تقارير

أبحاث السوق ومنصات التواصل الاجتماعي

اتجهت العديد من الشركات إلى التحول لوسائل التواصل الاجتماعي لتكوين رؤية واضحة حول توجهات عملائها والسوق ومظهر العلامة التجارية وغيرها من جوانب أبحاث السوق المهمة، حيث تقدم معظم منصات التواصل الاجتماعي مثل تويتر وفيسبوك طرقًا عديدة لتحليل الاتجاهات وإجراء أبحاث السوق، فمن خلال البحث في أحدث المنشورات والمصطلحات الشائعة، يمكن معرفة الاتجاهات الناشئة ومعرفة ما يتحدث عنه العملاء في الوقت الفعلي، وأحد الأمثلة على ذلك هو إجراء عمليات البحث عن الهاشتاق على تويتر.

وفي حين قد تستغرق طرق أبحاث السوق التقليدية، مثل الاستطلاعات شهورًا للتخطيط والإعداد والتنفيذ، يمكن باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي إجراء البحوث في غضون دقائق أو ساعات، وبدلًا من قضاء أشهر في تطوير خطة بحث تسويقي تؤدى لاكتساب معلومات قديمة نظرًا لتغير اتجاهات المتسوقين، يمكن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لإجراء أبحاث سوق تقدم نتائج تعبر عن الوقت الراهن.

الاختلافات بين أبحاث السوق التقليدية وأبحاث مواقع التواصل الاجتماعي

ويشير موقع “سوشيال ميديا توداي” إلى أن شعبية وسائل التواصل الاجتماعي تزداد بين كل من الشركات والمستهلكين في مختلف القطاعات، وتساعد الطبيعة غير الرسمية وسهولة الوصول إلى وسائل التواصل الاجتماعي على تعزيز تفاعل المستخدمين ومشاركتهم، وهذا يحسن فرص الحصول على بيانات دقيقة وصادقة.

وتشمل أبحاث السوق باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي دراسة المحادثات على الشبكات الاجتماعية والمدونات والمنتديات، حيث يعبر المستهلكون عن أنفسهم، ويتناقشون بحرية عن مشاعرهم وآرائهم وتجاربهم مع العلامات التجارية وتعليقاتهم على المنتجات، فضلًا عن الشكاوى والاستفسارات. وتوفر الأبعاد السابقة رؤية نوعية غنية للمسوقين الذين يعتمدون بشكل كبير على أبحاث المستهلك لاتخاذ قراراتهم.

وتجدر الإشارة هنا إلى وجود العديد من الاختلافات بين أبحاث السوق التقليدية والأبحاث التي تعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي، وأهمها أن البحث التقليدي يهدف إلى الإجابة عن الأسئلة التي يهتم بها المسوق، بينما يكشف البحث المستند إلى بيانات وسائل التواصل الاجتماعي عن أولويات اهتمامات المستهلك.

مزايا وعيوب أبحاث السوق المستندة لبيانات وسائل التواصل الاجتماعي

عادةً ما يتم إجراء أبحاث وسائل التواصل الاجتماعي باستخدام أداة استماع على تلك المنصات تسحب آلاف المحادثات حول موضوع يريد المسوق دراسته، وبالتالي فإن أبحاث وسائل التواصل الاجتماعي عادة ما يكون لها حجم عينة أكبر بكثير من أبحاث السوق التقليدية.

وتشير مدونة Glean.info المتخصصة في التسويق وتحليل مواقع التواصل الاجتماعيإلى أن أبحاث السوق التي يتم إجراؤها من خلال وسائل التواصل الاجتماعي تتمتع بالعديد من المزايا ومنها:

  • أكثر حداثة: حيث تلاحظ الشركات كيف تتغير المشاعر تجاه علاماتها التجارية والتفضيلات العامة للمستهلكين بمرور الوقت.
  • أكثر دقة: فهي تكشف عن مشاعر العملاء الحقيقية، ولا تتأثر بتحيزات القائم على الاستطلاع.
  • السرعة: يمكن لتحليلات وسائل التواصل الاجتماعي إنتاج البيانات في ساعات أو أيام، بدلًا من أسابيع أو شهور وهي المدة التي تستغرقها طرق البحث التقليدية.
  • أقل تكلفة: حيث يتم إعداد الدراسات بتكلفة بسيطة مقارنة بطرق البحث التقليدية.

ورغم تلك المزايا المتعددة في أبحاث السوق المستندة إلى وسائل التواصل الاجتماعي، فإن لديها إشكاليات يجب على المحللين التعامل معها مثل المحتوى المزيف أو المروَّج له، والسيطرة المحدودة على التركيبة السكانية للمستهلكين الذين تتم دراستهم، بجانب الآراء المتطرفة من قِبَل أقلية صاخبة من المستهلكين.

ويرى الدكتور رانجيت ناير، الرئيس التنفيذي لشركة “Germin8” للتكنولوجيا أنه في حالة الاستخدام الشائع لمنتجٍ ما، يتم الاعتماد على أبحاث وسائل التواصل الاجتماعي لكشف ما يشعر به المستهلكون تجاه المنتج، حيث يساعد ذلك في إجراء تحسينات على منتج موجود أو ابتكار منتج جديد. فعلى سبيل المثال، عندما أرادت قناة تليفزيونية موجهة للشباب في الهند فهم سبب انخفاض مشاهدة برنامج جديد تبثه، لجأت إلى أبحاث وسائل التواصل الاجتماعي لفهم ما إذا كان الأمر يتعلق بكيفية الترويج للبرنامج أو ما إذا كان البرنامج نفسه لم يُحدث صدى لدى الجمهور.

ويوضح ناير أنه من خلال أبحاث وسائل التواصل الاجتماعي، تمكنوا من فهم التوقعات الخاطئة التي تم تكوينها حول البرنامج قبل بثه وساعدتهم تلك الأبحاث أيضًا على فهم شعور الجمهور حول كل جانب من جوانب البرنامج وكل حلقة. ونتج عن الرؤى المستمدة من هذا البحث تحسين المنتج، أي البرنامج الذي حققت مواسمه التالية تقييمات أعلى بكثير من حيث نسبة المشاهدة، وبالتالي المزيد من عائدات الإعلانات.

ويشير ناير إلى أنه تم تطبيق نفس النوع من التحليل أيضًا عندما أرادت شركة سلع استهلاكية أن تطلق منتجًا جديدًا للشعر في السوق الهندية، حيث قرروا تجربة البحث على وسائل التواصل الاجتماعي، لأن مثل هذه المنتجات لم تكن موجودة من قبل في الهند، وكان إجراء البحوث التقليدية في الأسواق الخارجية مكلفًا ويستغرق وقتًا طويلًا، لكنهم من خلال أبحاث وسائل التواصل الاجتماعي، تمكنوا من فهم مشاعر المستهلك تجاه الجوانب المختلفة لاستخدام المنتجات المماثلة في الأسواق الأجنبية.

وساعدهم ذلك في تصميم منتج جديد ناجح أخذ في الاعتبار ملاحظات المستهلكين من الأسواق الأخرى حول مختلف الجوانب المتعلقة بالتعبئة والتنوع والتسعير والتواصل. كما تم استخدام أبحاث وسائل التواصل الاجتماعي للكشف عن رؤى المستهلكين المتعلقة بالحملات الدعائية وفئات المنتجات واهتمامات الفئات المستهدفة، وكلها أمور تؤدي إلى علامة تجارية أكثر تركيزًا على العملاء.

خطورة تجاهل مشاعر المستهلكين بالنسبة للعلامات التجارية

إن مشاعر المستهلك وعواطفه التي يعبر عنها عبر وسائل التواصل الاجتماعي تمثل مصدرًا مهمًّا للتعرف إلى اتجاهات المستهلكين، وقد تكون أيضًا برميل بارود محتملًا لا يمكن تجاهله.

فالعلامات التجارية التي تتجاهل المشاعر السلبية التي تعبر عنها وسائل التواصل الاجتماعي توجه رسالة مفادها أنها لا تهتم بما يكفي لاستجابة المستهلكين، مما يؤدي إلى فقدان سمعة العلامة التجارية، وفي الوقت ذاته المشاعر الإيجابية أيضًا لا ينبغي تجاهلها، لأن المستخدمين الذين يعبرون عن مشاعر إيجابية يتم تصنيفهم ضمن مدافعين محتملين عن العلامة التجارية.

ومن الضروري أن تقوم العلامات التجارية بتتبع مثل هذه المحادثات الإيجابية في الوقت الفعلي والتفاعل مع هؤلاء المستهلكين، وفي حالة عدم حدوث ذلك، يشعر هؤلاء المستهلكون بالتجاهل وسيتحولون إلى علامة تجارية منافسة إذا أتيحت الفرصة.

وأخيرًا.. تُعد مشاعر المستهلكين عبر وسائل التواصل الاجتماعي مصدرًا حيويًّا لرؤى المستهلكين للمسوِّقين، خاصة في أوقات الأزمات والكوارث والظروف الاستثنائية مثلما حدث مع تفشِّي جائحة فيروس كورونا، حيث أصبح البحث التقليدي أكثر صعوبة.

لكن لا يمكن لأبحاث السوق عبر وسائل التواصل الاجتماعي أن تحل محل البحث التقليدي تمامًا، وحتى إذا لم تلجأ الشركات إلى وسائل التواصل الاجتماعي لفهم مشاعر المستهلكين، فلا يمكن تجاهلها بسبب الضرر الذي يمكن أن تُلحقه بسمعة العلامة التجارية.

زر الذهاب إلى الأعلى