تقارير

المنتدى السعودي للإعلام.. نافذة تأثير عالمية

يلعب الإعلام دورًا محوريًا في تشكيل “القوة الناعمة” لأي دولة، ذلك المفهوم الذي صاغه أستاذ العلاقات الدولية الأمريكي، جوزيف ناي عام 1990، وعرّفه بأنه القدرة على التأثير على الآخرين من خلال الجذب والإقناع بدلًا من الإكراه، لتستخدمه الدول في تحقيق مصالحها الوطنية وتعزيز مكانتها الإقليمية والدولية.

وقد وضعت رؤية السعودية 2030 نهجًا شاملًا لتعزيز قطاع الإعلام كأحد روافد القوة الناعمة للمملكة، إذ شهد القطاع تحولات كبيرة شملت زيادة المحتوى المحلي، وتطوير البنية التحتية وتوسيع الفرص الاستثمارية، وتبني التقنيات الحديثة، وتحسين البيئة التنظيمية، ودعم المواهب الوطنية وبناء قدرات العاملين في مجال الإعلام. ومع وتيرة النمو المتسارع، يُتوقع أن تصل إيرادات القطاع إلى 11 مليار دولار بحلول 2030، مما يجعله قطاعًا واعدًا للاستثمار والتوسع.

ويعتبر المحتوى الإعلامي جوهر عملية التطوير، حيث أصبح تحكمه منظومة ديناميكية تقودها البيانات، والذكاء الاصطناعي، والخوارزميات الذكية، مما يجعله أكثر تخصيصًا، وبات التفاعل أكثر تأثيرًا، والعوائد أكثر نموًا، الأمر الذي فتح آفاقًا جديدة للاستثمار والابتكار ووجود صناعة إعلام أكثر تأثيرًا واستدامة.

ومن هنا جاء اهتمام المملكة بالانفتاح على التطورات الإعلامية الدولية واستشراف الآفاق المستقبلية واحتضان الابتكارات الجديدة، وهو ما تحقق عبر المنتدى السعودي للإعلام، الذي تحول إلى منصة للتأثير في المشهد الإعلامي الإقليمي والدولي في ضوء ما يشهده من جلسات وورش عمل تتناول موضوعات شديدة الأهمية لتعزيز دور الإعلام في مواكبة التحولات الرقمية بمشاركة نخبة من الخبراء والمبدعين من مختلف أنحاء العالم، فضلًا عما يعقد خلاله من شراكات، وما يعرض من ابتكارات تشكل مستقبل الصناعة الإعلامية.

  • المنتدى السعودي للإعلام

يعتبر المنتدى السعودي للإعلام من أدوات القوة الناعمة للمملكة في مجال الإعلام، فمن خلاله يتم إبراز الريادة الإعلامية للمملكة، وكذلك دعم الابتكار وتطوير التقنيات الحديثة في صناعة الإعلام، وبناء شراكات استراتيجية مع الجهات الإعلامية محليًا ودوليًا.

وعلى مدى 4 دورات سابقة ناجحة ومميزة، تمكن المنتدى من بناء شبكة احترافية تعزز الروابط بين المجتمعات الإعلامية المحلية والعالمية وتدعم تبادل أفضل الممارسات المهنية، بجانب توفير منصة استثمارية تخلق فرصًا للتعاون والتبادل التجاري في قطاع الإعلام على المستويين الإقليمي والدولي، وكذلك تمكين المواهب باحتضان الكفاءات الإعلامية المتميزة ودعمها لتكون القوة الدافعة في تشكيل ملامح مستقبل الإعلام العالمي.

وتأتي رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز-حفظه الله- للنسخة المقبلة من المنتدى السعودي للإعلام، بمشاركة أكثر من 250 شركة محلية وإقليمية وعالمية، بحضور واسع من صناع القرار الإعلامي والشركات التقنية والابتكارية، لتشكل نقلة نوعية كبيرة في مسيرة المنتدى، الذي يُجسد مكانة المملكة المتقدمة كمنصة دولية لاستشراف مستقبل الإعلام والتحول الرقمي، ويواكب مستهدفات رؤية المملكة 2030 الرامية إلى تعزيز الاقتصاد المعرفي، ويدعم صناعة المحتوى، ويُسهم في تمكين قطاع إعلامي تنافسي وابتكاري.

وسيركز المنتدى العام المقبل على استكشاف الإمكانات التي تتيحها تقنيات الذكاء الاصطناعي والواقع الممتد، وإبراز تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي في إنتاج المحتوى؛ بما يواكب التحولات المتسارعة عالميًا، ويرتقي بجودة الإعلام الوطني، وهي أجندة تواكب التطورات المتلاحقة التي باتت تشمل كل جوانب العمل الإعلامي تقريبًا.

وعلى صعيد برنامج المنتدى، سيشهد أكثر من 100 جلسة وورشة عمل متخصصة، إضافة إلى منطقة للابتكار تضم أحدث الحلول التقنية في مجالات البث والإنتاج والتوزيع، كما سيتخلله توقيع اتفاقيات دولية تدعم المواهب السعودية، وتفتح آفاقًا جديدة للتعاون الدولي.

  • تحولات ممارسة القوة الناعمة في عصر الإعلام الجديد

كما يعكس المنتدى إدراك واهتمام المملكة بتحولات ممارسة القوة الناعمة في عصر الإعلام الجديد، فقبل نحو ثلاثة عقود، لاقى مفهوم القوة الناعمة الذي طرحه جوزيف ناي، رواجًا واسعًا وشكّل سمةً مميزةً لفترة ما بعد الحرب الباردة، حيث ارتبطت القوة الناعمة تاريخيًا بالسياسة الخارجية والقواعد السياسية والمشاركة الدبلوماسية من خلال أدوات مثل الدبلوماسية الثقافية والتواصل الإعلامي والمشاركة الرقمية، لكن ظهور المنصات الرقمية غيّر كيفية ممارسة الدول لنفوذها المتصل بالقوة الناعمة، مما أتاح فرصًا وتحديات في الوقت نفسه، حيث تتمتع الدول الآن بإمكانية وصول غير متوقعة إلى الجماهير في جميع أنحاء العالم، إذ تسهل منصات التواصل الاجتماعي التواصل المباشر مع الجماهير. كما ترتبط العديد من التحديات بالمنصات أيضًا وتتعلق بالخصوصية والتحيزات الخوارزمية ونشر المعلومات المُضللة.

بالإضافة إلى ذلك، فإن المجتمع المُلم بالتكنولوجيا يكون أكثر مرونة، ويُعزز الروابط الشخصية والثقافية التي تُميّز القوة الناعمة. ويُعد التعاون مع الجهات الفاعلة في المشهد الإعلامي الرقمي بالغ الأهمية، لما لها من تأثير على ممارسة ذلك النمط من القوة.

وختامًا، يمكن القول إن المنتدى السعودي للإعلام تحول من منصة تعكس انفتاح السعودية على العالم إلى نافذة تأثير في الساحة الإعلامية الدولية مما يعزز من القوة الناعمة الآخذة في التنامي على كافة الأصعدة في ظل رؤية السعودية 2030 التي أطلقها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حفظه الله، وباتت ملحمة سعودية من الإنجازات في مختلف القطاعات، وبالطبع لم يكن الإعلام بعيدًا عن هذا الحصاد المثمر المتواصل.

زر الذهاب إلى الأعلى