على مدى العقد الماضي، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من الحياة والروتين اليومي لملايين الأشخاص حول العالم، وأدت إلى تغيير جذري في الطريقة التي يتم بها استهلاك المحتوى عبر الإنترنت، وأيضًا تسويق المحتوى.
ومع وجود ما يقدر بـ3.2 مليار مستخدم لوسائل التواصل الاجتماعي في جميع أنحاء العالم، وهو رقم يزداد بمقدار 100 مليون يوميًّا، ومن أجل البقاء في الصدارة، فلا بد لهذه الوسائل من مواكبة أحدث اتجاهات الاستخدام الحالية.
وقدمت مدونة Envato المعنية بالتكنولوجيا، رؤية استشرافية لـ6 اتجاهات أساسية لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي في عام 2021 وما بعده وتتمثل في الفيديوهات القصيرة، التجارة الاجتماعية، الواقع المعزز، التسويق الشخصي، البث المباشر، المحتوى الداعم للقضايا، حيث يمكن استعراضها على النحو التالي:
الفيديوهات القصيرة
ليس من المستغرب أن يكون الفيديو هو الشكل الأكثر جاذبية للمحتوى الرقمي عبر الإنترنت، ولكن نظرًا لطبيعة الإيقاع السريع على وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح محتوى الفيديو القصير على وجه الخصوص عنصرًا أساسيًّا في خلاصاتنا الاجتماعية.
ومن المتوقع أن يصبح محتوى الفيديو القصير أكثر شهرة من أي وقت مضى في عام 2021، وعلى مدار العام الماضي، اتجهت أسماء كبيرة مثل شركة ماك للمستحضرات التجميليّة
ودوري كرة السلة الأمريكي للمحترفين (NBA) إلى استخدام “تيك توك” لتسهيل الوصول إلى علاماتها التجارية وإعطاء العملاء لمحة عن الكواليس، كما تستخدم شركة لوي فيتون الفرنسية للأزياء ميزة الفيديو القصير للترويج لخط الأزياء الفاخر الخاص بها.
ويحذو الكثيرون حذوهم في أعقاب إطلاق “إنستغرام” ميزة الفيديو القصير “Instagram Reels”، حيث يتيح للمستخدمين تسجيل وتحرير مقاطع فيديو مدتها 15 ثانية بالصوت.
ويتميز الفيديو القصير بأنه سهل الصنع وسهل المشاهدة، وقد زاد استخدامه في ظل الأزمة العالمية الناجمة عن فيروس كورونا، وما ترتب عليه من تطبيق قواعد التباعد الاجتماعي والعمل من المنزل، ممَّا أدى إلى زيادة عدد الأشخاص الذين يُنشئون المحتوى ويستهلكونه عبر هواتفهم.
وترى مادلين روشيكوست، إخصائية التسويق الرقمي في Envato أنه بالنسبة للعلامات التجارية ومنشئي المحتوى على حد سواء، يجب أن يكون استخدام الفيديوهات القصيرة في قمة الاهتمامات خلال الأشهر الـ12 المقبلة.
التجارة الاجتماعية
في ظل استخدام ما يقرب من نصف سكان العالم الآن لوسائل التواصل الاجتماعي، تزدهر التجارة الاجتماعية (واحدة من أحدث اتجاهات التجارة الإلكترونية التي تُمكِّن العملاء من الشراء المباشر من خلال شبكات التواصل الاجتماعي).
ويشير إطلاق متجريFacebook Shops وInstagram Shops في ظل عمليات الإغلاق المستمرة في جميع أنحاء العالم، إلى أن التجارة الاجتماعية ستحظى باهتمام كبير للغاية في عام 2021.
وتُظهر الأبحاث أن 71% من المستهلكين يلجؤون إلى وسائل التواصل الاجتماعي عند التفكير في التسوق، حيث يقوم 55% من المتسوقين عبر الإنترنت الآن بمعظم مشترياتهم عبر قنوات التواصل الاجتماعي.
واستجابة لهذا الطلب المتزايد من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، بدأت العلامات التجارية مثل “إسوس-ASOS” و”ليفياس-Levi’s” في بيع منتجاتها من خلال متاجر إنستغرام وفيسبوك وحتى كتالوجات بنترست.
الواقع المعزَّز
نظرًا لأن العالم الآن يدور حول التكنولوجيا، فقد بدأ اتجاه الواقع المعزز (AR) يؤثر على وسائل التواصل الاجتماعي بشكل كبير، بحيث أصبح عنصرًا أساسيًّا في أكثر الشبكات الاجتماعية شهرة في العالم، حيث يتم تقديم فلاتر الواقع المعزز.
ويقصد بالواقع المعزز التكنولوجيا التي تأخذ العالم الحقيقي وتمزج به التعزيزات الافتراضية التي تم إنشاؤها بواسطة الكمبيوتر. ومن النادر حاليًّا رؤية قصة على إنستغرام لا يتم تغييرها أو تحسينها باستخدام تقنية تغيير الوجه.
وأصبحت فلاتر الواقع المعزز شائعة جدًّا لدرجة أن “إنستغرام” يتيح لأي مستخدم، سواء كان علامة تجارية أو شركات أو مشاهير أو مستخدمين عاديين، إنشاء فلاتر خاصة بهم ليستخدمها الآخرون في قصصهم، فعلى سبيل المثال أطلقت مجلة “فوغ – Vogue” للموضة فلتر “Diamond Instagram” بمناسبة الذكرى الستين لإصدار “فوغ” أستراليا ومع استمرار تقدم التكنولوجيا، نتوقع أن يصل هذا الاتجاه إلى مستوى جديد تمامًا.
ويرى جو بيرلسون، الخبير المتخصص في وسائل التواصل الاجتماعي أن القدرة على التفاعل على وسائل التواصل الاجتماعي هي ما يميز تلك المنصات، والواقع المعزز هو التطور التالي لهذا التفاعل.
ويشير بيرلسون إلى أن تقنية الواقع المعزز تتيح فرض التجارب التفاعلية الرقمية على رؤيتك للعالم الحقيقي، ممَّا يساعد في ربط العالمين عبر الإنترنت وتوفير تجربة أعمق.
ومن منظور تسويقي، سيسمح الواقع المعزز للمستخدمين بالتفاعل مع منتج أو علامة تجارية على مستوى أعمق بكثير ممَّا قد يفعلونه عادةً، ففلاتر قصص إنستغرام طريقة مرحة وتفاعلية لبناء التفاعل والوعي، وإدخال العلامة التجارية أو المنتج في التجربة الاجتماعية اليومية للأشخاص.
التسويق الشخصي
مع ظهور المزيد من الأنشطة التجارية على وسائل التواصل الاجتماعي كل يوم، أصبح المستخدمون انتقائيين بشكل متزايد مع المحتوى الذي يختارون استهلاكه. ونتيجة لذلك بدأت العديد من العلامات التجارية في دمج التخصيص في استراتيجيات التسويق عبر المنصات الاجتماعية لإبهار عملائها المستهدفين.
ربما تكون حملة شركة المشروبات الغازية العالمية “كوكاكولا” الشهيرة #shareacoke لعام 2015 من أفضل الأمثلة المبكرة للتسويق المخصص للسيطرة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث استبدلت الشركة بشعار علامتها التجارية أسماء المستهلكين، وشجعت الأشخاص على مشاركة الصور على مواقع التواصل الاجتماعي باستخدام الهاشتاق الذي انتشر كالنار في الهشيم.
ومع تزايد كمية بيانات المستخدم المتاحة على وسائل التواصل الاجتماعي، فإن العديد من العلامات التجارية تأخذ عملية التسويق الشخصي إلى أبعد من ذلك، من خلال إنشاء حملات تستهدف مجموعات محددة من العملاء على هذه الوسائل، فعلى سبيل المثال أطلقت شركة كادبوري البريطانية للشيكولاتة حملة فيديو على فيسبوك سمحت للمستخدمين بإنشاء فيديو خاص باستخدام البيانات التي تم سحبها من حساباتهم.
وتعتبر مادلين روشيكوست، إخصائية التسويق الرقمي أنه لا يمكن إنكار أن التخصيص هو استراتيجية تسويق فعَّالة بشكل لا يصدق عبر وسائل التواصل الاجتماعي، واتجاه متوقع استمراره في عام 2021.
البث المباشر
كان الفيديو المباشر أكثر أشكال المحتوى جاذبية على وسائل التواصل الاجتماعي العام الماضي، حيث شاهد مستخدمو الإنترنت 1.1 مليار ساعة من البث المباشر. وفي الواقع فإن واحدًا من كل خمسة مقاطع فيديو على فيسبوك عبارة عن بث مباشر، كما يشاهد مليون مستخدم إنستغرام مقاطع فيديو حية يوميًّا.
وأحد الأسباب الرئيسية التي جعلت فيديو البث المباشر يحظى بشعبية كبيرة، لكل من العلامات التجارية والأفراد، يرجع إلى المستوى العالي من التفاعل والمشاركة في الوقت الفعلي. وأسهمت الأزمة العالمية الناجمة عن كورونا التي هيمنت على عام 2020، في جعل الأشخاص يتوقون للتفاعل الآن أكثر من أي وقت مضى، حيث يشاهد المستهلكون مقاطع فيديو بكثافة غير مسبوقة عبر Facebook Live، وTik Tok، وInstagram Live، وInstagram Reels، وقد ثبت أنه أفضل طريقة لجذب انتباه الجمهور.
المحتوى الداعم للقضايا
مع زيادة التركيز على القضايا الاجتماعية والسياسية والبيئية في جميع أنحاء العالم طوال عام 2020، مثل تغير المناخ وأزمة كورونا وحركة “حياة السود مهمة” في الولايات المتحدة وغيرها، كانت هناك زيادة كبيرة في عدد الأشخاص الذين يدافعون عن هذه القضايا، وهو ما فتح نقاشات كبيرة حول الصحة النفسية والقضايا الاجتماعية وحقوق الإنسان.
ونتيجة لذلك بدأت العديد من العلامات التجارية أيضًا في الدفاع عمَّا يؤمنون به على وسائل التواصل الاجتماعي ومشاركة المحتوى الداعم للقضايا، فعلى سبيل المثال دعمت العلامات التجارية الكبرى مثل “ريبوك Reebok” و”نتفليكس Netflix” بشكل واضح حركة حياة السود مهمة على وسائل التواصل الاجتماعي.