تعد التنمية المستدامة من أهم القضايا التي تشغل العالم اليوم، حيث تستهدف تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية والحماية البيئية. وفي ظل التطور السريع لوسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي أصبحت شبكات التواصل الاجتماعي تؤدي دورًا حاسمًا في تشكيل وجهات نظر الأفراد وتأثيرهم على المجتمع لا سيما المجتمع السعودي، لذا يأتي دورها المهم في توعية هذا الجمهور بقضايا التنمية المستدامة، حيث توفر منصة قوية للمعلومات وللتواصل حول هذه القضايا الحيوية.
وفي هذا الإطار، نشرت المجلة المصرية لبحوث الإعلام في عددها الصادر في أكتوبر/ديسمبر 2024، دراسة بعنوان “دور شبكات التواصل الاجتماعي في توعية السعوديين بالتنمية المستدامة” من إعداد حصة عبد الله الحبيل، باحثة الدكتوراه في مجال العلاقات العامة والإعلان بجامعة القاهرة، والتي نستعرضها على النحو التالي:
- عينة الدراسة
اعتمدت الدراسة على عينة قوامها 400 مفردة من الجمهور السعودي من الفئة العمرية 18 سنة فما فوق من مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي، وقد شكل الذكور 35.2% من العينة مقابل الإناث 64.8%.
ومثلت الفئة من 29 إلى 39 سنة (42.3%) من عينة الدراسة، يليها الفئة من 40 سنة فيما فوق بنسبة 40.7%، ثم الفئة من 18 إلى 28 سنة بنسبة 17%. كما شكل الموظفون 65.8% من عينة الدراسة، يليهم الطلاب بنسبة 21.7%، وأخيرًا المتقاعدون بنسبة 12.5%.
- نتائج الدراسة
أوضحت نتائج الدراسة أن نسبة كبيرة من المبحوثين عينة الدراسة تتابع قضايا التنمية المستدامة من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، حيث بلغت نسبة متابعتهم المستمرة 45%، تليها متابعتهم المنتظمة بنسبة 35%، أما نسبة المبحوثين الذين لا يتابعون قضايا التنمية المستدامة من خلال شبكات التواصل الاجتماعي فبلغت 15%، بينما نسبة المبحوثين الذين يتابعون هذه القضايا بصفة غير منتظمة بلغت 5%، وهذا يشير إلى أنهم قد لا يحصلون على معلومات كافية حولها.
وحول أهم أسباب متابعة المبحوثين لقضايا التنمية المستدامة عبر شبكات التواصل الاجتماعي، جاء في الصدارة “التعرف على وجهات النظر المختلفة حول قضايا التنمية المستدامة” بنسبة 32%، يليه “تكوين خلفية حول قضايا التنمية المستدامة لتجنبها في المستقبل” بنسبة 24.7%، وفي المرتبة الثالثة “متابعة المستجدات كافة” بنسبة 18.5%، يليها “لزيادة معرفتي في هذه القضايا” بنسبة 12.5%، وفي المرتبة الخامسة “التعلم من الآخرين حول كيفية الإسهام في هذه القضايا” بنسبة 6.5%، وأخيرًا جاءت “المشاركة في نقاشات حول هذه القضايا” بنسبة 5.8%.
كما كشفت الدراسة أن ثقة المبحوثين في شبكات التواصل الاجتماعي كوسيلة في التعرف على قضايا التنمية المستدامة، ثقة كبيرة بنسبة 68.7%، تليها ثقة متوسطة بنسبة 22.8%، ثم ثقة ضعيفة بنسبة 8.5%.
وأوضحت نتائج الدراسة أن المبحوثين يستفيدون بشكل كبير من شبكات التواصل الاجتماعي في زيادة الوعي بقضايا التنمية المستدامة، حيث بلغت النسبة 91%، تأتي بعدها استفادة متوسطة بنسبة 6%، ثم استفادة ضعيفة في المرتبة الأخيرة بنسبة 3%، وهذه النتائج تشير إلى أن استخدام شبكات التواصل الاجتماعي يؤدي دورًا مهمًا في زيادة الوعي بقضايا التنمية المستدامة وتعزيز المعرفة والفهم حولها.
وحول أهم قضايا التنمية المستدامة التي أشار المبحوثون لمتابعتها من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، جاء في المركز الأول مكافحة الفقر بنسبة 40%، ثم التعليم (28.6%)، يليه التغير المناخي (10%)، ثم التقنية (7.8%) وفي المرتبة الخامسة الجوع والطاقة بنسبة (4.8%) لكل منهما على حدة، وأخيرًا الماء (4%).
أما عن أهم التحديات التي تواجهها شبكات التواصل الاجتماعي في تناول قضايا التنمية المستدامة، تصدرها “قلة المحتوى الموثوق به” بنسبة 39%، ثم “عدم وجود استراتيجية واضحة من الجهات المعنية مما يحد من فاعلية شبكات التواصل الاجتماعي في التوعية بقضايا التنمية المستدامة” بنسبة 22.7%، وفي المرتبة الثالثة كثرة المعلومات المغلوطة بنسبة 19.8%، وأخيرًا صعوبة التفاعل مع المحتوى بنسبة 18.5%.
وأظهرت نتائج الدراسة وجود علاقة ارتباطية ودالة إحصائيًا بين ثقة الجمهور السعودي في شبكات التواصل الاجتماعي ومستوى وعيهم بقضايا التنمية المستدامة، مما يعني أنه كلما زادت ثقة الجمهور السعودي في شبكات التواصل الاجتماعي زاد مستوى وعيهم.
كما أظهرت أيضًا وجود علاقة طردية بين دوافع استخدام الجمهور لمواقع التواصل الاجتماعي واتجاهاتهم نحو تأثيراتها في التوعية بقضايا التنمية المستدامة، أي كلما زاد معدل استخدام الجمهور السعودي لشبكات التواصل الاجتماعي زاد مستوى تأثير تلك الشبكات على اتجاهاتهم نحو مفهوم التوعية بقضايا التنمية المستدامة وجاء لصالح التأثيرات المعرفية على وجه الخصوص.
- توصيات الدراسة
قدمت الدراسة سلسلة من التوصيات تمثلت في زيادة الاعتماد على أدوات الإعلام الرقمي الرسمي في التواصل مع الجمهور سواء في المملكة العربية السعودية أو دول المنطقة العربية للتوعية بقضايا التنمية المستدامة، بالإضافة إلى تطوير آليات عمل شبكات التواصل الاجتماعي في الترويج لتلك القضايا، وذلك من خلال التدقيق في طبيعة المعلومات الواردة، والتحديث المستمر للمضامين، وزيادة آليات التفاعل مع الجمهور.
كما أوصت أيضًا بالاستفادة من شبكة التواصل الاجتماعي في التوعية بالمضامين المختلفة لرؤية المملكة 2030 من خلال عرض المحاور المختلفة لها، والأدوار التي من شأن الجمهور السعودي أن يقوم بها لتحقيق أهداف الرؤية الطموحة، فضلًا عن دعم جهود الجهات الحكومية والخاصة في إنتاج محتوى إعلامي متميز عن قضايا التنمية المستدامة على شبكات التواصل الاجتماعي. وكذلك تطوير آليات لمكافحة المعلومات المغلوطة حول قضايا التنمية المستدامة على منصات التواصل.