أدى تنامي استخدام الأطفال والمراهقين لمواقع التواصل الاجتماعي على اختلاف أنماطها، إلى اهتمام الأسر بثقيف أنفسها بشأن الأضرار والتداعيات السلبية لتلك المواقع على الأبناء، وذلك على الرغم من أن هناك أيضًا العديد من الآثار الإيجابية التي يمكن أن تحدثها المنصات الاجتماعية بالنسبة للعائلات.
ووفقًا للعديد من الخبراء يمكن استخدام التكنولوجيا بطريقة إيجابية لإقامة صلة بين الآباء والأبناء، عبر دمج التكنولوجيا في وقت العائلة بما يؤدي إلى تعزيز الترابط بين أفراد الأسرة والتشارك في الاستفادة من مزايا منصات التواصل الاجتماعي.
وفي هذا الإطار، يستعرض تقرير لموقع “Smart Social” المعني بمواقع التواصل الاجتماعي، سلسلة من المقترحات التي تسهم في تحقيق تلك الاستفادة، وذلك على النحو التالي:
البحث عن المؤثرين الإيجابيين لمتابعتهم
يمكن أن يكون لانخراط الأسرة في وسائل التواصل الاجتماعي العديد من الفوائد الإيجابية، عبر إظهار الجانب الأكثر إيجابية من هذه الأدوات التي توفرها مواقع التواصل للأطفال، فعلى سبيل المثال يمكن البحث معًا عن المؤثرين الإيجابيين الذين يتحدثون من واقع التخصص والعلم عن موضوعات ذات قيمة، مثل التوعية الصحية أو تقديم دروس في التاريخ تعمل على تعزيز الهوية، وهو ما يساعد الأبناء في معرفة المزيد حول المنصة الذي يريدون قضاء وقتهم فيها عندما يبدؤون في إنشاء ملفاتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي.
كما تُعد بعض تطبيقات التواصل الاجتماعي طريقة رائعة لمساعدة الأبناء على البقاء على اتصال مع الأجداد أو أفراد الأسرة الآخرين وتعلم عادات جيدة، فوجود تطبيق مثل “Messenger Kids” على الأجهزة الخاصة بالعائلة يساعد الأطفال على التواصل مع العائلة والأصدقاء الواقعيين تحت إشراف والديهم، إذ يستمتع الأطفال في هذه الحالة بفلاتر الصور ويلعبون الألعاب معًا أثناء الاتصال فقط بالأشخاص الذين يتم الموافقة عليهم من حسابات الوالدين.
وتعد هذه الممارسة درسًا جيدًا للأطفال لتعلم وممارسة العادات الجيدة باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا، ومساعدتهم عندما يكبرون بما يكفي لاستخدام أجهزتهم الخاصة بمفردهم.
إنشاء المحتوى معًا بدلاً من استهلاكه
يمكن استخدام محتوى مواقع التواصل الاجتماعي لبناء اتصال فريد بين الآباء وأبنائهم المراهقين، فبينما يسارع الأشخاص إلى الاستشهاد بالتأثيرات السلبية لوسائل التواصل الاجتماعي على العائلات فإن هناك الكثير من الأشياء الجيدة أيضًا والتي تتجاوز مجرد مشاركة المحتوى مع أفراد الأسرة، وللاستفادة الكاملة من التأثيرات الإيجابية العديدة لوسائل التواصل الاجتماعي، من الأفضل العمل على إنشاء المحتوى الرقمي بدلًا من استهلاكه.
فعلى الرغم من أن مشاركة المنشورات مع أفراد العائلة أمر رائع لتبادل الضحك والابتسامة والاستفادة أيضاً، لكن لا يوجد شيء يضاهي العمل معًا لتحويل الأفكار إلى محتوى رقمي ممتع، فذلك يقوي الرابطة الأسرية ويوفر مصدرًا رائعًا للترفيه.
كما أنه مفيد للآباء لأن التعاون في المحتوى يمنحهم رؤية أكبر لنوع الوسائط التي يستهلكها الأبناء عبر الإنترنت، وهنا سيكون الآباء قادرين على ضمان الحفاظ على استخدام الأبناء لوسائل التواصل الاجتماعي بشكل سليم.
دور ذاكرة وسائل التواصل الاجتماعي في تعزيز الترابط العائلي
يمكن أن تستخدم العائلات وسائل التواصل الاجتماعي للحفاظ على الترابط بين أعضائها وتسجيل الذكريات، إذ تساعد ذاكرة تلك المنصات على استعادة لحظات عائلية لا تُنسى، ففي كل عام في الذكرى السنوية لحدث عائلي ما، تظهر الصور ومقاطع الفيديو، وهو ما سيساعد في الحفاظ على مشاعر الحنين إلى الماضي وتنمية مشاعر الحب داخل الأسرة ودعم الترابط الأسري، فضلًا عن أن رؤية أفراد العائلة ما ينشره بعضهم البعض على وسائل التواصل الاجتماعي، يقرب أفراد الأسرة من بعضهم من خلال الاهتمامات والهوايات المشتركة وغيرها من الأنشطة الأخرى.
من جهة أخرى، يحتاج الأطفال في العائلات التي انفصل فيها الوالدان إلى نوع من الاستقرار، حيث يتوقون إلى أن يكون كلا الوالدين حاضرين في حياتهم، وبالإمكان تحقيق ذلك من خلال استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
العائلة المؤثرة كمصدر للتعلم ونشر الطاقة الإيجابية
قد يؤدي استخدام وسائل التواصل الاجتماعي إلى اكتشاف دروس قيّمة، أو يجعل المستخدم ذاته هو الشخص الذي يشارك هذه القيم مع الآخرين، وهذا يعني إمكانية أن تصبح العائلة مؤثرة تروج للممارسات الإيجابية وتقدم دروسًا في الحياة للمتابعين، ومن أمثلة ذلك مقاطع الفيديو التي يقوم فيها الآباء بتعليم الأطفال بعض الأعمال المنزلية كتجميل حدائق المنزل. وتجدر الإشارة هنا إلى أنه يوجد عدد قليل من حسابات وسائل التواصل الاجتماعي الموجهة نحو الأسرة والتي تستحق المتابعة.
تفهم حقيقة كون وسائل التواصل الاجتماعي جزءًا من حياة المراهق
يكثر الأشخاص من التحدث عن الآثار السلبية للإنترنت والعالم الرقمي بشكل عام لسهولة رؤية أضرارها على حياة الإنسان، ولسوء الحظ قد يتسبب هذا في إغفال مدى فائدة هذه التقنيات في عالم اليوم، لا سيما مع اعتيادنا عليها ووجودها في حياتنا اليومية.
ومن المؤكد أن وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تسبب انقسامًا بين الآباء والأبناء في سن المراهقة، وتحول دون الحفاظ على علاقة جيدة بينهم، إلا أنها قد تكون في المقابل أداة للتواصل بين الطرفين، وهنا لا بد من إدراك حقيقة أن المراهقين نشأوا مع هذا النوع من التكنولوجيا، فهي تمثل جزءًا أساسيًّا من حياتهم، لذلك إذا تعلم الآباء كيفية استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للبقاء منخرطين في حياة الأبناء بطريقة إيجابية، فإن ذلك يمكن أن يساعد حقًا في توطيد العلاقة بينهم.
توفير منصات التواصل الاجتماعي مجالات للحوار الأسري
إحدى الفوائد الرئيسية لاستخدام العائلة لوسائل التواصل الاجتماعي هي تقليل خطر القطيعة وإمكانية إدارة العلاقات بعيدة المدى بشكل أفضل، خاصة وأن بعض أفراد العائلة قد يعملون أو يدرسون بالخارج.
وتوفر التفاعلات على منصات التواصل الاجتماعي فهمًا أفضل للآراء والهوايات والعادات، ولما يحب أفراد الأسرة الآخرون فعله أو التحدث عنه، وهذا مهم بشكل خاص إذا كانت هناك مشكلة في التواصل معهم، إذ يتيح الاعتماد على هذه الاهتمامات إيجاد موضوعات للتحدث عنها وتفعيل الحوار داخل الأسرة لا سيما بين الآباء والأبناء مع إدراك لاهتمامات الأبناء.
مواقع التواصل بمثابة دفتر صور رقمي للعائلة
وتعتبر إحدى الطرق التي جعلت من وسائل التواصل الاجتماعي وسيلة رائعة لربط العائلات كونها أصبحت بمثابة دفتر صور رقمي يسمح بمشاهدة تطور الأسرة حتى عندما تكون بعيدًا عنها، ومع تنامي العائلات وتمددها بات الالتقاء الجسدي أمرًا صعبًا وغالبًا لا يعرف الأطفال أقاربهم الأكبر سنًا، ومن هنا تـبرز أهمية الحفاظ على وجود للعائلة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يتم تحديثه بإضافات أعضاء جدد بشكل يسهم في تواصل مختلف الأجيال مع بعضهم البعض.
الدردشة الجماعية العائلية والقضاء على مشاعر الانعزال
إن وجود تطبيق دردشة جماعية عائلية على واتساب أو فيسبوك يجعل كل فرد في العائلة يشعر بأنه منخرط في العائلة، ويقضي على شعور البعض بالعزلة، فجميع العائلات يوجد بها شخص انطوائي أو شخص خارج الحلقة -باختياره في الغالب- وبالتالي وجود مثل هؤلاء في مجموعات الدردشة العائلية يمكن أن يحسن قدراتهم التفاعلية.
كما تسهل مجموعات الدردشة التواصل بالنسبة للعائلات المنتشرة في جميع أنحاء العالم بدلاً من الرسائل المتعددة الفردية لكل فرد من أفراد الأسرة، وتوفر المجموعة الجهد فيما يتعلق بإبقاء جميع أفراد العائلة على اطلاع بمستجداتها، ويخلق أيضًا مساحة جيدة للتفاعل وتبادل الرؤى والخبرات.
تطبيقات اللعب وتعلم اللغات
توجد ثمة سلسلة من التطبيقات التي يمكن أن تمثل نموذجًا لاستخدام العائلة للتكنولوجيا مثل تنزيل تطبيق للتأمل على الكمبيوتر وتعلم كيفية التأمل معًا كعائلة أو تطبيقات لتعلم حقائق ممتعة حول تاريخ العالم، وأخرى يمكنها تعليم تمارين صحية مناسبة للعائلة، فضلاً عن ألعاب تفاعلية يمكن للعائلة أن تلعبها سويًا وتتناوب على إكمال المهام.
كما أن هناك العديد من التطبيقات المجانية لتعلم اللغات والتي تحظى بشعبية كبيرة وتفاعلية، وتتطلب من المستخدمين أن يكونوا نشطين باستمرار وبالتالي تحسن معرفتهم، وقد يكون من المثير للاهتمام أن تتجمع العائلات وتبدأ في تعلم لغة جديدة كفريق واحد، حيث يمكنها دفع بعضها البعض للعمل بجدية أكبر والاستمتاع واكتساب مهارات جديدة ومفيدة للغاية.
وتأسيسًا على ما سبق يمكن القول إنه خلافًا للاعتقاد الشائع يمكن لوسائل التواصل الاجتماعي تكوين روابط عائلية أفضل، شريطة أن يتم استخدامها بشكل صحيح، فدورها في تسهيل التواصل العائلي أو التشارك في ممارسة الألعاب أو متابعة فيديوهات ليس سوى عدد قليل من الطرق التي يمكن للعائلات من خلالها استخدام التكنولوجيا لإحداث تأثير إيجابي.
ويبقى التأكيد على أنه قد يكون من الخطورة بمكان منح المراهقين إمكانية الوصول إلى الإنترنت مع وجود الكثير من المحتوى الخطير. ولكن إذا كانت هناك محادثات تتسم بالصدق والشفافية مع الأبناء حول مخاطر وسائل التواصل الاجتماعي، وتم استخدامها من جانب العائلة بشكل جماعي، فسوف يسهم ذلك في الحفاظ على سلامة الأبناء.