ترجماتقراءات

كيف رأت الصحافة العالمية قرار رفع الولاية عن المرأة السعودية؟

قطعت المملكة العربية السعودية شوطاً كبيراً على طريق النهضة والتحديث، في ظلّ القيادة الحكيمة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ووليّ عهده الأمير محمد بن سلمان، وقد حظيت المرأة السعودية بمكانة مميزة ضمن هذه المنظومة التحديثية والنوعية التي تشهدها المملكة، وفرضت نفسَها بقوة لتكون محوراً رئيساً في رؤية المملكة التنموية 2030.

حظيت المرأة السعودية بمكانة مميزة ضمن هذه المنظومة التحديثية والنوعية التي تشهدها المملكة

وحرصت القيادة السعودية الرشيدة على تعويض المرأة السعودية، عما فاتها من إنجازات، ودفعت نحو تمكينها لتحتلّ موقعها الذي يليق بها، ليس في مجتمعها فقط، بل بين أقرانها على مستوى العالم.

وقد صدرت في هذا الشأن عدة قرارات، وكان آخرها الذي صدر في 1 أغسطس 2019، والذي تضمن السماح للمرأة التي بلغت من العمر 21 سنة، بالسفر إلى الخارج واستخراج جواز سفر، دون الحاجة إلى موافقة وليّ أمرها، وكذلك أصبح لها الحق في تسجيل حالات الولادة والطلاق والزواج، إضافة إلى منع التمييز في العمل بينها وبين الرجل.

إشادات واسعة

نالت هذه القرارات حيزاً واسعاً في تغطيات العديد من الصحف الأجنبية، والتي حرصت على توضيح أهميتها، ونقل شهادات حية عن تأثيرها الإيجابي على المجتمع السعودي.

 الصحافة الأمريكية: تلك القرارات تعدّ الأحدث في سلسلة خطوات ولي العهد لتقديم الأفضل للمرأة السعودية

ففي “نيويورك تايمز” كتب “بن هوبارد” في 1 أغسطس مقالاً بعنوان: “السعودية تعلن أنه بإمكان المرأة السفر بدون ولي أمر”، وقال الكاتب إن تلك التغييرات أصبحت تسمح للمرأة التي بلغت 21 من عمرها بالحصول على جوازات سفر، والسفر والعمل دون الحصول على إذنٍ من وليّ أمرها، كما أن أصحاب العمل أصبحوا لا يستطيعون التمييز ضد الموظفين على أساس الجنس أو السن أو الإعاقة.

واعتبر الكاتب أن تلك القرارات تعدّ الأحدث في سلسلةٍ من الخطوات التي قادها وليّ العهد الأمير محمد بن سلمان، لتقديم الأفضل للمرأة السعودية، فبعد أن رفعت المملكة الحظر عن قيادة المرأة للسيارة في يونيو 2018، تم التركيز على محاولة تخفيف قيود الوصاية عليها.

وذكر المقال أنه عندما سئل ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عن الوصاية على المرأة في مقابلة عام 2018، قال إنه يرغب في تقليصها ولكنه يريد أن يوازن بين السعوديين الذين يريدون التغيير والعائلات المحافظة التي لم تفعل ذلك، موضحاً أن الشعب السعودي لا يريد أن يفقد هويته، لكنه يريد أن يكون جزءاً من الثقافة العالمية، ويريد دمج ثقافته مع الهوية العالمية.

نيويورك تايمز: انتشرت الهاشتاجات المؤيدة وأهمها “لا وصاية على سفر النساء” و”شكراً محمد بن سلمان”

واختتم الكاتب مقاله بأن العديد من المواطنين السعوديين رجالاً ونساءً  أيّدوا تلك التغييرات، وانتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي العديد من الهاشتاجات المؤيّدة وأهمّها “لا وصاية على سفر النساء” و”شكراً محمد بن سلمان”.

“بي بي سي”: هذا التقدم يأتي في ظل انفتاح المملكة العربية السعودية على العالم

ونشرت “بي بي سي” في 2 أغسطس 2019 مقالاً بعنوان: “المملكة العربية السعودية تسمح للمرأة بالسفر بشكل مستقل”، وذكرت أن هذا القرار يضع النساء على قدم المساواة مع الرجال، في ظل سعي الرياض لمنح المرأة المزيد من الحقوق تدريجياً، وكان عام 2018 أكبر شاهد على ذلك عندما تم السماح للمرأة باستخراج رخصة لقيادة السيارة.

وتابع مقال “بي بي سي” أن هذا التقدم يأتي في ظل انفتاح المملكة العربية السعودية على العالم، موضحاً أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عندما وضع رؤية 2030 التنموية، جعل المرأة محوراً من أولوياته، ووضع هدفاً لتمكين المرأة، وهو الوصول إلى زيادة مشاركتها في القوى العاملة من 22 إلى 30%.

ورصد المقال عدداً من ردود فعل النساء السعوديات، أبرزهن الإعلامية المعروفة “منى أبو سليمان”، التي غرّدت على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، قائلة إن “هذا القرار يشير إلى المساواة الكاملة في القانون بين الرجال والنساء، ويوضح ما تستطيع الشريعة الحديثة القيام به”.

وأبرزت الصحيفة ما دوّنته الأميرة ريما بنت بندر، سفيرة المملكة العربية السعودية في الولايات المتحدة الأمريكية عبر سلسلة من التغريدات على حسابها على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، قائلةً: “يسعدني التأكيد على أن المملكة العربية السعودية ستسنّ تعديلاتٍ على قوانين العمل، والقوانين المدنية التي تهدف إلى رفع مكانة المرأة السعودية، بما في ذلك منحها الحقّ في التقدم بطلبٍ للحصول على جوازات سفر والسفر بشكل مستقل”.

وفي تغريدة تالية قالت: “إنه من خلال السماح بترشّح المرأة في مجلس الشورى، ثم إصدار رخصة القيادة للمرأة، أثبتت قيادة المملكة التزامَها القاطع بالمساواة بين الجنسين”، موضحةً أن “المشاركة المتساوية للمرأة والرجل في مجتمعنا، نهج شامل للمساواة بين الجنسين، من شأنه أن يخلق تغييراً حقيقياً للمرأة السعودية”، واختتمت تغريداتها بالقول: “لعبت النساء دائماً دوراً أساسياً في تنمية بلدنا، وسيواصلن القيام بذلك على قدم المساواة مع نظرائهن من الرجال”.

وكتبت “جيسي يونج” و”حمدي الخشالي” في 2 أغسطس 2019، مقالاً على “سي إن إن” بعنوان: “وأخيراً سُمح للمرأة السعودية بحمل جوازات السفر والسفر بشكل مستقل”، معتبرين ذلك تحولاً كبيراً، ومؤشراً على إعطاء المرأة السعودية المزيد من الحقوق.

سي إن إن: هذه الإصلاحات جزء من خطة ولي العهد لتحديث المملكة

وأوضح الكاتبان أن السنوات القليلة الماضية شهدت تقدماً كبيراً، حيث أدلت النساء بأصواتهنّ للمرة الأولى على الإطلاق في الانتخابات البلدية عام 2015، وتم انتخاب 17 امرأة على الأقل في ذلك العام، وفي إصلاح تاريخي، مُنحت النساء الحق في قيادة السيارات في عام 2017، وتم إصدار أول رخص قيادة لهنّ في عام 2018، تتويجاً لسنواتٍ من سعي القيادة السعودية لتمكين المرأة.

وشرح المقال أن هذه الإصلاحات هي جزء من خطة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتحديث المملكة العربية السعودية وتخفيف القيود على المرأة، جنباً إلى جنب مع المبادرات الحقوقية، وشهدت الإصلاحات أيضاً تقديم أول دور للسينما في المملكة، وحفلات موسيقية لأول مرة في المملكة.

وكتبت “إيما غراهام هاريسون” في الجارديان في 2 أغسطس 2019، مقالاً بعنوان: “المملكة العربية السعودية تسمح للمرأة بالسفر دون موافقة ولي الأمر”، قائلة إنه لن تحتاج النساء في المملكة العربية السعودية بعد الآن إلى إذن ولي الأمر للسفر، وفقاً للقوانين التي تم نشرها يوم الجمعة 2 أغسطس 2019.

الجارديان: وليّ العهد يلعب الدور المحوري في تمكين المرأة

وأوضحت الكاتبة أن تلك القرارات تساعد المرأة في الحصول على مستندات للأسرة، ويمكن أن تخفّف العقبات التي تواجهها النساء في الحصول على بطاقة هوية وطنية، وتسجيل أطفالهن في المدرسة.

ونوّه المقال بالدور المحوري الذي يلعبه سموّ ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في تمكين المرأة، منذ تعيينه ولياً للعهد عام 2017، موضحاً أنه أحدث تغييرات اجتماعية واقتصادية شاملة، تهدف إلى تقليل اعتماد البلاد على عائدات النفط، كما قام ببذل مجهود كبير لمنح المرأة حقوقها.

وفي صحيفة “أمريكا اليوم” كتبت “أدريانا رودريجيز” مقالاً في 2 أغسطس 2019، بعنوان: “المملكة العربية السعودية تسمح أخيراً للمرأة بالحصول على جواز سفر، والسفر دون إذن الرجل”، وقالت إن القرارات الجديدة لا تسمح للسيدات السعوديات فقط بالتقدّم للحصول على جوازات سفر، ولكن أيضاً بالسفر بمفردهنّ إذا بلغن الـ21 من العمر.

وأبرزت كاتبة المقال التأثيراتِ الإيجابيةَ لباقي القرارات التي أصبحت تسمح للنساء بتسجيل زواج أو طلاق أو ولادة طفل وإصدار وثائق عائلية رسمية، وبإمكانية أن تكون الأم وصياً قانونياً على الأطفال.

وذكر المقال أن تلك التغييرات مهمة لحقوق المرأة السعودية في المملكة، بعد أن كان النظام القانوني يطلب من النساء منذ فترة طويلة أن يكون لها وصيّ ذكر للقيام بمهامّ بسيطة في الحياة اليومية، وغالباً ما يكون الوصيّ الذكر على المرأة هو والدها أو زوجها، وفي بعض الحالات يكون ابنها.

شهادات من الواقع

وفي 3 أغسطس 2019، كتب “مارتن تشولوف” مراسل الشرق الأوسط في الجارديان مقالاً بعنوان: “نشعر بالتمكين”: أشار فيه إلى أن النساء السعوديات يستمتعن بحرياتهن الجديدة، حيث نقل الكاتب شهاداتٍ حيةً من نساء سعوديات، أعربن عن مدى سعادتهن بهذه التغييرات.

كاتب بالجارديان: النساء السعوديات أكدن أن القرارات تعطي مؤشراً على النهضة المرتقبة

وأضاف أن النساء في العاصمة الرياض، أجبن بحماس على الأسئلة المتعلقة بالتغييرات، حيث قال بعضهنّ إن القرارات تعطي مؤشراً على النهضة المرتقبة، بينما قالت آخريات إنهن سَيُحَسِّنَّ من أوضاعهن بشكل كبير.

وقالت عزة، وهي امرأة في منتصف الثلاثينيات من عمرها: “هذا يعني الكثير بالنسبة لي، وفي أغلب الأوقات كنت ألاقي توبيخاً كبيراً في كل مرة أحتاج فيها إلى تجديد جواز سفري، منذ أن توفي والدي في عام 2000، وفي عام 2018 تمكنت من تجديد جواز السفر دون وصاية، أنا متأكدة أن المزيد من الحريات ستأتي، لدي شعور بأننا وصلنا إلى نهضة سعودية، المستقبل يبدو مشرقاً، ولدينا الروح والدافع والإرادة”.

مها المنيف: هذا الأمر يقلل التبعية للرجال، نشعر بالقوة والتمكين

وقالت الدكتورة مها المنيف، المديرة التنفيذية للبرنامج الوطني لسلامة الأسرة (NFSP)، والحاصلة على جائزة الشجاعة الدولية لعام 2014: “هذا الأمر يقلّل التبعية للرجال، نشعر بالقوة والتمكين”.. “ولا يعني ذلك أننا متساوون مع الرجال من منظور حقوق الإنسان فحسب، بل على المستوى العملي سيتم مساعدة النساء على الحركة والقيام بأعمالهن وحضور المؤتمرات والتعلّم والتمكين أكثر، كما أنه سيؤدي إلى تحسين وضع النساء المعتدى عليهن بشكل كبير، لأن الأشخاص الأكثر تأثراً بقانون الوصاية عادةً ما يعانون من العنف المنزلي”.

وساق الكاتب مثالاً لامرأة سعودية أخرى هي عبير مبارك بن فهد البالغة من العمر 32 عاماً، وهي حاصلة على ماجستير في إدارة الأعمال و كانت تبحث عن وظيفة، وهي الآن متحمسة بنفس القدر، وقالت: إن الآثار المترتبة على التغييرات تنعكس إيجابياً بنفس القدر على الرجال.

زخم التغيير يفرض حقائق جديدة، سيكون على الجميع التعايش معها

أما المثال الرابع فكانت وسن هادي العنزي، وتعمل ممرضة في مستشفى عام، وتبلغ من العمر 35 عاماً، من مدينة سكاكا المحافِظة شمال المملكة العربية السعودية، حيث قالت: “إن القرارات توضّح مدى سرعة التغيير في  البلاد، في مدينتي اعتاد الرجال على رفض الزواج من بعض النساء العاملات في مجال التمريض لأنهنّ في بيئة عمل مختلطة، الآن هذا ليس هو الحال على الإطلاق وقد تقدّمنا ​​إلى الأمام، لا نعرف ما الذي سيحدث بعد ذلك، لكننا نأمل أن يكون ذلك على أساس ديننا، فبمجرد بناء شيء ما على أسس دينية لن تكون هناك مشكلة أبداً”.

وقالت فاطمة عبد رب النبي وتبلغ 27 سنة، إن زخم التغيير يفرض حقائق جديدة، سيكون على الجميع التعايش معها، مثل قيادة النساء للسيارات، فالآن لا أحد يتحدث حتى عن قرار عام 2017 بالسماح للنساء بالقيادة، والنساء يَقُدْن في كل مكان”.

الخاتمة

هكذا عَكَست العديدُ من الصحف الأجنبية مدى أهمية وتاريخية هذه القرارات في المسيرة التنموية الشاملة للمملكة العربية السعودية، وكيف أن المرأة التي تشكل نصف المجتمع، أخذت تشقّ طريقها لتحقيق هذه التنمية إلى جانب الرجل.

تأتي القرارات ضمن رؤية استراتيجية واسعة للقيادة السعودية الرشيدة بالعودة لنهج السماحة والاعتدال

ويأتي ذلك ضمن رؤية استراتيجية واسعة للقيادة السعودية الرشيدة، التي عزمت على عودة المملكة إلى ما كانت عليه من السماحة والاعتدال واحترام الآخر، ونبذ العنصرية والإقصاء بين كافة المواطنين، سواءً كانوا رجالاً أم نساءً.

زر الذهاب إلى الأعلى