ترجمات

أخلاقيات التسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي في عصر الذكاء الاصطناعي

مع تغلغل الذكاء الاصطناعي المُولّد في كل ركن من أركان التسويق تقريبًا من إنشاء المحتوى إلى خدمة العملاء، تزداد الأسئلة حول أخلاقيات التسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وفي الوقت ذاته تزداد صعوبة الإجابة عنها.

يساعد الذكاء الاصطناعي حاليًا العلامات التجارية في كتابة التعليقات وتوليد الصور وتحليل التوجهات وحتى الرد على التعليقات. ولكن مع ازدياد قوة هذه الأدوات وانتشارها، تزداد المخاوف المتعلقة بأخلاقيات الذكاء الاصطناعي والأصالة وخصوصية البيانات وثقة الجمهور.

وفي هذا الإطار، استعرض تقرير نشره موقع “sproutsocial” المتخصص في التسويق، الضوابط الواجب على العلامات التجارية مراعاتها بخصوص أخلاقيات التسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي في عصر الذكاء الاصطناعي.

  • التغيرات في أخلاقيات التسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي

قبل خمس سنوات، كانت المخاوف الأخلاقية المرتبطة بالتسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي تتركز غالبًا حول خصوصية البيانات والأخبار الكاذبة وشفافية المؤثرين.

فقد كشفت فضيحة “كامبريدج أناليتيكا” مدى سهولة إساءة استخدام بيانات المستخدمين، مما أدى إلى انعدام ثقة واسع النطاق، وظهور قوانين خصوصية أكثر صرامة مثل اللائحة العامة لحماية البيانات وقانون خصوصية المستهلك في كاليفورنيا، كما بدأت تقنية “التزييف العميق- Deepfakes” تنتشر بسرعة، مما أثار تساؤلات جديدة حول التصريح باستخدام بيانات المستخدمين والمعلومات المضللة.

وفي المملكة المتحدة، شددت الجهات التنظيمية الرقابة على المؤثرين الذين لا يكشفون عن الشراكات المدفوعة. أما اليوم، فهذه القضايا نفسها باتت تتطور بطرق أكثر تعقيدًا، على النحو التالي:

  • تعتمد معظم نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي على مجموعات بيانات ضخمة تم جمعها من الإنترنت، مما يثير تساؤلات حول الانتحال والخصوصية.
  • أصبح الخط الفاصل بين “الحقيقي” و”المؤتمت” غير واضح. ولم تعد المشكلة في اكتشاف المحتوى المصنوع بالذكاء الاصطناعي، بل في استخدامه بطريقة تتماشى مع قيم العلامة التجارية.
  • انتقال مسؤولية الإشراف من المنصات إلى العلامات التجارية نفسها. فإذا كانت الحملة متحيزة أو غير دقيقة أو مسيئة، فستظل العلامة التجارية مسؤولة، سواء كان ذلك بسبب الذكاء الاصطناعي أو المؤثرين.

كل هذه الاعتبارات تعني أن العلامات التجارية بحاجة إلى الانتباه عن كثب لما تنشره ومن يراجعه. فكلما أصبح المحتوى مؤتمتًا أكثر، زادت الحاجة إلى رقابة أخلاقية نشطة على وسائل التواصل الاجتماعي.

  • العلاقة المباشرة بين الممارسات الأخلاقية ونتائج الأعمال

التسويق الأخلاقي ليس مجرد الشيء الصحيح الذي يجب فعله، بل هو أيضًا الخيار الذكي، فالجمهور يراقب عن كثب كيفية استخدامك للذكاء الاصطناعي وطريقة ظهورك على الإنترنت، وأي خطأ قد تكون عواقبه سريعة وقاسية.

وفقًا لاستبيان ” sproutsocial” للربع الثاني من العام الحالي، اعتبر 41% من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي أنهم أكثر ميلاً إلى فضح العلامات التجارية بسبب تصرفات غير أخلاقية مقارنة بأي سبب آخر.

كما أن المستثمرين أيضًا يراقبون الوضع عن كثب، حيث أظهر تقرير صدر العام الحالي عن شركة كورنرستون للأبحاث ومركز تابع لكلية الحقوق بجامعة ستانفورد أن الدعاوى القضائية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي تضاعفت، بسبب ظاهرة “خداع الذكاء الاصطناعي”، أي استخدام الشركات للذكاء الاصطناعي لأغراض تسويقية فقط دون أن يكون جزءًا فعليًا من المنتج.

ويعني هذا أن الأخطاء الأخلاقية في وسائل التواصل الاجتماعي لا تضر السمعة فحسب، بل تؤثر على الإيرادات والاحتفاظ بالمواهب واستدامة العلامة التجارية على المدى الطويل.

  • الركائز الأساسية لأخلاقيات التسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي

تحتاج العلامات التجارية إلى ضوابط واضحة لأخلاقيات التسويق على وسائل التواصل الاجتماعي، من أبرزها:

  • الصدق والشفافية

أظهر استبيان ” sproutsocial” للربع الثاني من العام الحالي أن “الصدق” هو أكثر سمة ربطها المستخدمون بالعلامات التجارية الجريئة، متفوقًا على الفكاهة والارتباط بالواقع.

والصدق لا يبني الثقة فقط، بل يساعد أيضًا العلامات التجارية على التعامل مع الأزمات وتفادي المعلومات المضللة، فالأخطاء تنتشر بسرعة، لكن العلامات التي تملك سجلًا من الشفافية غالبًا ما تنال تعاطف الجمهور.

  • حماية البيانات وخصوصية المستخدمين

يمكّن الذكاء الاصطناعي المسوقين من تحليل كميات ضخمة من البيانات لتخصيص المحتوى، لكن القدرة على جمع البيانات لا تعني دائمًا أنه يجب استخدامها.

في استبيان ” sproutsocial” للربع الرابع لعام 2024، قال 63 % من المستخدمين إنهم يثقون بمنصات التواصل “إلى حد ما” فقط، بينما قال 16% إنهم لا يثقون بها إطلاقًا.

ولسد فجوة الثقة، يجب أن تكون العلامات التجارية شفافة في كيفية جمع البيانات وتفسيرها، وتوفر أدوات مثل الاستماع الاجتماعي وتحليل المشاعر رؤى مفيدة، لكنها قد تخطئ في فهم السخرية أو الفروق الثقافية.

  • الإفصاح عن الإعلانات واستخدام الذكاء الاصطناعي

غالبية المسوقين يعرفون أهمية الإفصاح عن الشراكات المدفوعة. ففي دول مثل الولايات المتحدة وكندا والمملكة المتحدة، توجد إرشادات واضحة. وإذا لم يكشف المؤثر عن المحتوى المدفوع، فتتحمل العلامة التجارية المسؤولية.

وجد استبيان ” “sproutsocialأن 59% من المستخدمين يرون أن هاشتاق “#إعلان” لا يؤثر على قرار الشراء، بينما قال 25% إنه يزيد من احتمال الشراء، مما يشير إلى أن الإفصاح لا ينفّر الجمهور بل يعزز الثقة.

التوقعات نفسها بدأت تطال المحتوى الناتج بالذكاء الاصطناعي، فقد وجدت دراسة من Yahoo العام الماضي أن الإفصاح عن استخدام الذكاء الاصطناعي في الإعلانات زاد الثقة بنسبة 96%.

إلى ذلك، بدأت الهيئات التنظيمية بالتحرك، مثل لجنة التجارة الفيدرالية الأمريكية التي حذرت من عدم الكشف عن استخدام الذكاء الاصطناعي، كما أن قانون الذكاء الاصطناعي الجديد في الاتحاد الأوروبي وكندا يسير في نفس الاتجاه.

  • الاحترام والشمول

يظهر الاحترام والشمول في القرارات اليومية للعلامات التجارية على وسائل التواصل، سواء في اللغة المستخدمة، أو الأشخاص الذين يتم تسليط الضوء عليهم، أو طريقة التعامل مع النقد، أو الالتزام بتوفير محتوى يسهل الوصول إليه.

وغالبًا ما يتسلل التحيز بشكل غير مباشر، مثل تفضيل خوارزميات المنصات لمحتوى تقليدي ناجح وتهميش أصوات الأقليات، أو تقديم محتوى يبدو منفصلًا عن واقع البعض.

ويمكن للعلامات التجارية الرصد والتغلب على هذه الفجوات من خلال:

  • الاستماع للملاحظات
  • تصميم محتوى بإمكانية وصول شاملة مثل (النصوص البديلة، والترجمة، وتباين الألوان العالي)
  • الحرص على تمثيل تجارب متنوعة.
  • أولويات أخلاقيات التسويق

قد يبدو التسويق الأخلاقي مهمة مرهقة، خاصةً مع كثرة المتطلبات حيث قوانين المنصات، ومتطلبات الإفصاح، ومعايير الوصول الشامل، وغير ذلك.

كما أنه إذا حاولت أن تقوم بكل شيء بشكل مثالي، فقد يبدو الأمر وكأنك تمشي على حبل مشدود، لكن يمكن وضع ما يلي في الاعتبار:

  • الشفافية هي سلاحك الأقوى: أخبر جمهورك كيف تستخدم الذكاء الاصطناعي واكشف بوضوح عن كل شراكة مدفوعة، وكن صادقًا بشأن ما تفعله ولماذا.
  • النية مهمة لكن المساءلة أهم: إذا وُجهت إليك انتقادات، فطريقة الرد عليها تساوي أهمية ما فعلته، لذا استجب بتواضع ووضح خطوات التصحيح.
  • اجعل الأخلاقيات جزءًا من سير العمل: يتم ذلك من خلال إنشاء قوائم مراجعة داخلية، ووضع إرشادات واضحة للفريق، وإشراك الأقسام القانونية أو فرق الامتثال عند الحاجة.
  • ابق فضوليًا ومُتطورًا: لأن التقنية تتغير بسرعة، والقوانين أيضًا، عليك مراجعة أدواتك، وإرشاداتك، وعملياتك باستمرار، والاستماع لملاحظات فريقك وجمهورك بانتظام.

زر الذهاب إلى الأعلى