انتشرت يوم الأحد 30 مايو مقاطع مصورة لحفل ضم عدد من مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي بحضور مجموعة من الراقصات، مع عدم الالتزام بالإجراءات الاحترازية، وتجاوز العدد المسموح به من قِبل وزارة الداخلية للتجمعات، مما تسبب في موجة غضب من جانب المستخدمين السعوديين على المنصات الاجتماعية، في وقت تعمل فيه الجهات المختصة على ضبط من شارك ونشر هذه المقاطع على وسائل التواصل الاجتماعي.
وبهذه المناسبة، تفاعل المستخدمون السعوديون بكثافة على هاشتاق حمل اسم #انفلات_مشاهير_بالسعوديه، ليحتل قائمة الـ “ترند” للأعلى تداولاً في المملكة العربية السعودية.
النشاط على الهاشتاق:
أظهر نشاط المستخدمين على الهاشتاق خلال ساعة واحدة فقط ما يلي:
- قام المستخدمون بالتغريد على الهاشتاق بـ (8520) تغريدة.
- بلغ عدد مرات الوصول إلى الهاشتاق (21.041.454) مليون مرة.
- بلغ عدد مرات الظهور (28.760.564) مليون مرة.
تحليل التفاعلات على الهاشتاق:
انطلاقًا من اهتمام مركز القرار للدراسات الإعلامية برصد وتحليل اتجاهات الجمهور السعودي حول القضايا والموضوعات المثارة، ونظرًا لحجم التفاعل الكثيف على هاشتاق #انفلات_مشاهير_بالسعوديه، قام المركز برصد عينة عشوائية قوامها (100) تغريدة من تفاعلات المستخدمين السعوديين على الهاشتاق، وبإخضاعها لعملية التحليل بشقيه الكمي والكيفي، أظهرت النتائج ما يلي:
الاتجاه:
أظهرت النتائج وجود شبه إجماع بنسبة 98% من جانب المستخدمين على رفض السلوك الذي قام به عدد من مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي، مؤكدين أنه يُخالف عادات وتقاليد المجتمع السعودي العربي المسلم، مشددين علي أن انفتاح المملكة على الثقافات الأخرى، لا يعني قبول ما يتعارض مع النسق القيمي للسعودية، فعلى الجميع احترام ذلك سواء كانوا مقيمين أو زائرين.
بينما أظهر 2% فقط من إجمالي العينة عدم اعتراضهم على ما جاء في المقاطع المصورة، مبررين ذلك بأنه يندرج تحت بند الحرية، واقتصر اعتراضهم فقط على مخالفة المتواجدين للإجراءات الاحترازية ذات الصلة بمكافحة فيروس كورونا.
شخصية المغرد:
جاءت الغالبية العظمى من التفاعلات من جانب المواطنين السعوديين وذلك بنسبة 94%، وهو ما يعكس الرفض الشعبي لهذه السلوكيات.
وفي المرتبة الثانية تفاعلت بعض الشخصيات العامة على الهاشتاق بنسبة 6%، وقد تضمنت هذه الفئة أمراء وإعلاميين وكتاب ومشاهير وسائل التواصل الاجتماعي، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر:
- سمو الأمير سطام بن خالد آل سعود.
- فايز المالكي
- الكاتب أحمد الفراج .
- الإعلامي بندر العطيف.
- عبدالرحمن اللاحم.
- فيصل العبد الكريم.
وإذ تُظهر هذه النتيجة رفض السعوديين بمختلف فئاتهم لما جاء في المقاطع المصورة، فإنها تعكس أيضاً اختلافًا جوهريًا بين مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي، بحيث لا يمكن وضعهم جميعًا في سلة واحدة، الأمر الذي يتطلب من المستخدمين التفرقة والتمييز بين من يستحق صفة مشهور ومن لا يستحقها. فالمشهور يتحتم عليه أن يتحمل المسؤولية ويكون واعِ لتصرفاته، لأنه قد يُمثل قدوة للغير.
زاوية التناول:
تعددت زوايا التأطير التي ركز عليها المتفاعلون على هاشتاق #انفلات_مشاهير_بالسعوديه، وذلك على النحو التالي:
جاء التأطير “القانوني” في المرتبة الأولى بنسبة 44%، حيث ركزت هذه الفئة على ضرورة محاسبة القائمين على الحفل والمشاهير الذين اشتركوا فيه، الأمر الذي يُظهر مدى غضب المستخدمين تجاه ما حدث.
وتمثّلت أهم أسباب المطالبة بالمحاسبة فيما يلي:
عدم احترام المشاهير لعادات وتقاليد المجتمع السعودي.
انتهاك القواعد التي أقرتها وزارة الداخلية للتجمعات.
عدم الالتزام بالإجراءات الاحترازية.
الإساءة لصورة المملكة.
إضافة إلى ذلك، ظهر في تفاعلات المستخدمين عقابًا معنويًا ضد المشاهير الذين ظهروا في المقاطع المصورة، وذلك من خلال المطالبة بمقاطعتهم وعدم الوثوق فيهم أو في مصداقيتهم.
في المرتبة الثانية جاء التأطير “الاجتماعي” بنسبة 36%، وفيه تم تناول الواقعة من خلال التركيز على تعارضها مع قيم وعادات وتقاليد المجتمع السعودي.
وقد تطرقت تفاعلات المستخدمين في هذا الإطار إلى تناول الموضوع من منظور أعمق من مجرد الحادثة، وذلك عبر مناقشة المحتويات والمضامين التي ينشرها المشاهير على حساباتهم بوسائل التواصل الاجتماعي، وهل هي هادفة ومفيدة وتحمل رسائل تخدم المجتمع، أم تافهة تعمل على تسطيح الفكر؟. وأكدوا أن هذه النماذج من المشاهير لا يجب أن تكون قدوة للنشء بأي حال من الأحوال.
احتل التأطير “الديني” المرتبة الثالثة بنسبة 17%، وفيه أشار المستخدمون إلي أن ما حدث يتعارض مع تعاليم ديننا الإسلامي، وأن بعض المشاهير يتحججون بالحرية بشكل مخالف للشريعة، وتطبيق خاطئ لمعنى الوسطية والاعتدال.
وفي المرتبة الرابعة جاء التأطير “الصحي” بنسبة 3%، حيث ركز المستخدمون على مخالفة المشاركين في الحفل للإجراءات الاحترازية وعدم احترامهم للقواعد والإجراءات المعمول بها في الدولة من أجل الحفاظ على صحة وسلامة المواطنين، وذلك على الرغم من أنهم يُمثلون قدوة للبعض، وبالتالي فإن محاسبتهم وعقابهم يجب أن يكون وفق أقسى عقوبة.
كما تم تناول الواقعة من منظور آخر، يتمثل في أن بعض المشاركين في الحفل يُعانون من مرض “الشهرة”، ولتحقيق ذلك يلجأون إلى كل الطرق التي تُحقق لهم هذا الهدف.
ختاماً.. أظهرت نتائج التحليل وجود حالة رفض واستنكار لما تم تداوله من مقاطع مصورة للحفل، حيث أكد المستخدمون أن ما حدث لا يُمثل بأي حال من الأحوال المجتمع السعودي.
وفي هذا الصدد، كرر المستخدمون ما قاله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز – حفظه الله – “تسعى بلادكم إلى تطوير حاضرها وبناء مستقبلها والمضي قدماً على طريق التنمية والتحديث والتطوير المستمر بما لا يتعارض مع ثوابتها متمسكين بالوسطية سبيلاً والاعتدال نهجاً كما أمرنا الله بذلك معتزين بقيمنا وثوابتنا. ورسالتنا للجميع أنه لا مكان بيننا لمتطرف يرى الاعتدال انحلالاً ويستغل عقيدتنا السمحة لتحقيق أهدافه، ولا مكان لمنحل يرى في حربنا على التطرف وسيلة لنشر الانحلال واستغلال يسر الدين لتحقيق أهدافه، وسنحاسب كل من يتجاوز ذلك فنحن إن شاء الله حماة الدين وقد شرفنا الله بخدمة الإسلام والمسلمين ونسأله سبحانه السداد والتوفيق”.
وأكد المستخدمون أن كلمات الملك سلمان تُمثل دستورًا واضحًا وصريحًا، فرّق بشكل دقيق بين الاعتدال والانحلال، ليُغلق الطريق -أيده الله – أمام من يسعى لتفسير ما تقوم به المملكة من انفتاح على الآخر بشكل خاطئ خدمة لأهداف شخصية تضر بالمجتمع السعودي.
كما أثارت تفاعلات المستخدمين من جديد قضية مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي، وما هي السمات الواجب توافرها في المشهور، سواء من حيث المضمون الذي يُقدمه، أو قدرته على تحمل مسؤولية هذه المكانة التي قد تُؤهله ليكون قدوة للنشء.