الدراسات الإعلاميةدراسات الصورة الذهنيةقضية الشهر

مشاهير “سناب شات” في السعودية المصداقية والتأثير

مقدمة..

يُعدّ تطبيق سناب شات (Snapchat) أحد أهمّ الوسائط الاجتماعية الحديثة، فقد اكتسب شهرته كوسيلة تواصل اجتماعي، من خلال إتاحته إمكانية التواصل بين المستخدمين، ومشاركة لحظاتهم اليومية مع أصدقائهم بأسلوب ممتع.

ويشكل استخدام سناب شات أحد العادات الاتصالية اليومية للجمهور في المملكة، حيث يتجاوز عدد مستخدميه 14 مليون مستخدم، وقد سبقت الإشارة في دراسة تحليلية سابقة لمركز القرار، إلى أنه وفق شركة الأبحاث البريطانية “Global Web Index”، يحتلّ السعوديون المرتبة الثانية عالمياً بعد الأيرلنديين في استخدام التطبيق، ما يعني استحواذه على اهتمامات الجمهور في المملكة، وهو ما أدى إلى ظهور مجموعة من مستخدمي التطبيق، اتسمت بالقدرة على جذب عدد كبير من المتابعين، أطلق عليهم “مشاهير سناب شات”.

وقد وظّف مشاهير سناب شات العدد الكبير من المتابعين، والشهرة الواسعة التي حققوها في المجتمع، لتحقيق عوائد مالية كبيرة من “سناباتهم”، من خلال جلب أعداد كبيرة من الإعلانات وبثها في هذه المقاطع، كما وجّه أصحابُ الأعمال التجارية والمعلنون جزءاً كبيراً من حملاتهم الإعلانية إلى مشاهير سناب شات، بما يتيح لعلاماتهم التجارية الوصول إلى شريحةٍ أكبر من العملاء المحتملين، إلى جانب بعض القطاعات الحكومية التي اتجهت للإعلان لدى هؤلاء المشاهير.

لكن الإشكالية التي أثارها بعض مشاهير سناب شات، تتعلّق بالمحتوى الذي يبثونه في مقاطعهم، حيث يقدّم بعضُهم محتوى “تافهاً” ولا يستحق هذه المتابعة الكبيرة من الجمهور، وأصبح من الملاحظ تقديمهم لهذا المحتوى بغرض تقديم الإعلانات فقط، دون أدنى مجهود لتقديم محتوى هادف يخدم الجمهور ويعرض القضايا المجتمعية المهمة، وهو ما يفرض إجراءَ مَسْحٍ مجتمعي شامل، يقيس مستوى مصداقية وتأثير المشاهير.

موضوع الدراسة:

استهدفت هذه الدراسة التعرّف إلى مستويات مصداقية مشاهير سناب شات في السعودية، ودورها في التأثير على المستخدمين، وذلك من خلال دراسة مسحية على عيّنة بلغت 2000 شخص، يُمثّلون مستخدمي تطبيق سناب شات في المملكة، باستخدام الاستقصاء الإلكتروني.

وقد روعي في اختيار عيّنة الدراسة ضرورة تمثيلها بشكلٍ دقيق لمستخدمي التطبيق في المملكة، ولهذا جاءت إحصاءات العينة ممثلةً للمجتمع الخاص بمستخدمي سناب شات في المملكة.

فقد توزّعت عينة الدراسة وفقاً للجنس إلى 58% من الإناث، و42% من الذكور، وكانت النسبة الأكبر من المبحوثين في الفئة العمرية (31 – 40 عاماً) بنسبة 38.8%، ثم الفئة العمرية (21  – 30 عاماً) بنسبة 33.8%، ثم الفئة العمرية (أقلّ من 20 عاماً) بنسبة 16.3%، ثم الفئة العمرية (51 – 60 عاماً) بنسبة 7.5%، في حين كانت أقلّ الفئات العمرية تمثيلاً في عينة الدراسة (41 – 50 عاماً) و(أكثر من 60 عاماً) بنسبة 2.9%، و0.7% على الترتيب، وهي النتيجة التي تتفق مع سِمات مستخدمي التطبيق في المملكة، خاصة الفئات العمرية (18 – 40 عاماً).

ووفقاً لمتغيّر التعليم، كانت نسبة الجامعيين هي الأكبر في العيّنة بنسبة 57.5%، ثم فئة الدراسات العليا بنسبة 22.5%، ثم فئة الدبلوم بنسبة 12.9%، وأخيراً فئة (أقلّ من دبلوم) بنسبة 7.1%.

أما على مستوى توزيع أفراد العينة على مناطق المملكة، فقد جاءت مدينة الرياض في صدارة أماكن إقامة المبحوثين بنسبة 35%، ثم جدة في المرتبة الثانية بنسبة 30%، ثم الدمام في المرتبة الثالثة بنسبة 20%، ثم القصيم بنسبة 15%، وأخيراً مدينة أبها بنسبة 5%.

ويتفق هذا التوزيع مع التوزيع العام لمستخدمي تطبيق سناب شات في المملكة، حيث سَجّلت مدينتا الرياض وجدة أعلى معدلات استخدامٍ يوميٍّ لسناب شات عالمياً، وفقاً للإحصاءات التي قدّمتها سناب شات.

نتائج الدراسة:

أولاً: متابعة مشاهير سناب شات

بالنسبة لمعدلات متابعة المبحوثين لسناب شات، كانت نسبة المستخدمين أصحاب المتابعة لمدة سبعة أيام هي الأعلى بنسبة 35.4%، تلتها المتابعة لمدة يوم واحد بنسبة 22.9%، ثم المتابعة لمدة يومين بنسبة 12.4%، وتليها المتابعة لمدة ثلاثة أيام بنسبة 10.4%، ثم خمسة أيام بنسبة 7.9%، ثم المتابعة لمدة ستة أيام بنسبة 5.8%، وأخيراً المتابعة لمدة أربعة أيام بنسبة 5.4%.

وتشير هذه النتيجة إلى ارتفاع مُعدّلات المتابعة الأسبوعية لسناب شات في المملكة، حيث أن النسبة الأكبر تتابعها بشكلٍ يومي، ما يُدلّ على أن متابعة هذا التطبيق أصبحت عادةً اتصالية للجمهور السعودي يُمارسها بشكل يومي، مثلها مثل العادات اليومية الأخرى، وهذا يدلّ على المكانة الكبيرة التي يحتلها التطبيق لدى الجمهور في المملكة، وارتباطهم القوي به.

وعلى مستوى معدّلات المتابعة اليومية لسناب شات، جاءت المتابعة اليومية (من ساعة إلى أقل من ثلاث ساعات) هي الأكثر تمثيلاً في عيّنة الدراسة بنسبة 83.8%، ثم المتابعة (من ثلاث إلى أقل من ستّ ساعات) بنسبة 10.8%، وأخيراً المتابعة اليومية (ست ساعات فأكثر) بنسبة 5.4%.

ورغم أن المتابعة (من ساعة إلى أقل من ثلاث ساعات) هي الأقلّ مقارنةً بغيرها من الفئات، إلا أنها ليست قليلة بالنظر إلى أن المتابعة الأكبر لدى العينة هي متابعة يومية، وبذلك فإنّ قضاء (من ساعة إلى أقل من ثلاث ساعات) يومياً في المتوسط، يُشير إلى متابعة مرتفعة مقارنة ببقية الأنشطة الأخرى غير الاتصالية للأفراد.

 ثانياً: تفضيلات متابعة مشاهير سناب شات

جاءت تفضيلات المستخدمين لطرق عرض مشاهير سناب شات للمحتويات أو المعلومات الخاصة بالمنتجات التي يُروّجون لها، لتؤكد سِمة التطبيق الذي يُركّز على السرعة ومحدودية وقتِ عرض الصور وملفات الفيديو التي يتم تبادلها خلاله، فكانت أكثرُ الطرق تفضيلاً من وجهة نظر العيّنة هي “تقديم كلّ المعلومات عن المنتج أو السلعة في إعلان واحد لمدة (10) ثوان” بنسبة 56.7%، في حين كانت النسبة متقاربة في طريقتي العرض الأخريين، حيث جاءت نِسبة مَن يفضلون طريقة العرض من خلال “استخدام ثلاثة إعلانات متتابعة مجموعها (30) ثانية لتقديم معلوماتٍ وافية حول ما يُعلَن عنه” 23.3%، وأخيراً بلغت طريقة “استخدام ثلاثة إعلانات متتابعة تُجِيب عن كلّ التساؤلات حول الإعلان” نسبة 20%.

 ثالثاً: أسباب متابعة مشاهير سناب شات

تمثلت أسبابُ متابعة مشاهير سناب شات في “قدرة المشهور على عرض وتوصيل المعلومة” بنسبة 26.7%، ثم “الثقة الخاصة التي يُوليها المستخدم للمشهور” بنسبة 22.5%، تليها جاذبية المحتوى المقدّم بنسبة 15%، ثم “اهتمامه بعرض السلع والخدمات النافعة لمتابعيه” بنسبة 13.8%، وتلاها “الارتباط بين مجال المشهور وما يُعلِن عنه من سِلع وخدمات” بنسبة 10.4%، ثم “إشراك متابعيه في الاستوري الخاصة به” بنسبة 7.5%، وتلاها “اختياره للوقت المناسب للإعلان” بنسبة 4.2%.

ويتضح من هذه النتائج أن السبب الأساسي الذي يَجعل أحد المستخدمين يُفضِّل أحدَ مشاهير سناب شات عن غيره، هو الجانب المعرفي، حيث يُفضّل أفراد الجمهور مشهوراً بعينه وفقاً لقدرته على عرض وتوصيل المعارف والمعلومات، إلى جانب مستوى الثقة بهذا المشهور، ولوحظ تراجع الجوانب الخاصة بالإعلانات التي يبثها المشهور، مما يؤشر إلى أن الجانب المعرفي هو الأكثر أهمية للجمهور في متابعة مشاهير سناب شات، إلى جانب متغيّر الثقة بالمشهور.

 

رابعاً: مصداقية مشاهير سناب شات

ولقياس مستوى مصداقية مشاهير سناب شات لدى الجمهور في السعودية، تم تصميم مقياس للمصداقية (*) يتكوّن من (10) عبارات تمّ قياسُها على مقياس ليكرت الخماسي، الذي يتراوح بين مُوافِق بشدة إلى غير موافق بشدة، ثم تمّ تصميم مقياس تجميعي لتقسيم إجابات المبحوثين إلى خمسة مستويات، تتراوح بين مرتفع جداً إلى منخفض جداً، وجاءت المستويات كالتالي:

جاء مستوى المصداقية المنخفض في المرتبة الأولى بنسبة 37.5%، تلاه المستوى المتوسط للمصداقية بنسبة 34.2%، ثم المستوى المنخفض جداً للمصداقية بنسبة 25.4%، في حين بلغت نسبة المستوى المرتفع للمصداقية 3%، واختفت المصداقية المرتفعة جداً.

وتُظهِر هذه النتائجُ ضَعْفَ مستوى مصداقية مشاهير سناب شات لدى المستخدمين السعوديين، بما يشير إلى أن مشاهير سناب شات ليسوا مصدراً إعلامياً يتمتع بالمصداقية لدى الجمهور في المملكة، ويمكن تفسير ذلك بالمحتوى “التافه” الذي يُقدّمه كثير منهم، وغلبة المحتوى الإعلاني والأهداف الربحية، وهو ما جعل هؤلاء المشاهير يفتقدون للمصداقية بنسبة ملحوظة.

(*) تم إدراج مقياس مصداقية مشاهير سناب شات في ملاحق الدراسة.

 خامساً: تأثير مشاهير سناب شات

ولقياس مستوى تأثير مشاهير سناب شات على الجمهور في السعودية، تمّ تصميم مقياس للتأثير(*) يتكون من (10) عبارات، تم قياسها على مقياس ليكرت الخماسي، الذي يتراوح بين موافق بشدة إلى غير موافق بشدة، ثم تم تصميم مقياس تجميعي لتقسيم إجابات المبحوثين إلى خمسة مستويات تتراوح بين مرتفع جداً إلى منخفض جداً، وجاءت المستويات كالتالي:

جاء مستوى التأثير المتوسط في المرتبة الأولى بنسبة 35%، تلاه مستوى التأثير المنخفض بنسبة 27%، ثم المرتفع بنسبة 23%، ثم المستوى المنخفض جداً بنسبة 11%، وأخيراً المستوى المرتفع جداً بنسبة 4%.

وتوضح هذه النتائج وجود تأثير متوسط لهؤلاء المشاهير، رغم انخفاض مستوى المصداقية المدركة للمشاهير لدى العيّنة، إلا أن مستوى التأثير المتوسط يُمكِن تفسيرُه بحدوث تأثيرات لا شعورية في أفراد العينة، فالفرد قد لا يُصدّق المشهور في معلوماتٍ أو إعلاناتٍ يُقدّمها، لكن ذلك لا يمنعه من استمرار متابعة المشهور ومشاهدة سناباته المختلفة، وبالتبعية فإن ذلك قد يدفعه لا شعورياً لاتباع بعض المشاهير فيما يُقدّمونه من محتوى، كأن يُجرِّب الفرد بعض المنتجات التي يُعلِن عنها المشاهير، أو يجرّب بعضَ الخدمات التي يعلنون عنها كالفنادق وغيرها، وهو ما يُظهِر خطورةَ المحتوى الذي يُقدّمه المشاهير، والذي يُحدِث تأثيراتٍ مدفوعة بأسلوبِ التقليد والتشبّه، وليس اقتناعاً بجدوى وصحة ما يُقدّمونه.

(*) تم إدراج مقياس تأثير مشاهير سناب شات في ملاحق الدراسة.

    

خاتمة..

اتسع نطاق استخدام ومتابعة تطبيق سناب شات في المملكة بشكل كبير جداً في السنوات الأخيرة، ومع زيادة نِسَب استخدام هذا التطبيق من جانب الجمهور، برز عدد من مستخدمي التطبيق باعتبارهم الأعلى مُتابَعةً وشُهرةً مجتمعية، ووَظّف هؤلاء الشهرةَ والمتابعة الكبيرة لجلب إعلانات تجارية تدرّ عليهم دخولاً مالية كبيرة، لا تَتناسب مع ما يقدمونه من محتوى منخفض وتافه في أغلب الأحيان.

ورغم ضعف المحتوى المقدّم، تزداد أعداد المتابعة الجماهيرية لهؤلاء المشاهير بمرور الوقت، ما أحدث موقفاً مشكلاً يَصعُب معه تفسيرُ هذه المتابعة الكبيرة رغم ضعف المحتوى المقدّم.

وقد حاولت هذه الدراسة المسحية تقديم تفسير علمي دقيق لظاهرة مشاهير سناب شات في المملكة، عبر اختيار عينة ممثلة لمستخدمي سناب شات في المملكة، لتقليل أخطاء المعاينة بأكبر قدر ممكن، وللخروج بنتائج دقيقة تصف واقع هذه الظاهرة.

وقد أظهرت نتائج الدراسة ارتفاع معدّلات متابعة مشاهير سناب شات على المستويين اليومي والأسبوعي، ليصبح سلوكاً اتصالياً معتاداً، حتى إن دراساتٍ أشارت إلى أن كثيراً من الأفراد يَفحصون جوالاتهم لمتابعة الإشعارات الجديدة لحسابات المشاهير بعد استيقاظهم من النوم مباشرة، وهو ما ساعد على إحداث تأثير في أفراد الجمهور مع تراكم المتابعة وتواصلها اليومي.

كما كشفت نتائج الدراسة أن الحاجات المعرفية والمعلوماتية هي أكثر الحاجات الاتصالية التي يبحث عنها مستخدمو سناب شات، وهي أكثر ما يدفعهم لمتابعة مشاهير التطبيق، وليس لمتابعة الإعلانات التجارية التي يُقدّمونها بكثافة، ولهذا لا يجد كثير من أفراد الجمهور المحتوى الذي يبحثون عنه في سنابات المشاهير، وهو ما يفسّر تدنّي معدلات مصداقية هؤلاء المشاهير لدى الجمهور.

ورغم هذا التدنّي في نسبة مصداقية مشاهير سناب شات لدى الجمهور، جاء تأثيرهم على هذا الجمهور متوسطاً وليس منخفضاً كما هو متوقع في ظلّ انخفاض مستوى مصداقيتهم، وهو ما تفسّره الدراسة في إطار تراكم متابعة الجمهور للمشاهير، وتحوّل هذه المتابعة إلى سلوك اتصالي يومي معتاد، وتقليد بعضهم البعض في متابعة هؤلاء المشاهير، مما أحدث تأثيراً ولو كان متوسطاً، وهو ما يشكل خطورة على وعي وحياة أفراد المجتمع.

توصيات..

توصي الدراسة بتقنين أوضاع مشاهير سناب شات وفق ثلاثة مستويات:

الأول: يتعلق بوزارة الإعلام.

عبر إلزام مشاهير سناب شات بالحصول على رخص من وزارة الإعلام، وتشكيل لجنة دائمة في الوزارة، لفحص المحتوى الذي يقدمه المشاهير وتقييمه والحُكم على مستواه.

الثاني: يتعلق بوزارة التجارة.

من خلال المتابعة المستمرّة من جانب الوزارة لإعلانات السلع والخدمات في سنابات المشاهير، ومراجعتها للتأكد من صلاحيتها، واختبار عملية التخفيضات التي يقدّمونها، والتأكد من أنها غير وهمية.

الثالث: يتعلق بوزارة المالية.

لإلزام مشاهير سناب شات بالإفصاح عن عوائدهم المالية من الإعلانات التجارية، وتوجيه هذه البيانات لهيئة الزكاة والدخل، للتأكد من تحصيل مبالغ الزكاة بشكل سنوي.

لمزيد من التحليلات والإطلاع على مقايس الدراسة يمكنكم النقر على هذه الصورة

زر الذهاب إلى الأعلى