دراسات

اتجاهات الرأي العام السعودي نحو قضايا السياسة الخارجية

أصبحت تكنولوجيا الاتصالات أداة رئيسية في إدارة العلاقات الدولية حاليًا على مستوى الدول والشعوب، وعلى الرغم من الأهمية المتزايدة لمجال الدبلوماسية الرقمية التي تمارس بشكل أساسي من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، ودور ذلك النمط من الدبلوماسية في تشكيل الرأي العام المحلي والعالمي، لا تحظى الدراسات التي تركز على العلاقة بين الدبلوماسية الشعبية ومواقع التواصل الاجتماعي بكثير من الاهتمام، بل إن هذه النوعية من الدراسات لا تتوقف إلا بشكل نادر ومحدود للغاية عند الأدوات التي يوظفها كل من الدبلوماسيين من جهة والرأي العام من جهة ثانية في تفاعلهم اليومي مع بعضهم البعض.

وفي هذا الإطار، نشرت مجلة البحوث والدراسات الإعلامية في عددها الصادر في سبتمبر 2023، دراسة بعنوان ” اتجاهات الرأي العام السعودي نحو قضايا السياسة الخارجية.. دراسة تطبيقية على مساحات تويتر” من إعداد الدكتور عبد الله عبد المحسن العساف الأستاذ بكلية الإعلام والاتصال في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، حيث سعت للتعرف على الدور الذي يمارسه موقع التواصل الاجتماعي تويتر (إكس حاليًا)، في توفير مساحة حرة وجاذبة للرأي العام السعودي، بما يمكنه من تداول المعلومات والآراء والاتجاهات نحو مختلف القضايا.

  • عينة الدراسة

تم تطبيق الدراسة على عينة عمدية من الجمهور العام السعودي قوامها 420 مفردة من ساكني العاصمة الرياض، توزعت كالتالي 63.8% من الذكور مقابل 36.2% من الإناث. وشكّلت الفئة العمرية “من 25 عاما لأقل من 35 عاما” 46.4% من إجمالي العينة، يليها “الفئة من 35 عاما لأقل من 60 عاما” بنسبة 38.6%، وأخيرًا الفئة من 60 سنة فأكثر بنسبة 15%.

أما من حيث المستوى التعليمي، فشكّل الحاصلون على البكالوريوس 53.8% من إجمالي العينة، يليهم الحاصلون على ماجستير أو دكتوراه بنسبة 24.8%، وأخيرًا أصحاب المؤهلات المتوسطة بنسبة 21.4%.

ومن حيث مستوى الدخل، جاء في صدارة العينة، “الأشخاص الذين يتراوح دخلهم من 10 آلاف ريال إلى أقل من 20 ألف ريال” بنسبة 36.9%، تلاهم “الأشخاص الذين يتراوح دخلهم من 5 آلاف إلى أقل من 10 آلاف” بنسبة 36.4%، ثم “الأشخاص الذين دخلهم أقل من 5 آلاف ريال” بنسبة 15.7%، وأخيرًا “الأشخاص الذين دخلهم أكثر من 20 ألف ريال” بنسبة 11%.

  • نتائج الدراسة

أظهرت نتائج الدراسة تصدر المشاركة في نقاشات ومساحات تويتر (إكس حاليًا) للخدمات التي يفضل المبحوثون استخدامها على موقع التواصل الاجتماعي بنسبة 46.9%، يليها “الإعجاب أو التعليق ومشاركة تغريدات الآخرين” بنسبة 28.1%، وأخيرًا “كتابة التغريدات” بنسبة 25%.

أما على صعيد دوافع اعتماد المبحوثين على تويتر (إكس حاليا)، فجاءت عبارة “أفهم الأحداث من خلال المشاركة في نقاشات مساحات تويتر بنسبة 31%، يليها “لمعرفة الأخبار فور حدوثها” (27.9%)، ثم “الثقة في هذه الوسيلة” (19.5%)، وفي المرتبة الرابعة “أفهم الأحداث من خلال متابعة بعض المغردين بنسبة (13.6%)، وأخيرا “لمعرفة الأخبار بدقة” بنسبة (8.1%).

وحول معدل استخدام المبحوثين لمساحات الدردشة عبر تويتر، أوضح 65% أنهم يستخدمونها دائمًا، و22.1% أحيانًا، و12.9% نادرًا.

وفيما يتعلق بأكثر المساحات التي يحرص المبحوثون على متابعتها أو الاشتراك فيها عندما تناقش شأنًا سعوديًا، أظهرت النتائج ارتفاع اهتمام المبحوثين بعلاقات المملكة خارجيًا، حيث جاء في المرتبة الأولى “المساحات التي تناقش قضايا العلاقات الخارجية للمملكة دوليا” بنسبة 37.8%، ثم “المساحات التي تناقش قضايا العلاقات الخارجية للمملكة بدول الجوار” (21.4%)، ثم “المساحات التي تناقش الأزمات العربية والإقليمية والدولية التي تهم المملكة” (16.7%)، وفي المرتبة الرابعة “المساحات التي تناقش علاقات المملكة مع الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن (13.1%)، وأخيرًا “المساحات التي تناقش أسعار النفط والطاقة والمعادن” (11.2%).

وبخصوص وجهة نظر المبحوثين حول مدى قدرة مساحات تويتر في التأثير على الرأي العام السعودي، رأى 46% من المبحوثين أنها “تؤثر بشكل كبير”، بينما اعتبر 28.8% أنها “لا تؤثر”، فيما ذهب 25.2% إلى أنها “تؤثر بشكل متوسط”.

وأوضحت النتائج ارتفاع نسبة تفضيل المبحوثين لموقع تويتر “إكس حاليًا” لتبلغ (72.9%)، وحول أسباب تفضيلهم له، فقد تصدرها أن “وسائل الإعلام الأخرى تعرض قضايا العلاقات الخارجية السعودية بشكل متحيز” بنسبة 45.1%، ثم “لأن من يغردون عن قضايا السياسة الخارجية السعودية عادة ما يكونون من ذوي خبرة في الشأن السعودي (29.1%)، وأخيرًا “لأنه يعرض قضايا العلاقات الخارجية السعودية بشكل محايد” (24.2%).

وفيما يتعلق باتجاهات الشعب السعودي نحو الدور السياسي للمملكة في قضايا السياسة الخارجية من خلال  مساحات تويتر، كان الاتجاه مؤيدًا بنسبة 92.4% ومحايدا بـ(5%) ومعارضا بـ(2.6%).

وحول اتجاهات المبحوثين نحو السياسة الخارجية للمملكة بوجه عام، جاء في المقدمة “السياسة الخارجية للمملكة اتخذت مواقف حاسمة خلال السبع سنوات الأخيرة بمتوسط حسابي (4.60)، يليها “لم يتوقف دور المملكة الفاعل في القضايا الإقليمية رغم تضاؤل نسبة النجاح بمتوسط (4.48)، وفي المرتبة الثالثة “حكومة المملكة رسمت خطة واضحة للتعامل مع قضايا السياسة الخارجية بمتوسط (4.39)، ثم “بسبب الدور السياسي للمملكة من القضايا العربية والإسلامية فقد خسرت صفقات عسكرية وتجارية” بمتوسط (4.23)، وفي المرتبة الخامسة “الدور السياسي للمملكة ما زال قويا ولكن بعض مواقع التواصل الاجتماعي تحاول تشويهه بمتوسط (4.18)، ثم “تساهم قضايا النفط العالمية في الأدوار التي تلعبها المملكة في قضايا السياسة الخارجية بمتوسط (2.67)، وفي المرتبة الأخيرة “الدور السياسي لبعض الدول العربية فاق دور المملكة نحو القضايا العربية في الفترة الأخيرة” بمتوسط (1.58).

كما كشفت نتائج الدراسة عن دلالة الارتباط بين متابعة المبحوثين للموضوعات المثارة على مساحات الدردشة على تويتر “إكس حاليا” والاتجاه نحو الدور السعودي نحو قضايا العلاقات الخارجية.

وختامًا، لقد أظهرت الدراسة أهمية تويتر (إكس حاليًا) في بناء التصور العام عن الدول والشعوب، وتشكيل الوعي العام من خلال نشر المعلومات السياسية المختلفة، كما أن المساحات التفاعلية بمنصة إكس تساعد على تبادل الآراء، وتفتح المجال أمام إجراء دراسات مقارنة بين أكثر من مساحة تشترك في تناول قضية بعينها.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى