دراسات

مخاطرة أمريكية بدفع ثمن باهظ لاتفاق نووي مع إيران


يجسد الوضع الراهن للموقف الأمريكي من محادثات فييناالرامية إلى إحياء الاتفاق النووي الإيراني، حالة التخبطالشديدة التي تعاني منها سياسة إدارة الرئيس الأمريكي جوبايدن تجاه منطقة الشرق الأوسط بشكل عام ونحو إيران علىوجه التحديد، فالمتابع لوتيرة التحولات في خطاب الدبلوماسيةالأمريكية بشأن آفاق التوصل لاتفاق مع إيران يتلمس قدرًاكبيرًا من الترنح ما بين النظرة التفاؤلية تارة والتشاؤمية تارةأخرى.

ومن أحدث مؤشرات ذلك تصريحات المتحدث باسم وزارةالخارجية الأمريكية نيد برايس الذي اعتبر إحياء الاتفاقالنووي مرتبطًا باستعداد طهران لاتخاذ قراراتصعبة“، ملوحًا بأن الولايات المتحدة ستنتقل إلىالخطة بإن لم تبدِ إيران مرونة. وجاءت تلك التصريحات بعد يوم واحد من إعلانبرايس ذاته أن واشنطن مستعدة لاتخاذ قرارات صعبة لإعادةالبرنامج النووي الإيراني إلى حدوده. كما أنه في الوقت الذيتؤكد فيه الخارجية الأمريكية أن الاتفاق مع طهران ليس وشيكًاولا مؤكدًا، يشير البيت الأبيض إلى أن الولايات المتحدةوحلفاءها يقتربون من اتفاق نووي مع إيران.

وقد برز خلال الأسابيع الأخيرة إلى واجهة المشهد ملفانرئيسيان يتعلقان برغبة طهران في ضمان بعض الحماية إذاانسحبت الولايات المتحدة مرة أخرى من الاتفاق، وإلغاءتصنيف واشنطن الرسمي ميليشيا الحرس الثوري كمنظمةإرهابية.

وفي هذا الإطار، نشرت وكالة بلومبرغ الأمريكية مقالًاللكاتب بوبي غوش سلط فيه الضوء على مخاطرة الولاياتالمتحدة الأمريكية بدفع ثمن باهظ من أجل تأمين اتفاق نوويمع إيران، نعرض منه ما يلي:

الحرس الثوري أداة إرهاب بيد الدولة الإيرانية

كان الرئيس الأمريكي جو بايدن حريصًا على إحياء الاتفاقالنووي الإيراني قبل وقت طويل من بدء الحرب في أوكرانيا، لكن الارتفاع في أسعار النفط الذي تسببت فيه الحرب ربمادفع حماس بايدن إلى اليأس، إذ تشير التقارير الواردة منواشنطن إلى أن الإدارة الأمريكية على وشك تلبية طلب طهرانمن أجل العودة إلى الصفقة، وذلك بإزالة ميليشيا الحرسالثوري من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، علمًا بأن تلكالميليشيا تشرف على البرنامج النووي بجانب السياسةالخارجية وجهاز الأمن في إيران.

وتلمح إدارة بايدن الآن إلى أن شطب الحرس الثوري الإيرانيهو أحدالقرارات الصعبةالتي قد يتعين عليها اتخاذها منأجل إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة، لكن  هذا الأمريصعب تصديقه في ضوء أن اتفاق عام 2015 تم إبرامه دونالالتزام بشطب إيران من القائمة الأمريكية للدول الراعيةللإرهاب، والتي تم إدراجها فيها منذ عام 1984.

لقد استحقت تلك الميليشيا مكانها في قائمة المنظماتالإرهابية الأجنبية نظرًا لكونها أداة رئيسية لإرهاب الدولةالإيرانية، إذ يصف قائد القيادة المركزية الأمريكية، الجنرالفرانك ماكنزي الحرس الثوري بأنه محور السلوك الإيرانيالسيئ في الشرق الأوسط، حيث إن يديه ملطخة بالدماءالأمريكية عبر أذرع مسلحة مسؤولة عن مقتل أكثر من 600 منأفراد الخدمة الأمريكية في العراق، بجانب هجماتها المتواصلةعلى أهداف أمريكية بما في ذلك القواعد العسكرية والسفارةفي بغداد. ولذلك كان التصنيف الأمريكي للحرس الثوريكمنظمة إرهابية في أبريل 2019 موضع ترحيب بلدان فيمختلف أنحاء المنطقة التي تواجه يوميًّا تهديدات منه ومنشبكات الخطر المتمثلة في حزب الله في لبنان، والمدرج علىالقوائم الأمريكية للمنظمات الإرهابية منذ فترة طويلة، بجانبكتائب حزب الله وعصائب أهل الحق بالعراق، والحوثيون الذينكانوا على قائمة الإرهاب، حتى حذفهم بايدن بعد فترة وجيزةمن تنصيبه العام الماضي.

تكرار أخطاء إدارة بايدن مع الحوثيين

قد يُعطي شطب الحوثيين من القائمة تصورًا مسبقًا مثاليًّالما سيحدث على الأرجح إذا تمت إزالة الحرس الثوري الإيرانيمن قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، فبينما ظنت إدارة بايدنأن هذه البادرة ستجعل الانقلابيين اليمنيين أكثر استعدادًاللانخراط في السلام مع التحالف العربي لدعم الشرعية، اكتشفت أنها كانت دافعًا لزيادة هجمات الحوثي الإرهابيةضد السعودية والإمارات على وجه الخصوص، مستخدمينذخائر واردة من طهران.

وليس من المستغرب أن يشعر جيران إيران بالقلق من احتمالتكرار بايدن خطأه مع الحرس الثوري الإيراني، وقد جاءتأعلى الاحتجاجات من إسرائيل التي يتعهد قادة الحرسالثوري بشكل مستمر بالقضاء عليها. حيث صرح رئيسالوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت في اجتماع لمجلس الوزراءالأسبوع الماضي قائلًا: “لسوء الحظ ، هناك تصميم علىتوقيع اتفاق نووي مع إيران بأي ثمن تقريبًا، بما في ذلكالقول بأن أكبر منظمة إرهابية في العالمالحرس الثوريليست كذلك، مؤكدًا أنهذا سعر مرتفع للغاية“.

وتعتبر هذه هي وجهة نظر العديد من الجمهوريينوليس قلةمن الديمقراطيينفي واشنطن.

كما أدت شكاوى الحزبين بشأن إبقاء الكونجرس في الخفاءعن مفاوضات فيينا إلى القلق من أن البيت الأبيض قد يكونعلى استعداد لتقديم الكثير من التنازلات للإيرانيين من أجلالتوصل إلى اتفاق، وربما السماح للنفط والغاز الإيرانيبالدخول إلى السوق العالمية لتحل محل الصادرات الروسيةالخاضعة للعقوبات.

وتأسيسًا على ما سبق، يمكن القول بأنه إذا قامتإدارة الرئيس بايدن بفك قيود الحرس الثوريالإيراني، فإن ذلك  سيفتح بابًا تنطلق منه الشرور، الأمر الذي سيُجبر الإدارة الأمريكية إلى إعادةتصنيفه مجددًا منظمة إرهابية أجنبية.

 


 

زر الذهاب إلى الأعلى