أصبحت منصات التواصل في شبكات التواصل الاجتماعي جزءا رئيسيا من مسار الحياة اليومية للأفراد على مستوى العالم، ولم تعد وسيلة لتبادل الآراء والترفيه فقط، بل تعدت ذلك لتصبح واحدة من أهم الوسائط التفاعلية.
ومع تنامي مساحات تأثير تلك المنصات على مستخدميها بشكل خاص والمجتمعات بوجه عام، أصبح من المهم تثقيف الشباب وتوعيتهم بالقواعد والضوابط والتوجهات اللازمة للتعامل الرشيد مع تلك التقنية من خلال مدخل المواطنة الرقمية الذي يؤكد على مراعاة الالتزامات والواجبات التي يجب على الشباب الالتزام بها ويقومون بذلك أثناء التعامل مع الفضاء الرقمي.
وفي هذا الإطار، نشرت مجلة بحوث کلية الآداب بجامعة المنوفية في عددها الصادر في يوليو 2024 دراسة بعنوان “شبكات التواصل الاجتماعي وتأثيراتها على التوجهات الفكرية لدى الشباب السعودي دراسة ميدانية”، من إعداد الباحث سلطان بن موسى العنزي، والتي سعت إلى تسليط الضوء على تأثير استخدامها في تعزيز قيم المواطنة الرقمية لدى الشباب السعودي، بالإضافة إلى التعرف على تأثير شبكات الإعلام الحديث على التوجهات الفكرية لدى المجتمعات الشبابية في المملكة، وهو ما نستعرضه على النحو التالي:
- مجتمع وعينة الدراسة:
تمثل مجتمع الدراسة الميدانية في الشباب السعودي المستخدم لشبكات التواصل الاجتماعي، أما العينة فبلغت 400 مفردة من الشباب السعودي من مستخدمي منصات التواصل في المملكة تراوحت أعمارهم من 35-18 سنة ذكورًا وإناثًا.
- نتائج الدراسة:
خلصت الدراسة إلى أن درجة متابعة الشباب السعودي عينة الدراسة لشبكات التواصل الاجتماعي مرتفعة بوجه عام بمتوسط حسابي (2.8850) حيث جاء من يتابعها (دائمًا) في المقدمة بنسبة 89.5%، يليها درجة المتابعة غير المنتظمة (أحيانًا) في الترتيب الثاني بنسبة 9.5%، وأخيرًا جاءت درجة التعرض (نادرًا) بنسبة 1%.
كما توصلت نتائج الدراسة إلى أن عينة الدراسة التي تتعرض لشبكات التواصل الاجتماعي (جميع أيام الأسبوع) جاءت في الترتيب الأول، يليها من يتعرض لها (حسب الظروف)، ثم من يتعرض لها من (يوم إلى يومين)، وأخيرَا جاء من يتعرض لها من (ثلاثة أيام حتى خمسة أيام).
وحول توقيت التعرض للمنصات، جاء في صدارة النتائج (لا توجد أوقات محددة) لاستخدام الشباب السعودي لشبكات التواصل الاجتماعي، يليها في الترتيب الثاني من يفضل التعرض (فترة المساء)، ثم من يفضل التعرض (فترة الصباح)، وأخيرًا جاء من يفضل التعرض (فترة الظهيرة).
وجاء في الترتيب الأول لنوعية المتابعين للشباب السعودي عينة الدراسة مزيج بين الأهل والأصدقاء ومن لا يعرفونهم، بينما جاء من يتابعه (الأصدقاء) في الترتيب الثاني، فيما جاء من يتابعه (الأهل) في الترتيب الثالث، وأخيرًا جاء من (لا يعرفونهم).
وحول أسس اختيار عينة الدراسة من الشباب السعودي للأصدقاء على شبكات مواقع التواصل الاجتماعي، جاء في المرتبة الأولى “لا يوجد معيار معين”، يليها الاختيار على أساس الاهتمامات المشتركة، ثم الاختيار على أساس “المستوى المعرفي والثقافي”، وفي المرتبة الرابعة “الاختيار على أساس العلاقات الاجتماعية”، وأخيرًا جاء الاختيار على أساس زملاء في الجامعة أو الوظيفة.
وفيما يتعلق بأبرز شبكات التواصل الاجتماعي التي يستخدمها الشباب السعودي عينة الدراسة، جاءت منصة “إكس” في المرتبة الأولى، ثم “سناب شات”، ويليها “يوتيوب”، وجاء “تيك توك” في المركز الرابع، يليه “إنستجرام”.
وجاء الاتجاه العام لدرجة مساهمة شبكات التواصل الاجتماعي في التأثير على الشباب السعودي كما ترى عينة الدراسة مرتفعة بوجه عام بمتوسط حسابي (2.8475)، حيث جاءت نسبة من يرون أنها ساهمت بدرجة كبيرة في المقدمة بمقدار 86%، يليها من يرون أنها ساهمت بدرجة متوسطة في الترتيب الثاني بنسبة 12.75%، وأخيرًا جاءت نسبة من يرون أنها ساهمت بدرجة ضعيفة في التأثير على الشباب السعودي بمقدار 1.25%.
وتوصلت نتائج الدراسة إلى أن تأثيرات شبكات التواصل الاجتماعي على الشباب السعودي جاءت “سلبية” بنسبة 34.5%، ثم “محدودة” بنسبة 33.5%، وأخيرًا جاءت نسبة من يرون أن لها تأثيرات إيجابية بمقدار 32%.
وعلى صعيد فرضيات الدراسة، خلصت إلى وجود علاقة ارتباطية ذات دلالة إحصائية بين تعرض الشباب السعودي عينة الدراسة لشبكات التواصل الاجتماعي وتأثيراتها على تشكيل الاتجاهات الفكرية لديهم، وكذلك وجود علاقة ارتباطية ذات دلالة إحصائية بين درجة مساهمة شبكات التواصل الاجتماعي في التأثير على الشباب السعودي والآثار النفسية والصحية والاجتماعية المؤثرة على سلوكهم الفكري.
كما وجدت الدراسة علاقة ارتباطية ذات دلالة إحصائية بين تعرض الشباب السعودي عينة الدراسة لشبكات التواصل الاجتماعي وتقييمهم لدور شبكات التواصل الاجتماعي في التفاعل الفكري. وأشارت نتائج الدراسة أيضا إلى وجود علاقة ارتباطية ذات دلالة إحصائية بين الدوافع النفعية والطقوسية لتعرض الشباب السعودي عينة الدراسة لشبكات التواصل الاجتماعي والتوجهات الدينية والثقافية التي تتناولها.
- توصيات الدراسة
قدمت الدراسة سلسلة من التوصيات تمثلت فيما يلي:
- ضرورة عمل المؤسسات المعنية بالثقافة بالمملكة العربية السعودية على تعزيز إدراك الشباب لأبعاد وأهمية التوجهات الفكرية للاستفادة القصوى من إمكانياتهم وتوجيهها التوجيه الصحيح.
- تحفيز وتشجيع الشباب في إثراء المحتوى الهادف على الشبكات الاجتماعية ورصد جوائز تمنح للمتميزين في هذا المجال.
- تعزيز مهارات الشباب في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي وإزالة العوائق الفنية والمادية التي تحول دون انتشارها من أفكار وإجراءات معقدة.
- تنمية معرفة الشباب بأهمية الصفحات المعنية بالمجالات الثقافية والدينية ومدى تأثيرها على تفكيرهم ونظرتهم الإيجابية للحياة.
- ضرورة الإشراف من قبل السلطات المسؤولة على شبكات التواصل الاجتماعي المعنية بالمعلومات الثقافية والدينية وعدم تركها بلا رقابة.