تحليل

نهج السعودية في الدفاع عن القضية الفلسطينية

ردًا على الهجوم الذي شنته كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس في السابع من أكتوبر الجاري على مستوطنات إسرائيلية في منطقة غلاف غزة، تقوم قوات الاحتلال الإسرائيلية بتصعيد عسكري خطير يُهدد حياة أهالي القطاع الذي يتعرض لغارات مكثفة وحصار خانق.

وفي خضم هذه الأزمة الإنسانية البالغة، يبرز الموقف السعودي باعتباره الأكثر شمولية وواقعية في التعامل مع مجريات الأحداث، إذ جددت المملكة رؤيتها المتضمنة توصيفًا للواقع وأسبابه الحقيقية مع تقديم الحلول الفعّالة لها.

  • الرؤية السعودية

تستند رؤية المملكة إلى التزامها الثابت بالدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة بما فيها إنشاء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وذلك وفقًا لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، ومبادرة السلام العربية التي أطلقتها المملكة عام 2002.

وبناءً على هذا الموقف الراسخ، ترى المملكة أن الأحداث الراهنة هي نتاج لاستمرار حرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه، وتُعززها الاستفزازات الإسرائيلية الممنهجة. وهذا ما أكد عليه بيان الخارجية السعودية الذي صدر عقب اندلاع أعمال العنف بين عدد من الفصائل الفلسطينية وقوات الاحتلال الإسرائيلي.

وقد كشف البيان القراءة الاستشرافية السعودية وتحذيراتها القائمة على رؤية ثاقبة وتحليل دقيق للواقع، إذ تضمن تذكير المملكة “بتحذيراتها المتكررة من مخاطر انفجار الأوضاع نتيجة استمرار الاحتلال وحرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة وتكرار الاستفزازات الممنهجة ضد مقدساته”.

ويعكس هذا البيان رسالة المملكة الواضحة لأطراف الصراع وأيضًا المجتمع الدولي، ومفادها أن التوصل إلى حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية هو السبيل الوحيد لإنهاء العنف وتعزيز الاستقرار في المنطقة.

  • وضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته

انطلاقًا من التوصيف السعودي للأزمة وأسبابها وسبل حلها، تحرص المملكة على إبراز العوائق التي تحول دون التوصل إلى حل نهائي وشامل للقضية الفلسطينية. وفي هذا الصدد تُشدد على ضرورة اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته سواء على مستوى الدول الفاعلة وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، أو على مستوى المنظمات الدولية وتحديدًا الأمم المتحدة وجهازها الأبرز مجلس الأمن الدولي.

وتتمثل أهمية هذا الإجراء في استراتيجية الوضوح والمكاشفة التي تتبعها المملكة، إذ إن المجتمع الدولي لا يكتف بتجاهل التعنت الإسرائيلي وعدم التزام تل أبيب بقرارات الشرعية الدولية فحسب، بل إنه يُقدم لها كافة أشكال الدعم المادي والعسكري، ويُوفر الغطاء والمبرر السياسي والإنساني والأخلاقي لعملياتها العسكرية واستهدافها للمدنيين، وهذا ما دفع المملكة إلى تضمين بيانها أن المملكة “تُجدد دعوتها المجتمع الدولي للاضطلاع بمسؤولياته وتفعيل عملية سلمية ذات مصداقية تفضي إلى حل الدولتين بما يحقق الأمن والسلم في المنطقة ويحمي المدنيين”. وقد جاءت عبارة “عملية سلمية ذات مصداقية” واضحة وكاشفة بأن المجتمع الدولي لا يقوم حتى الآن بما يلزم لحل القضية الفلسطينية بشكل جاد وفعّال.

  • محاور التحركات السعودية

أما على مستوى الجهود الآنية لوقف العنف الدائر حاليًا، تقوم المملكة وقيادتها الرشيدة – حفظها الله – باتصالات مكثفة من أجل تنسيق المواقف الثنائية ومتعددة الأطراف، واستغلال ثقلها السياسي إقليميًا ودوليًا بهدف بلورة موقف قوي وموحد يُنهي نزيف الدم الفلسطيني.

حيث جرت اتصالات هاتفية بين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء – حفظه الله – وكل من الرئيس الفلسطيني محمود عباس والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أكد خلالها سمو ولي العهد على بذل المملكة مزيدًا من الجهود بالتواصل مع الأطراف الدولية والإقليمية كافة، لوقف التصعيد في غزة ومحيطها ومنع اتساعهِ في المنطقة، والاستمرار في الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه المشروعة وتحقيق آماله وطموحاته، وتحقيق السلام العادل والدائم.

كما دعت المملكة العربية السعودية إلى عقد اجتماع استثنائي عاجل للجنة التنفيذية على مستوى الوزراء لمنظمة التعاون الإسلامي لتدارس التصعيد العسكري في غزة ومحيطها وتفاقم الأوضاع بما يهدّد المدنيين وأمن المنطقة واستقرارها.

 

وتأسيسًا على ما سبق، يمكن القول إن الرؤية السعودية تجاه القضية الفلسطينية تقوم في الأساس على عدة ركائز، أبرزها ما يلي:

أولًا: النظرة الشاملة التي تستهدف التوصل إلى حلول جذرية تُنهي حالة الصراع والعنف بشكل كامل وليس بشكل مؤقت.

ثانيًا: الحلول المؤقتة رغم أهميتها المرحلية في إيقاف نزيف الدماء، إلا أنها لن تمنع تكرار أعمال العنف.

ثالثًا: تتبع المملكة سياسة المصارحة والمكاشفة خاصة فيما يتعلق بضرورة تغيير المجتمع الدولي لسياساته المتعلقة بالقضية الفلسطينية، لأن تلك السياسات مثّلت ولا تزال جزءًا من المشكلة وليس الحل.

رابعًا: الاستقرار في المنطقة مرتبط بإنهاء حالة التعنت الإسرائيلي والتصدي لسياسة فرض القوة وتجاهل حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة.

خامسًا: المملكة مستمرة في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، وتعمل على إنشاء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وفقًا لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة ومبادرة السلام العربية.

سادسًا: المملكة العربية السعودية هي الداعم الأول لفلسطين، وستستمر في تقديم كافة أشكال العون والمساندة التي تُحقق مصالح الشعب الفلسطيني ككل.

زر الذهاب إلى الأعلى