تقارير

“المسكوت عنه” في تناول قناة الجزيرة لهجوم مطار أبها

استمرارًا لسلسلة الانتهاكات الحوثية للأعراف والقوانين الدولية، قامت الميليشيا الانقلابية في اليمن يوم الأربعاء 10 فبراير الجاري بهجوم على مطار أبها المدني السعودي عبر طائرة مسيرة مفخخة، مما أسفر عن أضرار حدثت في طائرة مدنية كانت موجودة على أرض المطار.
وبطبيعة الحال، شكّل هذا الهجوم مادة رئيسية في مختلف وسائل الإعلام في المنطقة، إلا أن قناة الجزيرة جاء تأطيرها للحادثة مختلفًا، خاصة من حيث زاوية التناول، سواء في المواد الخبرية أو التقارير أو البرامج التي خصصتها لمناقشة هذا الهجوم، إذ ركَّزت على:
• إظهار الهجوم الإرهابي الحوثي من زاوية أنه رد فعل على استمرار عمليات التحالف العربي بقيادة السعودية في اليمن، ما يعكس إغفالًا لحقيقة التطورات الميدانية والسياسية التي تشهد على دعم المملكة لكل جهد يُفضي لتسوية الأزمة اليمنية، مقابل رغبة حوثية إيرانية في نسف أي أفق للتسوية.
• تكرار المزاعم الحوثية الخاصة بأن الهجوم استهدف مرابض طائرات حربية، فبالرغم من التأكيد السعودي المدعم بالأدلة المادية القاطعة على استهداف الهجوم الإرهابي الحوثي لمطار أبها المدني، فإن قناة الجزيرة قالت في نشرتها الإخبارية نصاً: “بثّت وسائل إعلام سعودية صوراً تُظهر إصابة طائرة في مطار أبها عقب استهداف الحوثيين لمرابض الطائرات الحربية في المطار”.
وتعكس تلك الصيغة للخبر تبني توصيف الحوثي – المجافي للحقيقة – لطبيعة الهدف، من أجل التنصل من المسؤولية وما تستوجبه من مساءلة قانونية أو انتقادات وعقوبات دولية.
• التركيز على تأطير الهجوم الإرهابي سياسيًّا، ومدى تأثيره على سير العملية التفاوضية الجارية في اليمن.
• استخدام لغة التشكيك في عرض الرواية السعودية المتعلقة بالهجوم، فبالرغم من إعلان الحوثيين عن استهدافهم لمطار أبها الدولي بطائرة مسيرة مفخخة، فإن قناة الجزيرة قالت نصًّا: “نشر تليفزيون سعودي صورًا لما قال إنها بقايا حطام الطائرة المسيرة المفخخة”.
وفي سياق متصل قالت الجزيرة: “التحالف السعودي الإماراتي توعَّد من وصفهم بالإرهابيين من الميليشيات بالمحاسبة بما يتوافق مع القانون الدولي الإنساني”، وتُظهر لغة خطاب القناة أنها تنأى بنفسها عن توصيف الحوثي كميليشيا إرهابية.
• وضع ميليشيا الحوثي – الطرف المُعتدي – المنقلبة على السلطة الشرعية في اليمن في كفة متساوية مع المملكة العربية السعودية – المُعتدَى على مطارها المدني – التي تقود تحالفًا من أجل استعادة الشرعية، وتعزيز الاستقرار للشعب اليمني، بما يوحي أن هذا الهجوم الذي استهدف منشأة مدنية يأتي في إطار الصراع الطبيعي بين الجانبين.
• تقديم الرواية الحوثية على الرواية السعودية في تناول القناة للهجوم.

في المقابل وحسب استراتيجيات تحليل الخطاب فإن دلالة المسكوت عنه قد تكون أقوى مما يتم التصريح به في كثير من الأحيان.
وقد تمثَّل المسكوت عنه في خطاب قناة الجزيرة بشأن الهجوم الحوثي في:
تجاهل إظهار أن الهجوم الحوثي يمثل عملًا إرهابيًّا وإجراميًّا مُدانًا وفق المواثيق والأعراف والقوانين الدولية لأنه استهدف المدنيين.
مطار أبها الدولي هو ميناء جوي مدني لا يُستخدم في الأغراض العسكرية، والطائرة المتضررة كانت مدنية.
تجاهل تأثير هذا الاعتداء الإرهابي على مصير الخطوات التي بدأت الولايات المتحدة في اتخاذها لإلغاء تصنيف الحوثيين ضمن قوائم الإرهاب؛ بغية تسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى اليمنيين في مناطق سيطرة الجماعة، وعلى الأرجح يرجع سبب هذا التجاهل إلى أن الهجوم الحوثي يتعارض مع الخطوة الأمريكية، كونه قد ينذر بتجميد هذه الإجراءات مؤقتًا أو التراجع النهائي عنها.
إجمالاً، فقد تناولت الجزيرة الهجوم الإرهابي الذي نفذته ميليشيا الحوثي وفق إطار الصراع، أي أنه حلقة في مسلسل الصراع بين التحالف بقيادة المملكة وميليشيا الحوثي، وليس من منظور تهديد أمن وحياة المدنيين السعوديين.

زر الذهاب إلى الأعلى