الدراسات الإعلامية

الهاشتاقات الباردة .. كيف تصل للترند ومَن يقف وراءها؟

مقدمة:

يتصدّر تويتر شبكات التواصل الاجتماعي في المملكة العربية السعودية، ويتيح رصد القضايا التي يهتم بها المجتمع السعودي، وما يدور حولها من نقاش، عبر وسائل تفاعلية عدة، أبرزها الهاشتاقات.

وقد أصبح ظهور الهاشتاقات على تويتر أمراً سهلاً للغاية، حتى بالنسبة لمن يرفعون نِسَبَ التفاعل على الهاشتاق بمقابل مالي، إذ أضحت هذه العملية غيرَ مكلّفة، حيث تتراوح قيمة رفع الهاشتاقات على تويتر ما بين 200 – 600 ريال.

كثير من مُسمّيات هذه الهاشتاقات المدفوعة خادشة للحياء، فضلاً عن تفاهة محتواها وإساءته للذوق والآداب، ومخالفته للقيم الإسلامية والاجتماعية، وغالباً ما تكون المسميات متعلقة بالحرية المنفلتة أو الحبّ أو الجنس.. وغيرها.

عوامل وصول الهاشتاقات الباردة للترند:

تَقف وراءَ ظهورِ هذه الهاشتاقات جِهاتٌ وعواملُ عدة تصل بها إلى الترند، وأهمّها:

أولاً: جهات خارجية

ثمة جهات خارجية تدشن العديد من الهاشتاقات للإضرار بالمجتمع السعودي، من خلال التأثير سلباً على الأخلاق والمعتقدات والمبادئ الإسلامية والاجتماعية، مستغلّةً أجواء الانفتاح التي تعيشها المملكة، لبثّ السموم الفكرية عبر الهاشتاقات على تويتر.

ويتأتى ذلك من خلال رفع هاشتاقات مرتبطة ببعض اهتمامات ورغبات فئات مجتمعية في الفترة الحالية، للمطالبة بحقوق محددة، مثل الحرية والوظائف والمساواة بين المرأة والرجل وغيرها، وهي وإن كانت تتعلق ببعض الحقوق المشروعة، إلا أنها تستهدف من وراء ذلك إحداث بلبلة للمجتمع، وزعزعة استقراره.

ويمثل محتوى هذه الهاشتاقات غزواً فكرياً يستهدف التأثير السلبي في اتجاهات الرأي العام إزاء قضايا بعينها، مثل حرية السفر والملبس وغيرها من الحقوق، ومن تلك الهاشتاقات:

وتسعى هذه الهاشتاقات للتأثير سلباً على فئات المجتمع، وتغيير أفكارهم ومعتقداتهم، وقد أحدثت بالفعل بعض المشاكل الاجتماعية كالتسبّب في وقوع طلاق هنا وتفكك أسري هناك، وقد دفعت هذه الظواهرُ مغرّدين سعوديين لانتقاد هذه الهاشتاقات والهجوم على محتواها بتغريدات مضادة، تعبيراً عن رفضهم لهذا الغزو الفكري المستورد.

ويَظهر بشكل واضح إدراك المغردين لتأثير هذه الهاشتاقات السلبي، ما يدفعهم للربط بينها وبين هروب بعض الفتيات والسيدات السعوديات إلى الخارج، وطلب اللجوء لدى دول أجنبية، بدعوى أنهنّ لا يتمتعن بحرية كبيرة في المملكة.

كما ربط المغردون السعوديون بين بعض الهاشتاقات، والدعوات التي تُوجّه للمرأة السعودية لإقناعها بممارساتٍ وسلوكياتٍ غيرِ مقبولة اجتماعياً، ولا تتفق مع الثقافة الإسلامية وعادات وتقاليد المملكة.

وتهدف الجهاتُ الخارجية من وراء هذه الهاشتاقات، إلى النيل من ثقة المجتمع بقيادة بلاده، خاصة وأن معظم هذه الجهات تنتمي – بشكل أو بآخر – إلى دول ليست أنظمتُها السياسية في وفاق مع المملكة، ولهذا تسعى لإحداث فجوة بين الشعب السعودي وقيادته.

ثانياً: جهات داخلية

لوحظ مؤخراً وجود شرائح محسوبة على المجتمع السعودي من الداخل أو الخارج، تروّج لأفكار دخيلة ومشبوهة، ومن هذه الفئات معارضون “سعوديون” خارج المملكة، ومجموعة تعترض على نمط الحياة المحافظ في المملكة، يجمعهما السعي لاستهداف الجيل الحالي بهذه الهاشتاقات، للتأثير على العادات الاجتماعية والعلاقات الزوجية.. وغيرها، وإقناع المجتمع بسلوكيات وعادات غير مقبولة اجتماعياً، وتقديمها بصورة المعتاد والطبيعي.

ومن أبرز هذه الهاشتاقات:

وبالمقابل.. تصدّى مغرّدون سعوديون لهذه الهاشتاقات بتغريدات تعبّر عن الرغبة في فرض رقابة على تدشين الهاشتاقات وداعميها بالنشر وإعادة التغريد، وتوعية الجماهير بمخاطرها المخالفة لمبادئ الدين وعادات وتقاليد المجتمع، والمُروِّجة لشخصياتٍ ومبادئ ومعتقدات مخالفة لأسس المجتمع.

كما لاحظ المغرّدون تكرار السِّباب في هذه الهاشتاقات، ومناقشتها لقضايا عديمة الفائدة وخارجة عن أطر المجتمع الأخلاقية، ما يشكل خطورةً على الأخلاق والقيم الاجتماعية، ودعا المغرّدون كافةَ مستخدمي تويتر لعدم المشاركة في هذه الهاشتاقات، حتى لو كانت مشاركاتهم إيجابية وتنتقد محتوى الهاشتاق، لأنها تُسهِم في رفع نسب التفاعل معها، وتحقيق مآرب مُطلقيها ومروّجيها.

ثالثاً: المشاهير والإعلانات

تسيطر إعلاناتُ المشاهير والإعلانات التجارية على قسم كبير من محتوى كلِّ هاشتاق يَظهر على تويتر، ما يُنتِج عدةَ هاشتاقات مرتبطة بالهاشتاق الأصلي، ويُسبّب حالةً من التشويش للكثير من مستخدمي تويتر.

ولمواجهة هذه الهاشتاقات المستندة إلى الإعلانات، يُدَشِّن بعضُ المغرّدين بالمقابل هاشتاقات لمقاطعة الإعلانات والحملات الدعائية الأخرى، وهو ما يراه مُحلّلون تشويشاً إضافياً.

ومن أبرز الهاشتاقات والهاشتاقات المضادة المتداولة في هذا الإطار:

وقد كشفت هذه الحملات الموجَّهة من المُعلِنين والمشاهير، وكذلك من الجمهور العادي، عن رؤى متضادة بشأن مشاهير السوشيال ميديا وإعلاناتهم، فقد اتجه كثير من الأفراد إلى إطلاق دعوات لإلغاء متابعة المشاهير، نظراً لتفاهة ما يقدّمون من محتوى لا يفيد المواطن في قليل ولا كثير، وتركيزهم على الإعلانات التي تدرّ عوائد مالية ضخمة.

وحذر المغرّدون من الآثار السلبية اجتماعياً وأسرياً لبعض ما يبثّه المشاهير من إعلانات، حيث ترفع هذه الإعلانات والعروض السياحية ومظاهرُ بذخ بعض المشاهير، سقفَ التطلّعات لدى المواطنين، ولا يَستطيع محدودو الدَّخل مجاراةَ هذه السلوكيات، ما يُسَبِّب تفككاً أسرياً وإحباطاً لأفراد بعض الأسر.

رابعاً: جماعات دعم الحسابات ورفع الهاشتاقات

يجد المغرّدون على تويتر حساباتٍ تَعرض خدماتِ رفع الهاشتاق حتى يصل للترند، وزيادة أعداد المتابعين وبعض الخدمات التي تُقدَّم بمقابل مادي يتراوح بين 200 – 600 ريال.

وتمتلك هذه الحساباتُ إعلاناتٍ في معظم الهاشتاقات التي تَظهر يومياً، كما تدشن هاشتاقات إعلانية تروّج لدعم الهاشتاقات ومنها:

ومن الواضح أن الجماعات التي تقف خلف هذه الحسابات تمارس عملها دون رقابة، ما أطلق دعواتٍ من جانب مستخدمي تويتر في المملكة، لفرض رقابة من شركة تويتر في الشرق الأوسط، ومن وزارة الإعلام السعودية.

وتستمر هذه الجماعات بنشر رسائل دعائية في الهاشتاقات التي تَحظى بمتابعة جماهيرية مثل:

ومكّنت هذه الجماعات أيَّ شخص من تدشين الهاشتاق الذي يريده، ما يُفسِّر انتشار الهاشتاقات التي تحمل مسميات غريبة وهابطة، وتسبّب الإزعاج والضيق والحرج للكثير من مستخدمي ومغردي تويتر.

خامساً: المستخدمون الداعمون

غرّد عدد لافت من مستخدمي تويتر، ممن يبحثون عن الشهرة، أو يريدون إبراز وجهات نظرهم حول قضايا معينة، بجميع الهاشتاقات المتداولة، وبغضّ النظر عن محتواها، ما أدى لزيادة التفاعل معها حتى وصل بعضها إلى الترند من خلال التغريدات المتواصلة التي يقدّمونها مدعومة بالصور ومقاطع الفيديو.

وإلى جانب هؤلاء المستخدمين الذين يتعمّدون رفع مستوى التفاعل مع الهاشتاق، يقوم بعض الأفراد – دون وعي – برفع الهاشتاقات التافهة والموجّهة وغير اللائقة، من خلال التغريد بها بقصد انتقادها، ما يشير إلى افتقار هؤلاء للوعي الشبكي الذي يَفرض مقاطعة هذه الهاشتاقات وتجنّب الإشارة إليها بأيّ صورة.

سادساً: المجموعات المتطرفة

تستغلّ مجموعاتٌ متطرّفة الهاشتاقات الباردة لنشر أفكارها الضالة، بعد رصدٍ للهاشتاقات الحديثة وتكرار التغريد من خلالها أكثر من مرة. وتتضمّن هذه المشاركات مقاطع فيديو غالباً ما تحوي مشاهد عنف وقتال، أو إساءة لِحُكّامِ وأنظمةِ دولٍ خليجية وعربية.

وتتدثّر هذه المشاركات بصورة النُصْح للشعوب، كما تتصيّد بعض الممارسات غير الأخلاقية في المجتمعات، لتستقطب الرافضين لهذه الممارسات في المجتمع.

سابعاً: مجموعات الدِّيات والصدقات والمَديونيات

استغلّت بعضُ المجموعات هاشتاقات تويتر لجمع الأموال بطرق غير نظامية، عبر نشر رسائل استعطاف مصحوبة بصور صكوكِ أحكام تنفيذ، وإيصالات توضّح أرقام الحسابات البنكية.

وتتّخذ هذه الرسائل صوراً متعدّدة، كجمع ديةٍ لشخص مسجون في قضية قتل وأحكام بالدية، كما تحمل حساباتٌ أخرى مسمياتٍ لجمعياتٍ خيرية تنشر تغريداتٍ وصوراً لمشاريع خيرية متعثّرة أو مساجد تحتاج لإكمال بناء.

كما أن هناك حساباتٍ تغرّد عن ديون بعض المُعسرين، للمساهمة في سدادها حتى لا يتعرّضوا للسجن.

والهدف من أغلبية هذه التغريدات التأثيرُ على مستخدمي تويتر، من خلال التلاعب بمشاعرهم واستعطافهم عبر الهاشتاقات، حتى يقوموا بتحويل أموال لهذه المجموعات.

ثامناً: إعلانات منتجات التخسيس والمنشّطات الجنسية

يُواجه الكثيرُ من مستخدمي منصة تويتر إزعاجاً وتشويشاً من مجموعة حساباتٍ وهمية تروّج لمنتجاتِ تخسيسٍ ومنشطاتٍ جنسية، وتَظهر إعلاناتُها في الهاشتاقات المتداولة يومياً، وبشكل متكرر.

وتدعم هذه التغريداتُ الهاشتاقاتِ – عيّنة الدراسة – لتصل إلى الترند، بهدف وصول إعلاناتها لأكبر عدد من متداولي هذه الهاشتاقات.

وتنتمي الكثيرُ من المنتجات المُعلَنِ عنها لشركة تمّ حظرُ تداول منتجاتها في المملكة من قِبل الهيئة العامة للغذاء والدواء.

خاتمة..

يَكشف هذا التحليلُ الانتشارَ الكبير لظاهرة الهاشتاقات التافهة التي تصل للترند، بتأثير وتفاعل مجموعاتٍ داخلية وخارجية، تستهدف تحقيق مصالحها والإضرار بمصالح المجتمع وأفراده.

ويشكل وجود هذه المجموعات خطراً كبيراً على مستخدمي تويتر، ومن ثم المجتمع بأكمله، نظراً لمكانة تويتر الكبيرة لدى المجتمع السعودي، واستخدامه الواسع بين مختلف فئاته.

توصيات..

– فرض رقابة حكومية على شبكة تويتر، ومراقبة أداء الحسابات الوهمية والمشبوهة من خلال اللجان المشتركة بين وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، ووزارة الإعلام.

– توضيح مآرب الحسابات من وراء هذه الهاشتاقات، سواء أكانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو صحية.

– المتابعة المستمرة لمحتوى التغريدات المتداولة في هذه الهاشتاقات، والكشف عن مصادرها، وانتماءات مَن يقف خلفها.

لتحليلات أكثر يمكنكم النقر على هذه الصورة 

زر الذهاب إلى الأعلى