الدراسات الإعلامية

الاتجاهات الحديثة في دراسات الابتكار الإعلامي وريادة الأعمال الإعلامية

يتعلق الابتكار في مجال الإعلام بالتكيف مع البيئة الجديدة، وتعتمد المؤسسات كثيرًا على إبداع موظفيها، فالإبداع جزء أساسي من الابتكار المتغير بتغير تكنولوجيا الاتصالات وقدرتها على تشكيل ممارسات تبادل الأفكار والمعلومات.

وتجبر التطورات التكنولوجية والتغييرات في المنصات والمنتجات وعادات الاستهلاك المؤسسات الإعلامية على أن تكون مبدعة ومبتكرة على نطاق أوسع من ذي قبل، وتحتاج المؤسسات الإعلامية إلى محترفين يمكنهم الابتكار في مجالات مثل التقنيات الجديدة وتوزيع المحتوى ومشاركة الجمهور. وفي  ضوء تلك التطورات، فإن دراسة الإبداع والابتكار في الإعلام والصحافة مهمة جدًا، ولذلك يجب التعرف على كيفية تنفيذ العمل الإبداعي والابتكار من خلال تقنيات الاتصال في المؤسسات الإعلامية.

وفي هذا الإطار، نشرت مجلة بحوث الإعلام الرقمي في عددها الصادر في يناير 2024، دراسة بعنوان “الاتجاهات الحديثة في دراسات وممارسات الإعلام الابتكار وريادة الأعمال الإعلامية” من إعداد الدكتور عبد الله بن محمد الرفاعي، الأستاذ بقسم الصحافة والإعلام الجديد في كلية الإعلام والاتصال بجامعة الإمام محمد بن سعود، والتي نستعرضها على النحو التالي:

  • الإبداع الإعلامي

تشير الدراسة إلى أنه نظرًا لأن التركيز في التعليم الإعلامي قد تحول أكثر من تحليل النصوص الإعلامية إلى إنتاجها، تم تسليط الأضواء على مسألة الإبداع، مشيرة إلى وجود 4 عوامل تسهل العمل الإبداعي وهي بناء الحافز والثقة بالنفس، وخلق جو مشجع، وتسهيل الإنتاج الإعلامي الإبداعي، وتوفير فرص النشر.

واستعرضت الدراسة عددا من السمات المرتبطة بالإبداع الإعلامي، والتي تمثلت في:

  • الرغبة في الاختصاص: هناك اتجاه متزايد لإنشاء محتوى وسائط وفقًا للشروط الخاصة ونشره عبر الإنترنت وتجربة المهارة والكفاءة.

وقد جلب التحول في تعليم الإعلام إلى إنتاج النصوص أكثر من تحليلها، مسألة الإبداع إلى دائرة الضوء أيضًا، فالجماهير المعاصرة ليست فقط أجهزة استقبال نشطة بل هم في علاقات متنوعة مع وسائل الإعلام، فهم أكثر من مجرد مستهلكين ومستخدمين ليكونوا أيضًا منشئين نشطين لمحتوى الوسائط، وهذا الوضع يشكل الحاجة إلى أن ينعكس في الإنتاج الإعلامي من خلال المعرفة الإعلامية، والمهارات اللازمة لإنتاج المحتوى في المجتمع الوسيط، مما يجعل المشاركة الفعالة والكاملة ممكنة في المجتمع المعاصر.

وينظر إلى إنتاج المحتوى الإعلامي على أنه عملية إبداعية وتعبيرية ومع ذلك لا يرتبط الإبداع بفكرة العبقرية، فالإبداع عملية نشطة تطبق فيها الممارسات الثقافية المكتسبة لصنع المعنى في الإنتاج الإعلامي في أفضل حالاته.

  • تسهيل الإنتاج الإعلامي الإبداعي: العمل الإبداعي نفسه يمثل تحديًا كبيرًا، فالعديد قد لا يكونون مبتكرين ويجدون صعوبة كبيرة في الإبداع وبما أنهم لم يحصلوا على الفرص المناسبة، ليفعلوا ما يحلو لهم يفقدون اهتمامهم بالعمل الإبداعي، لذا من المهم توفير المهام بشكل واضح، فالذين سبق أن أنجزوا الكثير من الأعمال الإبداعية حددت لهم المهام بوضوح، فتقديم المهام الواقعية القابلة للتحقيق عامل رئيسي في تحقيق الهدف، ومن الضروري تحديد المناسب من المهام وتقديمها بشكل صحيح باعتبارها مثيرة للاهتمام.
  • تحسين مهارات التفكير الذاتي: يحتاج العديد إلى المساعدة في إيقاظ الإبداع من أجل التوصل إلى أفكار حول كيفية إنجاز المهام المعروضة.

وفي الوقت الحاضر تظهر من خيال رواد الأعمال الإخباريين أنواع جديدة تماما مثل الصحافة الموجهة برسالة “السرد التصالحي” صحافة الدعوة اللينة، وصحافة الحلول، والصحافة النشطة، وكلها تعمل للوصول للجماهير وإشراكهم بطرق جديدة، وبناء أنظمة اتصال قوية.

  • ريادة الأعمال الإعلامية

إن تعلم المزيد عن ريادة الأعمال الإعلامية يفرض ضرورة التعرف على مهارات ابتكار الوسائط وكيفية عملها وقياساتها، باعتبارها جزءا من العملية الإبداعية وجزءا من هذا الاتجاه الجديد، لذلك بدلًا من تعلم هذه المهارات كأهداف نهائية، يتم دمجها في سياق تحويل الأفكار إلى مشروع مشبع بالشغف، ومن هذه المهارات:

  • مهارات البيانات: يجب تعلم كيفية جمع البيانات وتحليلها للقيام بإعداد التقارير، ومع ذلك يتعلم رائد الأعمال الإعلامية عن الحاجة لجمع البيانات للحصول على منح أو تبرعات كمقياس لتأثير قصصه.
  • بلوغ الإيرادات: تتطلب ريادة الأعمال الإعلامية معرفة بناء كيان ذي تدفق إيرادي متعدد لحفظ الأنشطة وتنميتها.
  • مهارة تسويق الأفكار: هذه المهارة ضرورية لجذب الدعم لفكرة قصة أو مبادرة نريد إطلاقها.

وتتطلب ريادة الأعمال الإعلامية استخلاص الأفكار في إطار يحدد الاحتياجات والفرص والتحديات.

  • تطور الفكر الريادي: تغيرت صناعة الإعلام والصحافة ولا تزال آخذة في التغير، فالطريقة التي ستدار بها الصحافة في المستقبل مختلفة عما كانت عليه، رغم تطور الحرفة والصناعة تلعب التكولوجيا دورًا رئيسيًا فيها، فصناعة الإعلام والبحث عن الحقيقة ورواية القصص وإنتاج المحتوى تواصل الاستمرار في لعب دور حيوي في المجتمع.

وختامًا، رصدت الدراسة مجموعة من تحديات الإدارة المستقبلية في وسائل الإعلام التي يجب أخذها في الاعتبار، وتتمثل في مركزية المستخدم، حيث أصبح مستخدمو وسائل الإعلام على دراية أفضل بشكل متزايد من موفري المحتوى لأهمية محتوى الوسائط، كما يبرز صعود المنصات كتحدٍ بارز، فالتغيرات الاجتماعية والتقنية في العلاقات بين الجهات الفاعلة في صناعة الإعلام بما في ذلك مزودو المحتوى ومقدمو الخدمات وشركات الاتصالات وغيرهم، تؤدي إلى ظهور منصات جديدة تعمل على تغيير قواعد اللعبة التي يتم من خلالها الحصول على ربحية مستدامة.

زر الذهاب إلى الأعلى