تعتبر استراتيجية وسائل التواصل الاجتماعي ملخصًا لكل ما تقوم الشركة أو العلامة التجارية بالتخطيط له، وتسعى لتحقيقه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتتسم تلك الاستراتيجية بالإيجاز والوضوح والقابلية للتحقق والقياس، فكلما كانت أكثر تحديدًا زادت فاعليتها وفرص نجاحها، وقدرتها على بلوغ كافة المستهدفات في الآجال الزمنية المحددة.
ما هو التسويق عبر مواقع التواصل الاجتماعي؟
يعرف التسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي بأنه ممارسة استخدام قنوات التواصل الاجتماعي لبيع أو الترويج لعلامة تجارية أو منتج أو خدمة.
ويساعد ذلك النمط من التسويق الشركات على زيادة الوعي بالعلامة التجارية، وبناء مجتمعات متفاعلة، وبيع المنتجات والخدمات باستخدام حلول التجارة الاجتماعية (نشاطات التجارة الإلكترونية التي تتم من خلال الشبكات الاجتماعية)، بجانب قياس الشعور تجاه العلامة التجارية من خلال الاستماع الاجتماعي، وكذلك توفير خدمة العملاء على منصات التواصل الاجتماعي، والإعلان عن المنتجات والخدمات للجمهور المستهدف، وفقًا لمؤسسة “Hootsuite” للأبحاث التسويقية.
ما المقصود باستراتيجية وسائل التواصل الاجتماعي؟
استراتيجية وسائل التواصل الاجتماعي هي وثيقة تحدد أهداف الشركة من حساباتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والتكتيكات المستخدمة لتحقيق تلك الأهداف، والمعايير التي ستتبعها لقياس مدى تقدم الاستراتيجية.
وتتضمن استراتيجية التسويق الخاصة بالشركة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، جميع الحسابات التي تمتلكها حاليًا أو تخطط لإطلاقها، كما تنص على أهداف محددة لكل منصة تنشط فيها الشركة، وتشتمل الخطة الجيدة على توزيع دقيق للأدوار والمسؤوليات داخل فريق التواصل الاجتماعي، كما تحدد شكل ووتيرة إصدار التقارير الخاصة بنشاط الشركة على الشبكات الاجتماعية، بمعنى هل ستكون تقارير تفصيلية أم تقارير موجزة تقتصر على الأشكال البيانية فقط، وهل سيتم إصدارها بشكل شهري أو ربع سنوي أو سنوي.
كيف نضع استراتيجية تسويقية ناجحة على منصات التواصل الاجتماعي؟
يشكل تحديد الأهداف والغايات الخطوة الأولى لإنشاء استراتيجية ناجحة، فمن دونها لن تكون هناك طريقة لقياس النجاح وعائد الاستثمار، ولذلك لا بد أن يكون كل هدف محددًا وقابلاً للقياس والتحقق ومناسبًا ومقيدًا زمنيًا.
أما الخطوة الثانية فتتعلق بتعلم الشركة أو العلامة التجارية كل ما تستطيع معرفته عن الجمهور، فمعرفة رغباتهم متطلب رئيسي لإنشاء محتوى ينال إعجابهم ويقبلون على التعليق عليه ومشاركته.
وفي هذا الإطار، لا بد من توصل الشركة إلى إجابات واضحة بشأن العملاء المستهدفين، تغطي أسئلة عن العمر والموقع ومتوسط الدخل والاهتمامات، وتجدر الإشارة هنا إلى أن تحليلات الوسائط الاجتماعية توفر أيضًا الكثير من المعلومات القيمة للشركة حول ماهية متابعي حساباتها، وأين يعيشون، وكيف يتفاعلون معها على وسائل التواصل الاجتماعي، وتتيح هذه الأفكار تحسين الاستراتيجية واستهداف الجمهور بشكل أفضل.
هل يؤثر المنافسون على صياغة استراتيجية التواصل الاجتماعي؟
يُشكل استخدام المنافسين لوسائل التواصل الاجتماعي فرصة للشركة من أجل التعلم مما يفعلونه، وهو ما يتم من خلال إجراء “تحليل تنافسي-a competitive analysis” يسمح بفهم هوية المنافس وما الذي يقوم به بشكل جيد وغير جيد. كما يساعد ذلك في الحصول على فكرة جيدة عما هو متوقع في نشاط الشركة، مما يسهم في تحديد أهداف وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بها.
ويساعد هذا التحليل أيضًا على اكتشاف الفرص، فربما يكون للمنافس سيطرة على الجمهور في موقع فيسبوك، لكنه لم يبذل سوى القليل من الجهد في تويتر وإنستجرام، لذا يمكن للشركة التركيز على الشبكات التي لا يحصل فيها الجمهور على خدمات واهتمام كاف من قبل المنافسين، بدلاً من محاولة اجتذاب الجمهور في ساحة تحت سيطرة المنافس.
ماذا عن حسابات وسائل التواصل الاجتماعي القائمة؟
إذا كانت الشركة تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي بالفعل، فلا بد من تقييم جهودها عبر طرح الأسئلة التالية: ما الذي ينجح وما الذي لا ينجح؟ من يتعامل مع الحساب الخاص بها؟ ما هي الشبكات الاجتماعية التي يستخدمها الجمهور المستهدف؟ كيف يقارن هذا الجمهور وجود الشركة على وسائل التواصل الاجتماعي بالمنافسين؟
وبمجرد جمع هذه المعلومات، ستكون الشركة مستعدة لبدء التفكير في طرق لتحسين الاستراتيجية، فتلك المراجعة توفر صورة واضحة عن الغرض من كل حساب من حسابات الشركة على مواقع التواصل الاجتماعي، فإذا لم يكن الغرض من الحساب واضحًا، فإن ذلك يفتح المجال أمام التفكير في جدوى استمراره.
من جهة أخرى، تفيد مراجعة حسابات الشركة على مواقع التواصل في اكتشاف الحسابات المزيفة التي تستخدم اسم الشركة أو شعارها أو أسماء منتجاتها، حيث يمكن أن يضر هؤلاء المحتالون بالعلامة التجارية وهو ما يستلزم المسارعة بالإبلاغ عنهم.
هل تختلف الاستراتيجية التسويقية باختلاف المنصة؟
يرى الخبراء أن لكل منصة من منصات التواصل الاجتماعي طبيعة خاصة تحتم استراتيجية تلائم تلك الطبيعة، ويعني هذا أن الشركة عندما تحدد الشبكات الاجتماعية التي ستستخدمها، ستحتاج أيضًا إلى وضع استراتيجية لكل منها.
وتشير أنجيلا بيركارو، مديرة وسائل التواصل الاجتماعي في شركة “Benefit Cosmetics” لمستحضرات التجميل إلى أن شركتها تعتمد على سناب شات وقصص إنستجرام لعرض نصائح ودروس في التجميل، بينما تخصص تويتر لخدمة العملاء.
ويرى متخصصون في التسويق أنه لا بد من كتابة نص يحدد هدف معين للوجود على كل منصة من منصات التواصل الاجتماعي، فعلى سبيل المثال: “تستخدم الشركة تويتر لخدمة العملاء من أجل تقليل حجم رسائل البريد الإلكتروني والمكالمات الهاتفية التي تستقبلها، بينما تستخدم “لينكدإن” للترويج لثقافة الشركة واستقطاب الموظفين.
وإذا عجزت الشركة عن كتابة مثل ذلك النص بشأن حساب معين تمتلكه على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، فلا بد أن تعيد النظر في جدوى الوجود على تلك المنصة، فمن الأفضل الوجود على عدد أقل من مواقع التواصل بدلاً من بذل مجهود كبير في محاولة الحفاظ على الوجود في جميع المنصات.
ما هي متطلبات صناعة الهوية الرقمية؟
بمجرد تحديد الشبكات الاجتماعية التي يجب للشركة أو العلامة التجارية التركيز عليها، تبدأ في إنشاء ملفات التعريف الخاصة بها أو تحسين الموجود منها حتى يتوافق مع الاستراتيجية، ولذلك لا بد من التأكد من ملء جميع حقول الملف الشخصي، وتضمين الكلمات الرئيسية التي قد يستخدمها الأشخاص للبحث عن نشاط الشركة، واستخدام الشعارات والصور بشكل متسق عبر الشبكات حتى يسهل التعرف على ملفات التعريف الخاصة بالشركة من خلال صناعة هوية رقمية للشركة.
إن وجود صوت ونبرة وأسلوب متسق، يساعد في الحفاظ على الهوية الرقمية، حتى وإن كان لدى الشركة عدة أشخاص قائمين على إدارة حسابات التواصل الاجتماعي الخاصة بها.
ما كيفية اختيار توقيت النشر على منصات التواصل الاجتماعي؟
تعد مشاركة المحتوى أمرًا ضروريًا بالطبع، ولكن اختيار توقيت النشر يكون عنصرًا حاسمًا لتحقيق أقصى قدر من التأثير. ويعني ذلك ضرورة وضع جدول يتضمن تواريخ وتوقيتات نشر المحتوى.
كما ينبغي أن تضع الشركة أهدافا للنشر تتوزع كالتالي: 50% من المحتوى يستهدف تحويل حركة المرور من حساب التواصل الاجتماعي إلى الموقع الإلكتروني الخاص بالشركة، و25% من المحتوى برعاية مصادر أخرى، وبينما يدور 20% من المحتوى حول دعم هدف توليد العملاء المحتملين، فإن 5% تتمحور حول ثقافة الشركة.
ما هي وسائل تقييم وضبط استراتيجية التواصل الاجتماعي؟
توجد ثمة أدوات لقياس الأثر الخاص بتطبيق الشركات لاستراتيجية التواصل الاجتماعي، فبجانب التحليلات التي توفرها كل منصة اجتماعية، يمكن استخدام “معلمات UTM” لتتبع الزائرين الاجتماعيين أثناء انتقالهم إلى الموقع الإلكتروني الخاص بالشركة، حتى تتمكن من معرفة المنشورات الاجتماعية التي تجذب أكبر عدد من الزيارات إلى الموقع.
ويتم استخدام هذه البيانات لإعادة تقييم الاستراتيجية بصورة منتظمة، كما يمكن أيضًا استخدامها لتقييم المنشورات والحملات التسويقية المختلفة، وهو ما يسمح بفهم ما ينجح وما يفشل، وبالتالي تحسين الاستراتيجية.
بالإضافة إلى ذلك، تعتبر الاستطلاعات طريقة رائعة لمعرفة مدى نجاح الاستراتيجية، حيث يمكن إجراؤها عبر إرسالها لقائمة المشتركين في خدمة البريد الإلكتروني أو من خلال زوار موقع الشركة أو متابعي صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، على أن تتضمن أسئلة تستهدف معرفة ما إذا كانت الشركة تلبي احتياجاتهم وتوقعاتهم، وما الذي يرغبون في رؤيته أكثر؟
وأخيرًا، تُعد استراتيجية وسائل التواصل الاجتماعي وثيقة مهمة للغاية للشركات والعلامات التجارية، وهي وثيقة تتسم بالمرونة والتكيف مع المتغيرات التكنولوجية والديموغرافية، وتخضع للمراجعة الدورية من أجل تنقيحها بصورة تكفل تحقيق الأهداف التسويقية بكل سهولة ويسر وبأقل تكلفة ممكنة.
ومن الأهمية بمكان أن يدرك كل فرد ينتمي للمؤسسة أو الشركة دوره في إطار تلك المنظومة بما يكفل التعاون لتحقيق أقصى استفادة من حسابات الشركة على مواقع التواصل الاجتماعي.