيقية التي كانت في الحفلة ذاتها.

كما أن التطبيق يتتبَّع الموسيقى التي يستمع إليها المستخدم، ويُنشئ قوائم تشغيل بناء على النمط الموسيقي الذي يفضله.

وعلى ذات النهج، يتتبع نتفليكس الذي يجمع بيانات بنسبة 26,4%، نوع العروض التي يشاهدها المستخدم حتى يتمكن من التوصية بعروض مماثلة، حيث يوظف التطبيق البيانات التي تم جمعها لمنح تجربة أفضل للمستخدم، ممَّا يعني أن الأخير سيعود مرارًا وتكرارًا لمشاهدة المزيد من العروض التي تم ترشيحها إليه.

ويُعد تطبيقا سبوتيفاي ونتفليكس مثالين جيدين على جمع البيانات التي لا يعارض الأشخاص في استخدامها، حيث يستخدمان المعلومات التي يجمعانها عن المستخدم من أجل تحسين تجربته، وتصميم النظام الأساسي ليلائم احتياجاته.

تخزين عنوان البريد الإلكتروني القاسم المشترك بين أغلب التطبيقات

ووفقًا لدراسة شركة “clario.co” للأمن السيبراني، فإن 93% من التطبيقات التي شملها البحث تخزن عنوان البريد الإلكتروني لاستخدامه من أجل البقاء على اتصال مع المستخدم أو لأغراض التسويق في المستقبل.

ويعني ذلك أن عنوان البريد الإلكتروني يعتبر أحد البيانات الأساسية التي تطلبها تطبيقات التواصل الاجتماعي أو تطبيقات العلامة التجارية، أو أي متجر، وقد لا يستخدمونها أبدًا أو يستخدمونها لإرسال رسائل بريد إلكتروني أسبوعية.

كما تشير الدراسة إلى أن  18% من الشركات تطرح سؤالا عن وزن المستخدم، حيث تريد العلامات التجارية مثل تطبيق “Slimming World” الخاص بإنقاص الوزن

و”سترافا-Strava” للمهتمين بالرياضة و”نايكي-Nike” للملابس الرياضية التعرف على الوزن لأسباب واضحة ومنطقية، ولكن تثور تساؤلات حول طلب إنستغرام والتطبيق الخاص بشركة “Credit Karma” الأمريكية للتمويل الشخصي، معرفة وزن المستخدم.

وتشير الدراسة إلى أنه نظرًا لوفرة البيانات التي نشاركها مع الشركات التجارية، فليس من المستغرب أن يتم الكشف عن بيانات نفضل الاحتفاظ بها بشكل سري، ومع ذلك، بفضل القانون العام لحماية البيانات وبعض برامج الأمن السيبراني الآمنة للغاية، فإن ما يمكن للشركات فعله ببيانات المستخدمين محدود للغاية.

وخلصت الدراسة إلى أن الشركات التجارية تقوم باستخدام البيانات لاستهداف المستخدم بالإعلانات الموجهة، فضلًا عن إدارة موقعها على الإنترنت، بينما تتم حماية البيانات من خلال سياسات الحماية التي تضطر الشركات إلى الالتزام بها، وإذا قامت بانتهاكها تواجه غرامات كبيرة.

وتأسيسًا على ما سبق، تتضح أهمية وعي المستخدمين بطبيعة التطبيقات التي يقومون بتنزيلها على هواتفهم، سواء كانت تطبيقات ترفيهية أو خدمية أو تطبيقات للتواصل الاجتماعي، ومراجعة أذونات التطبيقات قبل تنزيلها، فغالبًا ما يدفع شغف المستخدم إلى تحميل التطبيق واستخدامه إلى عدم التمعُّن في بعض الإجراءات التي تهدف للحفاظ على خصوصيته وبياناته، فهناك العديد من التطبيقات التي تعمل على الوصول إلى بيانات ومعلومات الهاتف.

لذلك تبقى القاعدة الأساسية الحاكمة للعلاقة بين المستخدم والتطبيقات متمثلة في مقارنة البيانات المطلوبة لإنشاء الحساب على التطبيق وكذلك أذونات التطبيقات بالغرض الأساسي أو الخدمة التي يوفرها، فإذا كانت البيانات المطلوبة منطقية وفي نطاق الهدف من التطبيق يقبل المستخدم على تقديمها بثقة، أمَّا إذا كان التطبيق يطلب أذونات تفوق الغرض منه ووظيفته فعلى المستخدم الحذر وتجنُّب تنزيل التطبيق.

زر الذهاب إلى الأعلى