يعتبر “الحظر المُظلل” أحد أشكال ممارسة الحظر أو الحظر الجزئي للمستخدم أو للمحتوى الذي ينشره عبر الإنترنت بحيث لا يكون واضحًا للمستخدم أنه تم حظره، وهو أول ما يذهب إليه عقل كل مسوق على وسائل التواصل الاجتماعي عندما يواجه انخفاضًا مفاجئًا في التفاعل أو الوصول لمنشوراته.
ويمثل هذا الحظر قضية جدلية مع العديد من منصات التواصل الاجتماعي التي تنكر وجوده كسياسة مُمنهجة وإن كانت تقر ضمنًا به من خلال إرجاع السبب وراء تراجع التفاعل إلى ممارسات تخالف الإرشادات المعمول بها على المنصات أو إلى دور الخوارزميات في الحد من المحتوى غير الملائم.
ما الحظر المُظلل على وسائل التواصل الاجتماعي؟
ووفقًا لموقع “hootsuite” المتخصص في شؤون وسائل التواصل الاجتماعي، يقصد بـ”الحظر المُظلل” كتم صوت المستخدم أو حظره على إحدى المنصات، دون أن يتلقى أي إشعار رسمي بذلك الحظر، لهذا قد يتم إخفاء منشوراتك أو تعليقاتك أو أنشطتك أو حجبها فجأة، وتتوقف عن الظهور في عمليات البحث، أو ترى انخفاضًا في التفاعل لأنه لا يمكن لأي شخص بما في ذلك متابعيك رؤية المحتوى الخاص بك في خلاصاتهم.
وربما لم تكن قد انتهكت شروط الخدمة أو فعلت أي شيء من شأنه أن يستدعي حظرًا تامًا، ولكنك فعلت شيئًا لا يكون موضع ترحيب من المنسقين أو المشرفين على المنصة، فتتم معاقبتك. بعبارة أخرى، يرى البعض أن “الحظر المُظلل” يعادل إسكاتًا هادئًا وخفيًا من رؤساء الشبكات الاجتماعية.
وتوجد العديد من التفسيرات التي تقدمها المنصات الاجتماعية لتبرير قيامها بالحظر المُظلل، نستعرضها على النحو التالي:
تويتر
كانت آخر مرة تحدث فيها موقع تويتر عن الحظر المُظلل على مدونة الموقع في عام 2018، بتأكيده أنه لا يقوم بذلك الإجراء، وأن المستخدمين يتمكنون دائمًا من رؤية التغريدات من الحسابات التي يتابعونها، وأنه لا يتم حظر أي شخص على أساس وجهات النظر السياسية أو الأيديولوجية، لكن الموقع يوضح أن ظهور التغريدات في نتائج البحث يكون مرتبًا حسب الصلة، حيث يعزز نموذج المحتوى بناءً على الأشخاص الذين تهتم بهم والتغريدات الشائعة، ويقلل من ظهور التغريدات الصادرة عما يسميهم “الجهات الفاعلة سيئة النية” وأولئك الذين ينوون “التلاعب بالمحادثة أو تقسيمها”.
ويعني ذلك ضمنًا أنه في حال تصرفت بطريقة تشبه الروبوت، أو قمت بنشر معلومات مضللة، سيضعك تويتر في مرتبة أدنى كثيرًا في نتائج البحث وخلاصات الأخبار؛ لأنك لا تقدم قيمة كبيرة للمستخدمين الآخرين.
إنستجرام
يصر الرئيس التنفيذي لتطبيق إنستجرام، آدم موسيري على أن “الحظر المُظلل” غير موجود، وأن الظهور على صفحة الاستكشاف “ليس مضمونًا لأي شخص”، موضحًا أنه في بعض الأحيان يحالفك الحظ، وأحيانًا لن يكون كذلك”.
وتؤكد سياسات إنستجرام أنه يخفي المشاركات العامة التي يعتبرها “غير مناسبة” من صفحات الاستكشاف والهاشتاقات، لذلك حتى إذا كنت لا تنتهك أي إرشادات، إذا قرر التطبيق أن مشاركتك لا تصلح للاستهلاك الواسع، فقد تجد نفسك مستبعدًا بهدوء من أدوات اكتشاف المنصة.
تيك توك
مثل المنصات الاجتماعية الأخرى، يدعي تيك توك أنه ليس هناك حظر مُظلل، لكن التطبيق واجه جدلاً كبيرًا عندما ظهرت وثائق تشير إلى أن المسؤولين يقومون بقمع المحتوى من ديموغرافيات معينة، وكل ما نعرفه على وجه اليقين هو أنه لا يوجد ذكر مباشر لـ”الحظر المظلل” في إرشادات مجتمع تيك توك، لكن المنصة توصي باتباع أفضل ممارساتها لضمان أعلى فرص التعرض عبر خوارزمية توصية النظام الأساسي.
يوتيوب
أكد حساب يوتيوب الرسمي على موقع تويتر بوضوح أن المنصة لا تطبق الحظر المُظلل، وذلك على الرغم من أن العديد من مستخدمي يوتيوب يشكون من إجراءات تخالف ذلك، ويصر النظام الأساسي على أن أي مقاطع فيديو منخفضة الأداء أو غير قابلة للبحث هي نتيجة لانتهاكات محتملة لإرشادات المنصة.
فيسبوك
تعتمد سياسة المحتوى على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك على “الإزالة والتقليل والإبلاغ” ما يجعلها تتأرجح على حافة السلوك ذي الصلة بـ”الحظر المُظلل”، حيث يتم حذف المنشورات التي تنتهك معايير المجتمع أو سياسات الإعلانات، ولكن المنشورات التي تحتوي على ما يسميه فيسبوك بـ”المحتوى الإشكالي” قد يتم وضعها في ترتيب منخفض في الخلاصات الإخبارية على النظام الأساسي.
كيف تتحقق مما إذا كان حسابك تعرض لـ”الحظر المظلل” أم لا؟
نخلص مما سبق إلى أن منصات وسائل التواصل الاجتماعي لا تقر صراحة بأن “الحظر المُظلل” حقيقة واقعة، ولكن إذا واجهت أيًا من هذه العلامات فهذا يعني أن حسابك تعرض لـ”الحظر المُظلل”:
رصد انخفاض كبير في التفاعلية: من مؤشراته الانخفاض الحاد في عدد الإعجابات أو التعليقات أو المتابعات أو المشاركات على آخر مشاركة لك.
عدم ظهور اسم المستخدم أو الهاشتاق في اقتراحات البحث: وهنا لا يتمكن المستخدمون الآخرون من العثور على المحتوى الخاص بك أو اكتشافه، على الرغم من أنهم كانوا قادرين على القيام بذلك سابقاً، وكانوا يشاهدون مشاركاتك في أعلى خلاصاتهم الإخبارية على المنصة.
عدم توافر بعض الميزات على النظام الأساسي بالنسبة لك، في حين لم يواجه أي من أصدقائك نفس المشكلات.
بالطبع ، قد يكون هناك تفسير آخر وهو أنه ربما كان هناك تغيير في الخوارزمية أو وقع خطأ ما أو أنك تنشر محتوى منخفض الجودة، أو تتصرف بطريقة تشبه الروبوت أو تنشر معلومات خاطئة، لذلك فإن هذه المؤشرات السابقة طريقة يرسل النظام الأساسي بها تحذيرًا إليك لتعديل سلوكك.
طرق لتجنب “الحظر المُظلل” على وسائل التواصل الاجتماعي
وعلى هذا النحو قد لا نعرف أبدًا ما إذا كان “الحظر المُظلل” حقيقة أم لا، ولكن يمكن القول إن هناك مجموعة من العوامل يجب العمل بها لتجنب حدوثه تتمثل في ما يلي:
لا تنتهك المبادئ التوجيهية لمواقع التواصل
تحتوي جميع الأنظمة الأساسية لمنصات التواصل على إرشادات ومبادئ توجيهية تجعل المحتوى قيد الفحص، وعادةً ما تحظر هذه الإرشادات النشاط غير القانوني أو الكلام الذي يحض على الكراهية أو العُري أو المعلومات المضللة. فإذا كنت تنتهك أيًا من هذه الأشياء بشكل صريح، فمن المحتمل أن يتم حظرك بشكل مباشر أو إزالة المحتوى الخاص بك.
ولكن إذا كنت تنشر محتوى في منطقة رمادية – لا يتعارض صراحة مع القواعد، ولكنه ليس آمنًا تمامًا لجميع الجماهير – فقد تكون أيضًا عرضة لخطر تقليل ترتيب ظهوره أو الإخفاء.
لا تتصرف مثل الروبوت
يعتبر استخدام الهاشتاقات غير ذات الصلة، أو استخدام عدد كبير جدًا من الهاشتاقات، أو متابعة مجموعة من الأشخاص في فترة زمنية قصيرة، أو التعليق على عدد كبير جدًا من المشاركات بسرعة كبيرة، سلوكًا يشبه الروبوت، وعادة ما تحاول المنصات التخلص من الحسابات التي تقوم بتلك الممارسات.
لذلك لا بد أن تتصرف كإنسان طبيعي، وفي تلك الحالة يكون من المرجح أن تتم مشاركة المحتوى الخاص بك والترويج له في “الخلاصات- feeds” وعلى “صفحات الاكتشاف- discover pages”.
وعلى نفس المنوال، تأكد من أن ملفك الشخصي يشبه ملف التعريف الشخصي الحقيقي (أو علامة تجارية شرعية) من خلال إكمال جميع الحقول ذات الصلة، والتأكد من أن لديك صورة ملف تعريف مناسبة واستخدام عنوان بريد إلكتروني حقيقي لمعلومات الاتصال الخاصة بك.
لا تستخدم الهاشتاقات المحظورة
في كثير من الأحيان، يتم اختيار هاشتاقات شائعة من خلال ملصقات غير ملائمة، وقد تزيل المواقع تلك الهاشتاقات من البحث، أو تحد من المحتوى المرتبط بها، لذلك إذا كنت تستخدم تلك الهاشتاقات فلن يظهر المحتوى الخاص بك بالتأكيد في عمليات البحث أو التوصيات، وقد يؤدي ذلك إلى حظر الحساب.
وتجدر الإشارة هنا إلى أنه لا توجد قائمة رسمية للهاشتاقات المحظورة، ولكن البحث السريع في محرك البحث جوجل سيكشف عن مجموعة من المواقع التي تتعقب هذا النوع من الهاشتاقات.
لا تكن مزعجًا
يتردد أن نشر نفس الروابط مرارًا وتكرارًا، أو مشاركة محتوى متكرر يمكن أن يؤدي إلى “الحظر المظل”، والأسوأ من ذلك أنه سيؤدي بالتأكيد إلى نفور متابعيك، ولهذا السبب عليك الالتزام بنشر المحتوى الجديد والمثير للاهتمام لتحقيق أقصى قدر من المشاركة.
عامل الآخرين باحترام
لا بد من اتباع سلوك منضبط والابتعاد عن التنمر والمضايقات، فإذا تم الإبلاغ عن سوء سلوكك باستمرار من قبل مستخدمين آخرين، فسيكون هذا سببًا وجيهًا لأي نظام أساسي لإبعاد المحتوى الخاص بك عن أعين المستخدمين.
وتأسيسًا على ما سبق، يمكن القول إن ظاهرة “الحظر المُظلل- Shadow banning” سواء كان واقعًا حقيقيًا على بعض منصات التواصل الاجتماعي أم لا، فإن تجنبه أمر بسيط للغاية يتعلق بالحرص على أن تكون مستخدمًا صالحًا لوسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما يحدث من خلال إنشاء محتوى أصيل ومفيد يَسعَدُ المستخدمون الآخرون برؤيته، واحترام المبادئ التوجيهية للنشاط عبر مواقع التواصل. ولا يعتبر ذلك مجرد نصيحة جيدة لتجنب “الحظر المُظلل”، بل إنه الأساس لبناء وجود ناجح وجذاب على وسائل التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت.