ترجمات

هل يسيطر المؤثرون الافتراضيون على سوق التسويق المؤثر؟

في الوقت الذي أصبح فيه المؤثرون على منصات التواصل الاجتماعي أكثر شهرة من أي وقت مضى، بات التسويق المؤثر إحدى النقاط الأساسية للاستراتيجيات التسويقية؛ إذ تشير تقديرات موقع “فوربس” الأمريكي إلى أنه من المتوقع أن تنفق العلامات التجارية 15 مليار دولار على التسويق المؤثر خلال عام 2022، لكن هذا لا يعني أن الاستعانة بالمؤثرين من البشر قرار مثالي، فهم عرضة للجدل والإرهاق. ولذلك تفكر العديد من الشركات والعلامات التجارية في التحكم في سرد ​​وسلوك المؤثر؟ وهنا يأتي دور الجزء الافتراضي.
فبفضل التطورات الجذرية في العلوم والهندسة والذكاء الاصطناعي، أصبح بالإمكان الاستعانة بـ”المؤثرين الافتراضيين- Virtual influencers”، وهو ما نستعرضه على نحو مفصل في التقرير التالي:
ماهية المؤثرين الافتراضيين
المؤثرون الافتراضيون هم شخصيات خيالية تم إنشاؤها بواسطة الكمبيوتر تستخدم في التسويق كبديل للمؤثرين البشريين، على سبيل المثال، تم إنشاء شخصية ” ليل ميكيلا- Lil Miquela” بواسطة شركة “Brud” للذكاء الاصطناعي، ولديها ثلاثة ملايين متابع على إنستغرام، وتقوم بحملات مع دار “كالفين كلاين- Calvin Klein” للأزياء وشركة “برادا- Prada” الإيطالية المتخصصة في الموضة، وتجني ” ليل ميكيلا 8500 دولار لكل منشور ممول.
وعلى الرغم من أن المؤثرين الافتراضيين قد يبدون وكأنهم ظاهرة جديدة، إلا أنهم موجودون بالفعل منذ سنوات، فأول ظهور كان في عام 2007 حينما أنشأت اليابان شخصية “هاتسوني ميكو- Hatsune Miku”، وهي مغنية افتراضية، أصدرت عدة ألبومات، وظهرت في إعلانات لعلامات تجارية متعددة.
ويعد ظهور المؤثرين الافتراضيين تطورًا مثيرًا للاهتمام إن لم يكن غريبًا بعض الشيء في صناعة الإعلان والتسويق. ولكن مثل أي أسلوب تسويقي مبتكر جديد، فإن استخدام المؤثرين الافتراضيين له مزايا وعيوب لكل من العلامات التجارية ومعجبيها.
مزايا استخدام المؤثرين الافتراضيين
هناك العديد من الأسباب التي تجعل العلامات التجارية تستعين بالمؤثرين الافتراضيين، ومنها على سبيل المثال:
تحكم العلامات التجارية في قيم ورسائل المؤثرين الافتراضيين: تعتبر القيم جزءًا مهمًا من صورة العلامة التجارية، لذلك من المفيد لها أن تتحكم في ما “يمثله” المؤثر الافتراضي وما يقوله عن حياته “الشخصية”. ويتسم المؤثرون الافتراضيون بانخفاض المخاطر مقارنة بنظرائهم في الحياة الواقعية، فمن غير المرجح أن يثيروا الجدل الذي يتسبب في رد فعل سلبي من المعجبين. فهذا النمط من المؤثرين ليس لديهم تاريخ شخصي يمكن أن يضر بسمعة العلامات التجارية التي يروجون لها.
ومن أمثلة ذلك اليوتيوبر السلوفاكي “ديفيد دوبريك -David Dobrik” الذي يتابع قناته على يوتيوب 18.3 مليون مشترك، فقد قامت العلامات التجارية بقطع صلاتها به في أعقاب الجدل حول اتهامه بالاغتصاب.
عدم وجود لوائح تنظم عمل المؤثرين الافتراضيين حتى الآن، فرغم وجود مناقشات حول هذا الموضوع، لكن لم يتم إنشاء أي شيء ملموس ينطبق بشكل خاص على المؤثرين الافتراضيين.
إتاحة المزيد من الحرية الإبداعية، حيث يمكن تعديل الخلفيات لتناسب قيم العلامة التجارية، فعلى سبيل المثال، يمكن للمؤثرين الافتراضيين القفز بالمظلات من أجل حملة، بينما يحجم المؤثر البشري عن ذلك بسبب الخوف الشديد، لذلك هناك المزيد من الاحتمالات الإبداعية مع المؤثرين الافتراضيين. كما أنه غالبًا ما يحتاج المؤثرون البشريون إلى فترات راحة طويلة بسبب الإرهاق.
بالإضافة إلى مسألة شيخوخة الإنسان التي يمكن أن تؤدي إلى قطع العلامات التجارية لعلاقاتها معه، وهو ما لا يعاني منه المؤثرون الافتراضيون.
انخفاض التكلفة المادية للاستعانة بخدماتهم مقارنة بالمؤثرين الحقيقيين: يمكن للمؤثرين الواقعيين الذين لديهم ما لا يقل عن مليون متابع أن يتقاضوا في المتوسط ​​أكثر من 250 ألف دولار لكل منشور. وبالعودة إلى شخصية ” ليل ميكيلا – Lil Miquela” التي لديها أكثر من ثلاثة ملايين متابع، يمكنك توفير 241 ألف دولار لكل مشاركة من خلال الترويج لعلامتك التجارية بشكل افتراضي.
سلبيات المؤثرين الافتراضيين
أما عن سلبيات استعانة الشركات والعلامات التجارية بالمؤثرين الافتراضيين فتتمثل في الآتي”:
شعور الجمهور بعدم الارتياح ما يمثل مخاطرة للعلامات التجارية، خاصة وأن فكرة المؤثرين الافتراضيين لا تزال جديدة.
ويرتبط المؤثرون الافتراضيون بمصطلح “وادي العجائب- uncanny valley” الذي ابتكره لأول مرة أستاذ الروبوتات ماساهيرو موري، في إشارة إلى الشعور بعدم الارتياح الذي نشعر به عند مواجهة الروبوتات الشبيهة بالبشر.
التحدي الخاص بمصداقية المؤثرين الافتراضيين، ففي دراسة أجرتها شركة “NCR” المزود الرائد عالميًا للبرامج التقنية، أعرب 42% من المشاركين في الدراسة عن شعورهم بالخيانة بعد اكتشاف أن المؤثر الذي يتبعونه مصطنع. واتفق أكثر من نصف المستجيبين على أنهم يريدون معرفة من يقف وراء المؤثر الافتراضي.
وهناك أيضًا مخاوف من أن الافتقار إلى الأصالة قد يؤثر على كيفية رؤية المستهلكين للمنتج، فالمؤثر الذي ليس لديه في الواقع قيم قد لا يتردد صداه عند المستهلكين.
الإشكاليات القانونية حول حقوق النشر، فبالقدر الذي لا توجد فيه قوانين ضد المؤثرين الافتراضيين، هناك قضايا قانونية تريد الشركات التي ترغب في الاستعانة بخدمات هذا النمط من المؤثرين النظر فيها، مثل من يملك حقوق المؤثر الافتراضي.
طرق استفادت بها العلامات التجارية من المؤثرين الافتراضيين
تستفيد العلامات التجارية المختلفة من المؤثرين الافتراضيين بطرق مختلفة، حيث تستخدمها بعض العلامات التجارية كتمائم أو مساعدين افتراضيين، بينما يتم إنشاء البعض الآخر من قبل شركات مستقلة ويمكن استخدامها لأغراض تسويقية مختلفة. وفيما يلي بعض المؤثرين الافتراضيين والحملات التي تم تضمينهم فيها.
“مارج- Marge” المساعدة الافتراضية لرويال بنك أوف سكوتلاند
تم إنشاء “مارج- Marge” ، وهي مساعدة افتراضية، لبنك رويال بنك أوف سكوتلاند من قبل شركة تسمى “Soul Machines” حيث يستخدم البنك المساعد الافتراضي للإجابة على استفسارات العملاء الأساسية، مما يجعل فريق المبيعات أكثر تركيزًا على تقديم تجربة أفضل للعملاء.
وعلى الرغم من أن “مارج- Marge” ليست مؤثرة وفقًا للتعريف التقليدي، لكنها تعد مثالًا رائعًا للطرق التي يمكن من خلالها استخدام الشخصيات الافتراضية في الصناعات غير الترفيهية. وأبلغ البنك عن زيادة بنسبة 20 % في صافي نقاط الترويج بعد إضافة “مارج- Marge” إلى فريقهم.
“مارجوت- Margot” و”تشي- Zhi” و”شاديو- Shudu” عارضات أزياء بشركة بالمان
تستعين شركة بالمين بمؤثرين افتراضيين عبر ثلاث شخصيات نسائية – “مارجوت- Margot” و”تشي- Zhi” و”شاديو- Shudu” تم إنشاؤها بالتعاون مع شركة” CLO3D” لتصميم أزياء ثلاثية الأبعاد. وقد ظهروا لأول مرة في عام 2018 كجزء من حملة لتصميم سلع العلامة التجارية ثلاثية الأبعاد وكلها تحظى بشعبية كبيرة على وسائل التواصل الاجتماعي.
فرقة البوب الافتراضية K/DA
مجموعة مكونة من أربع شخصيات نسائية ظهرت في لعبة League of Legends، تم إنشاؤها في الأصل للترويج لبطولة 2018 League World Championship ، وقد طورت المجموعة منذ ذلك الحين قاعدة جماهيرية كبيرة، وحظيت باهتمام وسائل الإعلام، ويرجع الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى مقاطع الفيديو الموسيقية سريعة الانتشار والعروض الحية.
“مايا- Maya” المؤثرة في شركة “بوما- PUMA”
“مايا- Maya” هي مؤثرة افتراضية من جنوب شرق آسيا أنشأتها شركة “بوما- PUMA” بالتعاون مع “Somin AI” لتسويق أحذية “Future Rider”، وتم الأخذ في الاعتبار مراعاة الثقافات المختلفة لجنوب شرق آسيا.
وتأسيسًا على ما سبق، يمكن القول بأن المؤثرين الافتراضيين باتوا يشكلون منافسة للمؤثرين الحقيقيين، في ظل المزايا العديدة التي يوفرونها للشركات؛ فمعايير مثل التكلفة المنخفضة والسيطرة على السلوك، وبالتالي صورة الشخصية في أذهان الجمهور، فضلًا عن التقدم التكنولوجي والتقني كلها عوامل محفزة لاختيار الشركات لذلك النمط غير التقليدي ضمن خطتها التسويقية، ويبقى السؤال المطروح هل يسيطر المؤثرون الافتراضيون على سوق المؤثر؟ ولا شك أن إجابته سيحددها حجم التطور التقني خلال السنوات المقبلة ومدى تكيف الجمهور مع هذا التطور من الناحية النفسية والمادية اللوجيستية.

زر الذهاب إلى الأعلى