ترجمات

العمالة الوافدة في قطر.. فريسة السُّخرة وفيروس كورونا

في تقريرها السنوي لعام 2019، أعلنت اللجنة العليا المُنظِّمة لكأس العالم 2022 بقطر، وفاة 9 عمال مهاجرين يعملون في ملاعب كأس العالم 2022 بقطر، وبذلك يرتفع عدد الوفيات رسمياً في مشاريع كأس العالم إلى 34 منذ بدء أعمال البناء قبل ستّ سنوات، فيما تشير تقارير إلى عدد أكبر من القتلى.

تمّ تصنيف الـ 31 حالة وفاة، بما في ذلك التسعة الذين ماتوا العام الماضي، بأنها “غير متعلقة بالعمل”، وهو مصطلح تستخدمه اللجنة العليا لوصف الوفيات التي تحدث خارج موقع العمل، ويُعزَى معظمُها إلى أزماتٍ قلبية مفاجئة أو قصور تنفسي.

وتضمّنت وفيات العمال العامَ الماضى وفق التقرير السنوي الخامس للجنة، 4 لقوا حتفهم لأسباب طبيعية، و3 قتلوا في حادث حافلة للشركة، ولم تكن هناك وفيات بسبب حوادث مواقع العمل.

وبحسب تقرير لصحيفة جارديان البريطانية في أكتوبر الماضي، فإن قطر نادراً ما تُجري عمليات تشريح بعد وفاة العامل المهاجر، ما يجعل من الصعب تحديد أسباب الوفيات بدقة، وتحديد ما إذا كانت غير متعلقة بالعمل، ورأت الصحيفة أن حرارة الصيف الشديدة في قطر من المحتمل أن تكون عاملاً مهماً في العديد من وفيات العمال.

ولا يَشترط القانون القطري ومعاييرُ رعاية العمال في اللجنة العليا لكأس العالم 2022 على الشركات، دفعَ تعويضات عن الوفيات غير المرتبطة بالعمل.

وعلى سبيل المثال، لا تزال أرملة عامل نيبالي توفي بشكل مفاجئ العام الماضي، تنتظر رداً على رسالة بعثت بها إلى اللجنة العليا المنظمة للبطولة، تطلب تعويضاً لفقدانها زوجَها وعائلَ الأسرة الوحيد، بعدما عرضت الشركة التي كان يعمل بها مبلغَ تعويضٍ هزيلاً يُقدّر بـ 7000 ريال قطري (ما يعادل 1500 جنيه إسترليني).

وتقول اللجنة العليا إنها تشجّع المقاولين على تأمين إضافي يُغطّي حالات الوفاة “غير المرتبطة بالعمل”، حتى تحصل الأسرُ على تعويضٍ في حالات الوفاة الطبيعية أو العرضية.

انتهاكات واسعة لحقوق العمالة الوافدة.. ووعود زائفة بالإصلاح

وتتعرّض العمالة الوافدة لانتهاكاتٍ حقوقية واسعة، ومن أبرزها الأجور المنخفضة، فبعض عُمّال الاستادات يَتقاضون أقلّ من 35 جنيه إسترليني في الأسبوع.

ويعمل أقلّ من 2٪ من العمالة الوافدة بقطر البالغ عددها 2 مليون عامل، في مشاريع استادات كأس العالم، وحتى الآن لم تُنفّذ الدوحة أيّ خطوة من بنود خطة إصلاحاتٍ تمّ الإعلان عنها في أكتوبر الماضي.

وكان من المتوقع أن تؤدّي الإصلاحات التي كشفت عنها السلطات القطرية ومنظمة العمل الدولية، إلى إنهاء نظام “الكفالة” الذي لا يستطيع العُمّال بموجبه تغييرَ وظائفهم دون إذن صاحب العمل.

وكانت منظمة العمل الدولية قد قالت إن القوانين الجديدة، التي وصفتها بأنها “خطوة مهمة إلى الأمام في دعم حقوق العمّال المهاجرين”، ستدخل حيّز التنفيذ في يناير، لكن الإجراء الوحيد الذي سيتمّ تنفيذه حتى الآن، هو تمديد بندٍ موجود يسمح للعمال بمغادرة البلاد دون الحاجة إلى إذن صاحب العمل، ليشمل مجموعاتٍ مثل عاملات المنازل.

وترى هبة زيادين، الباحثة في الشأن الخليجي لدى منظمة هيومن رايتس ووتش، أنه “بالنسبة للعمال المهاجرين الذين يعانون من إرهاقٍ أو سكنٍ في ظروف بائسة، أو بدون أجر، أو نقص في الأجر لشهور متواصلة… فإن كلّ يوم يقضونه محاصرين هو يوم يقضونه في خوف وقلق وعدم استقرار”.

وتعرّضت قطر لضغوطٍ دولية مكثفة لإصلاح نظام العمل لديها، منذ أن كشفت صحيفة جارديان لأول مرة عن إساءة استخدام واسعة النطاق للقوى العاملة المهاجرة الهائلة، التي تأتي من بعض أفقر البلدان في المنطقة.

ويقول جيمس لينش، الخبير في شؤون العمالة المهاجرة في الخليج: “كانت قطر تَعِدُ بإلغاء الكفالة منذ عام 2014 على الأقلّ، وادّعت بالفعل أنها قامت بذلك في عام 2016”.

ويضيف: “كان يجب على قطر أن تسيطر على هذه القضية قبل سنوات، قبل أن يتمّ بناء معظم ملاعب كأس العالم والبِنية التحتية من قبل عُمّال يعملون في ظل هذا النظام الاستغلالي”.

فيروس كورونا يفاقم أزمة العمالة الوافدة في قطر

قررت قطر إغلاقَ بعض معسكرات العمّال المهاجرين على مشارف العاصمة لمدة أسبوعين، في محاولة لاحتواء انتشار فيروس كورونا المستجدّ (كوفيد-19) بين هؤلاء الوافدين ذوي الدخل المنخفض.

وتُشكّل العمالة الوافدة من دول مثل الهند ونيبال وبنجلاديش، معظمَ القوى العاملة في مِهَنٍ مثل حرّاس الأمن وعمال النظافة والبناء، ويعيشون عادةً في مخيماتٍ على أطراف الدوحة، ويَنقل أربابُ العمل العمالَ في الحافلات والشاحنات يومياً، ما يُمثّل تحدياً هائلاً لمحاولات الحدّ من انتشار الفيروس، في ظلّ زيادةٍ متسارعة لحجم الإصابات بكورونا في قطر، التي سَجّلت قرابة 500 حالة.

لمزيد من التحليلات يمكنكم الضغط على هذه الصورة

زر الذهاب إلى الأعلى