تتجدد سنويًا في مثل هذا الوقت من العام محاولات المسوقين للتنبؤ بالمستقبل المنظور، فيبذلون الكثير من الجهد في التخطيط والتحضير لكيفية الوصول إلى الجماهير والتواصل معهم بشكل أفضل وكيفية ترك انطباع دائم ومؤثر.
ويعد توقع اتجاهات التسويق المستقبلية جزءًا مهمًا وقيمًا من العملية التسويقية واستراتيجيتها، ففي عصر يتسم بالتقدم التكنولوجي السريع والتغير المستمر في سلوكيات المستهلكين، أصبح البقاء على اطلاع بأحدث اتجاهات التسويق أمرًا بالغ الأهمية.
وبحسب شركة “VidenGlobe” الرائدة للاستشارات الرقمية في مجال التكنولوجيا والمتخصصة في الإعلان والتحليلات، فإن عام 2024 سيكون مليئا بالفرص والتحديات التي لم نشهدها من قبل، بمعنى آخر، فإن إدارة الأعمال اليوم تعني فهم كيف يمكن للاستراتيجيات المبتكرة أن تفيد احتياجات شركتك.
وفي هذا الإطار، استعرضت مجلة “فوربس” الأمريكية في تقرير لها أهم 5 اتجاهات تسويقية ستسيطر على المشهد التسويقي خلال العام المقبل، وجاءت على النحو التالي:
- التسويق التحادثي والتفاعلات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي
يستعد التسويق التحادثي لإعادة تعريف تفاعلات العملاء، حيث ولّت الأيام التي كان العملاء ينتظرون فيها بصبر للحصول على الردود؛ وأصبح المستهلك الحديث يسعى إلى الإشباع والحلول الفورية. ومن خلال روبوتات الدردشة والمساعدين الافتراضيين الذين يعملون بتقنية الذكاء الاصطناعي، تقوم العلامات التجارية بإشراك المستهلكين في الوقت الفعلي، والإجابة عن الاستفسارات وتوجيه قرارات الشراء.
وتوفر مثل هذه المحادثات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي تجربة سلسة وشخصية، مما يزيد من رضا العملاء.
- تكامل الواقع الافتراضي والواقع المعزز
أصبحت الحدود بين العالم الرقمي والواقع سهلة الاختراق بشكل متزايد، وذلك بفضل التقدم في الواقع الافتراضي (VR) والواقع المعزز (AR)، حيث توفر هذه التقنيات للمسوقين فرصة فريدة لإنشاء تجارب متميزة للعلامة التجارية مثل إتاحة جولة في صالة عرض الواقع الافتراضي لشركة سيارات أو تطبيق الواقع المعزز الذي يتيح للمستخدمين تصور كيف سيبدو الأثاث في منازلهم.
ونظرًا لأن أجهزة الواقع الافتراضي والواقع المعزز أصبحت أكثر سهولة في الوصول إليها، فمن المتوقع دمج العلامات التجارية لهذه التقنيات في حملاتها التسويقية.
- الاستدامة والتسويق الأخلاقي
المستهلك الحديث لا يهتم فقط بشراء منتج أو خدمة؛ فهو حريص على فهم قيم العلامة التجارية، وخاصة فيما يتعلق بالمسؤولية البيئية والاجتماعية. وقد أدى هذا الاتجاه، الذي حفزته التحديات العالمية مثل تغير المناخ والظلم الاجتماعي، إلى زيادة العلامات التجارية التي تروج لمبادرات الاستدامة والممارسات الأخلاقية، بدءا من التغليف الصديق للبيئة إلى مصادر التجارة العادلة، لذا سيكون التسويق في عام 2024 متعلقًا بالقيم بقدر ما يتعلق بالقيمة.
- التخصيص المفرط من خلال البيانات الضخمة والتحليلات
يتوقع المستهلك اليوم تجارب مصممة خصيصًا له. ومع الكم الهائل من البيانات المتاحة من نقاط الاتصال المختلفة – سواء كانت وسائل التواصل الاجتماعي أو مواقع الإنترنت أو حتى المتاجر الفعلية – يمكن للعلامات التجارية الاستفادة من هذه المعلومات باستخدام تحليلات متطورة.
وينتج عن ذلك استراتيجيات تسويق شديدة التخصيص، حيث يتم تخصيص المحتوى وتوصيات المنتج وحتى الإعلانات للمستهلكين الأفراد. ومع تطور تقنيات البيانات الضخمة وخوارزميات التعلم الآلي، سيكون هذا الاتجاه أكثر دقة، مما يجعل استراتيجيات التسويق الشامل عفى عليها الزمن بشكل متزايد.
- تسويق الفيديو وهيمنة المحتوى القصير
على الرغم من أن تسويق الفيديو ليس جديدًا، فإن هيمنته تفاقمت بسبب ظهور منصات مثل تيك توك و”يوتيوب شورتس” ومنصات الفيديو القصيرة المماثلة. وتتوافق تمامًا الطبيعة سريعة الزوال لهذا المحتوى وجاذبيته المرئية، مع مدى الاهتمام المتضائل للجماهير الحديثة.
وتستفيد العلامات التجارية الآن من مقاطع الفيديو القصيرة ليس فقط للإعلانات ولكن أيضًا لسرد القصص وإطلاق المنتجات بل وحتى في عرض شهادات العملاء.
تحديات التسويق خلال الأعوام القليلة المقبلة
من جهة أخرى، استعرضت شركة “Gartner” مجموعة من التحديات المتعلقة بالتسويق خلال الأعوام القليلة المقبلة، تمثلت فيما يلي:
- سيؤدي التدهور الملحوظ في جودة مواقع التواصل الاجتماعي إلى دفع 50% من المستهلكين إلى الحد بشكل كبير من استخدامهم للمنصات الرئيسية بحلول عام 2025.
- 80% من المواهب الإبداعية ستستخدم الذكاء الاصطناعي التوليدي يوميًا بحلول عام 2026، مما يسمح بمزيد من العمل الاستراتيجي، ويؤدي إلى زيادة الإنفاق على الإبداع.
- ستتجه 20% من العلامات التجارية إلى التميز القائم على غياب الذكاء الاصطناعي في أعمالها ومنتجاتها في عام 2027.
- ستشهد العلامات التجارية انخفاضًا في عدد الزيارات لمواقعها بنسبة 50% أو أكثر بحلول عام 2028 مع تبني المستهلكين للبحث المدعوم من الذكاء الاصطناعي التوليدي.
- سيتبنى 60% من مديري التسويق في عام 2028 تدابير مثل تقنية أصالة المحتوى، والمراقبة المعززة، والمحتوى الذي ينشئه المستخدمون، وكذلك المحتوى المعتمد من العلامة التجارية لحماية علاماتهم التجارية من الخداع واسع النطاق الذي يطلقه الذكاء الاصطناعي التوليدي.
وختامًا، يعد عالم التسويق في عام 2024 مزيجًا مثيرًا من التكنولوجيا والأساليب التي تركز على الإنسان، لذا من المتوقع ازدهار العلامات التجارية التي تستغل قوة الذكاء الاصطناعي للمحادثة، والتقنيات الغامرة مثل الواقع الافتراضي والواقع المعزز، وصدى الممارسات الأخلاقية، مع الحفاظ على انسجامها مع الفروق الدقيقة في التخصيص وفاعلية المحتوى القصير؛ ففي بيئة تتطور يوميًا تقريبًا، تظل القدرة على التكيف والابتكار حجر الزاوية لنجاح الاستراتيجيات التسويقية.