يعد الداعية الكويتي حاكم المطيري نموذجًا صارخًا للداعية المتطرِّف الذي تخضبت يداه بدماء الأبرياء الذين أسهم قولًا وفعلًا في تدمير أوطانهم، عبر حشد الدعم لتنظيمات الإرهاب والتكفير، وهو أحد أبواق جماعة الإخوان التى ترفع شعارات التأسْلُم، فلا يكفُّ عن إثارة الفتن والتحريض ضد الحكومات بالمنطقة العربية، في إطار حملاتٍ ممنهجةٍ لخدمة المشروع التركي التدميري الذي يقوده الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، سعيًا وراء أحلام بإحياء إمبراطورية عثمانية لم يعد لها وجود سوى في الصفحات السوداء للتاريخ، المليء بميراث أجداده من الظلم ونهب ثروات وخيرات المناطق التي سيطرت عليها عنوةً تحت عنوان عريض هو إقامة الخلافة.
داعم لتنظيم القاعدة ومؤيِّدٌ لنشاط “داعش”.. وقناة تمويلٍ لجبهة النصرة
يعتنق المطيري أفكارًا شديدة التطرُّف، حيث تتوافق آراؤهم مع أفكار التنظيمات الإرهابية مثل القاعدة وداعش، ومن شواهد ذلك نشرُه مقالًا على موقعه الإلكتروني في 3 مايو 2011 لرثاء زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، حيث وصفه بالبطل وشهيد الأمة وأسد الإسلام.
ودعم كذلك تنظيم “داعش” الإرهابي عبر تغريدات على حسابه بموقع التدوينات القصيرة “تويتر” في عام 2014 واصفًا توغُّلَ التنظيم في العراق بأنه “تحرير لبغداد!”، مُبشِّرًا بوصولٍ مُرتَقَبٍ للتنظيم إلى حدود الكويت.
ولم يتوقف الأمر عند حد التوافق الفكري بل تولى دورًا حركيًّا فاعلًا على الأرض في دعم الإرهاب، لا سيما في سوريا، فقد لعب المطيري دورًا في توفير الدعم للفصائل الإرهابية فى شمال سوريا بدءًا بتنظيم أحرار الشام وصولًا لجبهة النصرة، في إطار دورٍ مرسومٍ له من قِبَل أردوغان عرَّاب الخراب، وبات للمطيري علاقة جيدة بمفتي تنظيم جبهة النصرة عبد الله المحيسني، إذ كان الأخير مصدرًا موثوقًا للمطيري في اختيار الفصائل الإرهابية من أجل تمويلها.
كما أن المطيري يعد أحد المقربين من الإرهابي القطري عبد الرحمن بن عمير النعيمي المدرج على لائحَتَي العقوبات الأمريكية، وعقوبات الأمم المتحدة المتصلة بمموِّلي الإرهاب، إذ شاركه في تأسيس مؤسسة الكرامة عام 2004، وهي منظمة حقوقية تتخذ من جنيف مقرًّا لها.
كان من الطبيعي أن تضم قائمة الإرهاب التي أعلنتها دول الرباعي العربي لمكافحة الإرهاب (السعودية ومصر والإمارات والبحرين) اسم حاكم المطيري.
أمَّا عن دولة الكويت، فقد سبق أنْ وضعت المطيري ضمن قوائم الممنوعين من السفر، وحققت معه على خلفية مشاركته في تأسيس حزب الأمة المحظور -الذي أسَّسه إسلاميون سلفيون ومحافظون-، إذ لا يوجد تشريع قانوني يسمح بتشكيل أحزاب سياسية في الكويت.
وفي عام 2015، اعتقلته السلطات الكويتية بتهمة الإساءة إلى المملكة العربية السعودية في سياق مقابلةٍ أجراها لإحدى القنوات التليفزيونية.
بوق الدفاع عن الإخوان وخدمة أردوغان.. ومواقفه من القذافي تُسقط قناعه
يعتبر المطيري أداة أساسية في أي مشروع لضرب أمن واستقرار دول الخليج العربي، فلم يكن ذلك مقصورًا على طموح أردوغان وأحلامه التوسعية، بل إنه كان ضالعًا في مخططات أخرى سابقة، ومنها طلبُه دعمًا من العقيد الليبي الراحل معمر القذافي لمشروعه في نشر الفوضى في الخليج، وثَمة مفارقة كبرى تبرز هنا بتحوُّل موقف المطيري من القذافي بعد سقوط نظامه حيث ركز في العديد من التغريدات على حسابه بموقع التدوينات القصيرة “تويتر” على وصفه بالطاغية وأنه يقتل شعبه، بعدما كان ينسج معه قبل سنوات قليلة خيوط التآمر على دول الخليج العربي.
ومنذ الاحتجاجات التى اجتاحت أنحاء واسعة من العالم العربي عام 2011 ما سمِّي بـ”الربيع العربي”، بات حاكم المطيري من أشد الأبواق المدافعة عن جماعة الإخوان والرئيس التركي أردوغان، والمتجاوزة بحق الدول العربية، في مقدمتها السعوديةُ ومصرُ وسوريا، كما أن بلده الكويت لم يكن بمنأى عن تجاوزاته ومساعيه الرامية لنشر الفتنة وتدمير الأوطان.
حيث كشفت وثائق سرية نشرها موقع نورديك مونيتور السويدي، هي عبارة عن نص مكتوب لمكالمة هاتفية جرى التنصُّت عليها بإذنٍ قضائيٍّ في إطار قضايا قضائية متعلقة بالإرهاب، أن مكتب أردوغان تدخَّل لرفع قرارٍ بحظر دخول المطيري إلى تركيا في عام 2013.
وعرضت الوثائق نص محادثة هاتفية بين حسن دوغان، كبير موظَّفي مكتب أردوغان، مع أسامة قطب، نجل شقيق القيادي الإخواني الراحل سيد قطب، منظِّر العنف والتكفير. وخلالها طالب أسامة قطب بحل مشكلة إلغاء مؤتمر مقرر عقده حول مصر في إسطنبول، بعد اندلاع ثورة 30 يونيو في مصر والإطاحة بحكم الإخوان.
وكشف قطب أن المطيري يقف خلف فكرة تنظيم المؤتمر في إسطنبول، وأن المطيري واجه مشكلات على الحدود عندما حاول دخول تركيا في الماضي وأن أردوغان ساعده في حل مشكلة حظر الدخول.
التحريض والتكفير سمتان أساسيتان في خطاب وأفكار المطيري
إن خطاب المطيري، سواءً في ظهوره الإعلامي أو من خلال الندوات أو كتاباته أو عبر حسابه على موقع التدوينات القصيرة تويتر يكشف عن مجموعةٍ من القواسم العامة الأساسية، من أبرزها:
انتهاج سلوك تحريضي ضد الحكومات العربية لتهيئة الظروف لنشر حالة من الفوضى، عبر الحديث عما سمَّاه ثورةً عربيةً تهدف لتحرير العالم العربي، وإقامة الدول الراشدة التي هي بحسب رؤيته الأساس لعودة الأمة الواحدة والخلافة الراشدة، وتؤشِّر تلك الأفكار على التزامه بالمرجعية الفكرية الناظمة لحركة جماعة الإخوان والتى تتصارع بشكل واحد مع منطق الدولة القومية في العالم العربي.
تمجيد الأتراك سواء من خلال تسليط الضوء على حقبة الدولة العثمانية وحكامها أو تضخيم في قدرات الدولة التركية الحالية ودورها وتأثيرها في ظل حكم أردوغان، فتارة يمتدح تاريخ العثمانيين، إذ وصف سليمان القانوني بأعدل الخلفاء العثمانيين ومجدِّد القرن العاشر الهجري، وأخرى يروج للعربدة التركية واستباحة سيادة الدولة في سوريا وليبيا، بل وينادي بتدخُّلٍ مماثلٍ في اليمن، زاعمًا أنه لا يوجد قوة مركزية في العالم الإسلامي قادرة على وقف الانهيار الذي يحدث في اليمن والخليج إلا تركيا! بل إنه يتحدَّث عمَّا سمَّاه “الصعود الثاني لتركيا” و”استعادة التاريخ”.
تبنِّي مقاربات فكرية قائمة على تكفير الآخر، والانطلاق في ذلك التوجُّه الضَّالِّ من أدبيات جماعة الإخوان، وفي مقدمتها كتاباتُ سيد قطب منظِّر الإرهاب والعنف والكراهية، وخلال الأسابيع الأخيرة مثلًا اتَّهم الدول الإسلامية كافةً بالرِّدة لتعليقهم صلاةَ الجماعة أثناء جائحة كورونا، وأن تطبيق المسؤولين للقانون على المخالفين لتلك القرارات يستوجب التوبة وتجديد الإسلام! في تجاهُلٍ واضحٍ للقاعدة الفقهية “درءُ المفاسدِ مقدَّمٌ على جَلْبِ المصالح”.
وبينما ركَّز المطيري كلَّ جهده وحملته الحاقدة على انتقاد السعودية وقراراتها في هذا الملف، لم يجرؤ على أن يَنْبِسَ ببنتِ شَفَةٍ للتعليق على إعلان تركيا تعليق صلوات الجماعة في المساجد بسبب الجائحة، مما يكشف عن موقفه المسيَّس.
وأخيرًا.. يكشف المنطق الفاسد الذي تجسِّده أفكار حاكم المطيري ومن ورائه جماعة الإخوان عن مدى خطورة تلك الشِّرْذِمة المارقة الضالَّة المضلَّة التي تتخذ من الدين ستارًا للتأثير في المخاطبين، وتعتمد على تلبيس المفاهيم لتضليل المتلقِّي والتلاعُب، وتزييف وقائع التاريخ، وتؤكد -بما لا يَدَعُ مجالًا للشك- ضرورة وأهمية الجانب الفكري كأحد أبعاد مقاربة شاملة تتصدَّى للمخططات التى تحاك حاليًّا لضرب أمن واستقرار المنطقة وتقويض مفهوم الدولة الوطنية وتمزيق اللحمة الوطنية لخدمة تركيا وطموحاتها، غير المشروعة للسيطرة، في الإقليم، وأيضًا أهمية تلك المواجهة الفكرية وعملية تصحيح المفاهيم في سد المنافذ التى تستغلُّها قوى الشر للسيطرة على عقول الشباب وتوجيههم بعيدًا عن قِيَم السماحة والوسطية والاعتدال.