تقارير

التسويق المؤثر في السعودية وآفاقه العالمية خلال 2023

أصبح “التسويق المؤثر- Influencer Marketing” عنصرًا رئيسيًا في نمو صناعة التسويق عالميًّا، فكل علامة تجارية سواء كانت كبيرة أم صغيرة  تلجأ إلى الاستعانة بذلك النمط التسويقي رغبة في  الوصول إلى شرائح المستهلكين المختلفة، ويتم ذلك عبر اختيار سفير للعلامة التجارية أو لمحتوى حملة قصيرة أو تسويق لحدث ما، لأنّ المؤثرين لديهم القدرة على الوصول إلى الجمهور بشكل استثنائي.

وقد نمت صناعة التسويق عبر المؤثرين بشكل كبير خلال العقد الماضي، حيث توسعت بأكثر من 800% منذ عام 2016، وتوجد ثمة محددات رئيسة للتوظيف الناجح للتسويق عبر المؤثرين على رأسها اختيار المؤثر المناسب للترويج للعلامة التجارية، وتقديم محتوى يروق للجمهور المستهدف، وتشغيل الحملات عبر حسابات المؤثر وفق الأهداف التسويقية.

 

  • إضاءة على حالة التسويق المؤثر في السعودية:

يعتبر المجتمع السعودي واحدًا من المجتمعات الأكثر نشاطًا على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يوجد 29.3 مليون مستخدم نشط لتلك المنصات في المملكة، وهو ما يشكل 82.3 % من إجمالي السكان، وفقًا لإحصاءات منصة “DataReportal” للبيانات والتحليلات، ومن الطبيعي أن يحظى التسويق المؤثر بأهمية في ظل هذا المجتمع الرقمي النابض، لذا ازدهرت أعمال الشركات والمؤسسات المحلية المعنية بتوفير خدمات التسويق عبر المؤثرين، واجتذب هذا القطاع أيضًا شركات عالمية من أبرزها منصة “Vamp” العالمية للتسويق التي افتتحت مكتبًا لها بالمملكة في أكتوبر 2021 لمساعدة العلامات التجارية على زيادة إمكاناتها في المنطقة.

ووفقًا لمنصة “Vamp”، يغطي المؤثرون في السعودية مجموعة واسعة من المجالات، وبينما تأتي الموضة والجمال في الصدارة، هناك مجالات أخرى ناشئة تتمثل في بروز مؤثري الألعاب الذين يمتلكون جمهورًا كبيرًا من المتابعين من الجيل “Z”.

وفي هذا الإطار، تشير دراسة للدكتورة أرام بنت إبراهيم، الأستاذ المساعد بكلية الإعلام جامعة الدمام، إلى أن التسويق عبر المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي يشهد إقبالًا متزايدًا من قبل قطاع واسع من الأفراد، وخصوصًا الشباب الذين يمثلون الشريحة الأكثر تأثيرًا وتأثرًا بمحتوى هذه المواقع في مختلف المجالات المرتبطة بحياتهم وعلاقاتهم الاجتماعية واتجاهاتهم واهتماماتهم الشخصية.

وتمثّل أهم المؤثرين الذين يحظون بمتابعة عينة تلك الدراسة -المنشورة في المجلة المصرية لبحوث الإعلام-، في كل من (فيصل العبد الکريم- ثنيان خالد -فايز المالکي-  عبد الرحمن أبو مالح -محمد البکري- لبنى الخميس – ريان عادل – راشد الفوزان- لطيفه الدليهان – سليمان الصالح -نايف السويلم- مازن السديري)، وقد خلصت الدراسة إلى أن الأساليب التسويقية الأکثر کفاءة  هي استثمار الحنين الفطري للماضي في المحتوى التسويقي، وتسويق المنتج من خلال نشر التفاؤل والأخبار السعيدة والإنجازات، بالإضافة إلى ربط المنتج بالمناسبات والأعياد، وكذلك جعل المنتج ضمن نمط حياة المؤثر.

 

  • تصاعد مكانة الـ”ميكرو إنفلونسرز” في 2023:

وعلى صعيد التوقعات بشأن سوق التسويق المؤثر في عام 2023، تشير مجلة “فوربس” الأمريكية إلى أنه مع وجود عدد أكبر من المؤثرين عبر الإنترنت أكثر من أي وقت مضى، من الطبيعي أن يصبح المحتوى والخبرة أكثر تخصصًا.

كما أن نمو وشعبية “ميكرو إنفلونسرز – Micro Influencers” (أشخاص يُعرفون بفضل معرفتهم التخصّصية، لديهم ما بين ألف و100 ألف متابع على منصة اجتماعية) سيمنح العلامات التجارية فرصة للاستهداف العضوي.

وعلى الرغم من أهمية المشاركة والعمل بشكل واضح، فإن ساعات وتكلفة كسب المؤثر أو الاحتفاظ به غالبًا ما تكون مخيفة للعلامات التجارية والوكالات التسويقية، لهذا السبب من المتوقع نمو الشراكات مع “ميكرو إنفلونسرز” في عام 2023.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن التعاون مع الـ”ميكرو إنفلونسرز” المناسب، يمكِّن العلامات التجارية ذات الخبرة البسيطة بعالم المؤثرين أو ذات الميزانية المحدودة أن تحقق عائد استثمار أعلى؛ نظرًا لأن تكلفة التعاقد معه أقل، كما أن الجماهير تكون أكثر تفاعلًا مع هذا النمط من المؤثرين.

 

  • التسوق عبر البث المباشر:

من المتوقع أيضا أن يتنامى دور المؤثرين في التسويق مع تزايد الاهتمام بالتسوق عبر “البث المباشر- Livestream”، لا سيما وأن المنصات الاجتماعية اتجهت خلال عام 2022 إلى الاستثمار بشكل أكبر في الميزات المتعلقة بالتسوق عبر البث المباشر. وهنا تأتي منصتا بنترست ويوتيوب في صدارة المنصات التي تقدم عروض تسوق قائمة على الفيديو.

وكان من اللافت أيضًا قيام منصة “تيك توك” في نوفمبر الماضي بتوسيع خيارات التسوق داخل التطبيق لتُتيح للمستخدمين تصفح المنتجات وإجراء عمليات الشراء مباشرة دون مغادرة التطبيق.

وفي هذا الصدد، لا تزال الأسواق الغربية بشكل عام في مراحلها الأولى مقارنة بالصين، فعلى سبيل المثال تشكل التجارة الاجتماعية 5% (53 مليار دولار) من مبيعات التجارة الإلكترونية في الولايات المتحدة، مقابل أكثر من 15% (457 مليار دولار) في الصين.

وهنا يثار تساؤل لماذا يعمل التسوق عبر البث المباشر بسلاسة في الصين؟ وتكمن الإجابة في أن المجتمع الصيني غير نقدي، حيث اعتاد المستهلكون على رقمنة الإنفاق والمشتريات من البداية إلى النهاية على منصات التواصل الاجتماعي.

وتقول  كيلي أهلرز  المؤسس والرئيس التنفيذي لوكالة “Ideas That Evoke” إنه مع توفير البنية التحتية المناسبة وتعرض المستهلك، فمن المرجح أن يكون للتسوق المباشر إمكانات هائلة في الولايات المتحدة على منصة تيك توك على وجه التحديد، حيث يتم استخدام خوارزميات قوية بالفعل لتقديم محتوى متميز ومناسب.

وتتوقع أهلرز أنه بحلول هذا الوقت من العام المقبل، سيتسلل التسوق عبر البث المباشر إلى السوق الأمريكية، وسيكون المؤثرون في طليعة من يدفعون بسلوك المستهلك الجديد هذا إلى الأمام.

وختامًا، يمكن القول بأنه في ظل تعدد المنصات وتطور التكنولوجيا الناشئة والعدد المتزايد من المؤثرين والعلامات التجارية عبر الإنترنت، فإن التسويق المؤثر وُجد ليبقى في المستقبل المنظور. لذلك يعد تطوير المحتوى المتخصص والعمل مع “ميكرو إنفلونسرز – Micro Influencers” ومواكبة الاتجاهات الناشئة من العوامل الأساسية لجعل العلامة التجارية تبرز في هذه البيئة المتغيرة باستمرار.

 

زر الذهاب إلى الأعلى