شهدت السنوات الأخيرة مرحلة اندماج وتكامل بين تكنولوجيا الاتصال والمعلومات، وقد أثار هذا التطور المذهل مجموعة تحديات، أبرزها تنامي استخدام تقنيات الاتصال الإلكتروني وظهور جيل جديد يتفاعل مع الإعلام الإلكتروني يُسمى بالجيل الشبكي أو جيل الإنترنت، وأتاحت وسائل التواصل الاجتماعي مجتمعا افتراضيا وفّر للمستخدمين بنية تفاعلية افتراضية، استحوذت على مساحة واضحة من وقت واهتمام وعقول المستخدمين، هذه البنية التفاعلية استقطبت العديد من الفئات العمرية دونما اعتبار للفوارق الجغرافية والدينية والعرقية والجنسية والسياسية والاقتصادية، مما أدى إلى خلق حالة من السيولة والتداخل والامتزاج ما بين الاتصال الذاتي والشخصي والجمعي والجماهيري في بيئة واحدة، أعادت تشكيل الحياة الاجتماعية والاتصالية للفرد، وأسهمت في التأثير على منظومة القيم والأخلاق التي تُشكل سلوك الفرد.
ويُعد “سناب شات” أحد أهم تطبيقات التواصل الاجتماعي، حيث ينشط 178 مليون شخص على هذه المنصة يوميا، كما يقضي المستخدمون أكثر من 30 دقيقة في المتوسط على التطبيق يوميًّا، ويفتحونه أكثر من 25 مرة في اليوم الواحد.
وتشير منصة “adespresso” المتخصصة في التسويق إلى أن هناك أكثر من 10 مليارات مشاهدة فيديو يومية على سناب شات، وأن 18% من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي يستخدمون “سناب شات” أيضًا.
واكتسب تطبيق سناب شات شعبيته الكبيرة بسبب اهتمامه بالتواصل المرئي من خلال إرسال واستقبال الصور ومقاطع الفيديو، مع إمكانية إضافة تأثيرات مختلفة عليها بواسطة الفلاتر والملصقات والرموز التعبيرية، مما جعله تطبيقا جاذبا، خاصة لفئة الجمهور الأصغر سنًّا، حيث أشار مسح أجراه مركز بيو الأمريكي للأبحاث إلى أن 78% من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 إلى 24 عامًا يستخدمون تطبيق سناب سات.
وبالنسبة للمملكة العربية السعودية، فقد أوضحت دراسة أجرتها شركة الأبحاث البريطانية “Global Web Index” أن السعوديين هم أكثر الشعوب العربية استخدامًا لتطبيق “سناب شات”، كما احتلوا المركز الثاني عالميًّا بعد الأيرلنديين، وطبقًا للتقرير الصادر عن “Hootsuite” و”We are social” خلال الربع الأول من عام 2019 فإن عدد مستخدمي سناب شات في المملكة وصل إلى 13.65 مليون شخص، تُمثل الإناث نسبة 51% منهم.
“مشاهير” سناب شات:
نظرًا للمكانة التي حصل عليها سناب شات كوسيلة تواصل اجتماعي رئيسية عند المواطن السعودي، فقد ظهر مصطح جديد ارتبط بهذه الوسيلة أُطلق عليه اسم “مشاهير السناب شات”، وهو مصطلح وصفي يُطلق على الأشخاص الذين يملكون أعدادًا ضخمة من المتابعين على حسابهم على السناب، إلا أنه سرعان ما تحول لمصطلح وظيفي، بعدما تم استغلال بعض الـ”سنابيين” لميزة كثرة متابعيهم في أغراض تجارية ربحية بشكل لا يخلو من الانتهازية.
فمع تزايد شهرة نجوم السناب شات، لجأت بعض المؤسسات الربحية إلى الحسابات الأكثر شهرة في مواقع التواصل الاجتماعي لتمرير إعلانات ترويجية لخدمات أو سلع نظرًا لتوافر قاعدة “عريضة” من المتابعين، تضمن تحقيق نسبة مشاهدة عالية.
وعلى الرغم من تحوّل بعض “المؤثرين الجدد” من الترفيه إلى عالم البزنس (من منطلق تجاري بحت) تماشيًا مع مبدأ المكسب وتغليب المصلحة الخاصة على حساب المتابعين، يوجد “سنابيون” آخرون يعملون على تطويع حساباتهم لتعزيز العمل الإنساني وخدمة قضايا المجتمع.
فقد أجرت المكتبة الوطنية الأمريكية للطب دراسة تهدف إلى التعرف على جدوى وفعالية تطبيق وسيلة التواصل الاجتماعي “سناب شات” في زيادة الوعي بين الطالبات السعوديات في منطقة الدمام بالمملكة العربية السعودية بمرض سرطان الثدي، وخلصت الدراسة إلى وجود تحسن كبير في الوعي بالمرض بسبب التعرض لتطبيق السناب، وأوصت بإمكانية استخدام التطبيق بشكل فعال في خلق وعي بسرطان الثدي بين سكان المملكة.
هذه النتيجة تُدلل على فعالية وتأثير وسائل التواصل الاجتماعي، ومنها السناب شات، ومدى إمكانية الاستفادة منها في تحسين الوعي المجتمعي وزيادة المعرفة بشكل هادف وتنموي، وأيضًا إمكانية استخدامها بفاعلية في مختلف المجالات مثل خدمات الرعاية الصحية والتعليمية والبيئية والاجتماعية، وزيادة الحس الوطني والتلاحم الشعبي.. وغيرها من المجالات.
لذلك فإن تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي تمتلك مميزات هائلة يمكن الاستفادة منها، ولكن ما يجب مواجهته هو الاستخدام السيئ لها واستغلالها من قِبل البعض لتحقيق مكاسب شخصية مادية ومعنوية تتحكم فيها الأهواء، مما يستوجب تقنين استخدامها تجاريًّا ودعائيًّا عبر سن القوانين الناظمة لها.
انتهازية المشاهير:
نظرية “الاستخدامات والإشباعات” هي إحدى النظريات المفسرة لأسباب التعرض لوسيلة إعلامية والعزوف عن أخرى، ووفقًا للنظرية فإن الجمهور يلجأ للتعرض إلى الوسيلة التي تُحقق له نوعًا من الإشباع النفسي عبر مضمونها الذي يُشبع رغباته. ومن هذا المنطلق فإن مستخدم السناب شات يجد إشباعًا لرغباته وشعورًا بالرضا وتحقيقًا لذاته نتيجة استخدامه له.
وفي عام 2018 عرض موقع “Crowd analyzer” تقريرًا يُوضح اهتمامات المستخدمين السعوديين لتطبيق سناب شات، حيث تصدرت اهتمامات المرأة (الأزياء والموضة وأدوات التجميل) قائمة الاهتمامات، واستحوذت الخدمات الاستهلاكية على الاهتمام الأكبر من قِبل المستخدمين السعوديين.
وقد استغل بعض “المشاهير” ميزة الوجود الكثيف للمتابعين على حساباتهم بشكل انتهازي، واعتمدوا على الطبيعة الاستهلاكية لفئة كبيرة من المجتمع السعودي، فتحوّل “المشهور” من مجرد نافذة تُقدم محتوى ترفيهيًّا أو جادًّا مفيدًا إلى معلن يُخاطب الدوافع والميول الاستهلاكية لدى المواطنين لتحقيق غاياته الغرائزية، سواء المادية عبر كسب المال أو المعنوية من خلال تحقيق الشهرة أو كليهما معًا، دون مراعاة للمعايير المهنية والأخلاقية.
واتبع “مشهور” السناب أسلوبين في تقديم المنتج الإعلاني، الأول مباشر وصريح وواضح أنه إعلان، وفي هذه الحالة تكون مخاطر الإعلان قليلة لكون المشاهد على علم ودراية بفحوى المحتوى أنه إعلاني، ومن الطبيعي أن يتم التركيز فيه على الجوانب الإيجابية التي قد تصل لحد المبالغة.
أمَّا الأسلوب الآخر فيتمثل في الإعلان الضمني غير المباشر الذي يصل سعره إلى ضعف الإعلان المباشر لكون المشهور لا يُصرح بأنه يُقدم إعلانًا، ولكنه يتحدث عن المنتج كتجربة شخصية مر بها، وهنا تكمن الخطورة، حيث يقوم المشاهد بتجربة هذا المنتج بناءً على نصيحة “مشهور” السناب دون الالتفات إلى احتمالية المبالغة في مواصفات المنتج لكون المحتوى المقدم له ليس إعلانًا، ممَّا قد يتسبب له في الكثير من المشكلات نتيجة عدم تأكد المُعلن من جودة المنتج ومدى صلاحيته، فضلًا عن عدم تخصصه.
وهنا يجب التأكيد على أن “مشاهير السوشيال ميديا”، قد طرقوا باب الدعاية والإعلان للترويج للمنتجات والخدمات بشكل ارتجالي وعشوائي بعيدًا عن المهنية والمصداقية واتباع القواعد الناظمة في هذا الصدد.
وفي أغلب الحالات يكون مشهور السناب “المُعلن” ليس من الإعلاميين أو الدارسين لفن الدعاية والإقناع والعارفين بقواعده الناظمة وقوانينه الحاكمة وأخلاقياته الواجبة، كما أنه فاقد للخبرة المهنية، وهذا ما يُفسر سبب افتقار معظم الإعلانات على السوشيال ميديا إلى المعايير المهنية والأخلاقية والتنظيمية، الأمر الذي أوجد حالة من الفوضى وغياب المصداقية، وتسبب في حدوث أضرار اجتماعية واقتصادية وصحية، فنجد البعض منهم يُروج لمنتج ما دون التأكد من جودته وصلاحيته للاستخدام، والبعض الآخر قد يُمرر رسالة ضمنية أو مباشرة تتنافى مع العادات والتقاليد السائدة في المجتمع، سواء تم ذلك عمدًا أو بشكل غير مقصود منهم، فلا يهمهم المحتوى الذي يقدمونه بقدر انشغالهم بجني الأموال التي وصلت لأرقام مبالغ فيها.
الخطير في الأمر أن اللا مبالاة التي يتبعها بعض “مشاهير” السناب شات في إعلاناتهم وعدم تأكدهم من مصداقية ما يُعلنون عنه قد تؤدي إلى كوارث، فمن الممكن أن تُنهي حياة إنسان بسبب تناول وجبة غذائية غير صحية، أو تتسبب في تشوهات جسدية نتيجة استخدام منتج تجميلي غير موثوق المصدر، كما أنها قد تؤدي إلى إثارة الفتن أو تهديد استقرار المجتمع عندما يتم تمرير رسالة غير مسؤولة تتعلق بملفات حساسة مثل الدين والعرق واللون وغيرها من أمثلة.
التحول من الاتصال الشخصي إلى الاتصال الجماهيري:
لقد فرضت التطورات المتلاحقة في وسائل التواصل الاجتماعي نفسها كأمر واقع على العالم كأداة إعلامية جديدة، وعلى الرغم من المميزات العديدة التي أتاحتها تلك الوسائل -ولا يمكن تجاهلها بأي حال من الأحوال-، فإنها لم تخلُ من سلبيات، سواء تلك المتعلقة بسوء الاستخدام أو عشوائيته الناتجة عن الفردية وعدم وجود ضوابط قانونية ومنهجية تحكمه.
تلك الفردية جعلت من الشخص وسيلة تتحكم فيها الطبائع البشرية والأهواء الشخصية والمطامع الذاتية مثل حب الشهرة وكسب المال، دون وجود مرجعية قانونية ضابطة، والاكتفاء بالمرجعية القيمية فقط والتي تختلف من شخص لآخر.
هذا الوضع يمكن التغاضي عنه في حالة التواصل الشخصي بين الأصدقاء أو العائلة، لكنه لا يستوي عندما يتحول الشخص إلى شخصية عامة –وفق مفهومها الجديد في وسائل التواصل الاجتماعي والقائم على عدد متابعي حسابه– لأنه في هذه الحالة يدخل تحت بند الشخص الفاعل صاحب التأثير الذي قد يلقى تفاعلًا بالقدر الذي تُحدثه مؤسسة، وبالتالي تُصبح الرسالة التي يبعث بها ليست شخصية وإنما جماهيرية، وتنتفي عنه صفة الفردية، مما يُحتم عليه الخضوع لمؤسسات الدولة المعنية.
في هذا الإطار، أظهرت دراسة بعنوان “تأثير استخدام شبكات التواصل الاجتماعي على تشكيل النسق القيمي الأخلاقي للشباب السعودي” أن مواقع الواصل الاجتماعي استطاعت أن تخلق مجالًا عامًّا أحدث للشباب تأثيرًا على النسق القيمي الأخلاقي لديهم، وأكدت أنه كلما زاد استخدام الشباب لشبكات التواصل الاجتماعي زادت التأثيرات المعرفية والوجدانية والسلوكية. وأوصت بضرورة الانتباه لخطورة تأثير وسائل التواصل الاجتماعي، مؤكدة أن التوقعات المستقبلية تؤكد استمرار استخدامها والاعتماد عليها من قِبل الجمهور.
وللأسف الشديد ما زالت تطبيقات التواصل الاجتماعي مثل السناب شات وتویتر وفیسبوك تقوم على اجتهادات شخصية لا تعي أھمیة وظیفة الإعلامي أو الصحفي، لذلك نرى العدید من التجاوزات التي تحدث بشكل مستمر وتكون شديدة الخطورة في بعض الأحيان نتيجة نقص الخبرات التي لا تعفي من المسؤولية وضرورة تحمل العواقب. فـ”مشاهير السوشيال ميديا” خلال تعاملهم مع جمهورهم غير المحدد وفق تقسيم معين، لا يدركون أنهم تخطوا فكرة الاتصال الشخصي أو حتى الجمعي إلى رحاب الاتصال الجماهيري، وتحولت رسالتهم من الفردية إلى الجماهيرية، ممَّا يُحتم عليهم مراعاة تقديم محتوى صادق ومسؤول.
الخلاصة:
لا شك أن المملكة تشهد تغييرًا جذريًّا في العديد من القطاعات، عبر سياسة التحديث التي تتبناها الدولة وتعمل على تحقيقها وفق رؤية 2030، وأصبح المجتمع السعودي أكثر انفتاحًا وتقبلًا للأفكار الجديدة، وسيكون لوسائل التواصل الاجتماعي دورٌ مؤثرٌ بكل تأكيد في مسيرة البلاد نحو الحداثة والتحول الاجتماعي.
إلا أن الحداثة هذه لا تعني الترويج والدعوة لما هو خارج عن أخلاقيات وتقاليد المملكة وتعاليم الدين الإسلامي الحنيف، كما أن هذه الرؤية المنفتحة على الآخر يجب أن تُواجه الأفكار العنصرية الهدامة والمتخلفة، وتقف حجر عثرة أمام كل ما يستهدف التفرقة بين مكونات الشعب الواحد ويُهدد أمنه واستقراره ووحدته..
لذا يجب أن تكون هناك ضوابط ومعايير قانونية وأخلاقية حاكمة لـ “مشاهير” وسائل التواصل الاجتماعي وللمحتوى الذي يُقدمونه، والانتباه إلى أن البعض منهم أصبح له تأثير على شرائح -لا يستهان بها- من المجتمع، مما یستوجب ضرورة تدخل وزارة الإعلام لتنظيم عمل هؤلاء “المشاهير”، وذلك للحد من تأثیرهم السلبي الذي یمس المجتمع.
ورغم وجود عدة أجهزة معنية بهذا الملف، فإنه من المفيد الاستعاضة عنها بإنشاء جهاز رقابي موحد ومتخصص في التحقيق في الانتهاكات والجرائم التي تُرتكب عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويكون معنيًّا بمراجعة المحتوى المقدم فيها، ووضع آليات لضبط وتقنين عملية التسويق الإلكتروني بكل مكوناتها، سواء المعلن أو صاحب المنتج… وغيرها. مع اشتراط ألا يتضمن الإعلان ما يخالف أحكام الشريعة الإسلامية والآداب العامة أو يهدد السِّلْم المجتمعي، وتكون المعلومات الواردة في الإعلان موثوقة ودقيقة وصادقة ويمكن إثباتها.
من المهم أيضًا أن تعمل وزارة الإعلام على توفير وِرَش عمل لتدريب هؤلاء “المشاهير” على فنون ومهارات العمل الإعلامي والإعلاني، وإعطائه شهادة تفيد اجتيازه لهذه الدورات التدريبية، على أن تكون هذه الشهادة ضرورية وشرطًا لمن ينوي الدخول منهم في المجال الدعائي أو الإعلامي.
كما يجب إلزام “المشاهير” بمواقع التواصل الاجتماعي داخل الدولة، بالحصول على تراخيص حال تقديمهم إعلانات وتقاضي مقابل مالي، وألا یُترك المجال مفتوحًا أمام الجمیع، الأمر الذي سیكون له نتائج سلبیة مستقبلًا، على أن يكون الترخيص مشروطًا بمسؤولية المُعلِن عن توفير الحماية للمستهلك، من خلال تأكده من مصدر السلعة المعلن عنها وجودتها، حتى لا يكون المستهلك هو الضحية. مع الوضع في الاعتبار ضرورة فوترة تكاليف الإعلانات ودفع ضرائب عليها لصالح الدولة، حتى يتم مأسسة العملية كلها، مع التزام المعلن بالتوضيح -بشكل لا لبس فيه- للمشاهد أن المحتوى الذي يقدمه هو إعلان.
ختامًا.. فإن من الأهمية بمكان التأكيد على أن أعداد المتابعين ليس معيارًا لتحديد إذا ما كان صاحب الحساب من المؤثرين، إذ كشفت نتائج تقرير استقصائي نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” عن وجود العديد من الشركات التي تعمل في مجال بيع المتابعين وتزييف الإعجابات والمشاهدات، ولم يقتصر الأمر على الأشخاص العاديين فقط، بل إن هناك الكثير من السياسيين والفنانين وغيرهم من عملاء شركات بيع المتابعين المزيفين، وأن أغلب “المؤثرين” على وسائل التواصل الاجتماعي يشترون متابعين مزيفين بالملايين.
وفيما يتعلق بالمضمون المُقدم، فمن الملاحظ غلبة المحتوى التافه والمبتذل على حسابات الكثير من المشاهير، لكون هذه النوعية من المضامين قد تُحقق نسبًا عالية من المشاهدات، ولكنها لا تعكس بالضرورة حجم المتابعين الحقيقيين للحساب.
ويلجأ بعض السنابيين إلى هذا النوع من المحتوى من أجل جذب العلامات التجارية للقيام بالإعلان عن منتجاتها، وذلك بعد إغرائها بعدد المشاهدات الضخم –الذي قد لا يتوافر إذا قدموا محتوًى جادًّا وهادفًا-، وبالتالي فإن بعض السنابيين يستخدمون متابعيهم كسلعة ترويجية لأنفسهم من أجل زيادة شهرتهم وتحقيق المكسب المالي. وقد وصل الأمر بهم إلى التباهي بحجم مشاهدات ما ينشرونه على حساباتهم وتحدِّي بعضهم وبعض.
وهناك مجموعة من الأدوات التي يلجأ إليها السنابيون من أجل استمالة المتابعين، منها:
1- كاريزما الإقناع: وهي ميزة يمتلكها بعضهم، إلا أنها لا تعني بالضرورة أنهم يُقدمون محتوى هادفا. فعميلة التضليل تدخل ضمن نطاق القدرة على الإقناع، ولذلك غالبًا ما يعتمدون على الاستمالات العاطفية والغرائزية من أجل التأثير في المتلقي.
2- الجرأة: يلجأ البعض إلى تقديم محتوى جريء يتسم بالغرابة والأفكار الشاذة عن المجتمع من أجل تحقيق نسب مشاهدة عالية، كما أنهم قد ينشرون محتوى يتضمن إساءة وتنمُّرًا، وفي بعض الحالات يكون غير لائق أخلاقيًّا.
3- التفاهة: وهي سمة يتميز بها بعض السنابيين الذين يُقدمون محتوى سطحيا يجذب الفئات العمرية الأصغر سنًّا.
4- فضول المتابعين: حيث يستغل بعض السنابيين فضول المتابعين، ولذلك يهتمون بنشر يومياتهم التي تنقل تفاصيل حياتهم الخاصة.
5- الطبيعة الاستهلاكية: يسعى السنابيون إلى استغلال الطبيعة الاستهلاكية لفئة كبيرة من المجتمع السعودي المواكب لعالم الموضة وكل ما هو جديد في المأكل والمشرب والملبس من أجل زيادة نسبة متابعيهم عبر نشر الإعلانات التجارية.
ووفقًا لـمدونة “Medium Well” للتكنولوجيا، فإن “سناب شات” اكتشفت كيفية استغلال المحفزات الاجتماعية للشباب والاستفادة منها، مشيرة إلى أن صناعة التكنولوجيا تتحمل مسؤولية الاعتراف بالجانب السلبي للتقنيات الجديدة، طارحة تساؤلًا مفاده: هل “سناب شات” يمثل تقنية تفيد أو تضر المستخدم؟ وما الذي يحصل عليه المستخدمون مقابل وقتهم واهتمامهم؟ لافتة إلى تنامي مشاعر القلق والتوقعات الاجتماعية السلبية المتزايدة والسلوك غير اللائق والتنمر والإدمان الذي يحرم المستخدمين من تجربة الحياة بشكل فعلي.
وتبرز في هذا الإطار الحاجة إلى زيادة الوعي بالنزاهة الأخلاقية في تصميم تطبيقات التواصل الاجتماعي، حتى تساعد على قضاء الوقت بشكل جيد وتعمل على تحسين نمط الحياة.