تقارير

فاعلية تويتر في الحملات الإعلامية التوعوية المناهضة للعنف ضد المرأة في السعودية

تعتبر وسائل الإعلام الرقمي من أهم العناصر المؤثرة في حياة المجتمعات والأمم، كما تعد أداة أساسية في تكوين فكرها وثقافتها والتأثير في قيمها وسلوكها وأخلاقها؛ فالإنسان بتكوينه الفطري يحمل استعدادات وإمكانات قابلة للتشكيل النفسي والاجتماعي بالمؤثرات المحيطة، ولأن وسائل الإعلام قادرة على تغيير مواقف الناس وسلوكياتهم، أصبحت تؤدي دورًا مهمًا في عملية التغير الاجتماعي.

وقد أضفى الإعلام الرقمي ووسائله المتنوعة مزيدًا من السمات التي تعمل على زيادة فاعلية الحملة الإعلامية، والتي كان من الصعب تحقيقها من خلال وسائل الإعلام التقليدية. ويمكن إيجاز هذه السمات في سهولة إعداد الحملة وتنفيذها، والسرعة في الانتشار والتفاعلية، وإمكانية التأثير في أفراد الجمهور، وإتاحة القدرة لهم على التحرك والتنظيم، ومحدودية دور حارس البوابة الإعلامية، وانخفاض التكلفة المادية.

ورغم تنوع الوسائل الاتصالية الرقمية، يعد موقع تويتر من أهم برامج التواصل الاجتماعي المستخدمة في إشهار الحملات الإعلامية ونشرها، خاصة التي تتطلب التفاعل مع الجمهور بشكل سريع، نظرًا لما يتمتع به من خصائص تفاعلية.

ومن هذا المنطلق سعت دراسة أجراها دكتور بندر عويض الجعيد الأستاذ بقسم العلاقات العامة بكلية الاتصال والإعلام بجامعة الملك عبد العزيز، ونعمة فهد عجاج الباحثة بقسم الدراسات العليا بالكلية إلى قياس فاعلية التقنيات الرقمية في تنفيذ الحملات الإعلامية التوعوية، بالتركيز على منصة تويتر وبالتطبيق على الحملات الإعلامية التوعوية المناهضة للعنف ضد المرأة في السعودية.

مشكلة وعينة الدراسة

تعد الحملات الإعلامية التوعوية عبر العالم الافتراضي تحولًا في تصميم وصناعة الحملات الإعلامية؛ فقد أضاف لها هذا العالم مواصفات وتقنيات رقمية وفنية لتصبح حملات إعلامية مختلفة وفريدة من نوعها، من حيث قدرتها على الوصول إلى الجمهور وإحداث التأثير المستهدف.

ويعتبر تويتر بما يتضمنه من خصائص وسمات تفاعلية، من أهم شبكات التواصل الاجتماعي في نشر الحملات الإعلامية التي تتطلب من الجمهور التفاعل بشكل سريع مع الحملة، إضافة إلى اعتباره منصة يتم عبرها مناقشة موضوعات وقضايا يهتم بها المحيط الاجتماعي أو العالمي.

وانطلاقًا من رؤية المملكة العربية السعودية 2030 وبرامج التحول الوطني التي ركزت على تمكين المرأة كونها نصف المجتمع، حظيت المرأة السعودية باهتمام بالغ من جانب حكومة المملكة العربية السعودية؛ فقد تمحورت أكثر من ثلث القرارات، بواقع 22 قرارًا من أصل 60 قرارًا متعلقًا بحقوق الإنسان، حول قضايا المرأة وحقوقها بما يضمن للمرأة عهدًا جديدًا يكفل حقوقها وحريتها، وتتطور فيه أوضاعها، وتصبح فيه شريكة في عملية البناء والتنمية المستدامة.

ورغم جهود تمكين المرأة وصدور عديد من الأوامر والقرارات والأنظمة التي تعزز حقوق المرأة، ومنها النظام الصادر للحماية من الإيذاء، ونظام مكافحة التحرش، وإنشاء مجلس شؤون الأسرة، وتخصيص مراكز لتلقي بلاغات العنف الأسري، توضح آخر الإحصاءات المحلية أن حالات العنف ضد المرأة ما زالت مستمرة، حيث أشارت تقديرات برنامج الأمان الأسري الوطني لعام 2017 أن 35% من النساء السعوديات تعرضن لنوع واحد على الأقل من العنف في حياتهن، كما كشفت نتائج الاستطلاع أن “العنف النفسي” هو أكثر أنواع العنف انتشارًا ضد المرأة في المجتمع السعودي بنسبة بلغت (46%) وفي ذات السياق، أكد رئيس هيئة حقوق الإنسان أن عدد حالات العنف التي وصلت إلى المحاكم السعودية بلغ 59 حالة من أصل 1059 حالة.

لهذا تسعى الدراسة إلى التركيز على فاعلية موقع تويتر في تنفيذ حملات إعلامية توعوية مناهضة للعنف ضد المرأة، حيث تحددت المشكلة البحثية في البحث في دور منصة تويتر في تحقيق فاعلية الحملات الإعلامية التوعوية.

ويتحدد مجتمع الدراسة الكمي في طلبة ومنسوبي جامعة الملك عبد العزيز بمدينة جدة وفرعها في محافظة رابغ، إذ بلغت العينة المسحوبة (211) مفردة وشملت العينة كلاً من الطلاب والطالبات وأعضاء هيئة التدريس والصحيين والإداريين والفنيين من الذكور والإناث.

نتائج الدراسة

توصلت الدراسة إلى مجموعة من النتائج نستعرضها على النحو التالي:

أظهرت نتائج الدراسة ارتفاع معدل استخدام جمهور الحملات الإعلامية المناهضة للعنف ضد المرأة لمنصة تويتر، حيث أوضح نصف المبحوثين استخدامهم “الدائم” لتويتر بنسبة عالية بلغت 53.1%، ثم جاء في المرتبة الثانية من يستخدمون منصة تويتر “أحيانا” بنسبة بلغت (30.3%)، في حين يستخدم (16.6%) من المبحوثين تويتر “بشكل نادر”.

كما ذكر 52.1% من المبحوثين أن مدة استخدامهم لمنصة تويتر تفوق “5 سنوات”، يليهم في المرتبة الثانية من يستخدمون تويتر “من 3 سنوات إلى 5 سنوات” بنسبة بلغت (21.8%)، يلي ذلك “من سنة إلى أقل من 3 سنوات” في المرتبة الثالثة بنسبة بلغت (14.7%)، ثم “أقل من سنة” في المرتبة الرابعة والأخيرة بنسبة بلغت (11.4%) ومن هنا يتضح ارتفاع مدة استخدام جمهور الحملات الإعلامية المناهضة للعنف ضد المرأة لمنصة تويتر.

وأظهرت الدراسة تصدر كل من الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي قائمة أفضل الوسائل الإعلامية لمتابعة الأخبار والموضوعات الصحية والاجتماعية من جانب جمهور الحملات الإعلامية المناهضة للعنف ضد المرأة بنسبة وصلت إلى (85.3%)، وحظي موقع تويتر على نسبة بلغت (55%)، يليه مواقع الإنترنت بنسبة (12.3%)، ثم التلفزيون (10.9%)، يليه الواتس آب (5.7%) ثم إنستقرام (2.8%) ثم الصحف (2.4%) وأخيرًا الإذاعة وفيسبوك بنسبة (1.4%) لكل منهما.

وتشير نتائج الدراسة إلى ارتفاع درجة الاهتمام بالحملات الإعلامية التوعوية المحلية المناهضة للعنف ضد المرأة التي تنشر عبر تويتر من جانب الجمهور عينة الدراسة، حيث قال 44.5% من المبحوثين إنهم يهتمون بالحملات، و42.7% يهتمون إلى حد ما، في حين بلغت نسبة المبحوثين الذين لا يهتمون بالحملات (12.8%) فقط.

وقد تنوعت أسباب اهتمام المبحوثين بالحملات الإعلامية التوعوية المناهضة للعنف ضد المرأة؛ فجاء في مقدمتها “لأنها تكشف عن بعض القضايا والموضوعات المهمة في المجتمع” في المرتبة الأولى بنسبة بلغت (64.7%) ثم في المرتبة الثانية “لأنها منصة مجانية وتوفر عديدًا من المعلومات التفاعلية” بنسبة بلغت (50%)، ثم “لأنها تقدم آراء شخصيات مسؤولة وموثوق بها” في المرتبة الثالثة بنسبة بلغت ( 30.4%)، يلي ذلك في المرتبة الرابعة “لأنها تحفزني على المشاركة المجتمعية والتفاعل مع هذه القضايا” بنسبة بلغت (25.5%)، وهكذا نجد أن أسباب اهتمام المبحوثين تتوزع ما بين أسباب ذات علاقة بالمحتوى الاتصالي وأسباب أخرى ذات علاقة بالوسيلة الاتصالية.

وتتحدد أهم أسباب عدم اهتمام الجمهور عينة الدراسة بالحملات الإعلامية التوعوية المحلية التي تنشر عبر منصة تويتر في “تفضيل البحث عن القضية من خلال مصادر معلومات أخرى” في المرتبة الأولى بنسبة بلغت (59.3%)، ثم عدم الإعجاب بأسلوب عرض المنصة الاجتماعية للقضية بنسبة (29.6%)، وأخيرا “عدم الاقتناع بمضمون الحملة المنشور عبر منصة تويتر” و”ليس لدي الوقت والمال الكافي لدعم الحملة” بنسبة ( 14.8%) لكل منهما.

وفيما يتعلق بمدى إسهام رؤية المملكة 2030 وبرامج تمكين المرأة في تعزيز دور الحملات الإعلامية المناهضة للعنف ضد المرأة في السعودية من وجهة نظر الجمهور عينة الدراسة، أكد المبحوثون بنسبة 58.8% أن الرؤية أسهمت في تعزيز دور الحملات الإعلامية، وأوضحوا في المرتبة الثانية بنسبة بلغت (34.6%) أن الرؤية أسهمت إلى حد ما، في حين رأى (6.6%) فقط أن الرؤية لم تسهم بشيء في هذا السياق.

وأظهرت نتائج الدراسة ارتفاع درجة التعرض لحملات توعوية إعلامية بعنوان “مناهضة العنف ضد المرأة” عبر منصة تويتر، حيث أوضح (20%) من المبحوثين تعرضهم لهذه الحملات “بشكل دائم”، وذكرت نسبة (44%) منهم أنهم يتعرضون لهذا النوع من الحملات “أحيانا”، في حين أوضحت نسبة (36%) منهم أنهم “نادرا” ما يتعرضون لهذا النوع من الحملات الإعلامية.

وتعتبر “حملات جمعية حماية الأسرة الخيرية” أهم حملة مناهضة للعنف ضد المرأة بالسعودية من وجه نظر الجمهور بنسبة (52.1%) من عينة الدراسة، ثم جاءت “حملات مركز بلاغات العنف الأسري الوطني 1919 “في المرتبة الثانية بنسبة (35.5%) في حين جاءت “حملات جمعية النهضة” في المرتبة الثالثة بنسبة بلغت (21.3%) ثم “حملات برنامج الأمان الأسري الوطني” في المرتبة الرابعة بنسبة بلغت (19%) ثم “حملات مجلس شؤون الأسرة” في المرتبة الخامسة بنسبة بلغت (11.8%).

وفيما يتعلق بالاتجاه نحو الحملات الإعلامية التوعوية المناهضة للعنف ضد المرأة عبر منصة تويتر، أوضح (49.8%) من المبحوثين أنهم يتناقشون مع الآخرين حول الموضوعات الخاصة بالحملة وذكروا بنسبة (26.1%) أنهم شاركوا في نشر رسائل الحملة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، في حين أوضحوا بنسبة (23.7%) أنهم تناقشوا حول موضوع الحملة وتفاصيله.

وعلى نقيض ما سبق، وجد 19% من أفراد الجمهور عينة الدراسة أنهم بعد أول اطلاع على الحملات التوعوية لم يصبحوا يهتمون بمحتوى الحملة وأصبحوا يبتعدون عنها، ثم ذكروا بنسبة 7.1% أنهم حاولوا الحصول على مزيد من المعلومات من خلال الاطلاع على صحيفة أو مجلة أو كتاب له علاقة بموضوع الحملة.

كما أظهرت النتائج ارتفاع درجة التفاعل مع ما يقدم من حملات إعلامية توعوية مناهضة للعنف ضد المرأة، بنسبة 40.3% دائما، و38.4% أحيانا، في حين كان المبحوثون نادرا ما يتفاعلون مع الحملات الإعلامية التوعوية بنسبة (21.3%) فقط.

كما أظهرت نتائج الدراسة اختلاف أنماط التفاعل مع المعلومات المستقاة من الحملات التوعوية، حيث ثبت أن 23% من المبحوثين يتفاعلون مع الحملات الإعلامية التوعوية بالتعليق أو المشاركة، وبشكل متواز يقوم (30.8%) من المبحوثين بالإسهام في توعية الأفراد داخل محيطهم الاجتماعي بعد حصولهم على معلومات من الحملات في حين يحتفظ المبحوثون بالمعلومات ولا يقومون بنشرها بنسبة (24.2%)، وأخيرًا تشجيع المعارف بالتعرض للحملة ومشاهدتها بنسبة (11.8%).

وتتحدد أهم أنماط دعم الحملات الإعلامية التوعوية المناهضة للعنف ضد المرأة في الدعم المادي والمعنوي للحملات ومشاركتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ولم ينل هذا النمط في إجابات الجمهور عينة الدراسة سوى نسبة ضئيلة تبلغ 4.7%.

وأشارت الدراسة إلى تعدد الأهداف التوعوية التي توضع للحملات الإعلامية التوعوية؛ منها زيادة المعرفة بحقوق المرأة وواجباتها والتشريعات القانونية التي تكفل حمايتها بنسبة 59.2%، ورفع مستوى الوعي المجتمعي بأبعاد قضية العنف ضد المرأة (49.8%)، ونشر الوعي بمراكز بلاغات العنف والجمعيات التي تتولى رعاية المرأة (33.2%)، ثم نشر الوعي حول الخدمات الحكومية والإجراءات القانونية الموجهة لحماية المرأة ( 28.9%).

وفيما يتعلق باتجاه الجمهور نحو مدى ما يتمتع به تويتر من قدرات وأدوات تحدد مدى ثرائه، خاصة فيما يتعلق بالحملات الإعلامية التوعوية، أوضح المبحوثون في المقدمة أن موقع تويتر يقدم المضامين الخاصة بالحملات التوعوية بأشكال متنوعة كالنصوص والفيديو والروابط وغيرها، كما يتميز بإتاحة استخدام عدة لغات في نصوص التغريدات، مع توفر إمكانية استخدام الموقع أمام كافة المستخدمين في المملكة وخارجها لمناقشة موضوع الحملات الإعلامية التوعوية المناهضة للعنف ضد المرأة بالسعودية.

توصيات الدراسة

قدمت الدراسة مجموعة من التوصيات من أبرزها الاهتمام بالحملات الإعلامية التوعوية المناهضة للعنف ضد المرأة، والمواءمة بين مبادرات رؤية 2030 والأنشطة التوعوية الإعلامية المناهضة للعنف ضد المرأة، بجانب الحاجة الملحة لتفعيل دور تويتر كمنصة إلكترونية لرفع مستوى الوعي بقضايا العنف ضد المرأة في السعودية، خصوصا وسط المجتمع الطلابي الجامعي، حيث أثبتت نتائج الدراسة أن موقع تويتر يجد قبولا كبيرا داخل المجتمع الجامعي.

بالإضافة إلى أهمية تطوير مواقع الإنترنت لمواكبة برامج وإجراءات تمكين المرأة في المجتمع السعودي، حيث يعتبر الإنترنت أفضل وسيلة إعلامية لمتابعة الأخبار الصحية والاجتماعية بين أفراد الجمهور، وكذلك أهمية مشاركة الشركات والمؤسسات الخاصة في رعاية البرامج والفعاليات التوعوية المناهضة للعنف ضد المرأة كجزء من دورها الاجتماعي.

واستعرضت الدراسة أيضًا توصيات تتعلق بالجامعات، مثل إقامة المحاضرات والندوات والمؤتمرات العلمية الخاصة بمناهضة العنف ضد المرأة في المملكة، وتفعيل التعاون التكاملي بين المؤسسات التعليمية والمنظمات الاجتماعية المحلية من أجل تطوير البرامج التعليمية والتدريبية المناهضة للعنف ضد المرأة في السعودية، وكذلك مراجعة المناهج الدراسية وإدخال مفاهيم مناهضة العنف ضد المرأة في المناهج والمواد التي تدرس في الحقل الإنساني والاجتماعي والثقافي.

وتأسيسًا على ما سبق، يمكن القول إن منصة تويتر تُشكّل ساحة مميزة في الفضاء الرقمي للقيام بالحملات التوعوية في المملكة لما تحظى به من استخدام كثيف من جانب الجمهور، وتنوع الوسائط الرقمية المتاحة على تويتر سواء  بواسطة فيديو أو إنفوجرافيك أو صور وغيرها، وهي أدوات رئيسية يتم استخدامها في أي حملة توعوية.

زر الذهاب إلى الأعلى