مع الانتشار الكبير لفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، تسعى الكثير من الحكومات والشركات والمنظمات، إلى اتخاذ ترتيبات لاستيعاب العمل عن بُعد، من أجل الموازنة بين هدفين، وهما الحدّ من انتشار ذلك الوباء المميت، والمساعدة أيضاً في الحدّ من تأثيره على بيئة العمل والإنتاجية.
وقد أتاح التقدّم التكنولوجي تنظيم المؤتمرات والاجتماعات عن بُعد وباستخدام الفيديو، لتسهيل تلك المهمة، وباتت آليات التواصل عن بُعد متاحةً وفي متناول اليد قبل فترة طويلة من تلك الأزمة الصحية التي تجتاح العالم.
كما أصبحت تلك التقنيات مهمةً لمجموعة واسعة من الأسباب، من بينها توفير مرونة للموظفين للعمل عن بُعد من المنزل، ومساعدة الشركات والمنظمات التي لديها مكاتب في مواقع متعدّدة، وأيضاً التواصل مع العملاء والشركاء الرئيسيين في جميع أنحاء العالم.
وقد أدى الإقبال الواسع من قبل الشركات على استخدام تلك الآليات التكنولوجية، إلى التنافس الكبير بين مطوّري تلك الخدمات.
اجتماعات أممية وحكومية وقمم دولية عبر الفيديو
فرض الواقع الجديد الذي أحدثه الوباء، تغييراتٍ جذريةً على أنماط العمل، لم تكن الحكومات والمنظمات الدولية بمعزل عنها، ورغم استخدامها لتلك التقنيات في الماضي، لكنها كانت بشكل محدود وعلى نطاق ضيّق من حيث حجم المشاركين، فلم يَحدُث من قبلُ أن عُقِدَت قمةٌ دولية افتراضية، أو عَقدت منظمةٌ دولية اجتماعاتِها من المنازل.
وفي 23 مارس الماضي، عَقد مجلسُ الأمن الدولي للمرة الأولى في تاريخه، جلسةً عبر الفيديو دامت لأكثر من 4 ساعات، وأجريت الجلسة بمشاركة سفراء أو مساعدين محجورين داخل بيوتهم، ومن خلف شاشات حواسيبهم.
وأُجريت كافة المداخلات بالإنجليزية، حيث لم تكن الترجمة ممكنة، لصعوبات تقنية مرتبطة بها، ما حال دون استخدام اللغات الرسمية الخمس الأخرى للمجلس، وهي الصينية والروسية والعربية والإسبانية والفرنسية.
واستغرق الاجتماعُ هذا الوقتَ الطويل بسبب الانقطاع المتكرّر للجلسة، على خلفية صعوبات تقنية تمثّلت في انقطاع الإنترنت ومشاكل في الكهرباء.
واعتاد مجلس الأمن على التواصل مع مشاركين في جلساته عبر الفيديو، لكن “لم يَسْبِق في التاريخ” أن عَقَد لقاءً لأعضائه الخمسة عشر بهذه الطريقة.
وفي اليوم التالي لذلك الاجتماع، عَقَدت المملكة العربية السعودية رئيسةُ مجموعة العشرين، قمةً استثنائية افتراضية، برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، لمناقشة تفشّي فيروس كورونا، وخرجت القمة التي عُقِدت عبر دائرةٍ تلفزيونية مغلقة، بِمُقرّرات مهمة، من أبرزها ضَخّ أكثر من خمسة تريليونات دولار في الاقتصاد العالمي، للحدّ من ضياع فرص العمل ونقصان الدخل نتيجة تفشّي الوباء، والالتزام باتخاذ وتطبيق كافة الإجراءات الصحية الضرورية للحدّ من انتشار الفيروس.
ولجأت العديدُ من الحكومات إلى عَقد اجتماعاتها عبر استخدام تقنيات الفيديو، وهو ما جرى في روسيا وسوريا ومصر والإمارات وغيرها من الدول حول العالم، وفي الماضي كان الاعتماد على تقنيات الفيديو كونفرانس مقتصراً على مداخلات محدودة في اجتماعات منعقدة بحضور فعلي لأطرافها.
برنامج Zoom Meeting.. استخدام كثيف وثغرات أمنية
يتيح برنامج “زووم ميتنج – Zoom Meeting” عقد مؤتمراتٍ والتواصلَ عبر الفيديو باستخدام أجهزة سطح المكتب والهواتف النقالة، بطريقة سريعة وسهلة للغاية، ويتضمّن مجموعةً واسعة من الميزات القابلة للتطوير.
فالبرنامج لا يوفر فقط الفيديو والصوت عاليي الدقة، ولكن يمكنه دعم ما يصل إلى ألف مشارك في نفس الوقت، وما يصل إلى 49 مقطع فيديو على شاشة واحدة، كما يمكنه حفظ الاجتماعات بواسطة “التخزين السحابي – Cloud storage”، وعلاوة على ذلك، تسمح ميزة الدردشة الجماعية بمشاركة الملفات، وتاريخ قابل للبحث، وأرشيف لمدة 10 سنوات.
ويوفّر الإصدار المجاني من التطبيق عدداً من الميزات، فهو قادر على استيعاب ما يصل إلى 100 شخص لمدة تصل إلى 40 دقيقة، أما الإصدارات المدفوعة فتبدأ من 14.99 دولاراً في الشهر.
وفي الشهر الماضي، ارتفع عدد الزيارات اليومية لصفحة تنزيل التطبيق بنسبة 535٪، وفقاً لتحليل من شركة “سميلار ويب – SimilarWeb” للإحصائيات، وأصبح التطبيق الأكثر تنزيلاً على أجهزة “آي فون – iPhone” في بريطانيا منذ أسابيع، وفقاً لشركة أبحاث سوق تطبيقات الهاتف النقال “سينسور تاور – Sensor Tower”.
بل إن السياسيين والشخصيات البارزة بما في ذلك رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، ورئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي السابق آلان جرينسبان، وغيرهما، يستخدمون التطبيق لعقد المؤتمرات أثناء عملهم من المنزل.
لكن باحثين أمنيين وصفوا تطبيق زوم Zoom بأنه كارثي فيما يتعلق بالخصوصية، كما أن هناك ادعاءات بأن الشركة تسيء التعامل مع بيانات المستخدمين.
ففي 30 مارس، أعلن مكتب التحقيقات الفيدرالي أنه يحقق في زيادة حالات تهكير اجتماعات الفيديو، والمعروفة أيضاً باسم “قنابل الزوم – Zoom bombing”، حيث يتم التسلّل إلى اجتماعات الفيديو، والصراخ غالباً بالهتافات العنصرية أو التهديدات.
يمكن الوصول إلى اجتماعات Zoom من خلال عنوان URL قصير يستند إلى الرقم، والذي يُمكِن إنشاؤه وتخمينُه بسهولة من قِبل المتسلّلين، وذلك ما وجده تقرير شهر يناير من شركة Checkpoint الأمنية.
وأصدرت Zoom إرشادات في الأيام الأخيرة حول كيفية منع الضيوف غير المرغوب فيهم من تعطيل اجتماعات الفيديو.
كما تم الإبلاغ عن عدد من العيوب الأمنية التي تؤثر على “زووم – Zoom”، إذ تم الكشف عن أن البرنامج أو التطبيق قام بتثبيت خادم ويب مخفي في أجهزة المستخدم، والتي يمكن أن تسمح بإضافته إلى مكالمة دون إذنه، كما يسمح خطأ تم اكتشافه مؤخراً القراصنةَ بالاستيلاء على جهاز Mac الخاص بمستخدم Zoom، بما في ذلك النقر على كاميرا الويب واختراق الميكروفون، إلا أن الشركة أعلنت أنها وجدت حلاً لتلك المشكلة.
ويرى بعض الخبراء ومن بينهم أرفيند نارايانان، أستاذ علوم الكمبيوتر المساعد بجامعة برينستون، أن المشاكل الأمنية المتصلة بزووم تجعله ضاراً مثل البرامج الخبيثة.
كما تمّ انتقاد زووم بسبب ميزة “تتبع الانتباه – attention tracking”، والتي تتيح للمضيف معرفة ما إذا كان المستخدم ينقر بعيداً عن نافذة Zoom لمدة 30 ثانية أو أكثر.
وتسمح هذه الميزة لأرباب العمل بالتحقّق مما إذا كان الموظفون منضبطين حقاً في اجتماع العمل أو إذا كان الطلاب يشاهدون حقاً العرضَ خلال التدريس عن بُعد.
كما كشف تقرير لموقع “مذر بورد – Motherboard” التقني، أن زووم يُرسل بيانات من مستخدمي التطبيق على أنظمة iOS إلى فيسبوك لأغراض إعلانية، حتى إذا لم يكن لدى المستخدم حساب فيسبوك.
منصّات متعددة لعقد الاجتماعات عبر الإنترنت
توجد العديد من المنصّات التي تتيح عقد الاجتماعات عبر الإنترنت دون القلق بشأن المشكلات الفنية أو إمكانية الوصول أو التكلفة، ومن أبرزها ما يلي:
تطبيق GoToMeeting
خدمة تقدّمها شركة “لوج مي إن- LogMeIn” لعقد مؤتمرات صوتية ومرئية، بالإضافة إلى مشاركة الشاشة، ومن أهم مميزات تطبيق GoToMeetings ملاءمته للهواتف النقالة، بحيث يمكنك إعداد وبدء مؤتمر من هاتفك الذكي، ويوفر التطبيق أيضاً إعدادات لزيادة جودة المكالمة والصورة، بالإضافة إلى توجيه دعوات بنقرة واحدة، للانضمام إلى الاجتماعات وكذلك الدردشات.
وتوجد إصدارات من التطبيق تُلائم نظامي التشغيل “أندرويد- Android” و”أي أو إس- iOS”. وتكلفته الشهرية 14 دولاراً في الشهر، وفي حال الاشتراك السنوي يتم احتساب الشهر بقيمة 12 دولاراً.
برنامج CyberLink U Meeting
يعتمد برنامج CyberLink U Meeting على الإنترنت بالكامل، وقد يؤدي هذا إلى محدودية بعض المستخدمين، ولكنه يتضمن ميزة، لأنك لن تحتاج إلى تنزيل أي برامج إضافية لاستخدامه، لكنه لا يوفر ميزة تسجيل الفيديو أو القدرة على الاتصال بالاجتماعات باستخدام أنظمة الاتصال الصوتي عبر بروتوكول الإنترنت (VoIP).
والنسخة المجانية تتيح التواصل بين 25 مشاركاً، ومدة 30 دقيقة لكل اجتماع، أما الإصدار المدفوع “Pro 50” فتبلغ تكلفته 29.99 دولاراً لكلّ مضيف في الشهر، ويتيح تواصل 50 مشاركاً، و24 ساعة لكل اجتماع، وأدوات إدارية وكاميرا عالية الدقة.
برنامج Blue Jeans
عبارة عن منصة لمؤتمرات الفيديو، لا يوفر البرنامج خدمة مجانية، ولكنه يقدم نسخة تجريبية مجانية لمدة 30 يوماً، وتبلغ تكلفة أقلّ إصدارته 14.99 دولاراً شهرياً لكلّ مستخدم.
يمكن للمستخدمين حضور ما يصل إلى 50 شخصاً، والاتصال من أيّ جهاز كمبيوتر أو هاتف بنظام iOS أو Android، وتتضمن جميع الاجتماعات أرقام الاتصال.
ويبدو أن لدى Blue Jeans مزايا أقلّ من بعض أقرب منافسيها، ولكن يتمّ تجاهل هذا بسبب جودة نظامه، إلى جانب حقيقة أن المستخدمين يمكنهم الاستفادة من الإصدار التجريبي المجاني لمدة 30 يوماً لمعرفة ما إذا كان يناسب احتياجاتهم.
تطبيق Skype for Business
يتيح تطبيق Skype for Business التعاون والتواصل مع ما يصل إلى 250 شخصاً عبر الإنترنت، ويوفر البرنامج أيضاً ميزات رائعة مثل الأمان على مستوى المؤسسات، والتخزين السحابي، والتشفير والتوافق من طرف إلى طرف (من جهاز إلى جهاز)، والدعم الفني عند الطلب.
ويوجد من التطبيق 3 إصدارات، الأول بسعر 5 دولارات لكلّ مستخدم شهرياً، والثاني بسعر 8.25 دولارات، والثالث بسعر 12.50 دولار.