استعراض دراسات

الاتجاهات البحثية المستقبلية لاستخدام الشبكات الاجتماعية

أتاحت الشبكات الاجتماعية للجمهور الفرصة لطرح كافة توجهاتهم وآرائهم وتصوراتهم في العديد من القضايا والموضوعات التي تمس حياتهم بشكل مباشر، وفتحت لهم آفاقًا واسعة لتكوين الرأي العام عبر وسائط الاتصال المتعددة والمتنوعة بكل يسر فضلًا عن أنها جعلتهم يتمتعون بسهولة الوصول لأي معلومة مرتبطة بطرح القضية التي تشكل مجال الاهتمام العام.

وفي هذا الإطار، سعت دراسة نشرتها المجلة العلمية لبحوث الصحافة في عددها الصادر في يوليو / سبتمبر 2024 تحت عنوان “الاتجاهات البحثية المستقبلية لاستخدام الشبكات الاجتماعية.. قضايا المجتمع وتشكيل الرأي العام” من إعداد محمد علي القضاة باحث الدكتوراه بقسم الصحافة بكلية الإعلام بجامعة القاهرة، إلى محاولة التعرف على التراث العلمي العربي والأجنبي المتعلق بتناول وسائل الإعلام وخاصة الشبكات الاجتماعية  لقضايا الشأن العام سواء السياسي أو الاجتماعي أو الأمني وغيره لتحقيق أهداف الاتصال ما بين الإخبار والإعلام والتسويق والتوجيه وغيره، وذلك عبر عينة بلغت 68 دراسة اهتمت بالإعلام الرقمي وتشكيل الرأي العام خلال الفترة من عام 2015 وحتى عام 2023.

  • الرؤية المستقبلية للتحولات الرقمية في وسائل الإعلام وتشكيل توجهات الرأي العام

أوضحت الدراسة أنه في عصر التحولات الرقمية السريعة، يمكن لمواقع التواصل الاجتماعي والتقنيات الحديثة أن تلعب دورًا محوريًا في تشكيل توجهات الرأي العام، مستعرضة رؤية مستقبلية تركز على عدة محاور رئيسية:

  • تعزيز التحليل باستخدام الذكاء الاصطناعي: من المتوقع أن يسهم الذكاء الاصطناعي في تحسين طرق تحليل بيانات مواقع التواصل الاجتماعي. وسيتيح ذلك للباحثين وصانعي السياسات استكشاف أنماط التفاعل وسلوكيات الجمهور بشكل أعمق، فعبر استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات الضخمة، يمكن التعرف على الاتجاهات والتوجهات التي تؤثر في الرأي العام بشكل أكثر دقة، مما يساهم في فهم كيفية تشكيل المواقف والآراء.
  • فهم تأثير الفضاءات الافتراضية على الرأي العام: إن استخدام نظرية المجال العام لفحص كيفية تفاعل الأفراد في الفضاءات الرقمية سيمكن من قياس تأثير هذه التفاعلات على الرأي العام. وستسهم هذه الدراسة في تطوير استراتيجيات لإقناع الجمهور وتقديم محتوى يساهم في تشكيل توجهات إيجابية ومنتجة، حيث يمكن لهذه المنصات أن تكون أداة فعالة في تشكيل الرأي العام وتعزيز النقاشات المجتمعية.
  • تحسين استراتيجيات الإقناع والتواصل: لمواكبة تطورات الرأي العام، من الضروري تحسين استراتيجيات الإقناع عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ويتطلب ذلك إنشاء محتوى يراعي تنوع الآراء ويشجع على الحوار البناء، مما يساعد على تشكيل توجهات عامة مبنية على المعلومات الدقيقة والموثوقة.
  • تحليل تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على الوعي السياسي: لمواكبة التغيرات في الوعي السياسي، يجب متابعة تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على كيفية تشكيل وجهات نظر الأفراد بشأن القضايا السياسية. ومن خلال دراسة تأثير هذه المنصات في سياقات ثقافية وجغرافية متنوعة، يمكن تحديد كيفية تحسين استخدام وسائل الإعلام لتعزيز المشاركة السياسية وتعميق الوعي بالقضايا الاجتماعية.
  • تطوير القيم الاجتماعية وتعزيز التعاون: تعد مواقع التواصل الاجتماعي أداة قوية لتعزيز القيم الاجتماعية الإيجابية وتشكيل توجهات عامة تتسم بالمسؤولية. ويمكن استغلال هذه المنصات في تصميم حملات توعية تعزز التعاون الاجتماعي وتدعم القيم الإيجابية، مما يسهم في توجيه الرأي العام نحو الأهداف الاجتماعية والتطويرية المشتركة.
  • استثمار في التحليل المتقدم والبيانات الكبيرة: ستستمر البيانات الكبيرة وتحليلاتها في تقديم رؤى دقيقة حول سلوك وتوجهات الجمهور. ومن خلال الاستثمار في تقنيات التحليل المتقدم، سيتمكن الباحثون وصناع السياسات من فهم أعمق للاتجاهات التي تشكل الرأي العام. وهذا الفهم يمكن أن يساعد في توجيه السياسات والمبادرات بما يتماشى مع اهتمامات الجمهور وتوقعاته.
  • تزايد أهمية التكامل بين الإعلام التقليدي والرقمي: يتوقع أن يتزايد التكامل بين الإعلام التقليدي والرقمي، مما سيتيح الوصول إلى جمهور أوسع وتعزيز التأثير في تشكيل الرأي العام. كما يمكن تعزيز الرسائل الإعلامية وتوسيع نطاق وصولها من خلال دمج المنصات الرقمية مع وسائل الإعلام التقليدية، مما يسهم في تشكيل توجهات الرأي العام بطريقة أكثر شمولية وفاعلية.
  • استمرار الابتكار في طرق توزيع المحتوى: الابتكارات في طرق توزيع المحتوى ستستمر في التأثير على كيفية وصول المعلومات إلى الجمهور. ومن خلال تطوير منصات وتطبيقات جديدة ستتاح للجمهور المزيد من الخيارات لاستهلاك المحتوى، مما يتيح تشكيل الرأي العام بطرق متنوعة وفعالة، وهذا التوسع في طرق التوزيع يعزز قدرة وسائل الإعلام على التأثير في توجهات الجمهور بشكل متكامل.
  • مقترحات بحثية مستقبلية لتعزيز دور الشبكات الاجتماعية في تشكيل الرأي العام

أشارت الدراسة إلى أنه في ضوء التحولات الرقمية المستمرة وتأثير الشبكات الاجتماعية على تشكيل الرأي العام، يمكن تقديم مجموعة من المقترحات البحثية المستقبلية التي تسهم في تعزيز فهم العلاقة بين هذه الشبكات وتشكيل الرأي العام، وجاءت كالتالي:

أولًا: ضرورة دراسة كيفية تحسين استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحليل بيانات الشبكات الاجتماعية حيث تهدف هذه الدراسات إلى تطوير نماذج تحليلية متقدمة تساعد في فهم كيف تؤثر المشاركات والتفاعلات على تشكيل الرأي العام كما يمكن أن تشمل هذه الأبحاث تحسين أدوات التنبوء بدقة حول توجهات الرأي العام وتقديم رؤى أكثر شمولية حول تاثير الشبكات الاجتماعية.

ثانيًا: تحليل تأثير الفضاءات الرقمية على الديناميات الاجتماعية والسياسية حيث يمكن دراسة كيف تؤثر التفاعلات الرقمية بين المستخدمين على النقاشات الاجتماعية والسياسية، وكيف يمكن إدارة هذه الديناميات بفاعلية لتعزيز النقاش البناء وتشكيل الرأي العام كما تساهم هذه الدراسات في فهم كيف تتشكل التفاعلات السياسية والاجتماعية في الفضاءات الافتراضية وتقديم استراتيجيات لتحسين إدارة هذه التفاعلات.

ثالثًا: البحث في فاعلية استراتيجيات الإقناع عبر الشبكات الاجتماعية حيث يمكن دراسة كيفية تحسين الحملات الإعلانية والسياسية التي تستخدم هذه الشبكات لتعزيز المعلومات المتوازنة وتشجيع النقاشات البناءة. وتستهدف هذه الأبحاث تقديم توصيات لتحسين استراتيجيات الإقناع وزيادة تأثيرها في تشكيل الرأي العام بشكل إيجابي.

رابعًا: دراسة تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على الوعي السياسي والمشاركة المدنية حيث يمكن تحليل كيف يمكن تحسين استخدام هذه المنصات لتعزيز المشاركة السياسية الفعالة وزيادة الوعي السياسي لدى الأفراد.

خامسًا: وجوب استكشاف استراتيجيات تعزيز القيم الاجتماعية عبر الشبكات الاجتماعية حيث يمكن دراسة كيفية استخدام الشبكات الاجتماعية لتصميم حملات توعية تعزز القيم المجتمعية وتدعم التعاون الاجتماعي. وتستهدف هذه الأبحاث تطوير استراتيجيات فعالة لدعم القيم الاجتماعية الإيجابية وتعزيز التعاون عبر الشبكات الاجتماعية.

سادسًا: من المهم تحليل تأثير التكامل بين الإعلام التقليدي والرقمي على تشكيل الرأي العام حيث يمكن دراسة كيف يؤثر دمج استراتيجيات الإعلام الرقمي مع قنوات الإعلام التقليدي على تحسين التأثير على الجمهور.

سابعًا: يجب فحص الابتكارات في طرق توزيع المحتوى الرقمي، حيث يمكن دراسة كيف تؤثر التكنولوجيات الجديدة مثل الواقع المعزز والواقع الافتراضي على تجربة المستخم وكيفية وصول المعلومات إلى الجمهور.

وختامًا، خلصت الدراسة إلى أنه من الضروري تقييم استراتيجيات مكافحة المعلومات المضللة على الشبكات الاجتماعية وكيفية تحسين أدوات وتقنيات التحقق من المعلومات لتعزيز مصداقية المحتوى وبناء ثقة الجمهور في المعلومات الرقمية.

زر الذهاب إلى الأعلى