دراسات

تأثير تصفح تطبيق “تيك توك” على درجة الانتباه والتركيز لدى الشباب السعودي

يعد تيك توك أحد أسرع التطبيقات المتخصصة في تقديم خدمات الترفيه الخفيف نموًا وانتشارًا في العالم، وعلى الرغم من السمة المميزة لهذا التطبيق في تقديمه محتوى كوميديًا أو ساخرًا  يهدف إلى التسلية أو المتعة، فإن نتائج الدراسات العربية والأجنبية أظهرت أنه له تأثيرات سلبية على مستخدميه، لا سيما فئة الشباب والمراهقين.

ولما كانت الإحصاءات تشير إلى أن المملكة العربية السعودية تتصدر قائمة الدول الأكثر استخدامًا لتيك توك (بمعدل استخدام 92.3% بين السكان بعمر 18عامًا أو فوق) والحادية عشرة عالميًا من حيث استخدام تطبيق مقاطع الفيديو الشهير، وأن الإناث أكثر استخدامًا56.1% والذكور 43.1%، بحسب موقع داتا ريبورتال للبيانات العالمية، نشرت المجلة المصرية لبحوث الرأي العام في عددها الصادر في مارس 2023، دراسة بعنوان “تأثير تصفح تطبيق تيك توك على درجة الانتباه والتركيز لدى الشباب السعودي” من إعداد الدكتورة حسناء منصور الأستاذ المشارك بكلية الاتصال والإعلام بجامعة الملك عبد العزيز، ركزت على تأثيرات التطبيق على قدرة الشباب السعودي على التذكر، ودرجة الانتباه والتركيز لديهم، لا سيما بين الإناث بوصفهن الأكثر استخدامًا له، وذلك في ضوء نظرية الحتمية التكنولوجية التي افترضت تأثير الوسيلة هي الرسالة بمعنى أن طبيعة الوسيلة الإعلامية وليس مضمونها هي الأساس في تشكيل المجتمعات.

  • عينة الدراسة

تكونت عينة الدراسة الميدانية من 380 طالبة من طالبات جامعة الملك عبد العزيز من طالبات الانتظام سواء البكالوريوس أو الدبلوم، وقد تم الحصول على هذا العدد على مرحلتين الأولى من خلال توزيع استبانة الدراسة الميدانية على طالبات كلية الاتصال والإعلام اللاتي يدرسن مادة أخلاقيات وتشريعات إعلامية في ثلاث شعب دراسية، وقد بلغ العدد الكلي لهذه العينة 146 طالبة، أما المرحلة الثانية فمن خلال توزيع استبانات الدراسة على طالبات جامعة الملك عبد العزيز من مستويات دراسية ودرجات علمية مختلفة، وقد بلغ عددهن 234 طالبة.

وقد اشتملت عينة الدراسة التجريبية على 146 طالبة، قمن في البداية بإجراء مقياس نقص الانتباه وفرط النشاط، وقد تبين عند تحليل البيانات أن العدد الذي أتم الإجابة عن أسئلة المقياس بنجاح 135 طالبة، ثم تم تقسيم الطالبات اللاتي أجبن عن المقياس إلى ثلاث مجموعات ضمت كل مجموعة 45 طالبة بمجموع 135 طالبة.

وجرى تقسيم كل مجموعة من المجموعات الثلاث إلى قسمين: قسم شاهد تيك توك (المجموعة التجريبية يبلغ عددها 70 طالبة)، وقسم لم يشاهد أي مقاطع (مجموعة ضابطة بلغ عددها 65 طالبة)، ثم استمعت العينة لشرح جزء من المقرر الدراسي الخاص بمادة تشريعات وأخلاقيات إعلامية ثم طلب من المجموعتين (التجريبية والضابطة) الإجابة عن أسئلة خاصة بمحتوى المحاضرة من خلال رابط لاختبار قصير بجوجل درايف يقيس مدى تذكر الطالبات للمعلومات التي تم ذكرها أثناء المحاضرة التي دارت حول “التربية الرقمية الإعلامية”.

  • نتائج الدراسة

توصلت نتائج الدراسة إلى أن 28.4% من عينة الدراسة يتصفحن “تيك توك” يوميًا لمدة تتراوح ما بين ساعة إلى أقل من ساعتين، يليها لمدة 3 ساعات فأكثر (27.1%) ثم من ساعتين إلى أقل من 3 ساعات (25%)، وأخيرا فئة أقل من ساعة بنسبة 19.5%.

وفيما يتعلق بمتوسط زمن تصفح منصة “تيك توك”، تصدره فئة من 20-40 دقيقة بنسبة 38.2%، ثم فئة أكثر من ساعة (25.3%) ثم من 10-20 دقيقة  بنسبة (23.4%) واحتلت فئة من 40-60 دقيقة المركز الأخير بنسبة 13.2%.

وفيما يتعلق بمدة الفيديو المفضلة، احتلت فئة “أقل من نصف دقيقة” المركز الأول بنسبة 47.6%، ثم فئة “من نصف دقيقة إلى دقيقة” بنسبة 39.5%، واتضح أنه كلما قل زمن الفيديو زاد تفضيل العينة له.

أما عن ترتيب مواقع التواصل حسب أهميتها في حياة المتابعين اليومية، احتل سناب شات المركز الأول بين مواقع التواصل الاجتماعي لدى عينة الدراسة بمتوسط حسابي 4.2، يليه بفارق ضئيل للغاية موقع تيك توك بمتوسط حسابي 4.1، ثم إنستغرام بمتوسط 3.6 واحتل يوتيوب المركز الأخير بمتوسط حسابي 3.4.

وتوصلت الدراسة إلى أن تركيب الأصوات أو فيديوهات التقليد تأتي في مقدمة ترتيب تفضيلات الجمهور في تيك توك بمتوسط حسابي 6، ثم التسوق بمتوسط 5.2، ثم الأغاني بمتوسط 4.9، ثم الروتين بمتوسط 4.4، وجاءت مقاطع الضحك في المركز الأخير بمتوسط حسابي 4.3.

واتضح رضا العينة عن موقع تيك توك بدرجة كبيرة، فقد احتل التقييم ممتاز المركز الأول بنسبة 48.2%، بينما احتلت فئتا ضعيف ومقبول المراكز الأخيرة وبنسبة لم تتعد 15.8%، ولذلك فقد بلغ المتوسط الحسابي للإعجاب بالموقع  3.87 من 5.

ورأت الطالبات عينة الدراسة أن سهولة الاستخدام، وعدم الاحتياج لإنشاء حساب يعدان السبب الرئيس لإعجابهن بموقع تيك توك بمتوسط حسابي بلغ 2.85 من 3، واحتل “تنوع المحتوى” المركز الثاني في أسباب الإعجاب بتيك توك، وبفارق ضئيل جدا حيث بلغ المتوسط الحسابي 2.81، كما اتضح أن قصر مدة الفيديوهات يستهوي أيضا العينة بمتوسط 2.76.

وفيما يتعلق بشكل تفاعل العينة مع مقاطع تيك توك اتضح أن الإعجاب يأتي في المرتبة الأولى بوزن نسبي 72.27%، ثم حفظ المنشور بوزن نسبي 69.64%، ثم التعليق بوزن نسبي 57.28%، وجاء النشر في المرتبة الأخيرة بوزن نسبي 54.91%.

وأظهرت النتائج أن عينة الدراسة لا تمتنع عن تصفح تيك توك طوال اليوم، حيث يتصفحنه بين المحاضرات بوزن نسبي 51.73%، كما أن فترة قبل النوم تعد الوقت المفضل لتصفح تيك توك وذلك بوزن نسبي 79.36%، كما يتصفحنه أثناء المذاكرة بوزن نسبي 60.85%.

وأظهرت النتائج أن 67.9% من العينة تعتقد بوجود علاقة بين مشاهدة مقاطع تيك توك وضعف التركيز أو تشتيت الانتباه (سواء بشكل قاطع أو احتمالي)، وقد بلغ متوسط الوزن النسبي لدرجة الاعتقاد 63.66%.

وحول الشعور بعد تصفح تيك توك، تصدره الترفيه والمتعة بوزن نسبي 83.07%، ثم “الندم لضياع الوقت” (68.42%)، ثم الهدوء والراحة (63.07%)، ثم ضعف التركيز (52.53%)، والتوتر والقلق في نهاية القائمة بوزن نسبي 45.9% و45.2% على الترتيب.

وبالنسبة لاتجاهات العينة نحو موقع تيك توك، احتلت عبارة “أستفيد بموقع تيك توك في حياتي اليومية” المركز الأول بوزن نسبي 71.56%، واحتلت عبارة “لا يمكن الاستغناء عن تيك توك” المركز الثاني (68.33%)، ثم “أعيد مشاهدة مقاطع تيك توك المهمة أكثر من مرة حتى أستطيع استيعاب ما جاء فيها” (64.8%)، ثم “أدون بعض المعلومات الموجودة بمقاطع تيك توك كي أستفيد منها” (54.46%)، واحتلت عبارة “أشعر باضطراب في النوم إذا شاهدت مقاطع تيك توك قبل النوم” المركز الأخير بوزن نسبي (49.63%)، وتأكد بذلك تغلغل تطبيق تيك توك في الروتين اليومي لعينة الدراسة.

أما عن نتائج الدراسة التجريبية فقد اتضح وجود فروق دالة إحصائيا بين عينة الدراسة اللاتي تصفحن تيك توك قبل المحاضرة وبين من لم يتصفحنه قبل المحاضرة في درجات استيعاب وفهم المحاضرة، وبذلك تأكد وجود مؤشرات على تأثير تيك توك على درجة التركيز والانتباه لدى المتصفحين.

كما اتضح عدم وجود فروق دالة إحصائيًا بين عينتي الدراسة التجريبية والضابطة في درجة تشتت الانتباه، وهو ما يشير أيضًا إلى صحة فرض نظرية حتمية التكنولوجيا في أن الوسيلة هي الرسالة.

وتأكد وجود علاقة ارتباط متوسطة القوة بين تصفح العينة لـ “تيك توك” وشعورهن بعدم القدرة على الاستغناء عن التطبيق، حيث بلغ معامل ارتباط بيرسون 443 عند مستوى الدلالة 001.

وتأكد كذلك وجود علاقة ارتباط دالة إحصائيًا بين إدراك العينة لتأثير تيك توك على ضعف التركيز والانتباه وشعورهن بذلك بعد تصفح التطبيق، وأن هناك علاقة ارتباط عكسية بين إدراك العينة لتـأثير تيك توك على ضعف التركيز والانتباه والشعور بالهدوء بعد التصفح.

وتأسيسًا على ما سبق، تُظهر نتائج الدراسة مدى الحاجة لإجراء دراسات مماثلة لرصد تأثير التصفح على الشباب، وعقد مقارنات في هذا المجال من أجل الخروج بتوصيات للعمل على إعداد برامج توعوية للاستخدام الآمن لتطبيقات التواصل الاجتماعي.

زر الذهاب إلى الأعلى