على الرغم من الانعكاسات الإيجابية التي واكبت ظهور وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، لكن صاحبها في الوقت ذاته مظاهر سلبية نتيجة سوء استخدامها من جانب البعض، خاصة مع ما أتاحته من إمكانية تحقيق التواصل العابر للحدود وما استتبعه من عولمة ثقافية وغزو ثقافي لجأ هؤلاء إلى تقليده في مجتمعاتنا العربية بشكل يتعارض مع عاداتنا وقيمنا وهويتنا.
ويُعد “تيك توك” أحد تطبيقات المنصات الاجتماعية التي استطاعت الاستحواذ على اهتمام ومتابعة الكثير من المستخدمين خاصة لما يُطلق عليه “يوميات التيك توك”.
وانطلاقًا من حرص مركز القرار للدراسات الإعلامية على رصد وتحليل الظواهر الإعلامية، فقد قام بتحليل المضامين المقدمة في اليوميات بهدف التعرف على سمات تلك المضامين، وطبيعة تفاعلات المستخدمين عليها، وذلك عبر تحليل مضمون عينة عشوائية بلغ قوامها (100) فيديو قصير من هذه اليوميات التي بثّها صُنّاع محتوى عرب، بجانب تحليل (5000) تعليق للمستخدمين على تلك الفيديوهات.
وحرص المركز في اختياره لليوميات أن تكون لحسابات تُمثل شخصيات من دول عربية مختلفة، وأيضًا تمتلك أعدادًا مليونية من المتابعين، إذ بلغ متوسط عدد متابعيها (4) ملايين متابع.
وانتهت الدراسة إلى مجموعة من النتائج، أبرزها ما يلي:
- جاءت النسبة الأكبر من اليوميات المُقدمة من قِبل صناع المحتوى العرب على منصة “تيك توك” غير هادفة، وغابت عنها المسؤولية الاجتماعية، مما يُدلل على أنهم يسعون إلى الشهرة والمكسب المادي على حساب القيم والمبادئ. وفي سبيلهم لتحقيق ذلك قاموا بما يلي:
- “تسليع الأطفال” عبر استخدامهم في اليوميات من أجل جذب هذه الفئة العمرية من المتابعين.
- إهانة الزوجين لبعضهما سواء بالسب أو عمل المقالب السخيفة أو الاستهزاء والتنمر من أجل الحصول على إعجاب المتابعين.
- السماح بإهانة الأبناء لآبائهم والتنمر عليهم.
- تعزيز السلوك الاستهلاكي.
- خداع المتابعين بإظهار نمط معيشي غير حقيقي، مما قد يُؤدي إلى إشاعة حالة من عدم الرضا عند المتلقين.
- تضمنت اليوميات العديد من السلوكيات التي تُؤثر سلبًا على نسق العلاقات الأسرية السوية، مثل التنمر بين الإخوة، وعدم احترام الأبناء لآبائهم، فضلًا عن غياب الاحترام المتبادل بين الزوجين.
- يعمل هذا النمط من المضامين المبتذلة على تسطيح الفكر في المجتمعات؛ وأيضًا التقليل من قيمة العمل نتيجة تعرض المتابعين لنماذج من صناع المحتوى التافه الذين يحصلون على أموال ضخمة دون عناء.
- أظهرت النتائج أن اليوميات الهادفة حظيت بمتوسطات (إعجاب – حفظ بالمفضلة – تعليقات) أكبر من تلك غير الهادفة. مما يُدلل على أن المضمون البنّاء المفيد جاذب للمتابعين.
وبناءً على ذلك أوصت الدراسة بأهمية مقاطعة يوميات التيك توك غير الهادفة التي تنشر محتويات تافهة وسطحية أو غير أخلاقية وتُروج لعادات سلبية وسلوكيات تتعارض مع تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف وعاداتنا وقيمنا الاجتماعية.
في المقابل، أكدت الدراسة ضرورة تشجيع المضامين الهادفة التي تُعزز القيم وتنشر السلوكيات الحميدة، خاصة مع إثبات نتائج الدراسة أن اليوميات الهادفة حققت نسب مرتفعة من النشاط والتفاعلية من جانب المتابعين، أي أن هذه المضامين تُحقق الشهرة والمكسب المادي أيضًا ولكن بطريقة مفيدة للمجتمع.
تفاصيل الدراسة على الرابط أدناه: