دراسات الصورة الذهنية

كيف يستقبل السعوديون العيد في ظل جائحة كورونا؟

مع اقتراب عيد الفطر المبارك في مختلف دول العالم الإسلامي يتأهب المسلمون لقضاء العيد في ظل جائحة كورونا التي عمت العالم الإسلامي وبقية دول العالم، وفي ظل خصوصية أيام عيد الفطر لدى المسلمين، حيث ينتهون من أداء فريضة الصيام في شهر رمضان، ويبدأ استعدادهم لأجواء الفرحة والسعادة وقضاء أيام العيد في الزيارات العائلية والخروج للمتنزهات وممارسة الأطفال للألعاب المختلفة، وتجمع الشباب والخروج لمواقع الاحتفالات وأماكن التنزه.

وباستمرار الإجراءات الاحترازية التي فرضتها مختلف الدول الإسلامية بسبب فيروس كورونا وتقليل الاختلاط والتجمعات والحفاظ على التباعد الاجتماعي، تأتي أيام العيد بطابع مختلف لا يستطيع معه المسلمون ممارسة الطقوس والعادات الاحتفالية التي اعتادوا عليها في كل عام، وهو ما يترك لديهم آثاراً نفسية تجعلهم يلتزمون منازلهم ويفكرون في قضاء أيام العيد بطقوس مختلفة هي أقرب للطقوس الافتراضية أكثر من كونها طقوس حقيقية.

وقد اعتادت مناطق المملكة المختلفة استقبال العيد بتهيئة الحدائق العمومية وزراعة الأزهار، إضافة إلى برامج متنوعة من الفعاليات الاحتفالية من ألعاب نارية وعروض فلكلورية وعدد من العروض الترفيهية، فضلا عن العادات الاجتماعية من الزيارات العائلية، وتجمعات الأسر والقبائل من أجل صلة الرحم، وإحياء التراث، التي سيغيبها فيروس كورونا في عيد هذا العام.

وتفاعلا مع أصوات السعوديين في منصة التواصل الاجتماعي “تويتر” قام مركز القرار للدراسات الإعلامية بدراسة تحليلية لآرائهم عن كيفية قضاءهم لأيام العيد في ظل هذه الجائحة ومشاعرهم الخاصة نحو هذا العيد الذي يأتي في هذه الظروف الصعبة التي يعيشها العالم أجمع.

تفاؤل وأجواء احتفالية:  

 انتشرت بين المواطنين السعوديين على منصة تويتر دعوات للالتزام بالإجراءات الاحترازية التي أقرتها الدولة والحفاظ على التباعد الاجتماعي والحرص على التواصل مع الأهل والأقارب عبر التقنيات الاتصالية الحديثة كبديل عن التقارب الاجتماعي المباشر حفاظا على سلامتهم وسلامة ذويهم، فيما حرص كثير من المغردين على تأكيد هذه الرسالة من خلال الإشارة إلى ضرورة الحفاظ على سلامة المجتمع وأفراده للإسهام في انحسار المرض بسرعة وعودة الحياة لطبيعتها وعودة الصلاة في المساجد.

ووجه عدد من المغردين رسائل تفاؤل عبر تغريداتهم بضرورة الاستمتاع بأجواء العيد من المنازل والحرص على تكبيرات العيد في وقتها وإقامة صلاة العيد جماعة في المنازل والاستماع لخطبة العيد في التليفزيون وعدم التأثر سلبياً بجائحة كورونا وممارسة الطقوس المتاحة للاحتفال بالعيد مثل تقديم الحلويات والأطعمة مؤكدين أن العيد شعيرة من شعائر الله التي يجب تعظيمها كما نقل بعض المغردين فتاوى تبيح أداء صلاة العيد في المنازل دون خطبة، إضافة إلى طريقة أدائها وصفتها من خلال معلومات نصية، ووسائط فيديو وجراف.

وبث مغردون مقطع فيديو بعنوان “رسائل أبو صالح” يقدم نموذج لأسرة سعودية تحتفل بالعيد من منزلها ويتواصل أفرادها مع الأقارب والأصدقاء من خلال الجوال، فيما تمارس كافة طقوس وفعاليات العيد من المنزل وتحرص على بث روح السعادة بين أفراد الأسرة، كما بث مغردون آخرون مقاطع فيديو تبين كيفية أداء صلاة العيد من المنزل وأهمية أداء جميع أفراد الأسرة للصلاة والحرص عليها.

ونشرت حسابات تثقيفية صور تحمل عدة خيارات لقضاء العيد في المنزل من خلال إرشادات وأفكار مبتكرة للزينة والمطبوعات وتحضير الحلويات والعناية بالشعر والبشرة ومجموعة من الألعاب والمسابقات والتطبيقات التي تساعد في قضاء أجواء العيد بسعادة.

واعتمد هذا الفريق من المغردين على نشر صور فوتوغرافية تبين فرحة العيد وتستعرض الملابس الجديدة التي سيلبسها أفراد الأسرة في منازلهم كي يشعروا بفرحة العيد ولا يضيعوها حتى في ظل هذه الظروف.

طقوس سنوية ستختفي في العيد:

من الجانب الآخر بث عدد من المغردين رسائل تشاؤمية عن فعاليات عيد هذا العام في ظل جائحة كورونا، حيث عبر بعضهم عن عدم قدرته على ممارسة الطقوس التي اعتاد ممارستها خلال أيام العيد كل عام مثل الملابس الجديدة والخروج للمتنزهات وأماكن ممارسة الألعاب، وركز هؤلاء المغردين على فئة الأطفال التي ستكون الفئة الأكثر تضرراً من هذه الظروف لعدم قدرتهم على الإحساس بأجواء العيد، لا سيما وأنهم لا يدركون مخاطر انتشار فيروس كورونا، أو ضرورة التباعد الاجتماعي.

واعتمد هؤلاء المغردين في تدعيم فكرتهم على الصور الفوتوغرافية بشكل كبير، حيث نشروا العديد من الصور الفوتوغرافية التي تعبر عن الحزن لقضاء العيد في المنزل والمعبرة عن حالهم أيام العيد وهم يقضونه في المنزل بين النوم والجلوس أمام شاشات التليفزيون وحالة الممل من الجلوس لساعات طويلة دون الخروج من المنزل والتنزه في الأماكن التي اعتادوا الذهاب إليها، كما قام بعض المغردين ببث مقاطع فيديو ساخرة خاصة بفيروس كورونا وتسببه في قضاء العيد هذا العام في المنازل

فعاليات رقمية:

ومن بين الأجواء الاحتفالية التي قدمها المغردون السعوديون عبر منصة تويتر إقامة منافسات شعرية بين المغردين تتناول أبيات من الشعر لتهنئة بعضهم بالعيد، فقد طرح المغرد عبدالله بن محمد المقحم، الذي يتابعه ما يقارب 162 ألف متابع، مسابقة شعرية لكتابة أبيات من الشعر الفصيح الموزون مع وسم #تهنئة_العيد_الشعرية تتناول هذه الأبيات التهاني بعيد الفطر وخصص جوائز مالية قدرها ألف ريال للمركز الأول و500 ريال للمركز الثاني.

 إعلانات تجارية بمناسبة العيد:

واستغلت شركات ومنصات التسويق الإلكتروني مناسبة عيد الفطر، وقضاء السعوديين لهذه الأيام بمنازلهم في التسويق لمنتجاتها المختلفة، خاصة المنتجات المرتبطة بأجواء العيد وتعزيز مشترياتها الإلكترونية التي لا تتطلب الخروج من المنازل، حيث يتم التسوق من خلال المنصات الرقمية، والشراء الكترونيا،ً وتوصيل المنتجات في جميع الأوقات.

واستثمرت عدة حسابات إعلانية، وخاصة حسابات الشيفات هاشتاقات العيد لترويج منتجاتها من خلال تقديم وصفات لمأكولات متنوعة تشمل أنواع من الحلويات المختلفة، وتقدم منتجاتها ووصفاتها على حساباتها بمنصة تويتر مباشرة، أو من خلال وضع حساباتها في منصات التواصل الاجتماعي الأخرى وخاصة سناب شات وانستغرام.

وحملت الهاشتاقات مطالبات من ذوي الإعاقة للمطالبة بتوفير كسوة العيد لهم، إضافة إلى تغريدات أخرى تطالب بسداد قروض ومبالغ مالية عجز أصحابها عن سدادها.

وانتشرت بين تغريدات العيد وهاشتاقاتها إعلانات تروج لمنتجات الطاقة والمنتجات الجنسية واستغلت أجواء العديد للترويج لهذه المنشطات الجنسية والمنتجات التي كانت عادة غير مصرح بها من الجهات الصحية وضارة بالصحة.

هاشتاقات مختلفة:

دشن عدد من المغردين عبر منصة تويتر العديد من الهاشتاقات المعبرة عن أجواء العديد وآرائهم المتابينة في كيفية قضاء العديد في ظل ظروف جائحة كورونا، ومنها: #العيد، #العيد_صاير، #العيد_في_البيت، #عيد_الفطر، #صلاة_العيد، #الغيبوبة_الجماعية، #حلويات_العيد، #معيدين_معاكم_من_البيت، #هذى_السنة_العيد_في_البيت.

خاتمة:

يظهر هذا التحليل طبيعة الحالة الشعورية التي تسيطر على المواطنين السعوديين مع قرب عيد الفطر المبارك الذي يأتي هذا العام وسط جائحة كورونا التي غيرت من الطقوس المعتادة لقضاء أيام العيد، وهو ما جعل الأفراد ما بين متمسك بشعيرة العيد وفرحته، ليبحث عن كافة الوسائل المتاحة لممارسة عاداته من تكبيرات وصلاة وملبس ومأكل وتواصل بالأقارب والأصدقاء والمعارف.

ويتضح من بعض التغريدات وجود أفراد لا يزالون متأثرين نفسياً بأجواء الحظر والإجراءات الاحترازية وعدم إتاحة الفرصة للخروج لزيارة الأهل وارتياد المتنزهات، وتلك الاختلافات هي تعبير عن التفاعل الإنساني مع الأزمات، وتظل منصات التواصل الاجتماعي وخاصة تويتر وسناب شات وانستغرام هي وسائل مهمة لممارسة طقوس العيد عن بعد وقضاء أيام العيد والتعبير عن السعادة من خلال هذه الوسائل الاتصالية.

زر الذهاب إلى الأعلى