استعراض دراسات

دور منصات التواصل الاجتماعي للأندية في الحد من التعصب الرياضي

تعتبر الرياضة من أهم الوسائل وأجداها لتحقيق النضج الاجتماعي وإشاعة روح الجماعة بين الأفراد، لما تتيحه مجالاتها العريضة الواسعة من فرص اللقاء والتعارف والأخذ والعطاء وما تضيفه أنظمتها من أسس ومبادئ اجتماعية كاحترام الآخر، وضرورة التحكم في الانفعالات في مواقف مشحونة بالإثارة تحدث خلال ممارسة النشاط الرياضي والتنافس بين اللاعبين.

لكن هذا لا ينفي وجود سلبيات ارتبطت بشكل مؤسف بالرياضة أبرزها التعصب والذي يكون نتيجة لأسباب عديدة من أهمها ضعف الوعي الاجتماعي والرياضي وعدم التمتع بالروح الرياضية والإيمان بالتنافس الشريف وتقبل الخسارة وعدم تقبل الرأي الآخر، والتحيز للرأي الشخصي والتمسك به والدفاع عنه سواء كان على حق أو باطل، فهذه السمات تجعل المتعصب سريع الانفعال ويبدأ الهجوم على الآخرين ويحاول إيذاءهم بأقواله، وهو ما قد يوقعه تحت طائلة المساءلة القانونية، وكذلك الإيمان بأوهام غير حقيقية وفكرة المؤامرة ضد فريقه المُفضل.

ولتفادي مشكلة التعصب الرياضي يجب على جميع المشجعين والإعلاميين الرياضيين والنقاد الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي في مناقشة طروحاتهم الرياضية تحكيم العقل وتجسيد المعاني الحقيقية للتنافس الرياضي الشريف، وأن الرياضة فوز وخسارة، والإيمان الكامل بأن الرياضة وسيلة لإسعاد الناس ونشر القيم وبناء جسور الأخلاق وليست لزرع الأحقاد بينهم، وأن تكون هناك برامج توعوية هادفة لتكريس الوعي والثقافة الرياضية ومواجهة التعصب الرياضي، واستغلال منصات التواصل الاجتماعي، وتنطلق هذه البرامج التوعوية من خلال الأندية الرياضية.

وفي هذا الإطار، نشرت مجلة بحوث الإعلام الرقمي في عدد يناير/ يونيو 2024، دراسة بعنوان “دور منصات التواصل الاجتماعي للأندية الرياضية في الحد من التعصب الرياضي”، من إعداد منيرة عبد الرحمن الماجد، باحثة الماجستير بجامعة الملك فيصل، حيث استندت الدراسة إلى عينة عشوائية قوامها 100 مفردة من مجتمع الدراسة، المتمثل في الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18-65 عاما باعتبارهم أكثر الفئات العمرية التي تتجلى فيها ظاهرة العنف والتعصب الرياضي وأكثر الفئات تأثرًا بوسائل الإعلام.

  • نتائج الدراسة

خلصت الدراسة إلى أن إحدى الطرق الرئيسية للتغلب على الشغب والتعصب في منصات التواصل الاجتماعي هي توعية اللاعبين بأهمية الرياضة وتعريف الروح الرياضية وترسيخ ثقافة اللعب النظيف. كما أوضحت أن اهتمام الشباب بمنصات التواصل الاجتماعي المتعددة يتزايد بشكل ملحوظ، نظرًا للإشباعات الكبيرة التي توفرها لهم وللفرصة التي تتيحها لهم للتواصل والتفاعل مع العالم الخارجي.

وأكدت الدراسة أنه من الضروري أن تعتمد منصات التواصل الاجتماعي على استراتيجية المشاركة الفعالة والتواصل التفاعلي، مع منح الجمهور حرية التعبير عن آرائهم، مشيرة إلى أن هذا النوع من الاتصال يفتح نوافذ جديدة على العالم، مما يتيح للجمهور فرصة التعرف على آخر المستجدات في عالم الرياضة ومشاهدة الإنجازات التي حققها المجتمع في هذا المجال.

كما رأت الدراسة أن من أهم أسباب ظاهرة التعصب الرياضي، عدم وجود وعي كاف بين الجماهير، الأمر الذي يستوجب استخدام منصات التواصل لنشر الوعي الرياضي.

كما أكدت الدراسة على أهمية التزام منصات التواصل الاجتماعي بالحيادية التامة، خاصة عندما يتعلق الأمر بتغطية الأحداث الرياضية، فضلًا عن وجوب أن تكون الأخبار الرياضية محايدة وخالية من التعصب، وهو ما يتطلب من الصفحات الرياضية تجنب إثارة النزاعات وتحفيز التعصب بين المشجعين.

  • توصيات الدراسة

قدمت الدراسة سلسلة من التوصيات والمقترحات يمكن استعراضها على النحو التالي:

  • ضرورة التركيز على السلوكيات الإيجابية في الملاعب وإعطاء مساحة وافرة لها في منصات التواصل الاجتماعي.
  • تنمية الوعي وتكوين الاتجاهات الإيجابية الداعية لأهمية تغيير السلوكيات الرياضية غير المرغوبة.
  • استحداث قنوات اتصال حوارية بين كل من الجمهور المستهدف ومتخذي القرار الرياضي لتعزيز المشاركة في صناعة القرار الرياضي المناسب، وإيجاد الحلول والعمل على التواصل بين الجمهور ومنصات التواصل الاجتماعي في صناعة القرار الرياضي.
  • نشر التوعية الرياضية بين الجماهير من خلال النشرات الدورية على منصات التواصل الاجتماعي للتقليل من التعصب الأعمى للفريق.
  • تحديد جهة للإشراف على الأداء الإعلامي الرياضي ومتابعته وخاصة عند حدوث الأزمات الرياضية.
  • تجنب نشر أحداث العنف والتعصب بشكل مستمر على منصات التواصل الاجتماعي لعدم الإثارة النفسية والعاطفية وتحميل القنوات مسؤولية ذلك العمل.
  • التركيز على السلوكيات الإيجابية لبعض اللاعبين ممن يمثلون رمزية لدى الجمهور.
  • تسليط الضوء على الأخبار التي تتناول العقوبات المفروضة على اللاعبين أو المشجعين ممن يمارسون التعصب والعنف في المباريات.
  • منح جوائز لروابط المشجعين الذين يلتزمون بالقوانين، ولا يمارسون العنف في الملاعب.
  • تشجيع الدراسات والبحوث التي تعالج مظاهر التعصب الرياضي.
  • تشجيع دور منصات التواصل الاجتماعي في الحد من مظاهر التعصب الرياضي.

وختامًا، تعتبر منصات التواصل الاجتماعي أداة مهمة للأندية الرياضية في التواصل مع جمهورها، حيث تساعد الأندية على نشر الأخبار والتحديثات حول الفريق واللاعبين، بالإضافة إلى  أنها توفر فرصة للتفاعل مع الجماهير والمشجعين والاستماع إلى آرائهم وتعليقاتهم.

كما يمكن أن تلعب منصات التواصل الاجتماعي دورًا مهمًا في تقليل التعصب الرياضي من خلال توجيه رسائل إيجابية وتشجيع الاحترام بين مشجعي الأندية المختلفة، حيث يمكن للأندية استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للمساهمة في خلق بيئة رياضية صحية.

وأخيرًا، يتحمل أصحاب المصلحة في الأندية الرياضية مسؤولية كبيرة في توجيه استخدام منصات التواصل الاجتماعي بشكل إيجابي وبناء، حيث يجب عليهم استخدام هذه الوسيلة بشكل يعزز التواصل الحضاري ويحث على التسامح والاحترام بين جماهير الأندية المنافسة.

زر الذهاب إلى الأعلى