تشغل مواقع التواصل الاجتماعي حيزًا كبيرًا من حياة الأفراد حول العالم، كما تلعب دورًا أكثر أهمية من أي وقت مضى في مختلف جوانب الحياة اليومية، وقد انعكس ذلك في العديد من المؤشرات ذات الصلة بحجم المستخدمين ومدة استخدام تلك المواقع.
وتشير أحدث التقديرات العالمية إلى أن أكثر من 4 مليارات شخص، أي نحو 53% من سكان العالم البالغ عددهم 7.81 مليار نسمة يستخدمون منصات التواصل الاجتماعي، ويقضي المستخدم العادي ما يقرب من 15% من الوقت الذي يظل فيه مستيقظًا في تصفُّح واستخدام تلك المنصات، التي حققت بدورها قفزة في معدل الاستخدام تتجاوز 12% خلال الاثنى عشر شهرًا الماضية.
2 مليون شخص متوسط الزيادة اليومية في عدد مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي
ووفقًا لتقرير صادر عن مؤسستي “Hootsuite” و”We Are Social” للأبحاث التسويقية في أكتوبر الجاري، يبلغ عدد الأشخاص الذين يستخدمون الهواتف المحمولة حول العالم 5,2 مليار، ويستخدم الإنترنت 4,7 مليار شخص، أمَّا مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي فعددهم 4,1 مليار.
ويفضل المستخدمون تصفُّح تلك المنصات من خلال الأجهزة المحمولة، حيث يشير تحليل نشرته شركة “Kepios” المتخصصة في التكنولوجيا، إلى أن 99% من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في العالم يدخلون إليها عبر الأجهزة المحمولة.
ويُظهر التحليل أن أكثر من 450 مليون شخص بدؤوا في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على مدار الاثنى عشر شهرًا الماضية، وهو ما يعادل نموًّا سنويًّا يزيد على 12%.
وما زال معدل نمو استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في تزايد، حيث استخدم أكثر من 180 مليون شخص وسائل التواصل الاجتماعي بين يوليو وسبتمبر مقارنة بالأشهر الثلاثة السابقة، إذ بلغ متوسط الزيادة 2 مليون مستخدم يوميًّا، وهو ما يمثل أكبر زيادة ربع سنوية منذ أن بدأت مؤسستا “Hootsuite” و”We Are Social” للأبحاث التسويقية في إصدار تقارير الحالة الرقمية للعالم في عام 2011.
ويُرجع التقرير جزءًا كبيرًا من نمو استخدام وسائل التواصل الاجتماعي إلى النتيجة المباشرة للعادات الجديدة التي تبنَّاها الأشخاص خلال عمليات الإغلاق بسبب فيروس كورونا المستجد “كوفيد-19″، مستبعدًا تراجع الأرقام الإجمالية للمستخدمين بمجرد عودة الحياة إلى طبيعتها بشكل أكبر.
وتُظهر أحدث بيانات شركة “Global Web Index” المتخصصة في تحليلات الإنترنت أن المستخدم النموذجي للإنترنت قضى ما يقرب من 7 ساعات يوميًّا في استخدام الأجهزة المتصلة بالإنترنت بين أبريل ويونيو الماضيين، بزيادة ربع ساعة تقريبًا يوميًّا مقارنة بالأرقام التي تم تسجيلها في الربع السابق من العام الحالي.
وتستنزف وسائل التواصل الاجتماعي أكثر من ثلث وقت اتصال المستخدم بالإنترنت، حيث يقضي الأفراد حاليًّا ما يقرب من ساعتين ونصف يوميًّا على منصات التواصل، ممَّا يعني أن إجمالي الوقت الذي يقضيه كل المستخدمين حول العالم على وسائل التواصل الاجتماعي يوميًّا يتجاوز 10 مليارات ساعة، أي ما يعادل أكثر من مليون سنة.
«إنستغرام» المنصة الأكثر نموًّا بين وسائل التواصل الاجتماعي
وقد شهدت جميع منصات التواصل الاجتماعي الكبرى في العالم تقريبًا نموًّا قويًّا في حجم الجمهور على مدار الأشهر الثلاثة الماضية، لكن “إنستغرام” تمكَّن من إضافة أكبر عدد من المستخدمين الجدد بين يوليو وسبتمبر الماضيين بمعدل يفوق “فيسبوك”.
وتُظهر بيانات صادرة عن تطبيق إنستغرام زيادة عدد مستخدميه بأكثر من 76 مليونًا على مدار الأشهر الثلاثة الماضية، ليصل إجمالي عددهم إلى 1,2 مليار شخص بحلول بداية أكتوبر الجاري.
في المقابل، زاد عدد مستخدمي فيسبوك بمقدار 45 مليون فقط خلال نفس الفترة، على الرغم من أن إجمالي مستخدميه البالغ 2,1 مليار لا يزال تقريبًا ضعف حجم مستخدمي إنستغرام، لكن الأخير إذا تمكن من الحفاظ على زخم مماثل خلال الأسابيع المقبلة، فهناك فرصة جيدة لأن يتفوق على منصة “وي تشات” أكبر منصة للتواصل الاجتماعي في الصين، إذ ينمو إنستغرام حاليًّا بنحو 20 مرة أسرع من “وي تشات”.
ولا يعد إنستغرام المنصة الوحيدة التي تتمتع بنموٍّ سريعٍ، إذ أدت إضافة 36 مليون مستخدم جديد بين شهري يوليو وسبتمبر إلى زيادة مستخدمي “سناب شات” ليصبح عددهم 433 مليونًا، وهو ما يزيد بنسبة 20% على عدد مستخدمي التطبيق في هذا الوقت من العام الماضي.
واستحوذت الهند على ما يقرب من نصف النمو العالمي لشركة سناب شات من خلال 16 مليون مستخدم جديد، وربما يرجع ذلك نتيجة للحظر الذي فرضته الحكومة الهندية مؤخرًا على تطبيق “تيك توك”.
كما سجَّل تطبيق “سناب سات” تحوُّلًا مثيرًا للاهتمام في التركيبة العمرية لقاعدة مستخدميه العالمية على مدار الأشهر القليلة الماضية، حيث تمثل الشابات اللائي تتراوح أعمارهن بين 13 و17 عامًا الآن أكبر كتلة من جمهور المنصة، في حين كانت النساء اللاتي تتراوح أعمارهن بين 25 و34 عامًا يمثِّلن أكبر شريحة قبل ثلاثة أشهر.
وفي الوقت الذي سجل فيه موقع تويتر أيضًا نموًّا في حجم جمهوره على مدار الأشهر الثلاثة الماضية، فإن إضافة 27 مليون مستخدم لا تعوض حتى نصف عدد المستخدمين الذين فقدهم الموقع خلال الربع السابق، والبالغ عددهم 61 مليون مستخدم.
انخفاض الإنفاق الإعلاني الرقمي ومؤشرات على انتعاش مُرْتَقَب
أمَّا عن ملف الإعلانات الرقمية، فيُظهر تقرير صادر عن مؤسسة “Kenshoo” المتخصصة في التسويق الرقمي أن الإنفاق العالمي على تلك الإعلانات تعرض لضربة، حيث انخفض الإنفاق على الإعلانات عبر الإنترنت بنسبة 9% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، بينما انخفض الإنفاق على الإعلانات عبر وسائل التواصل الاجتماعي بنسبة 13%.
ونوَّه التقرير بوجود مؤشرات على انتعاش مرتقب في الإنفاق الإعلاني بحلول نهاية الربع الثاني من العام، فعلى سبيل المثال قام الأشخاص بالنقر على عدد أكبر بكثير من الإعلانات بين أبريل ويوليو 2020 مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.
كما ارتفع إجمالي عدد النقرات على الإعلانات عبر منصات التواصل الاجتماعي في الربع الثاني من هذا العام بنسبة 33% عن مستويات الربع الثاني من عام 2019، بينما زادت النقرات على الإعلانات على محركات البحث عبر الإنترنت بنسبة 28%.
المواليد الجدد والنساء الأكثر ممارسة للألعاب الإلكترونية
تعد ألعاب الفيديو إحدى وسائل التسلية المفضلة في العالم، ولكنها -لسببٍ ما لا يمكن تفسيره- تظل واحدة من أكثر الفرص التي لا تحظى بالتقدير في مجال التسويق.
وتشير شركة “Global Web Index“ إلى أن 6 من كل 7 من مستخدمي الإنترنت حول العالم يمارسون الألعاب الإلكترونية، أي ما يقرب من 3 مليارات شخص، ويلعب ثلاثة أرباع هؤلاء الأشخاص تلك الألعاب على هواتفهم الذكية.
كما تحظى هذه الألعاب بشعبية مرتفعة في جميع البلدان وعبر مختلف الفئات العمرية، فأكثر من ثلثي المواليد الجدد الذين يتوفر لديهم اتصال بالإنترنت يلعبون الألعاب الإلكترونية، ويرجَّح أن تكون النساء اللاتي تتراوح أعمارهن بين 55 و64 عامًا أكثر ممارسة لتلك الألعاب عن الذكور في نفس الشريحة العمرية.
رؤية استشرافية للحالة الرقمية في عام 2021
وانطلاقًا من العرض السابق، قدَّم موقع “The Next Web” المتخصص في التكنولوجيا، رؤية استشرافية لأبرز التطورات المرجَّح حدوثها على الصعيد الرقمي خلال العام المقبل، وجاءت على النحو التالي:
- تطوُّر سلوكيات البحث: فأكثر من ثلثي مستخدمي الإنترنت في العالم يذهبون إلى ما هو أبعد من محركات البحث عندما يبحثون عن منتجات وخدمات لشرائها، ومن المتوقع أن يلعب البحث الصوتي والبحث عن الصور والبحث عبر منصات التواصل الاجتماعي دورًا أكثر أهمية خلال الأشهر المقبلة.
- إعادة توازن التركيبة الديموغرافية للجمهور الرقمي: شكَّل وباء كورونا المستجد عاملًا محفزًا لجلب المزيد من كبار السن إلى عالم الإنترنت، ويمكن للمؤسسات الآن استخدام الأدوات الرقمية للوصول إلى مجموعة متنوعة من الجماهير أكثر من أي وقت مضى.
ويمثل هذا فرصة واضحة وفورية للمسوِّقين، خاصة عندما يتعلق الأمر بالتجارة الإلكترونية. وقد يؤدي توسُّع نطاق الجماهير عبر الإنترنت أيضًا إلى موجة جديدة من الابتكار الرقمي، ممَّا يعني ظهور منصات وخدمات، وحتى أجهزة جديدة.
- زيادة العَوْلَمَة في التجارة الإلكترونية: حيث تشير أحدث البيانات إلى أن عمالقة التجارة الإلكترونية في الصين يكتسبون شعبية متزايدة بين المتسوِّقين الدوليين، ومع توفُّر الخدمات اللوجيستية عبر الحدود بأسعار معقولة، فمن المتوقع أن يبحث المتسوِّقون عن صفقات ومنتجات فريدة أينما تأخذهم شبكة الإنترنت، فالعروض الفريدة وتجارب التسوق المتميزة هي مفتاح النجاح الدائم.
- الاستفادة من الواقع المعزَّز: لا يزال يبدو أن تقنيات الواقع المعزَّز لم تصل إلى أقصى إمكاناتها، ومع ذلك تستفيد العلامات التجارية الرئيسية مثل “نايكى Nike” للملابس الرياضية و”إيكيا IKEA” للأثاث و”إستي لودر-Estée Lauder” لمستحضرات التجميل بشكل متزايد من أداء الواقع المعزَّز، ومع قيام شركة “آبل- Apple” باستخدامه للترويج لجهاز “iPhone 12” الجديد، ربما يكون عام 2021 هو العام الذي يصل فيه الواقع المعزَّز إلى أقصى إمكاناته.