نجح معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، عبر سلسلةٍ من التقارير والمقالات، في فضح جرائم وممارسات ميليشيات الحوثي الإرهابية، وتسبّبها في تخريب ودمار اليمن، والمأساة الإنسانية التي يعانيها الشعبُ اليمني جراء عدوان تلك الميليشيات المدعومة من إيران.
وكشفت مقالات معهد واشنطن، جرائم الحرب التي ارتكبتها ميليشيات الحوثي الإجرامية، وعدوانها الآثم على المدنيين والمنشآت المدنية في المملكة العربية السعودية، كما كشفت تلك العلاقةَ المريبة التي تعود لسنواتٍ طويلة بين الحوثي وإيران.
كشفت مقالات معهد واشنطن، جرائم الحرب التي ارتكبتها ميليشيات الحوثي الإجرامية، وعدوانها الآثم على المدنيين والمنشآت المدنية في المملكة
وبيّن المعهد الأمريكي كيف استغلت طهران تلك الميليشيات الإرهابية، في تقويض أمن واستقرار اليمن، وتهديد جيرانه وتنفيذ مخططات إيران العدوانية وأطماعها في المنطقة.
فضح العدوان الحوثي
ونشر معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى عدداً من المقالات لباحثين ومتخصّصين في دراسات المنطقة العربية بخصوص الأزمة اليمنية، موضّحين الدورَ الذي يلعبه الحوثيون في تلك الأزمة، وعلاقتهم بإيران، والجرائم المرتكبة من جانب الحوثي وأنصاره ضد الشعب اليمني الشقيق.
إلينا ديلوجر: الاعتداء الحوثي على مطار أبها في يونيو 2019، حلقة في سلسلة اعتداءات سافرة قامت بها الجماعة الإرهابية على المملكة مبررين ذلك بحجج باطلة
فبحسب المتخصّصة في مكافحة الإرهاب والسياسة الخليجية (إلينا ديلوجر) في مقال نشر بتاريخ 13 يونيو 2019، لم يكن الهجوم السافر الذي قامت به ميليشيا الحوثي بالاعتداء على مطار أبها في يونيو 2019، إلا حلقة في سلسلة اعتداءات سافرة قامت بها الجماعة الإرهابية على المملكة، مبرّرةً ذلك بحجج باطلة.
وفندت ديلوجر حُجَجَ جماعة الحوثي الواهية، بأن تنفيذ الهجمات الصاروخية الحوثية الإرهابية ضد الرياض، يأتي رداً انتقامياً على الضربات الجوية التي يوجّهها التحالف بقيادة السعودية ضد جماعة الحوثي، وجاءت الهجمات التي طالت خط أنابيب نفط سعودياً في منتصف مايو 2019، رداً على إحكام الخناق الاقتصادي على الحوثيين، وضرب مطار أبها بمثابة ضربة مضادة رداً على إغلاق مطار صنعاء.
أوضحت ديلوجر في نفس المقال أن هجمات الحوثيين على المملكة العربية السعودية، هي جزء من عمليات تخريبية تقودها إيران في شبه الجزيرة العربية، فقد وقع هجوم على أبها في 12 يونيو 2019، قبل يوم واحد من تعرّض سفينتين لهجوم في خليج عمان، وبالمثل، وقع الهجوم على خط الأنابيب بعد يومٍ واحد من ضرب أربع سفن في خليج عُمان، في عملية تُعزى بشكل واسع إلى إيران.
إفلاس الحوثي
لا تدلّ تلك الهجمات الحوثية إلا على إفلاس ما تقدّمه تلك الجماعة للشعب اليمني، بعدما وضعته في مأساة إنسانية، متناسين أن التحالف العربي يحمل الشرعيةَ القانونية للدفاع عن الشعب اليمني الساخط على الحوثي وأنصاره، فيقول (مايكل نايتس، وكينيث بولاك, وباربارا والتر) في مقال نشر لهم في 2 مايو 2019، إن الحوثيين لم يوافقوا على دخول مفاوضات ستكهولم في ديسمبر 2019، والتوصّل إلى وقف إطلاق النار في الحديدة، إلا بسبب الضغط العسكري الذي مارسه التحالفُ الذي تقوده السعودية لإنقاذ الشعب اليمني من قبضتهم.
لا تدل الهجمات الحوثية إلا على إفلاس ما تقدمه تلك الجماعة للشعب اليمني بعدما وضعته في مأساة إنسانية
أصول التحالف الحوثي الإيراني:
يتخذ النظام الإيراني التشيّع ستاراً ظاهراً له في محاولات التمدّد الإقليمي، مستعيناً بالأقليات الشيعية المنتشرة في عدد من الدول العربية، وعلى رأسها جماعة الحوثي الإرهابية.
التحالف التاريخي بين الحوثيين وإيران منذ سنوات، هدفه زعزعة الاستقرار في اليمن والمنطقة العربية بأسرها، وعلى رأسها السعودية
ففي مقال بتاريخ 22 فبراير 2010 تحدث ديفيد شينكر مدير برنامج السياسة العربية في معهد واشنطن، عن التحالف التاريخي بين الحوثيين وإيران، موضحاً أن تحالف نظام الملالي في إيران مع قوى الحوثي في اليمن، سعى إلى زعزعة استقرار الحكومة المركزية، فالهدف الإيراني واضح منذ سنوات، وهو زعزعة الاستقرار ليس في اليمن وحدها، بل في المنطقة العربية بأسرها، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية.
ويقول آشير أوركابي الباحث في شؤون الشرق الأوسط، في مقال نُشر بتاريخ 9 أبريل 2015، مع بدايات تأسيس التحالف الدولي ضد الحوثيين، إن الرياض وشركاءها في التحالف يدافعون عن اليمن ضد التهديد الإيراني، وهذا نظراً للعلاقة التي نَسَجَتْها حركةُ الحوثي مع إيران، والمخاوف بشأن أمن مضيق باب المندب الحيوي، الذي تحاول تلك الجماعة استخدامه كورقةِ ضغطٍ على المجتمع الدولي.
وفي أبريل 2018 كتب فرزين نديمي وهو محلّل متخصّص في الشؤون الأمنية والدفاعية المتعلقة بإيران ومنطقة الخليج، أن التحالف الدولي كشف عن وجود هيكل لصاروخ ومُعدَّات إلكترونية حربية، حملت علامات واضحة ووسماً (بالفارسية)، تلك المنظومة من الصواريخ كانت تتضمن صواريخ متوسطة المدى (75 – 120 كم)، وصواريخ تضرب أهدافاً عالية الارتفاع (27 كم).
جعلت إيران من تلك الجماعة الإرهابية منغّصاً ليس على جيرانها فقط بل على العالم بأسره، عندما تهدّد أمن المنطقة، وتعرقل الملاحة في البحر الأحمر
ليس ذلك فقط ما أوضحه الكاتب، بل أيضاً ذكر في مقاله أن أنظمة البثّ المعتمِدة على الأقمار الصناعية وغيرها من خيارات التتبّع، يمكن لأجهزة استقبال الرادارات الافتراضية التي توردها إيران، أن تساعد الحوثيين على مراقبة طائرات التحالف وفك شيفرتها وعرض موقعها الجغرافي الدقيق وارتفاعها وزاوية انحدارها/مسارها واتجاهها وسرعتها ومصدرها وإشارة ندائها، ضمن دائرة يبلغ نصف قطرها أكثرَ من 250 كم، ويمكن بعد ذلك استخدام هذه المعلومات لاستخلاص حلول تستهدف بطاريات الدفاع الجوي، مما يسمح لصواريخ “سام” الحوثية بالعمل من دون انبعاثات منبّهة تنتجها رادارات المراقبة.
جعلت إيران من تلك الجماعة الإرهابية منغّصاً على العالم بأسره، عندما تهدّد أمن المنطقة، وتعرقل الملاحة بالبحر الأحمر، وتُدخل اليمن في أزمة إنسانية غير مسبوقة.
الحوثيون وأزمة اليمن الإنسانية:
أدخلت جماعةُ الحوثي الشعبَ اليمني في أزمةٍ إنسانية تكاد تكون الأسوأ في العالم، وأوضح ديف هاردن، وهو دبلوماسي أمريكي سابق، كان مشرفاً على المساعدات الأمريكية إلى اليمن قبل تقاعده، ومايكل نايتس، في مقال لهما نشر في 16 أبريل 2019، أنه في عام 2018، كان ما يقدر بنحو 33٪ من سكان اليمن يعانون بشدّة من انعدام الأمن الغذائي، مقابل 25.1٪ في عام 2017.
أدخلت ميليشيات الحوثي الشعبَ اليمني في أزمة إنسانية تكاد تكون الأسوأ في العالم، كما سرقت المساعدات الغذائية المخصصة للنساء والأطفال
وأشار الكاتبان في نفس المقال إلى أن الوضع الاقتصادي الذي تسببت فيه جماعة الحوثي الإرهابية، جاء نتيجةَ ثلاثةِ أسباب:
– انهيار العملة: في عام 2015، كان الدولار الأمريكي الواحد يساوي 215 ريالاً يمنياً، لكنّ هذا الرقم ارتفع ليصل إلى 569 اعتباراً من فبراير 2019، ما زاد بشكل كبير من تكلفة السلع الضرورية.
– عدم دفع الرواتب: عندما بدأت الحرب، كان اليمن يوظّف أكثر من 1.2 مليون عامل مدني وعسكري، يُعيلون مباشرةً حوالي ستة ملايين شخص، ومنذ سطو الجماعة الإرهابية على البنك المركزي اليمني والسيطرة عليه، فإنها لم تقدر على دفع رواتب الموظفين في المناطق التي تسيطر عليها.
– ازدياد تكلفة السِّلع: يعتمد اليمن بنسبة 90٪ على المواد الغذائية المستوردة والوقود المستورد، وذلك بشكلٍ حصري تقريباً عن طريق تجار من القطاع الخاص، ومنذ أن بدأت الحرب، يُقدِّر “صندوق النقد الدولي” أن أسعار المواد الغذائية قد تضاعفت، وأن أسعار البنزين بلغت ثلاثة أضعاف، وتكلفة غاز الطهي ازدادت خمسة أضعاف.
ومع محاولات إدخال المساعدات الإنسانية بعد اتفاقيات التهدئة، يشير “منير بن وبر”، وهو صحفي ومخرج أفلام وثائقية، في مقال له بتاريخ 3 أبريل 2019، إلى أن تكرار خرق اتفاقيات التهدئة من قبل قوات الحوثي، بما في ذلك انتهاك اتفاق ستوكهولم، بالإضافة لانخراط الحلفاء الإيرانيين، يُقوِّض جهود إحلال السلام وإدخال المساعدات للمتضررين.
ولخص “ديفيد بيزلي”، المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي في اليمن، خلال كلمته أمام مجلس الأمن في يونيو 2019، ما يفعله الحوثيون مع تلك المساعدات، بأن “الطعام يُنزَعُ من أفواه الأطفال الجَوْعَى، من الأولاد والبنات الذين يحتاجون إليه حتى يظلوا على قيد الحياة”، فالمساعدات الغذائية يتمّ تحويلُ مسارها في المناطق التي تسيطر عليها ميليشيا الحوثي على حساب الأطفال والنساء والرجال الذين يعانون الجوع، معقباً بأن البرنامج علّق جزءاً من عمله في المناطق التي تسيطر عليها جماعة الحوثي.
اختراق الاتفاقيات ونقض العهود
يقول “مايكل نايتس” وهو متخصص في الشؤون العسكرية والأمنية للعراق وإيران ودول الخليج، في مقال نشر بتاريخ 8 يناير 2019، إنه بعد بضعة أيام من “اتفاق ستوكهولم” في 13 ديسمبر 2018، بدأ سريان اتفاق وقف إطلاق النار في محافظة الحُديدة باليمن، ولكن بعض الاختراقات المدعومة بأدلّة كافية من الحكومة اليمنية والتحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية، تشير إلى أن المتمردين الحوثيين ارتكبوا العديد من انتهاكات وقف إطلاق النار، بما فيها أكثر من 300 هجوم غير مبرر، وعدم الوفاء بمواعيد الانسحاب النهائية التي حددتها الأمم المتحدة، وفي حين لم تلجأ الحكومة اليمنية وحلفاؤها إلى الرد العنيف تطبيقاً للاتفاق.
وساق نايتس في نفس المقال أدلة على أن جماعة الحوثي الإرهابية استغلت فترة وقف إطلاق النار لزيادة تحصيناتهم العسكرية بشكل كبير، في مدينة الحديدة، على عكس مقتضيات “اتفاق ستوكهولم” والقرار الأممي رقم 2451، فقبل 18 ديسمبر 2018، كان هناك 157 خندقاً للحوثيين في المدينة، إلا أنه تمّ حفر 50 خندقاً جديداً ابتداءً من 2 يناير، وهو ادّعاءٌ تدعمه صور جويّة تم تقديمها إلى الأمم المتحدة، وشاهدها نايتس بنفسه على حدّ قوله.
ميليشيات الحوثي خانت العهود والاتفاقيات ولم تلتزم باتفاق ستوكهولم واخترقت بنوده ولم تفي بالتزاماتها
وفي نفس المقال يوضح نايتس أن الحوثيين قاموا بنصب العديد من الحواجز داخل المدينة، وقبل وقف إطلاق النار، تم الإبلاغ عن 118 حاجزاً، لكن تم إقامة 109 حواجز إضافية اعتباراً من 2 يناير 2019، وبالتالي، لم يتحدَّ الحوثيون متطلباتِ الأمم المتحدة لـ “إزالة أي مظاهر عسكرية من المدينة” فحسب، بل عرقلوا أيضاً جهود التحالف للتخلّص من العوائق في المناطق المحرّرة.