تحليل

تعد الميزانية العامة للدولة إحدى الأدوات التي تقوم الحكومة من خلالها بتنظيم صرف الأموال العامة واستثمارها والمحافظة عليها، وتمثل الأداة الرئيسية في تحقيق إنجازات الأداء العام فهي تتضمن ترجمة مالية وكمية ونقدية للأهداف التي ترغب الدولة في تحقيقها خلال العام المالي، إذ إنها تشكل خريطة تنفيذية لمسار السياسات الحكومية المتعلقة باستخدام الموارد وتخصيصها من أجل رفع مستوى التوظيف والنمو الاقتصادي، وتحقيق التنمية المستدامة.

بالإضافة إلى أنها أداة لتحقيق أغراض اجتماعية، حيث تعمل على تحسين مستوى معيشة المواطنين وجودة حياتهم من خلال الارتقاء بالخدمات كالصحة والتعليم والنقل والإسكان، وتُسهم في تقليص التفاوت بين دخول الأفراد في المجتمع، ومكافحة البطالة.

وفي هذا الإطار، أقر مجلس الوزراء السعودي برئاسة صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، حفظه الله، الميزانية العامة للدولة للعام المالي الجديد 2025، والتى تعد تاسع ميزانية تصدر بعد إطلاق رؤية السعودية 2030 في عام 2016، وقد وضعت تلك الميزانية مع الأخذ في الاعتبار مجموعة من الأهداف من بينها مواصلة الحفاظ على المركز المالي للمملكة بما يحقق الاستدامة المالية، وتوجيه الإنفاق نحو المشاريع التي تسهم في تحقيق التنويع الاقتصادي، واستمرار تعزيز منظومة الدعم والإعانات الاجتماعية، والعمل على رفع جودة الحياة من خلال تطوير البنية التحتية للخدمات والمرافق العامة.

وأظهرت الأرقام الواردة في الميزانية مؤشرات عدة على مضي المملكة قُدما في طريقها لتعزيز النمو الاقتصادي والاستدامة المالية معًا نحو مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر ووطن طموح، إذ قدرت الميزانية إجمالي النفقات بـ 1285 مليار ريال، وإجمالي إيرادات بـ 1184 مليار ريال، وتسجيل عجز قدره 101 مليار ريال، بما يمثل نحو 2.3% من الناتج المحلي الإجمالي.

كما توقعت نمو الاقتصاد بنسبة 4.6% في 2025، و3.5% في 2026 و4.7% في2027، وقدرت الميزانية التضخم عند 1.9% للأعوام الثلاثة المقبلة.

 

  • فلسفة الميزانية العامة للدولة

لقد أوضحت مضامين كلمة سمو ولي العهد، حفظه الله، بمناسبة إقرار الميزانية العامة للدولة، الفلسفة والمرتكزات التي تقوم عليها تلك الميزانية وتمثلت أركانها فيما يلي:

  • استمرار مساهمة الإنفاق الحكومي في تنويع الاقتصاد من خلال التركيز على تمكين القطاعات الواعدة، وتعزيز جذب الاستثمارات، وتحفيز الصناعات، ورفع نسبة المحتوى المحلي والصادرات غير النفطية، والاستمرار في كامل برامج تحقيق رؤية المملكة 2030 والاستراتيجيات الوطنية، وتعزيز دور القطاع الخاص لزيادة مساهمته في المشاريع الاستثمارية.
  • البناء على المؤشرات الإيجابية للاقتصاد السعودي والتي تأتي امتدادًا للإصلاحات المستمرة في المملكة في ظل رؤية المملكة 2030؛ إذ يقدر أن تسجل المملكة ثاني أسرع معدل نمو في الناتج المحلي الإجمالي بين الاقتصادات الكبرى خلال العام المقبل عند (4.6%)، مدفوعة باستمرار ارتفاع مساهمة الأنشطة غير النفطية والتي بلغت مستوى قياسياً جديداً لها خلال العام 2024م عند (52%).
  • مواصلة الاهتمام بجميع فئات المجتمع: من مؤشراته انخفاض معدل بطالة السعوديين إلى مستوى قياسي بلغ (7.1%) حتى الربع الثاني من العام الحالي 2024 وهو الأدنى تاريخيًا، مقتربًا من مستهدف رؤية المملكة (7%)، كما ارتفع معدل مشاركة المرأة السعودية في سوق العمل ليصل إلى (35.4 %) حتى الربع الثاني متجاوزاً مستهدف الرؤية البالغ (30%)، وبلغ صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي (21.2) مليار ريال خلال النصف الأول من العام.
  • الدور المحوري لصندوق الاستثمارات العامة وصندوق التنمية الوطني والصناديق التنموية التابعة له في دعم الاستقرار الاقتصادي وتحقيق التنمية الشاملة، حيث يمثل الصندوقان قوة فاعلة لتنويع الاقتصاد والاستثمار في المملكة.
  • تعزيز قوة ومتانة ومرونة اقتصاد المملكة من خلال المحافظة على مستويات مستدامة من الدين العام واحتياطيات حكومية معتبرة، إضافة إلى سياسة إنفاق مرنة تمكّنها من مواجهة التحديات والتقلبات في الاقتصاد العالمي.
  • مواصلة تمكين القطاع الخاص ليصبح المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي عبر توفير البيئة الاستثمارية المحفّزة، ودعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة لتكوين قطاع عمل قوي وواعد يعزز قدرات الكوادر البشرية في المشاريع المختلفة.

 

  • البيان النهائي الصادر عن وزارة المالية

تضمن البيان النهائي للميزانية العامة للدولة للعام المالي 2025 الصادر عن وزارة المالية، مجموعة من الركائز الأساسية التي استندت إليها عملية رصد المخصصات اللازمة لبلوغ مستهدفات الميزانية وهو ما يمكن استعراضه على النحو التالي:

  • المحافظة على المركز المالي للمملكة وتحقيق الاستدامة المالية من خلال الحفاظ على مستويات مستدامة من الدين العام واحتياطيات حكومية معتبرة؛ لتعزيز قدرة المملكة على التعامل مع الصدمات الخارجية.
  • مواصلة مسيرة تنويع الاقتصاد السعودي من خلال تعزيز دور الأنشطة غير النفطية في تعزيز نمو الناتج المحلي الإجمالي عبر استمرار المبادرات الرامية لتعزيز القطاعات الواعدة وتمكين القطاع الخاص.
  • استمرار التوسع في الإنفاق الاستراتيجي على المشاريع التنموية وفق الاستراتيجيات القطاعية وبرامج رؤية السعودية 2030، ومواصلة تنفيذ البرامج والمشاريع ذات العائد الاقتصادي والاجتماعي والبيئي المستدام، وتطوير بيئة الأعمال لتعزيز جاذبيتها، والمساهمة في تحسين الميزان التجاري للمملكة، وزيادة حجم ونوع الاستثمارات المحلية والأجنبية.
  • الدور المحوري للمواطن السعودي في التنمية الاقتصادية الشاملة والمستدامة، انطلاقا من فكرة “المجتمع الحيوي” التي ترتكز عليها رؤية المملكة.
  • تبني سياسات مالية تتسم بالمرونة والفاعلية والقدرة على التعامل مع التحديات الاقتصادية المحلية والعالمية.

 

  • ترحيب شعبي واسع

على الصعيد الشعبي، لاقى إقرار ميزانية المملكة العربية السعودية للعام المالي 2025 ترحيبًا واسعًا من قِبل المواطنين الذين تفاعلوا بكثافة على هاشتاق (#ميزانيه_السعوديه2025) بمنصة “إكس”، حيث بلغ حجم النشاط على الهاشتاق خلال ثلاث ساعات فقط:

  • (32.3) ألف تفاعل.
  • (11.8) ألف مستخدم متفاعل.
  • (5.01) مليون مشاهدة.
  • (11.3) مليون وصول محتمل.
  • (189)  مليون ظهور.

وقد تمحورت تفاعلاتهم حول مجموعة من الأفكار المركزية، أبرزها ما يلي:

  • الإشادة بسياسات القيادة الرشيدة – حفظها الله – والدعاء لها بالحفظ والتوفيق.
  • التعبير عن الحب والثقة في سمو ولي العهد، حفظه الله، مستخدمين عبارات (شعبك يُحبك – شايفينك حلمنا).
  • التأكيد على أن المملكة تمضي بخطى ثابتة نحو مستقبل مشرق بقيادة سمو الأمير محمد بن سلمان.
  • الإشارة إلى أن جودة الحياة أصبحت واقعا بفضل الله ثم رؤية قائد مُلهم.
  • اعتبار سمو ولي العهد هو الرصيد الحقيقي للوطن.
  • تسليط الضوء على دلالات الميزانية، ومنها:
  • وصفها بميزانية الرخاء والازدهار للوطن والمواطنين.
  • تُؤكد على أن الرؤية الثاقبة والقيادة الحكيمة رسّخت مبادئ التوازن المالي والاستدامة.
  • تعكس الإصرار على مواصلة مسيرة التنمية الناجحة لتحقيق مستهدفات الرؤية الطموحة 2030.
  • تُبرز قوة ومتانة الاقتصاد السعودي.
  • تُوضح أن المملكة تسير بخطى ثابتة نحو مستقبل مشرق ومستدام.
  • تُؤكد متانة المركز المالي للمملكة ومكانتها الرفيعة.
  • تكشف نجاح الحكومة في مواجهة التحديات والظروف الاقتصادية العالمية.
  • تعكس التزام الحكومة بتحقيق رفعة الوطن ومنفعة المواطن.

وتأسيسًا على ما سبق، يمكن القول بأن هذه الميزانية تجسد استمرارية لجهود الحكومة الرشيدة في رفع كفاءة الإنفاق الرأسمالي والتشغيلي في الدولة، وتقوية وضع المالية العامة وتعزيز استدامتها، وإعطاء الأولوية للمشاريع والبرامج التنموية والخدمية، فضلًا عن أنها تسهم في تفعيل دور القطاع الخاص وزيادة مساهمته في الاقتصاد السعودي.

زر الذهاب إلى الأعلى