تقارير

ماذا بعد مقتل حسن نصر الله؟

في أقل من 10 أيام تعرضت جماعة “حزب الله” اللبنانية لأقوى الضربات منذ تأسيسها عام 1982، والتي أدت إلى زلزلة بنية الجماعة، عبر استهداف قواعد الحزب من خلال تفجيرات متزامنة طالت أجهزة اتصالات لاسلكية “بيجر” يستخدمها عناصر الحزب، وسلسلة من الغارات الإسرائيلية استهدفت العاصمة اللبنانية بيروت قضت على قادة قوة الرضوان أبرز وحدات النخبة العسكرية التابعة للجماعة، إلى أن وصلت الضربات إلى قمة الهرم التنطيمي بمقتل الأمين العام للحزب حسن نصر الله وعدد من قادة الحركة في غارات عنيفة على المركز الرئيسي للحزب في الضاحية الجنوبية لبيروت حيث معقل الجماعة، تمت بواسطة 85 قنبلة خارقة للتحصينات تزن طنا من المتفجرات، وفقا لتقارير إعلامية إسرائيلية.

  • تساؤلات حول مستقبل “حزب الله”

وقد فرضت تلك التطورات المتسارعة عدة تساؤلات حول مستقبل “حزب الله” والتداعيات المتوقعة على الشرق الأوسط، في وقت تتوالي فيه النداءات والدعوات الإقليمية والدولية والأممية لخفض التصعيد مقترنة بتحذيرات من انزلاق المنطقة إلى حرب شاملة، بينما تسود حالة من الترقب الحذر لرد فعل الحزب وإيران والجماعات الموالية لها في اليمن والعراق وسوريا.

فعلى صعيد هيكل الجماعة، بات واضحًا أن “حزب الله” بعد تلك الضربات المكثفة لن يكون كما كان قبلها، فمنذ “تفجيرات البيجر” أضحى الحزب مُقطع الأوصال نتيجة ذلك الاختراق لشبكة اتصاله الداخلية، كما فقد خدمات  1500 عنصر أصبحوا غير لائقين للقتال بسبب إصاباتهم البالغة، إذ أُصيب كثير منهم بفقدان النظر أو بُترت أيديهم، بحسب تصريحات مصدر قيادي بالحزب لوكالة رويترز.

وهؤلاء المقاتلين يشكلون كتلة حرجة في الحزب باعتبارهم  رؤوس لمجموعات تتلقى التعليمات عبر تلك الأجهزة ومن ثم توجيه مسارات تحرك باقى العناصر، مع العلم بأن مراكز الأبحاث الاستراتيجية المستقلة تقدر عدد عناصر “حزب الله” بما يتراوح بين 20 ألف و50 ألف مقاتل، وذلك على الرغم من أن حسن نصر الله سبق وأن صرح بأن الجماعة لديها 100 ألف مقاتل.

بالإضافة إلى ذلك، فإن حزب الله يعاني من فراغ كبير في المستويات القيادية وضعته في حالة من الفوضي انعكست على طبيعة رده بعد كل موجة من الهجمات الإسرائيلية، حيث خسر الحزب خلال أيام معدودة كوادر مهمة في صفوفه مثل إبراهيم عقيل قائد عمليات الحزب، وأحمد وهبي المشرف على العمليات العسكرية لقوة الرضوان، وإبراهيم قبيسي القائد البارز في فرقة الصواريخ، ومحمد حسين سرور قائد القوة الجوية بالحزب.

ومن قبلهم في يوليو الماضي فؤاد شكر قائد العمليات العسكرية في جنوب لبنان، ومحمد نعمة ناصر قائد “وحدة عزيز”، وطالب عبدالله قائد “وحدة النصر”، وكذلك وسام الطويل قائد قوة الرضوان.

وبمقتل حسن نصر الله في أعنف ضربة تتلقاها الجماعة عبر تاريخها الممتد على مدى 42 عاما، بات عليها سريعًا اختيار أمينًا عامًا جديًدا، حيث تشير تقديرات مراقبون إلى أن هاشم صفي الدين، ابن خالة حسن نصر الله، الذي يشغل منصب رئيس المجلس التنفيذي للجماعة وعضوية ما يسمى بـ”مجلس الجهاد” الذي يدير عملياتها العسكرية، سيخلفه في قيادة الحزب.

أما عن الجانب المتعلق بقدرات الحزب العسكرية والتى شهدت تطورًا ملحوظًا خلال السنوات القليلة الماضية لا سيما مع انخراطه في الحرب بسوريا، فمازال من غير الواضح مدى تأثرها بالضربات الإسرائيلية، إذ تشير تقارير إعلامية غربية إلى أن الحزب قام منذ ثمانينيات القرن الماضي بمساعدة كوريا الشمالية، بإنشاء شبكة عسكرية تحت الأرض أكثر تطورًا من تلك الموجودة في قطاع غزة، يبلغ طولها مئات من الكيلومترات ولها تشعبات تصل إلى إسرائيل وربما تصل إلى سوريا.

وبحسب مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، فإن عدد صواريخ “حزب الله” تقدر بـ 130 ألف صاروخ وقذيفة، معظمها صواريخ أرض – أرض صغيرة وغير موجهة، من طراز (كاتيوشا-جراد). كما تشمل الأسلحة صواريخ مضادة للطائرات والسفن والدبابات، وصواريخ موجهة، يقال إنها قادرة على الوصول إلى عمق إسرائيل.

  • الوضع الإقليمي الملتهب

وعلى صعيد المشهد الإقليمي، فإن المنطقة برمتها باتت فوق “برميل بارود” قد ينفجر في أي لحظة، إذا ما تجاوز الوعيد المتبادل ورسائل التهديد بين إيران وإسرائيل الخطوط التي رسُمت خلال عامًا من القتال تخوضه  ما تسمى بـ”جبهات الإسناد” في العراق وسوريا ولبنان واليمن.

وثمة مؤشرات متعددة على الوضع الإقليمي الملتهب، منها توجيه الرئيس الأمريكي جو بايدن لوزارة الدفاع الأمريكية “البنتاجون” بتقييم وتعديل انتشار القوات الأمريكية في الشرق الأوسط حسب الضرورة، وضمان اتخاذ السفارات الأمريكية في المنطقة كافة التدابير الاحترازية، فضلًا عن إقرار إسرائيل بأنها ستواجه أيامًا صعبة مع تأكيدها إلى أنها تتطلع إلى جميع الساحات بما فيها إيران والعراق واليمن وسوريا، وحديث المرشد الإيراني، علي خامنئي عن أن ما اسماها بـ”ضربات المقاومة” ستكون أكثر قسوة.

وعلى أية حال يبقي التساؤل الأبرز في المرحلة الراهنة هل تقدم إسرائيل على غزو بري للبنان؟، مستغلة حالة الوهن والضعف الشديد التي ضربت “حزب الله” على كافة الأصعدة.

  • التفاعلات مع الحدث عبر منصات التواصل الاجتماعي

من جهة أخرى، أثار مقتل حسن نصر الله ردود فعل واسعة على منصات التواصل الاجتماعي؛ وعلى الرغم من أن البعض من أصحاب الفكر المؤدلج، والمخدوعين بمزاعم ما يسمى بـ”محور المقاومة والممانعة” عبّر عن الغضب لمقتله، إلا أن الغالبية العظمى من التفاعلات خاصة الخليجية والعربية تناولت مواقف نصر الله التي اتسمت بالعداء للعرب والولاء للمشروع الطائفي الإيراني في المنطقة؛ وقد تمحورت تفاعلات هذه الفئة من المستخدمين حول ما يلي:

أولًا: استذكار المواقف العدائية لحسن نصر الله ضد العرب، ومنها:

  • مواقفه العدائية ضد السعودية والتي اعتبرها أعظم وأشرف وأفضل شيء عمله في حياته.
  • اعتبار عدائه للمملكة هو الجهاد الحقيقي وأعظم من حرب 2006 ضد إسرائيل.
  • دعمه للميليشيات المسلحة التي تُهدد أمن المملكة.
  • قيام حزبه بتهريب المخدرات إلى السعودية.
  • قتل وتشريد الشعب السوري.
  • المزايدة والمتاجرة بدماء الفلسطينيين.
  • التطاول والتحريض ضد الحكام العرب.
  • تعزيزه للطائفية في المنطقة.

ثانيًا: الوضع اللبناني في عهد نصر الله:

  • جلب الخراب والدمار للبنان وجعله ساحة حرب وصراع دائم.
  • عمل على اختطاف لبنان والسيطرة على مفاصل الدولة.
  • رهن مستقبل لبنان وشعبها بمصالح الملالي في طهران.
  • هدّد وروّع وقتل اللبنانيين في أحداث 7 أيار ومناسبات أخرى استخدم فيها قوة السلاح.
  • فرض الثلث المعطل في مجلس النواب مما أدى إلى شلل الحكومة اللبنانية.

توصيف نصر الله وحزبه:

  • دمية بيد طهران.
  • يقوم بدور وظيفي لصالح مشروع مناهض للعرب.
  • ذراع إيرانية لتعزيز الطائفية في لبنان والمنطقة.
  • الضربات الأخيرة كشفت ضعف ووهن الحزب وقادته.
  • أنصاره من أصحاب الفكر المؤدلج، والمخدوعين بمزاعم وشعارات محور المقاومة الواهية.

فرص لبنان بعد مقتل نصر الله:

  • استعادة الدولة اللبنانية لمؤسساتها.
  • تعزيز سيادة القرار اللبناني.
  • عودة الاستقرار ولو نسبيًا.
  • إنهاء تحكم الميليشيات المسلحة فى القرار اللبناني.

 

زر الذهاب إلى الأعلى