في حلقة جديدة من حلقات تناقضات قناة الجزيرة القطرية وازدواجية سياستها التحريرية، استضافت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع احتدام أزمة الرسوم الكاريكاتورية المسيئة إلى الرسول (صلى الله عليه وسلم) في فرنسا، رغم أنها كانت أبرز منصة تروج للدعوة التركية لمقاطعة البضائع الفرنسية.
ويمكن رصد تلك التناقضات من خلال النقاط التالية:
- قيام المنصة الإعلامية التي تروج لمشروع الإسلام السياسي في المنطقة وتوفر نافذة يطل منها قادة الإرهاب والتطرف المدانون بأحكام قضائية نهائية في الدول العربية، باستضافة الرئيس الفرنسي الذي ركز في خطاباته مؤخرًا على وجوب مواجهة تيار الإسلام السياسي.
- تبنِّي المحطة القطرية خلال الأيام القليلة الماضية الخطاب التركي الحاد ضد فرنسا، لخدمة أهداف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي أراد القفز على تلك الأزمة واستغلالها سياسيًّا والمتاجرة بالدين كعادته، في إطار تجاذبات ومشاحنات مع باريس في ملفات أخرى مثل الوضع في ليبيا وشرق المتوسط.
- جاءت الأسئلة المطروحة على ماكرون بعيدة كل البعد عن التعبير عن نبض الجماهير، إذ ترك المحاور مجالًا واسعًا للضيف ليتحدث طارحًا وجهة نظره، دون إعمال القناة لشعارها المزعوم “الرأي والرأي الآخر”، حيث غابت التفاعلية والحيوية عن الحوار الذي استمر لمدة 50 دقيقة، وخلا من أي تعقيب من جانب المحاور على حديث ماكرون، فكانت الأسئلة تُطرح وفقًا لتسلسل دون أي أسئلة تعقيبية، مما يوحي بأن الحوار كان يجري في إطار هدف محدد، ألا وهو تحسين صورة ماكرون الذي أبدى خلال اللقاء تفهُّمَه لمشاعر المسلمين، نافيًا تبنِّيه للرسوم المسيئة التي قال إنها ليست حكومية.
واللافت أن المحاور لم ينطق بكلمة واحدة ولم يحرك ساكنًا، رغم أن البديهي أن يسأله عن عرض الصور المسيئة إلى النبي الكريم على واجهة مبنى حكومي!
وأخيرًا.. يمكن القول بأن النظام القطري سعى عبر تلك المقابلة إلى المحافظة على العلاقة مع باريس لخشيته على محفظة الاستثمارات القطرية هناك، وكذلك في محاولة لعدم وقف نشاطات الكثير من الجمعيات الممولة من الدوحة، التي ستكون في مرمى الإجراءات الفرنسية ذات الصلة بتجفيف منابع التطرف، مما قد يعرقل مُضِيَّ الدوحة قُدُمًا في تنفيذ أجندتها بالمنطقة وهي قطعًا أجندة لا تستهدف سوى نشر الفوضى والإرهاب وتدمير الأوطان.
